السوشيال ميديا ما لها وما عليها.. ووعي الشعوب حائط الصد الحقيقي لسلبياتها

الأربعاء، 30 أكتوبر 2019 03:00 م
السوشيال ميديا ما لها وما عليها.. ووعي الشعوب حائط الصد الحقيقي لسلبياتها
شيريهان المنيري

 
المواطن هو العنصر الترويجي الحقيقي لوطنه.. الحجة والمنطق في الحوار والبعد عن الشتائم مقابلة الفكر بالفكر هي أبرز السمات الإيجابية للمستخدمين
 
بدأت شهرتها على نطاق واسع مع أحداث ثورات الربيع العربي في عام 2011 وكيف يُمكن أن يتم استخدامها كأداة للهدم بدلًا من البناء والتنمية، ما يتطلب أخذ الحيطة والحذر منها ومحاولة الاستفادة من الإيجابيات والحد من السلبيات.
 
مواقع التواصل الاجتماعي أو السوشيال ميديا هي ذلك السلاح الذي اعتمد عليه أعداء منطقتنا من خلال بثّ الشائعات والتشكيك في القيادات والأنظمة العربية في محاولة للإيقاع بينها وشعوبها عبر مرتزقة وعملاء تم تجنيدهم ليمثلوا أبواقًا لهم عبر السوشيال ميديا يعملون على تنفيذ أجندة مُحددة تخدم التوجهات الخارجية التي طالما سعت إلى ضرب الأمن القومي لمنطقتنا العربية.
 
وحذّر بعض من القادة العرب والخليجيين منذ الربع الأخير من العام الماضي (2018) من أخطار التوظيف السئ للسوشيال ميديا مع الإشارة إلى ضرورة مواجهتها والحثّ على استعمالها بشكل يصُب في الصالح العام.
 
ولفت الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى ذلك الأمر مرارًا وتكرارًا خلال الشهور الماضية مع التأكيد على ضرورة دراسة التعامل مع السوشيال ميديا وأخطارها، كما وصف أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الحسابات الوهمية التي تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي بـ«أداة الهدم»، مُوجهًا بضرورة وضع التشريعات اللازمة للحد من أثارها السلبية على الأوطان. فيما أشار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى مساوئ السوشيال ميديا عبر مقال سابق كتبه بعنوان «منصات التواصل أم التناحر الاجتماعي» موضحًا من خلاله ما تتسبب فيه الشائعات تزييف المعلومات من لغط وفوضى.
 
وعلى الرغم من وجود عدد من القوانين والتشريعات في مصر وعدد من دول الخليج من شأنها فرض العقوبات تجاه بعض الاستخدامات السلبية للسوشيال ميديا، إلا أن ساحة الإنترنت تزداد أطرافها يومًا بعد يوم ما يُفرز وسائل وآليات للتواصل جديدة تحتاج إلى متابعة وتطوير في القوانين والتشريعات لحماية أمن واستقرار الشعوب العربية، إضافة إلى ضرورة نشر الوعي بين الشعوب حتى يُمكن استغلالها بشكل أمثل يعكس صورة ذهنية إيجابية حول البلدان العربية.
 
وتُعد التجربة الإماراتية في منطقتنا رائدة في مجال الأمن الإليكتروني، فيما أن الإمارات لازالت تُعاني من سلبيات الفوضى التي تشهدها ساحة السوشيال ميديا، ما دفع نائب رئيس الدولة الإماراتي حاكم دبي رئيس الوزراء، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في سبتمبر الماضي إلى إعلان قرارًا حاسمًا بشأن ما تشهده ساحة السوشيال ميديا من فوضى وقال ضمن «رسالة الموسم الجديد» والتي نشرها عبر حسابه الرسمي على موقع التدوينات القصيرة، تويتر: «العبث والفوضى على وسائل التواصل الاجتماعي تأكل من منجزات تعبت آلاف فرق العمل من أجل بنائها.. سمعة دولة الإمارات ليست مشاعًا لكل من يريد زيادة عدد المتابعين.. لدينا وزارة الخارجية معنية بإدارة ملفاتنا الخارجية والتحدث باسمنا والتعبير عن مواقفنا في السياسة الخارجية للدولة، وإحدى مهامها الأساسية أيضًا الحفاظ على 48 عامًا من رصيد المصداقية والسمعة الطيبة الذي بنته الإمارات مع مع دول وشعوب العالم.. لن نسمح أن يعبث مجموعة من المغردين بغرث زايد الذي بناه لنا من المصداقية وحب واحترام الشعوب.. صورة الإمارات والإماراتي لابد أن تبقى ناصعة كما بناها وأرادها زايد». وعلى الفور ردّ وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد مؤكدًا على ضرورة استخدام السوشيال ميديا في صالح البلاد موجهًا الشكر لقرار الشيخ محمد بن راشد، وقال عبر حسابه الرسمي على تويتر: «التغريد من أجل الوطن يزيد ولا ينقصه.. يبنيه ولا يهدم ما تم بناؤه.. التغريد من أجل الوطن مهمة نبيلة نؤديها بأخلاق عالية وبعقلانية تعكس تحضُرنا بمنطق يخاطب العقول ويفتح القلوب.. شكرًا محمد بن راشد».
 
وقد لاقت رسالة «بن راشد» ترحيبًا في الأوساط الإماراتية، وأكد أحد المحاميين الإماراتيين بحسب «الإمارات اليوم» على وجوب الاستغلال الإيجابي للسوشيال ميديا في التواصل البناء والتعبير عن الواقع بشكل أكثر دقة دون مبالغة أو زيف، لافتًا إلى أننا لتحقيق ذلك يجب علينا أن ندمج الجهود لنشر الوعي المجتمعي عبر البيت والمدارس والجامعات ودور العبادة إضافة إلى وسائل الإعلام بشقيها التقليدي والبديل. هذا وحذر من ظاهرة مشاهير السوشيال ميديا، حيث ظهور مجموعة من الأشخاص عبر السوشيال ميديا هدفهم قائم على تجميع كم كبير من «اللايكات» و«المشاركات» دون النظر إلى الصالح العام مما يستبب في أحيان كثيرة في إثارة الرأي العام والإضرار بالوحدة الوطنية ومن ثم أمن واستقرار البلاد.
الشيخ محمد بن راشد من أكثر القيادات العربية ولاسيما الإماراتية مُتابعة عبر حساباته الرسمية على السوشيال ميديا، ويشتهر بشخصية مميزة وكاريزما خاصة في كتاباته وتعليقاته ما يجذب لها الكثير من المتابعين سواء من داخل الإمارات أو خارجها؛ فهي دائمًا ما تكون إعلانًا عن قرارات حاسمة أو مسابقات مُتميزة أو أشعارًا وسطورًا تحمل معاني ومبادئ سامية تُشكل صورة إيجابية كقدوة ونهج يجب أن يحتذي المواطنون به. 
 
ويبدو اهتمام «بن راشد» لساحة السوشيال ميديا ووعيه بمتغيرات هذا العالم الموازي دفعه لوضع «روشتة» للشخصية التي يجب أن يظهر بها المواطن الإماراتي عبر السوشيال ميديا، خلال الأسبوع الجاري؛ من خلال تحديد السمات التي يجب أن تتميز بها الشخصية الإماراتية – المستخدمين - عبر السوشيال ميديا، عبر 10 نقاط، تمثل أبرزها في أن تعكس الشخصية الاطلاع والثقافة والمستوى المتحضر الذي وصلت له الدولة، مع استخدام الحجة والمنطق في الحوار، وتقدير الكلمة الطيبة والصورة الجميلة والتفاعل الإيجابي مع الأفكار والثقافات والمجتمعات، والابتعاد عن الشتائم وكل ما يخد الحياء في الحديث، مؤكدًا على أهمية أن تكون الشخصية «السوشيالية» نافعة للآخرين بالمعلومة وناشرة للأفكار والمبادرات المجتمعية والإنسانية التي يدشنها الوطن. هذا إلى جانب تطوير الإنسان من نفسه حتى يكون قادرًا على الاندماج مع المحيط العالمي، متحدثًا لغته ومتناولًا قضاياه، إضافة إلى أن يكون شخصًا واثقًا من نفسه متقبلًا للاختلاف وبناء الجسور مع غيره من الشعوب.
 
ولعل «روشتة» الشيخ محمد بن راشد تؤكد على أهمية السوشيال ميديا في عالمنا الحالي، وكيف يُمكنها أن تُصبح مرآة للدولة من خلال شعبها، وليس فقط قيادتها، وهو ما يحمل أيضًا في طياته أن الشعوب أصبحت شريكًا للأنظمة في الترويج لصورة بلدانها أمام العالم، ما يُحتم ضرورة الحذر والوعي بمعنى التصدي للسلبيات من شائعات وأكاذيب وفي الوقت ذاته توظيف الإيجابيات لهذه الوسيلة الإعلامية البديلة في مجال الدعاية والإعلان والترويج لصورة مُثلى للدولة تصُب في صالح تنميتها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق