عن الاحتفال بالمولد النبوي.. القانون vs مشايخ الضلال

الخميس، 07 نوفمبر 2019 05:00 م
عن الاحتفال بالمولد النبوي.. القانون vs مشايخ الضلال
الاحتفال بالمولد النبوى

 
أيام وتبدأ الأمة العربية والاسلامية الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، وذلك من كل عام هجرى فى شهر ربيع الأول، ويختلف شكل الاحتفال من بلد لآخر، بل نجد فى البلد الواحد أشكالا متعددة للاحتفال بالمولد النبوى الشريف.

636169410416233484_c7334d8556c4025b

وفى مثل هذه الأيام يكون الشغل الشاغل فى الحديث هو السؤال المعتاد والمتكرر فى مثل هذه المناسبات هل الاحتفال بالمولد النبوى .. حلال أم حرام؟، حيث ينتظر الجميع هذا الموعد من كل عام حتى يتابعون عن كثب وصلة الجدال السنوية بين الأزهر الشريف والدعوة السلفية، حول حرمانية الاحتفال بالمولد النبوي، وحلالها.محكمة القضاء الإدارى تتصدى للسلفيين

محكمة القضاء الإداري، منذ ما يقرب من 15 سنة تصدت للأمر ليس فقط لإقامة المولد النبوى الشريف ولكن لمسألة إقامة الموالد فى العموم والتى تعتبر من المسائل الشائكة داخل المجتمع المصرى المعروف عنه أنه "شعب متدين بطبعه"، فلا توجد صغيرة ولا كبيرة فى الدين أو الأمور الحياتية إلا ويسأل عنها خاصة وأن هناك فريقاَ ممن يطلق عليهم أبناء الدعوة السلفية يحرمون العديد من الأمور والأفعال حتى يذهب البعض منهم إلى تكفير الناس والعوام بحجة أن الاحتفال بالمولد النبوى مثلا بدعة محرمة، وذلك لأن السلف لم تفعلها.   

72437360_10206236163300044_8736180719509831680_n

وتصدت محكمة القضاء الإداري، فى الطعن رقم 15232 لسنة 53 القضائية عليا، لمسألة الاحتفال بالمولد وتحريم بعض الأثراء لها حيث سد المشرع إلى المجتمع وعلى رأسهم الطرق الصوفية التربية الدينية والروحية للمسلمين التى تتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية فقد ناط المشرع للطرق الصوفية وغيرها من الناحية الدينية بإقامة الموالد وعلى رأسها المولد النبوى الشريف وتنظيم الاحتفال والإشراف عليها بكافة أنحاء الجمهورية على أن تتولى المشيخة الصوفية العامة أو وكيلها المختص إخطار السلطات الإدارية المختصة للترخيص أيضاَ بذلك. 

المحكمة اعتمدت فى حيثيات الحكم فى جواز الاحتفال بالمولد النبوى الشريف وإقامة الموالد بصفة عامة على شروط الترخيص لإقامة الموالد المتمثلة فى المواد "1" و"2" و"4" و"16" و"40" من القانون رقم "118" لسنة 1976 بشأن نظام الطرق الصوفية، والمادة "10" من اللائحة التنفيذية لقانون الطرق الصوفية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 54 لسنة 1978، فقد اشترطت المحكمة فى مسألة الاحتفال بالمولد على مراقبة حسن الآداب العامة بما يكفل وقار الاحتفاء وطهارة السبل لإحياء عاطر الذكريات. 

من جانبه، قال الخبير القانونى والمحامى محمد شليل، إن المحكمة فى حيثيات حكمها اقرت بأن الترخيص بإقامة هذه المظاهر والاحتفالات الدينية منوط بكل من مشيخة الطرق الصوفية والجهة الإدارية المختصة ممثلة فى الجهات المختصة، فى حدود اختصاص كل منهما، وبموافقتهما يتم الترخيص بها وإقامة التصاريح بإقامة الموالد وتنظيمها ومجالس الذكر وسير مواكب الاحتفال، كما اعتمدت المحكمة فى حيثيات الحكم على الفتوى الصادرة من دار الإفتاء المصرية بشأن الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وسلم الذى وصفته بأنه يعد من أفضل الأعمال وأعظم القربات.   

download

وأضاف، أن هذا الحكم يؤكد أن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ليس بدعة كما ادعى بعض الدعاة، حيث أنه من الأجدر والأحرى أن نتذكر قصة ميلاد نبينا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - ونتخذها أسوة وقدوة لنا حتى نسير على دربه ونتشبه به.

وحصل «صوت الأمة» على نسخه من فتوى دار الإفتاء بشأن حكم الاحتفال بالمولد النبوى، من خلال الطلب المُقيد برقم 489 لسنة 2007 م المتضمن الأتى: ادعى بعض خطباء الجُمع ببلدتنا أن الاحتفال بالمولد النبوى غير مشروع، والسير بالموكب وحمل الأعلام والضرب بالدف من أجل المولد غير مشروع، وعمل ليلة احتفالية بالمولد غير مشروع، وشراء الحلوى وإهداؤها لمناسبة المولد غير مشروعة، والوقوف فى حلقات الذكر والتمايل فيها غير مشروع، وإطلاق لفظ سيدى على الأولياء غير مشروع فما حكم ذلك. 

images

إلا أن دار الإفتاء المصرية ردت على تلك الإشكاليات والأسئلة التى تدور فى القرى والنجوع والمحافظات بصورة حاسمة من خلال اباحة الاحتفال بالمولد من قبيل الاحتفاء به المقطوع بمشروعيته، وأن شراء الحلوى والتهادى بها فى المولد الشريف أمر جائز فى ذاته، فإذا انضم إلى ذلك مقصد صالح صار مستحباَ، وكذا سير المحتفلين بالمولد فى موكب وحمل الأعلام والتغنى بالمدائح النبوية والقصائد الزهدية لا حرج فيه طالما خلا عما ينافى الشرع، والضرب بالدف لإظهار الفرح بمولد خير الأنام جائز بشرط مراعاة الأداب، والوقوف أو الحركة أثناء الذكر لم ينه عنه الشرع وهو على الأصل من الإباحة، طالما التزم الذاكر السكينة والوقار، ويتأكد الجواز إذا كانت الحركة قد صدرت عن الذاكر قهراَ وغلبة، وأن إطلاق السيادة على أهل البيت وأولياء الله الصالحين أمر مشروع.   

74410226_10206311018731383_911721187850059776_n

الفتوى قالت أن الاحتفال بذكرى مولد النبى – صلى الله عليه وسلم – يُعد من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنه تعبير عن الفرح والحب له – صلى الله عليه وسلم – الذى هو أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"، والمراد من الاحتفال المشروع بذكرى المولد النبوى هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد فى مدحه والثناء عليه، وإطعام الطعام صدقة لله، واعلاناَ بالفرح بيوم مجيئه الكريم. 

ووفقا لـ"الفتوى" – فإن الاحتفال بيوم المولد جاء منذ القرن الرابع والخامس الهجري، ونص على مشروعيته غير واحد من الأئمة والعلماء فى مصنفات مستقلة أو فى ثنايا كتبهم، منهم: أبو شامة المقدسى شيخ الإمام النووى، وابن الحاج فى كتابه المدخل، والحافظ ابن حجر العسقلانى شارح البخاري، والجلال السيوطى فى رسالة مستقلة سماها حسن المقصد فى عمل المولد، وقد نقل الصالحى فى ديوانه الحافل فى السيرة النبوية سبل الهدى والرشاد فى سيرة خير العباد عن بعض الصالحين: أنه رأى النبى – صلى الله عليه وسلم – فى منامه فشكى إليه بعض الناس يقول ببدعة الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبى: "من فرح بنا فرحنا به"، والرؤيا وأن كان لا يثبت بها حكم شرعى إلا أنها يستشهد بها فيما وافق أصول الشرع الشريف – وفقا لـ"الفتوى".

وأما عن شراء الحلوى، أكدت الفتوى أنها أمر جائز فى ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته فى وقت دون وقت، لا سيما إذا انضم إلى ذلك مقصد صالح كإدخال السرور على أهل البيت أو صلة الأرحام، فإنه يكون حينئذ أمراَ مستحباَ ومطلوباَ يثبت الشرع على مثله، والقول بتحريمه أو المنع منه ضرب من التنطع المذموم. 

وأما ما جرى عليه العمل فى بعض الأنحاء من عمل موكب يسير فيه المحتفلون بالمولد حاملين رايات يثنتقش عليها بعض الشعارات الدينية، ويتغنون فيها بالمدائح النبوية والقصائد الزهدية فلا حرج فيه طالما خلا عما ينافى الشرع من الاختلاط المذموم أو تعطيل المصالح العامة ونحو ذلك، وإذا كان الضرب بالدف فى اعلان النكاح أمر اجازه الشرع من باب إظهار الفرح بالنكاح، وفيه حديث الترمذي: "أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه فى المساجد، واضربوا عليه بالدفوف"، فاستعمال الدف لإظهار الفرح بمولد خير الأنام أولى وأحرى، وجواز كل ذلك مشروط بمراعاة الأدب المطلوب شرعاَ. 

أما بخصوص الوقوف فى حلقات الذكر والتمايل فى اثنائه، فأكدت "الفتوى" إن الله تعالى طلب الذكر من المسلمين مطلقاَ، فقال: "يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكراَ كثيرا"، فالحث على الذكر جاء على لسان الشرع الشريف مطلقاَ، فالأصل انه لا يُقيد بحال دون حال أو بوقت دون وقت، ولما كان الشرع لم ينه عن الوقوف أو الحركة أثناء الذكر، كان ذلك على الأصل من الإباحة، طالما التزم الذاكر السكينة والوقار أثناء الحركة، ولم يأت بما يتنافى والأدب المطلوب فى حضرة الله تعالى أثناء الذكر، وكان على مدعى المنع أو التحريم إقامة الدليل على دعواه التى تخالف الأصل.

ويتأكد الجواز – وفقا لـ"الفتوى" – إذا كانت الحركة قد صدرت عن الذاكر قهراَ وغلبة، كأن يندمج فى الذكر فيصيبه حال من الوجد، فتصدر منه الحركة دون قصد لها، كما قال الشاعر وإنّى لتعرونى لذكراكِ رعدة ٌ.. كما انتفض العصفور بلله القطر، وقد روى الحافظ أبو نعيم فى الحلية عن الإمام على – رضى الله تعالى عنه – انه قال فى وصف الصحابة رضى الله عنهم: "إذا ذُكر الله مادوا كما تميد الشجرة فى يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تُبل ثيابهم"، وهذا الأثر صريح فى أن الصحابة رضى الله عنهم – كانوا يتحركون حركة شديدة فى الذكر، والخلاصة طالما أنه انضبط الذكر بالأدب، وعدم تحريف ألفاظ الذكر بما يفسد معناها فلا يظهر معنى فى المنع.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق