موسم الزحف نحو السعودية!

الأحد، 10 نوفمبر 2019 10:07 م
موسم الزحف نحو السعودية!
مختار محمود

حتى وقتٍ قريبٍ، كانوا يجتمعون على التشهير بالمملكة العربية السعودية ويُحرِّضون عليها ويعتبرونها "مصنع الإرهاب الأول" فى منطقة الشرق الأوسط، إن لم يكن فى العالم بأسره. كانوا يُحمِّلونها أوزار التطرف والتشدد، ويتهمون الإمام "محمد بن عبد الوهاب" بأنه "المتطرف الأول". كانوا يُزيفونَ الحقائقَ، ويُزوِّرونَ الفتاوى، ويُحرِّفون الكلمَ عن مواضعه؛ حتى يصلوا إلى الهدف المنشود، وهو شيطنة الأراضى المقدسة، بل وإزالتها من الخريطة تماماً؛  ظناً من عند أنفسهم بأنهم بذلك يقدحون فى الإسلام. 
فى فترة التسعينيات وما تلاها.. كانت بعض الصحف  "الرسمية" تنشر على استحياء أحياناً، ودون حياء أحياناً أخرى، مقالاتٍ مُسيئة للمملكة، حتى أن بعضَهم أطلق دعوة صبيانية يوماً ما لنقل فريضة الحج إلى سيناء، أو غيرها، المُهم.. أن تخرج السعودية من المشهد الدينى، وتغادر المعادلة الإنسانية. جميعهم كانوا يكتبون، ليس مجاناً، ولا تعبيراً عن هواجس تجتاح ضمائرهم الأمَّارة بالسوء، ولكن مقابل أجور سخية من بعض الدول الكارهة لبلاد الحرمين الشريفين، وجميعهم أثروا ثراءً فاحشاً، ونالوا جوائز رفيعة، جرَّاءَ  سبِّ المملكة وقذفها والتهوين من قدر علمائها الراحلين أو المعاصرين. 
ولكن بين عشية وضحاها.. تحولت ْالبغضاء "المُقدسة" إلى حب "مُقدس"، ووصلات الردح إلى قصائد غزل، و التحريض إلى  إشادة تصل إلى التمجيد، فلم تعد الأراضى المقدسة مصنع الإرهاب، ولم يعد أئمتها متطرفين، وصارت هى الدولة النموذج التى يجب أن يحتذى بها العرب والمسلمون، بل وغيرهم من أصحاب الملل والنحل الأخرى.
 
 قبل يومين.. افتتحت "فاطمة ناعوت" مهرجان التغزل فى المملكة وقادتها الجدد بـ"ديباجة مُطولة" من النفاق الرخيص، تناقض كل ما كانت تروج له منذ بدأت الصحف تنشر لها مقالاتها التى تكتبها أو التى تُستكتبُ لها. وبعد ثلاثة أيام.. التحق بها  فى "الجهاد المقدس" رفيقها "خالد منتصر" مُثمناً مقالها، ومُكرراً محتواه، وهو أمرٌ اعتاد عليه، سواء مع "ناعوت" أو غيرها.
 
وعلى غرار "ناعوت" و"منتصر" .. فعل من كانوا يكفرون بالمملكة، الأمر ذاته، وتقيأوا عدداً غزيراً من المقالات الباهتة التى تتغزل فى المملكة والقائمين على أمورها؛ بحثاً عن  "الرضا السامى" و"العطاء المالى"، فى ظل التحولات الجذرية التى طرأت على بلاد الحرمين والمجتمع السعودى مؤخراً، سواء من خلال بعض الإجراءات والتدابير التى أباحت أموراً كانت مُحرمة، وأجازت سلوكيات كانت محظورة، فضلاً عن الدور الترفيهى الواسع الذى تضطلع به هيئة الترفيه، من خلال الفعاليات والحفلات الفنية الواسعة.
 
فلا تندهشوا عندما تجدون من كانوا يكفرون بالمملكة ويحرضون عليها ويُشهِّرون بها، قد أشهروا إيمانهم بها، وتغزلوا فى مفاتنها فالمصالح تتصالح، وهذا دائماً هو شأن الخدم، هم خَدَمٌ‏ٌ‏ٌ، وإن تبهنسوا، وصعَّروا الخدود كلما مشوا، وغلظوا الصوتَ، فزلزلوا الأرض، وطرقعوا القدم‏، وإنْ تباهوا أنهم أهلُ الكتاب والقلم، وأنهم في حلكة الليل البهيم، صانعو النور، وكاشفو الظلم، وأنهم ـ بدونهم ، لا تصلحُ الدنيا، ولا تفاخر الأمم، ولايُعاد خلق الكون كله، من العَدَم‏. 
 
ولا تأسفوا عندما تجدون هذا المنتخب الذى يولى وجهه شطر المملكة الآن، هو نفسه الذى قاد هوجة الإساءة إلى إمام الدعاة الراحل "محمد متولى الشعراوى"، والدفاع عن الفتاة المسيئة له، خلال الأيام القليلة الماضية، فيا لها من مفارقة، ولكن هذا أيضاً شأن الخدم، بإصبع واحدة، يُستنفرون مثلَ قطعان الغنم، ويهطعون لعلَّهم يلقون، من بعض الهبات والنعم. لهم‏،‏ إذا تحركوا‏‏، في كل موقع صَنم. يُكبرون أو يهللون حوله‏،‏ يُسبِّحون باسمه‏ ويُقسمون، يسجدون‏،‏ يركعون، يُمعنونَ في رياءٍ زائفٍ، وفي ولاءٍ مُتهم. وفي قلوبهم‏ أمراضُ هذا العصر، من هشاشةٍ، ومن وضاعةٍ، ومن صغارٍ في التدني، واختلاطٍ في القيم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة