بعت ليبيا بكام يا سراج

الخميس، 28 نوفمبر 2019 09:22 م
بعت ليبيا بكام يا سراج
محمد الشرقاوي يكتب:

العنوان في الحقيقة مقتبس، لكنه تمثيل واقعي لما حدث، فرئيس وزراء حكومة الوفاق الليبية أو ما تعرف إعلاميا بحكومة الإخوان الإرهابية، فتح الطريق إلى داعمي الإرهاب ولم يقف عند هذا الحد.

بل فتح السراج بلاده- تحديدا مناطق سيطرة حكومته في شمال غرب ليبيا- للمآرب والأطماع التركية، بشكل كبير، وهو أمر لا يخفى على أحد، لكنه وصل حد فتح الباب، لتوقيع اتفاقات عسكرية، ليصير كل شيء على الملأ.

ووقعت حكومة الوفاق الليبية وتركيا، أمس الأربعاء، اتفاقيتن إحداهما حول التعاون الأمني وأخرى في المجال البحري، خلال لقاء جمع الرئيس فايز السراج ورجب طيب أردوغان في إسطنبول، جدد خلاله الرئيس التركي استمرار دعم بلاده لحكومة الوفاق. وأعلن فتحي باش أغا، وزير داخلية السراج، عن توقيع مذكرتي تعاون أمنيتن مع الحكومة التركية، زعم أنهما تتعلقان بمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، غير أن الهدف الحقيقي، هو الدفع بمزيد من الشحنات العسكرية والتمويل للجماعات الإرهابية هناك، بما يقوض جهود الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب.

البرلمان الليبي أكد تلك النظرية في بيان له الخميس، قال فيه إن هناك هدفا مشبوها من هذا الاتفاق، وهو تزويد المليشيات والتنظيمات الإرهابية المنضوية تحت الطائرات المسيرة والسلاح والذخائر والخبراء العسكريين الأتراك، في تحد صارخ لقرارات مجلس الأمن بشكل علني وعلى مرأى ومسمع البعثة الأممية في ليبيا.

التدخل بات واضحا، أو كما يقول المثل المصري «كله على عينك يا تاجر»، فكل ما تفعله الإدارة التركية الآن في ليبيا، محاولة إنقاذ ما تبقى من شتات الميليشيات المسلحة هناك، والتي دعمتها بشكل واضح وصريح منذ انطلاق عملية الكرامة لتحرير طرابلس، قبل أشهر، وهو ما يوضح دلالة التوقيت، ويؤكد محاولات تثبيت الإخوان في طرابلس.

فنجاح العملية العسكرية لقوات الجيش الوطني الليبي تعني تغيير خريطة الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما يعد فشلا ذريعا للمخططات التركية القطرية التي تهدد المنطقة هناك. وبما أن الجيش الليبي سيدافع عن السيادة الليبية بكل ما يملك من عتاد، فإنه من المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من التصعيد ضد الميليشيات الإرهابية، فالمشير خليفة حفتر، القائد الأعلى لقوات الجيش، أكد في السابق وضع حد لسطوة التنظيمات المدعومة من أنقرة عسكرياً وسياسياً، كما سيقف في وجه خيانة إخوان ليبيا للبلاد وفتحهم الباب لدولة أجنبية معادية للتدخل في شؤون دولة ذات سيادة، لافتاً إلى أن نهايتهم اقتربت.

البرلمان الليبي – السلطة الشرعية الوحيدة والمعترف بها دوليا- قال إن ما تم من اتفاق بين حكومة السراج وأنقرة يعد خيانة عظمى ولا يعتد به، والمجلس والمؤسسات المنبثقة عنه وعلى رأسها القيادة العامة للقوات المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي، أمام حلقة جديدة من حلقات تآمر نظام أردوغان والمجلس الرئاسي المتحالف مع المليشيات والتنظيمات الإرهابية على أمن وسلامة وسيادة الدولة.

على جهة أخرى، يعد الاتفاق الجديد اعتداء صارخ على صلاحيات مجلس النواب المنتخب من الشعب الليبي، صاحب الحق الأصيل والوحيد في الإقرار والتصديق على المعاهدات والاتفاقات الدولية، بموجب المادة (17) من الإعلان الدستوري والفقرة (ح) من البند الثاني من المادة الثامنة وكذلك المادة الـ 14 من الاتفاق السياسي والتي بموجبها لا يحق للمجلس الرئاسي إقرار الاتفاقات والمعاهدات الدولية. 

الاتفاق المشبوه آثار حالة من التعاطي الدولي، فالخارجية المصرية أدانت الاتفاق، وقالت إن مثل هذه المذكرات معدومة الأثر القانوني، إذ لا يمكن الاعتراف بها على ضوء أن المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات السياسي بشأن ليبيا، الذي ارتضاه الليبيون، تحدد الاختصاصات المخولة لمجلس رئاسة الوزراء، حيث تنص صراحةً على أن مجلس رئاسة الوزراء ككل –وليس رئيس المجلس منفرداً – يملك صلاحية عقد اتفاقات دولية.

وبما أن الاتفاق منقوص قانونيا، فإنه غير ملزم للدول المشاطئة لساحل البحر المتوسط المجاور والمقابل لليبيا (مصر وقبرص واليونان)، فإنه لا يؤثر على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة المعتمدة في 2018، والتي أطاحت بأحلام الديكتاتور العثماني في مياه المتوسط.

ولم ترفض مصر وحدها ما حدث، بل أعلنت الخارجية المصرية في بيان أن الوزير سامح شكري، أجرى اتصالًا هاتفيًا بكل من وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس ووزير خارجية قبرص نيكوس خريستودوليدس، حيث تداول مع كل منهما الإعلان عن توقيع الجانب التركي مذكرتيّ تفاهم مع فايز السراج.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة