توتر في تونس.. ومواجهات بين «الإخوان» والقوى اليسارية والوطنية داخل البرلمان

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2019 06:00 ص
توتر في تونس.. ومواجهات بين «الإخوان» والقوى اليسارية والوطنية داخل البرلمان
مجلس نواب الشعب التونسي

حالة من التوتر والخلافات الساخنة تسود في مجلس نواب الشعب التونسي، بسبب المواجهات السياسية بين حركة النهضة الإسلامية «إخوان تونس»، وبين القوى اليسارية والوطنية، الأمر الذي يرجع، بحسب تحليل الدوائر السياسية في تونس إلى التناقضات الكبيرة بين الكتل المشكلة للبرلمان التي تنتمي إلى تيارات سياسية وفكرية مختلفة، خاصة بين حزبي النهضة والحزب الحر الدستوري.

الاعتصام داخل البرلمان التونسي دخل يومه السادس، بسبب خلافات وملاسنات بين حركة النهضة الإسلامية، والحزب الحر الدستوري المناهضة للإسلاميين ، عقب اتهامات وجهتها النائبة عن حركة النهضة، جميلة الكسيكسي، إلى كتلة الحزب الحر الدستوري،  ووصفت وجودهم به بـ «المصيبة التي حلّت على تونس»، معتبرة أنّهم يرفضون الديمقراطية، لأنّهم على لون واحد وحزب واحد، واصفة إياهم ‘«بقطّاع الطرق» !! وتمادت النائبة الإخوانية في مواصلة الهجوم  على رئيسة الحوب الدستوري، عبير موسى ونواب كتلة الحزب، واتهمتهم بالعمل على عرقلة التصويت وتعطيل جلسات البرلمان ونشر الفوضى داخله.
 
الهجوم والاتهامات «الحادة» الموجهة لكتلة الحزب الدستوري، داخل البرلمان التونسي ، أثار حفيظة كتلة الحزب الدستوري الحر، الذين احتجوا على هذه الاتهامات، ودخلوا في اعتصام مفتوح داخل البرلمان، وتم تصعيد المواجهة، أمس الأحد،  مع إعتلاء نواب الحزب الدستوري الحر، لمنصة رئاسة البرلمان المخصصة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي ونائبيه، لمنع انعقاد جلسة الأمس ،والاعتصام لا يزال مستمرا إلى اليوم.
 
وكان مكتب مجلس نواب الشعب، قرر تعطل أعماله جراء اعتصام أعضاء الحزب الدستوري الحّر، وقرر مكتب المجلس دعوة الطرفين إلى تبادل الإعتذار في أجل لا يتجاوز منتصف نهار يوم  السبت الماضي، ودعوة المعتصمين إلى مغادرة قاعة الجلسة العامة بعد 4 ساعات من انقضاء الأجل المذكور أعلاه لفسح المجال للإدارة لتهيئة القاعة لانعقاد الجلسات المخصصة للنظر في مشروع قانون المالية لسنة 2020 .
 
وفي صورة عدم الاستجابة، سيتخذ المكتب الإجراءات اللازمة لإخلاء القاعة تطبيقا لأحكام النظام الداخلي للمجلس وضمانا للسير العادي لعمل هياكله.. و تأكيد المنع المطلق لتعطيل اجتماعات رئاسة المجلس ومكتبه والجلسات العامة واللجان وعمل النواب.
 
الدوائر السياسية في تونس توقعت انفجار خلافات داخل البرلمان التونسي ، بسبب الكتل النيابية المشتتة، مع  تصدر حركة النهضة  الإسلامية نتائج الانتخابات التشريعية بحصولها على 52 مقعدا من مجموع 217، وحلّ حزب «قلب تونس” ،حزب  المرشح السابق للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، ثانياً بـ38 مقعداً، وحل التيار الديمقراطي “ديمقراطي اجتماعي” ثالثا بـ 22 مقعداً، يليه ائتلاف الكرامة المحافظ (21 مقعدا) ثم الحزب الدستوري الحر (17 مقعداً) وتحيا تونس (14 مقعدا) ومشروع تونس (أربعة مقاعد). ولم تتجاوز باقي الأحزاب والقائمات المستقلة ثلاثة مقاعد.
 
ويصر المعتصمون داخل البرلمان التونسي، على استمرار الاعتصام إلى حين تقديم حركة النهضة الإسلامية،اعتذارا رسميا، وسحب الكلمات «الحادة  وغير الأخلاقية» التي توجهت بها نائبته، جميلة الكسيكسي،  من محضر الجلسة، لما فيها من إهانة لكتلة الحزب ولأنصاره وناخبيه.
 
الاعتصام داخل البرلمان كشف عن حقيقة الصراعات الداخلية بالبرلمان، والانقسام السياسي  بين داعم لموقف كتلة الحزب الدستوري،  ومتضامن مع حقهم في الحصول على اعتذار بعد الإهانة التي تعرضوا لها من طرف حركة النهضة الإسلامية، وبين معارض لذلك، لما فيه من تعطيل لأشغال البرلمان في مرحلة حساسة تمرّ بها البلاد وتأجيج الفوضى في المشهد السياسي.. وسط مخاوف من أن تؤدي هذه المتناقضات والصراعات الداخلية بالبرلمان إلى تعطيل عملية المصادقة على القرارات، وتنعكس سلبا على عمل الحكومة المقبلة وتنهك الحياة السياسية بشكل عام بالخلافات والتجاذبات، في ظرف دقيق تعيش فيه البلاد.
 
والحزب الحر الدستوري التونسي، هو أول حزب وطني يتأسس في تونس في مارس/ آذار 1920،  ويعتبر الحزب تطورا لحركة الشباب التونسي التي نشطت وقُمعت قبيل الحرب العالمية الأولى
 
وبينما اعتبر رئيس حركة «مشروع تونس»، محسن مرزوق، أن كتلة الحزب الحرّ الدستوري تستحق الاعتذار لكون الاعتداء اللفظي عليهم حصل في الجلسة العامة وخلال مداولات رسمية من طرف نائبة حركة النهضة الإسلامية، داعيا الأخيرة إلى ضرورة تقديم اعتذار لإنهاء هذه الفوضى بالبرلمان..
 
وقال رئيس حركة مشروع تونس ـ وأيديلوجية الحزب ليبرالية تقدمية : «رفض حركة النهضة تقديم الاعتذار، يوحي بأن الفوضى الحاصلة داخل البرلمان تخدم مصالحهم بعد أن تعطلت محاولات تشكيل حكومتهم وانسدت أمامهم السّبل، لذلك أصبح تواصل المشهد الفوضوي أفضل ما يمكن لتحويل الانتباه عن مشاكل تشكيل الحكومة التي تتعقد يوما بعد يوم وستزداد تعقيدا».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق