نستورد مابين 95 ــ 96% من زيوتها.. الحكومة تُعاند مُزارعي المحاصيل الزيتية بسياسات التسعير

الثلاثاء، 21 يناير 2020 09:00 ص
نستورد مابين 95 ــ 96% من زيوتها.. الحكومة تُعاند مُزارعي المحاصيل الزيتية بسياسات التسعير
تراجع زراعة المحاصيل الزيتية فى مصر
كتب ــ محمد أبو النور

 

في الوقت الذى تسعى فيه الحكومة، مُمثّلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، وعددٌ من الوزارات والشركات الأخرى، بكل قوّتها، لزيادة مساحة زراعة وإنتاجية المحاصيل الزيتية، إلاّ أن النتيجة الحالية والمردود المُنتَظر، على أرض الواقع، على العكس من ذلك تماماً، بسبب عزوف الكثير من مزارعى المحاصيل الزيتية عن زراعتها، غير أن الحكومة مازالت تناضل وتكافح، لترسيخ وتخصيص مساحات واسعة، لزراعة هذه المحاصيل الهامة والحيوية.

زراعة القطن
زراعة القطن

 

مساحة زراعة المحاصيل الزيتية تتراجع

كشفت الدراسات الاقتصادية والزراعية الحديثة،  الصادرة عن وزارات التموين والتجارة الداخلية والزراعة وقطاع الأعمال والمحافظات، عن أزمة الزيوت النباتية ومنتجاتها فى مصر، وأننا نعانى نقصاً كبيراً فى مساحة زراعة المحاصيل الزيتية، المُستخرج منها الزيوت، على الرغم من جهود الحكومات المتعاقبة، التى تسعى جاهدة، لتقليل الفجوة من استيراد هذه السلعة الضرورية والاستراتيجية، ووفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإنَّ مساحات محصول دوّار الشمس تراجعت من 73 ألف فدان في عام 1993 إلى حوالى 15.2 ألف فدان فى عام 2015- 2016، وكذلك الحال بالنسبة لفول الصويا، الذى تراجعت مساحته من 100 ألف فدان فى 1992 إلى 32 ألف فدان العام المالى قبل الماضى، وتراجعت أيضا مساحة محصول الكتان من 44 ألف فدان فى 1991 إلى 12 ألف فدان فى العام المالى 2015 – 2016، فى حين أن الذرة الصفراء، تعانى نقص المساحات على مدار السنين، وبلغت فى موسم 2015 – 2016 حوالى 723 ألف فدان، ومن المعلوم أن المساحات المنزرعة من محصول القطن قد تراجعت فى آخر موسم لنحو 220 ألف فدان، مقابل حوالى 2 مليون فدان قبل تسعينيات القرن الماضى، وتراجعت كذلك مساحات محصول السمسم من 70 ألف فدان إلى 64 ألف فدان فى 2014، وكان محصول الفول السودانى، هو الوحيد الذى لم تنخفض مساحة زراعته على مدار آخر 10 سنوات، وفقاً للإحصائيات، فبلغ 134 ألف فدان فى المتوسط طوال العقدين الماضيين، وتتراوح نسبة الزيت فى محصول دوّار الشمس بين 35 و55%، والذرة الشامية ما بين 35% و39%، أما الكتان فبين 40% و45%.

زراعة الفول السودانى
زراعة الفول السودانى

 

عزوف المزارعين عن زراعة محاصيل الزيتيات

  وفى تعليقه على ذلك، قال الحاج حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، والأمين العام لأمانة الفلاحين بحزب الحرية المصري، إن لجوء مصر، لاستيراد حوالى 97% من احتياجاتها من الزيوت، يكشف خللاً كبيراً في منظومة إنتاج وتصنيع الزيوت، ويأتي علي رأسها، عملية عزوف المزارعين عن زراعة المحاصيل الزيتية، ولفت نقيب الفلاحين، إلى أن أهم أسباب عزوف المزراعين، عن زراعة المحاصيل الزيتية، هو الاتجاه لتسعير المحاصيل، طبقاً  للأسعار العالمية المتقلبة، وتأثر المنظومة بمصالح الشركات المستوردة والمُصنّعه،  وهو ما يجبر المزارعين، على زراعة محاصيل أخرى أكثر ربحاً،

زراعة السمسم فى مصر
زراعة السمسم فى مصر

 

وأضاف أبوصدام، أن محصول القطن، والذي ننتج من بذوره الزيت، هو خير مثال على ذلك، بعد تراجع المساحات المُنزرعة منه، من 336 ألف فدان عام 2018 إلي 236 ألف فدان موسم 2019، بتراجع 100 ألف فدان تقريباً، بسبب فشل تسويق القطن وتدني أسعاره، واتجاه المُزارعين لزراعة الأرز، بديلاً عنه، لارتفاع العائد الاقتصادي منه مقارنة بزراعة القطن، بالإضافة إلي عدم وجود خطط حقيقية وواقعية، لزيادة المساحات المُنزرعة من المحاصيل الزيتية الأخرى، والتي تتقلص المساحات المنزرعة منها نسبياً، بالمقارنة بالمحاصيل الأخري ، حيث لا تزيد المساحات المُنزرعة من الزيتون، عن 200 ألف فدان، رغم جودة أشجاره وتحملها العالي للملوحة والعطش، وهو ما يجعلها تصلح للزراعة في الأراضي المُستصلحه حديثاً، وكذلك انخفاض المساحات المُنزرعه من السمسم، لنحو64 ألف فدان ودوار الشمس لنحو16 ألف فدان.

زراعة الزيتون فى مصر
زراعة الزيتون فى مصر

 

وأوضح أبوصدام، أن مِصر بحاجة لمشروع قومي، للنهوض بصناعة الزيوت، وتقليص الفجوة ما بين الإنتاج والاستهلاك، حيث نستهلك حوالى 2.6 مليون طن سنوياً، وإنتاجنا لا يتعدي 500 ألف طن، وأن تخفيض فاتورة استيراد الزيوت، والتي تُقدّر بنحو 25 مليار جنيه سنوياً، لابد وأن يبدأ بالتوسع في زراعة المحاصيل الزيتية، مثل القطن والكانولا ودوار الشمس وفول الصويا والسمسم، عن طريق تطبيق قانون الزراعات التعاقدية، واعتماد نظام هامش الربح، بدلاً من التقيد بالأسعار العالمية، والاتجاه إلي تشجيع وتحفيز صناعة الزيوت محلياً، بتسهيل إجراءات إنشاء هذه المصانع، ودعمها ماليّاً وتوفير التوعية والإرشاد اللازم لذلك، وإعادة النظر في التركيبة المحصولية، واتباع سياسات الحد من الواردات المصرية، من الزيوت الغذائية لتنمية الإنتاج المحلي.

زراعة فول الصويا
زراعة فول الصويا

 

المحاصيل الزيتية استراتيجية وأمن قومى

من ناحيته، كان محمد صبحي، الخبير الزراعي، قد أكد في تصريحات صحفية، أن المحاصيل الزيتية، محاصيل استراتيجية، وهى أمن قومى لمصر، يجب دعمها من قبل الحكومة، ومن هذه المحاصيل، التى يُستخرَج منها زيوت نباتية، الفول السوداني وبذرة القطن والذرة الشامية والسمسم ودوار الشمس، وفول الصويا ونبات الكانولا، وأوضح الخبير الزراعى، أن هذه المحاصيل، تحتوي على نسب زيت على سبيل المثال، في دوار الشمس من 35 إلى 55%، والذره الشامية من 35 إلى 39%، والكتان "الزيت الحار" من 40 إلى 45% والكانولا من 45 إلى 50%، وأضاف الخبير الزراعي، أن مصر تستهلك 65 %، من الكمية المُستهلكة من زيوت نباتية، ومعظم هذه المحاصيل، تجود زراعتها فى أجواء مصر، وملائمه للبيئة المصرية، وتعطى إنتاجية عالية، وخاصة نبات الكانولا، الذى تجود زراعته فى الأراضى المستصلحة حديثًا، كما فى مشروع المليون والنصف المليون فدان، لأنها تتحمل درجات الملوحة العالية، والبيئة الصحراوية، وتستهلك كميات من المياه أقل، وبذلك يكون لها عائد اقتصادى مُجدى جداً.

زراعة دوار الشمس
زراعة دوار الشمس

 

وقال صبحي، إن هناك مشكلات تواجه زراعة المحاصيل الزيتية، وأدت إلى تقليص المساحات المنزرعة منها، وعزوف المزارع عن زراعتها، وهو ما أدى إلى انخفاض الإنتاج وتعويض النقص عن طريق الاستيراد، حيث يتم استيراد حوالى 95 إلى 97% من الزيوت النباتية، وهذا يؤدى إلى الضغط على النقد الأجنبى، حيث تراجعت المساحة المنزرعة من القطن من 2 مليون فدان إلى 220 ألف فدان، والكتان من 44 ألف فدان إلى 12 ألف فدان، والسمسم من 70 ألف فدان إلى 64 ألف فدان، ومن هذه الأسباب، المنافسة الشديدة من المحاصيل الأخرى، سواء الصيفية أو الشتوية، لما يعود على المزارع من عائد اقتصادى، وسهوله فى بيع المُنتج، وأيضا عدم وجود المصانع، الخاصة بإنتاج الزيوت ذات التقنية الحديثة، وعدم وجود سياسة تسعيرية تحقق عائداً اقتصادياً للمُزارع.

زراعة الكتان
زراعة الكتان

 

وأستكمل الخبير الزراعى قائلاً: لا بد من وضع سياسة تسعيرية، تحقق عائداً اقتصادياً للمُزارع، وتشجيع المستثمرين على إنشاء مصانع، لإنتاج الزيوت، والتعاقد مع المزارعين، واستلام المحاصيل من المزارعين بدون عوائق، وأيضاً استخدام البحث العلمى، فى إنتاج أصناف ملائمة للتغيرات البيئية، وذات إنتاجية عالية، وأيضا دور الإرشاد الزراعى فى توعية المزاعين، للوصول إلى أعلى إنتاجية للفدان بأقل التكاليف.

زراعة الكانولا لاستخراج الزيوت
زراعة الكانولا لاستخراج الزيوت

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق