حكم الإدارية العليا فى قضية بودرة «طفايات الحريق».. أول انتصار لـ«صوت الأمة» فى الألفية الجديدة

الثلاثاء، 25 فبراير 2020 03:07 م
حكم الإدارية العليا فى قضية بودرة «طفايات الحريق».. أول انتصار لـ«صوت الأمة» فى الألفية الجديدة


الإدارية العليا تصدر حكما نهائيا بإلغاء المواصفة القياسية لبودرة «طفايات الحريق»

مجلس الدولة يؤكد صحة كل ما نشرته الجريدة من خطورة البودرة على «المستهلكين»

حكم القضاء يدعم مصداقية وموضوعية «صوت الأمة».. ويرد على كل المتشككين فى نزاهتنا

حيثيات الحكم: الأولى أن تكون «هيئة المواصفات والجودة» مثالا يحتذى به بأن تتبع معايير الجودة عند وضع المواصفات القياسية

المحكمة تستند لكل التقارير التى نشرتها «صوت الأمة».. وتؤكد إصرار «المواصفات» على عدم اتباع معايير الجودة يمثل خروجا صارخا على أحكام الدستور

الحيثيات: المواصفة الحالية ترتب عليها حظر الاستيراد والتصدير وارتفاع أسعار الطفايات فى مصر
 
 
 
 
فى انتصار جديد لـ«صوت الأمة»، تزامن مع احتفال الجريدة بصدور العدد رقم 1000، ومرور 20 عاما على صدور الجريدة، أصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار محمد حسام الدين، رئيس مجلس الدولة، حكما نهائيا وباتا، ضد وزارة التجارة والصناعة، والهيئة العامة للمواصفات والجودة، بإلغاء قرار الهيئة العامة للمواصفات والجودة، وإلغاء المواصفة القياسية رقم 734 لسنة 2008، الخاصة بأجهزة الإطفاء اليدوية التى تعمل بالمسحوق الكيماوى الجاف، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها ما طرأ عليها من تعديل بالمواصفة رقم 734 لسنة 2013. جاءت حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا لتؤكد صحة كل ما جاء بالتحقيق الاستقصائى الذى أجرته «صوت الأمة»، الذى سبق وحذر من عيوب هذه المقايسة ومخالفتها للمعايير الأوروبية، حيث أكدت المحكمة أن هيئة المواصفات والجودة أصدرت المواصفة القياسية لتسمح بإنتاج طفايات حرائق متعددة بالمخالفة لجميع المواصفات الدولية والأوروبية، بل يترتب على تطبيقها أضرار بالغة بالمستخدمين، فضلا عن إثبات مطابقتها للمواصفات الدولية الأوروبية على غير الحقيقة، واستخدام طفايات البودرة الكيميائية الجافة لمكافحة 5 أنواع متعددة من الحرائق بما فى ذلك حرائق المعادن لم يتعرف على مثيل لها فى المصادر العلمية والتكنولوجية المعتمدة، ولا تنتجها الشركات العالمية المعتبرة المتخصصة فى طفايات مكافحة الحرائق.
 
 
4
4

5
5
 
أضافت المحكمة فى حيثيات حكمها، أن إصرار الهيئة العامة للمواصفات والجودة على عدم اتباع معايير الجودة فى وضعها للمواصفات القياسية يمثل خروجا صارخا على أحكام الدستور والقانون، فضلا عن أن الالتفاف بتعديل سنة المواصفة وبعض بنودها سبيل للهروب من مظلة المشروعية، ما هو إلا تكريس لمنظومة تصم آذانها عن كل ما ينهض بالصناعة وجودتها رغم أنها القائمة على مراقبة ذلك، بل وعلى ردع من يخالفه، فإذا كان المشرع قد آل إليها وضع المواصفات القياسية التى يهتدى بها كل صانع ومنتج، فالأولى أن تكون فى ذلك مثالا يحتذى به، لافتة إلى أن الهيئة لم تتبع قواعد السلوك الجيد عند إعدادها واعتمادها للمواصفة القياسية المعروضة، حيث خالفت أحكام القانون بشأن ضبط الجودة والمعايير ما التزمت به مصر من اتفاق بشأن القيود الفنية على التجارة، فضلا عن انتهاكها لأحكام الدستور فيما حرص على كفالته بشأن معايير الشفافية، كضمانة لتحقيق التنمية المستدامة.
 
وأكدت المحكمة فى حكمها، أنه لا ينال من ذلك صدور المواصفة القياسية رقم 734 لسنة 2013 الخاصة بأجهزة إطفاء الحريق اليدوية التى تعمل بالمسحوق الكيماوى الجاف، وحلولها محل آخر إصدار لها عام 2008، حيث إنه بالإطلاع على تلك المواصفة تبين أنها معتمدة بالقرار رقم 612 بتاريخ 29 ديسمبر 2013، وثابت على الموقع الإلكترونى الرسمى للهيئة تحت قسم المواصفات أنها معدلة كليا، وما قامت به الهيئة هو مجرد تعديل سنة الإصدار، ولم يشمل العيوب التى وقعت فيها المواصفة رقم 734 لسنة 2008، فالمواصفة وليدة مشوهة.
 
كما أكدت المحكمة أن المشرع قد جعل للهيئة الحق الكامل بل الأوحد فيما تقرره من إعداد مواصفة قياسية مصرية، أو تبنى مواصفة أجنبية بعد اعتمادها، إلا أن هذا الحق مكفول أصلا بحماية المستهلك وحرصا على تحقيق أكبر ضمانة لعدم إنتاج أو تداول سلع أقل جودة مما يضر بجمهور المستهلكين والمستخدمين، بل إنه من متطلبات الأمن القومى عدم إصدار مواصفات قياسية معيبة بل وإلصاق صفة الجودة بها، والزعم باتفاقها مع المواصفات العالمية على غير الحقيقة، وقالت إنه كما حظر المشرع على أية جهة التحايل ببيع الخامات أو المنتجات الصناعية أو طرحها للبيع على أنها ذات مواصفات قياسية خلافا للحقيقة، فالأجدر أن تهرع هيئة المواصفات والجودة لتطبيق أحكام القانون، وأضحى مسلك الهيئة باعتماد مواصفة قياسية يخلق عقبات غير ضرورية أمام التجارة الدولية ودون سبب مشروع.
 
واستندت المحكمة كذلك إلى التقارير الصادرة من جهات عدة، والتى سبق ونشرتها «صوت الأمة» من بينها تقرير الإدارة العامة للحماية المدنية، والذى أكد أن إنتاج مواصفة على نحو لا مثيل له على مستوى العالم بل وتحذر منها كل المواصفات القياسية العالمية، واستخدام بودرة لا مثيل لها على مستوى العالم، بل تُصنع خصيصا لمصر، كما أن اعتماد المواصفة القياسية بهذا الشكل يترتب عليها حظر الاستيراد والتصدير من وإلى دول الاتحاد الأوروبى وأمريكا لعدم وجود الخصائص الموجودة بالمواصفة القياسية المصرية، والتى تتعارض مع اشتراطات التصنيع العالمية، فضلا عن ارتفاع سعر الطفاية إلى 4 أمثال سعر الطفاية بدول الاتحاد الأوروبى والدول العربية الأخرى.
 
واستندت المحكمة كذلك للتقارير الصادرة من جامعتى القاهرة والإسكندرية، مما قد تسببه تلك المواصفة من مخاطر بالمستخدمين، وذكرت المحكمة أن الطاعن لم يشكك فى الهيئة كونها هى المنوط بها وضع المواصفات القياسية منفردة دون منازع، بل يقر أن أهمية الهيئة تشكل بعدا قوميا، ووجودها يمثل حماية للمستهلك المصرى، ولكن كل هذا لا يجعلها بمنأى عن مراقبة القضاء، ولا يجعل ممثلوها بمنأى عن الفساد.
 
وسبق ونشرت «صوت الأمة» تحقيقها الاستقصائى؛ حول المواصفة القياسية للبودرة المستخدمة فى إنتاج طفايات الحريق فى مصر، وعلى مدار 4 أعداد واصلت نشر الأوراق والمستندات والتقارير الصادرة من جهات عدة، التى تشير إلى أن المواصفة القياسية مخالفة لكل المواصفات العالمية، وتسمح بإنتاج نوع من طفايات الحريق للتعامل مع فئات الحرائق الخمس وهى المحظورة فى جميع دول العالم، وترفضها كل المواصفات العالمية.
 
نتج عن تحقيق «صوت الأمة» ردود أفعال قوية، وتواصلت معنا أجهزة معنية بحماية الأسواق للحصول على نسخة من الأوراق والمستندات والتقارير التى انفردنا بنشرها، وتلقى مجلس النواب طلبات إحاطة للتحقيق فى الأمر، كما تلقى النائب العام بلاغا رسميا للتحقيق فيما تم نشره، كما تلقت وزارة التجارة والصناعة، والهيئة العامة للمواصفات والجودة، خطابات رسمية طالبت بوقف العمل بالمواصفة، وتشكيل لجنة لإعادة النظر فيها، ورغم أن «صوت الأمة» تواصلت حينها مع رئيس هيئة المواصفات والجودة، وهى الجهة المعنية بوضع المواصفات القياسية، إلا أنه رفض التعليق وهدد بالملاحقات القضائية لنشر المستندات، فى حين التزمت وزارة التجارة والصناعة الصمت وقتها.
 
المفاجأة كانت فيما صدر عن وزارة التجارة والصناعة يوم الجمعة 3 يناير من نفى لكل ما ذُكر فى التحقيق الذى نشرناه، والتأكيد على أن المواصفة القياسية والبودرة المستخدمة «سليمة» و«آمنة»، دون أن يتطرق البيان إلى ذكر الحجج والأسانيد التى ارتكز عليها، وهل قامت الوزارة بمراجعة الهيئة العامة للمواصفات والجودة؟ أم قررت تشكيل لجنة محايدة لمراجعة المواصفة القياسية أو تحليل البودرة المستخدمة ومقارنتها مع المواصفات العالمية؟
تعاملت وزارة التجارة والصناعة مع التحقيق الصحفى وكل ما نشرناه من تقارير رسمية صادرة عن جهات عدة من بينها التقرير الصادر عن هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية العليا، وتقرير الإدارة العامة للحماية المدنية بوزارة الداخلية، والتقارير والدراسات الصادرة عن اللجان المشكلة من أساتذة كليات العلوم بجامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية، والمركز القومى للبحوث، على أنها «شائعة»، وألصقت بالتحقيق وبكل تلك المستندات والتقارير والدراسات التى حذرت من المواصفة القياسية صفة «الشائعة»، ورغم التحذيرات العالمية التى حذرت من خطورة إنتاج طفايات حريق للتعامل مع الفئات الخمس فى طفاية واحدة كما هو معمول فى مصر.
 
البيان الصادر عن وزارة التجارة والصناعة ينم عن أنه صدر للنفى من أجل النفى، دون إجراء أى دراسة، أو مراجعة حقيقية وجادة لما تم نشره أو الإطلاع على المستندات والتقارير، خاصة أنه ذكر أن المواصفة القياسية المصرية لطفايات الحريق المعمول بها هى رقم 734 لسنة 2006، رغم أن المواصفة محل التحقيق هى رقم 734 لسنة 2008، والتى تم تعديلها لتصبح 734 لسنة 2011، ثم 734 لسنة 2013، والتى ذكرت عنها هيئة مفوضى الدولة أن التعديل جاء لسنة الإصدار فقط دون تعديل المضمون، حيث تم الإبقاء على كل المخالفات التى تحويها المواصفة، ووصفته المفوضين بأنه التفاف للهروب من مظلة المشروعية، ودون أن تنتظر حكم المحكمة الإدارية العليا.
 
قبل ذلك خرج رجل الأعمال الدكتور نادر رياض، صاحب شركة بافاريا التى تستحوذ على أكثر من 95 % من سوق طفايات الحريق فى مصر، ليدافع عن المواصفة القياسية لإنتاج بودرة طفايات الحريق، فى مداخلة هاتفية مع أحد البرامج التليفزيونية، وتهكم رجل الأعمال نادر رياض، على ما تم نشره، وذكر أن التحقيق الصحفى يُشكك فى الأجهزة الرقابية للدولة، ولا نعرف لماذا يتحدث الدكتور رياض باسم مؤسسات الدولة؟ وبأى صفة؟ ولماذا يدافع عن المواصفة القياسية رغم أن الجهة المنوط بها وضع المواصفة القياسية هى «الهيئة العامة للمواصفات والجودة»، ورغم أن التحقيق الذى نشرته «صوت الأمة» بالأساس يتحدث عن المواصفة القياسية لبودرة طفايات الحريق، وهل دفاعه عن هذه المواصفة يعنى أنه المستفيد الأكبر منها ومن الوضع الذى نتج عن العمل بها من منع الاستيراد والتصدير للخارج؟!
 
 استشهد صاحب شركة بافاريا بالآية القرآنية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، وقال «إن قليلا من العلم مضر» للإيحاء بأن ما تم نشره جاء بناءً عن جهل وعدم دراية ومعرفة، مشككًا فيما تم نشره، وكأن تلك التقارير والمستندات والدراسات الصادرة عن أساتذة الكيمياء والفيزياء بجامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية صادرة بدافع من الفسق والجهل.
 
رجل الأعمال نادر رياض، صاحب شركة بافاريا، قال إن البودرة المستخدمة فى طفايات الحريق المصرية هى التى تم استخدامها فى حرب أكتوبر 1973، ولا نعرف ما علاقة حرب أكتوبر 1973 بالمواصفة القياسية التى تناولها التحقيق والتى صدرت بعد حرب أكتوبر بـ35 عاما! (المواصفة رقم 734 لسنة 2008 وتعديلاتها)، ولم يكتف «رياض» بذلك، إنما لمّح إلى أن السبب وراء نشر تلك التقارير والمستندات هو الصراع بين مستوردى الكيماويات الرديئة والرثة التى من الممكن أن تحول مصر إلى متلقى للنفايات، وفقا لقوله، متناسيا أو لعله أراد ألا يعلم أحد حقيقة أن الإدارة العامة للحماية المدنية رفضت ما يقرب من 3 أطنان بودرة استوردتها شركته «بافاريا» قبل أسابيع بعد أن قامت مصلحة الكيمياء التابعة لوزارة التجارة والصناعة بتحليلها وأثبتت عدم صلاحيتها، وذلك بعد تشكيل لجنة حللت البودرة التى استوردها للحماية المدنية وتبين عدم صلاحيتها.
 
جاء رد الدكتور نادر رياض، خلال المداخلة الهاتفية، خاليا من أى ردود فنية على ما ذكرته الأوراق والمستندات والتقارير والدراسات السابق ذكرها، ولم يجب عن السؤال الأهم؛ لماذا تنتج شركته فى مصر طفايات حريق تحمل الفئات الخمس، ولا ينتجها فى ألمانيا رغم أنها هى نفسها ذات الشركة التى اشتراها قبل أعوام؟ (فى بداية عام 1999 قامت بافاريا مصر وصاحبها نادر رياض بشراء 100 % من أسهم شركة بافاريا ألمانيا).
 
 لم ينكر رئيس شركة بافاريا أيضا أن شركته قامت بوضع الاعتمادات والشهادات التى حصلت عليها الشركة فى ألمانيا قبل أن يقوم بشرائها والاستحواذ عليها، وألصق تلك الشهادات والاعتمادات على الطفايات التى ينتجها فى مصر، رغم أن الطفايات فى السوق المصرية لها مواصفات ومعايير وشهادات واعتمادات خاصة بها.
 
صدر حكم المحكمة الإدارية العليا، وهو حكم نهائى واجب النفاذ، بإلغاء المواصفة القياسية، لخطورتها ومخالفتها للمواصفات العالمية، وليؤكد على كل ما ذكرته ونشرته جريدة «صوت الأمة»، لتكون كفيلة للرد على كل محاولات التشكيك فى نزاهة ومصداقية الجريدة وموضوعيتها.
 
يبقى التأكيد على أن «صوت الأمة» لم تبتغ سوى مصلحة الوطن والمواطن المصرى، وهى أحرص على حماية حقوق الدولة والمواطنين والأمن القومى المصرى، ورفضها التشكيك فى أى من مؤسسات الدولة، وكما ذكرت هيئة المفوضين أن الهدف هو عدم تقويض صناعة مهمة كأجهزة إطفاء الحريق والتى لا يخلو أى منزل أو مصنع أو مكتب أو سيارة أو طريق منها، ويقلل كفاءتها، ويستغل ذلك فى قتل المنافسة وتسهيل الاحتكار ووأد الصناعة، كما أنه من متطلبات الأمن القومى عدم إصدار مواصفات قياسية معيبة وإلصاق صفة الجودة بها، والزعم باتفاقها مع المواصفات العالمية على غير الحقيقة.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق