الأستاذ مكرم يحب يقول إيه للأستاذ مكرم؟

الإثنين، 24 فبراير 2020 05:21 م
الأستاذ مكرم يحب يقول إيه للأستاذ مكرم؟
أيمن عبد التواب

 
بعد شهر وبضعة أيام من تقديم تقريره السنوي، الذي أكد فيه تمتع الإعلام المصري بالحرية، وأن كاتبًا واحدًا للرأي «لم يمنع من مقاله في أي صحيفة مصرية.. عاد الكاتب الصحفي الكبير، مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وناقض تقريره الذي قدم نسخة منه إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشن هجومًا شديدًا على المسؤولين عن ملف الإعلام، المرئي والمسموع والمكتوب..
 
فلماذا ناقض الأستاذ مكرم نفسه؟ وما الذي تغير في الإعلام من شهر يناير إلى فبراير؟ وهل انتقاد «شيخ المهنة» للإعلام- الذي يجلس هو شخصيًا على رأس قمته- لوجه الله، ولصالح الوطن، أم أن هناك أسبابًا أخرى وراء ظهوره على إحدى الفضائيات الخاصة، وانتقاده الملف المسؤول عنه؟
 
لنرجع إلى الوراء قليلًا، وتحديدًا إلى بدايات الثلث الثاني من شهر يناير الماضي، والذي انتهى فيه المجلس الأعلى من تنظيم الإعلام، برئاسة الأستاذ مكرم، من تقريره السنوي، وأكد فيه أن «الإعلام المصري يتمتع بالحرية، وإن كان ينقصه المزيد من الاحترافية». كما أكد أن الإعلاميين «يتمتعون بالحرية والاستقلالية والحماية، في أداء عملهم»، مفتخرًا بأن المجلس «جنّب الإعلاميين والصحفيين مغبة الوقوف في ساحات المحاكم من خلال اللوائح والإجراءات التي طبقها». كما أكد المجلس أنه «لم يحبس صحفيًا أو إعلاميًا واحدًا في قضية نشر عام 2019»!
 
الفقرة السابقة منقولة من تقرير الأستاذ مكرم، الذي خرج علينا أمس ليقول «هناك تكميم للأفواه، والتخويف واضح ضد التعبير عن الرأي».. فهل من الممكن أن نعتبر ما قاله الأستاذ مكرم «اعترافًا» منه بأنه «ضلل» المصريين منذ الفترة التي تولى فيها رئاسة «الأعلى للإعلام» وحتى الآن؟ 
 
تقرير الأستاذ مكرم، في يناير الماضي، أكد أن «رموز المعارضة يظهرون في وسائل الإعلام، في مناسبات عديدة، تأكيدًا لأهمية الرأي والرأي الآخر». لكن الأستاذ مكرم المرئي ناقض الأستاذ مكرم المكتوب، وقال خلال لقائه مع الإعلامي أحمد موسى: «مفيش نقاش ومفيش اختلاف في الآراء ومفيش هامش للحرية، وحرية الرأي والتعبير مهمة جدًا وتحمي البلد من التوجه الواحد وصلابة الرأي الواحد»! فأيهما نصدق أيها الصحفي الكبير؟
 
حيرتنا يا شيخ مهنتنا.. عندما سُئلتَ عن المسؤول الحالي عن الإعلام في مصر، كانت إجابتك: «مقدرش أقول أنا المسؤول؛ لأن وزير الإعلام هيزعل، فهو في النهاية جزء من السلطة التنفيذية.. ومفيش خناقات، لكن في شغل تحت السطح، وتم سحب اختصاصات من المجلس دون الرجوع لنا»، مع أن كل شيء محدد وفقًا للدستور واللوائح. فهل «زعلك»، و«فضفضتك» مع أحمد موسى- الآن- «لله»، أم ردًا على سحب اختصاصات مجلسك؟ وهل كنت ستقول هذا الكلام لو احتفظ مجلسك باختصاصاته، أم ستلتزم الصمت؛ حفاظًا على مكاسبك؟
 
أيها القيمة والقامة.. ذكرت أن المجلس الذي ترؤسه ليس له دور في تعيين القيادات في الصحف القومية، وأن «جزءًا كبيرًا من تعيينات القيادات في المؤسسات الصحفية تتم بالعلاقات العامة دون النظر للكفاءات»، وأضفت: «بقول كلام يوجع، بس هي دي الحقيقية.. وده اللي وصلنا للي إحنا فيه». فأين كنت حضرتك طول السنوات الماضية؟ ولماذا التزمت ولم تبرئ ساحتك أمام الله، احترمًا لتاريخك المهني المشرف؟ 
 
أخبرنا يا نقيب الصحفيين الأسبق، ألم تصف وزير الإعلام، أسامة هيكل، بـ«صديقك»، عند توليه الوزارة، والآن تهاجمه، وذكرت أنه لا يملك من أمره شيئًا، وأن «السلطة التنفيذية» هي التي تدير ملف الإعلام وليس هو؟ فهل هي الحقيقة، أم أردت أن تضرب «كرسي في الكلوب»، وتغسل يدك من دماء الصحفيين والإعلاميين، بعدما أدركت بحاستك الصحفية الخبيرة أن دورك أوشك على الانتهاء، ونجمك اقترب من الأفول؟ 
 
أستاذ مكرم.. خلال لقائك مع أحمد موسى، أكدت، أكثر من مرة، أنكم في خريف العمر، ولا تهدف إلى الوصول إلى منصب أكبر، ولا تسعى إلى كرسي أوسع.. وأن هذا ما دفعك لأن تقول ما كان ينبغي عليك قوله منذ استلامك مهام «مجلس الإعلام»، وحتى قبل تقديمك التقرير السنوي المجلس في يناير الفائت.. لكن- الآن- لا يمكن أن نصفك بـ«الشجاع»، لأن الشجاعة كانت تتطلب منك الكلام في وقت حدثت فيه حرائق، وكانت تبحث عن رجل يطفئها، أو يمنع انتشارها إلى أماكن أخرى.. وإنما سنعتبر كلامك حديث «المقموص»، الذي «التوى» بعدما سحبوا منه «الصفارة»! 
 
أستاذنا.. كنت أتمنى أن تعترف بدورك في تفاقم بعض الأحداث المتعلقة بالمهنة على أيديكم، وبمباركة مجلسكم.. فليس من الرجولة أن تسعى لتحقيق بطولة شخصية، بمهاجمة الذين راهنوا عليك، ووضعوا ثقتهم فيك، ولو لساعة واحدة.. وليس من الشجاعة القفز من مركب كنت أنت ربانه، وأحد المسؤولين عنه، اللهم إلا إذا طلب منك صاحب المركب القفر لإغراق بقية الركاب، أو لهدف في نفسه!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق