الحكومة فى انتظار موافقة البرلمان على الصكوك السيادية

الأحد، 01 مارس 2020 12:00 ص
الحكومة فى انتظار موافقة البرلمان على الصكوك السيادية
الاقتصاد

خبراء الاقتصاد لـ «صوت الأمة»: صكوك التمويل الحالية تهدف

إلى تمويل المشروعات التنموية وتوفير بديل تمويلى رخيص الثمن
 
«الصكوك» عبارة تتردد فى المجتمع الاقتصادى منذ عام 2010 حتى اليوم، فقد قدمت وزارة المالية لمجلس النواب مشروع قانون لطرح الصكوك السيادية فى مصر، بهدف المساهمة فى زيادة الاستثمارات وجذب مستثمرين جدد ممن لا يستثمرون فى الإصدارات الحكومية الحالية من الأوراق المالية أو أدوات الدين، بما يوفر ويجذب تمويلا وسيولة إضافية للاقتصاد المصرى، وأيضا يخفض تكلفة تمويل الاستثمارات، ومن المتوقع زيادة استثمارات المستثمرين الحاليين فى الإصدارات الحكومية الذين يحرصون على تنويع أنشطتهم الاستثمارية من خلال أدوات جديدة؛ خاصة أن هذه الصكوك تصدر طبقا للصيغ المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وأن حجم أموال هذه الشريحة من المستثمرين فى تزايد مستمر منذ بداية التسعينيات، ولكن ما الاختلاف بين الصكوك الشعبية فى عهد محمود محيى الدين، والصكوك الإسلامية فى عهد الإخوان، والصكوك السيادية؟.
 
فى البداية يقول الدكتور، محمد راشد، الخبير الاقتصادى، والأستاذ بجامعة بنى سويف، إن الصكوك السيادية، وفقا للقانون، تعرف بأنها أحد أنواع الأوراق المالية التى تصدرها وزارة المالية بغرض تمويل الموازنة العامة للدولة، وتمثل حصصا شائعة فى ملكية منافع أصول أو خدمات أو خليط منها أو فى ملكية أصول مشروع أو نشاط استثمارى معين، وفقا لما تحدده نشرة الإصدارات التى أقرتها الهيئة الشرعية، والتى تكون قابلة للتداول، وفقا لشروط صيغ التمويل الإسلامى.
 
وأضاف راشد، أن القانون أشار إلى أن اللائحة التنفيذية هى المختصة بتوضيح أشكال الصكوك منها صكوك المضاربة والمرابحة والإجارة والاستصناع والوكالة، وتتولى وزارة المالية الإشراف على عملية إصدار الصكوك واطفائها بما تتضمنه من عمليات تنظيمية من خلال إنشاء شركة خصيصا لهذا الغرض بقرار من رئيس مجلس الوزراء، وهى شركة مستقلة ورأس مالها بالكامل مملوك للدولة، حيث تقوم هذه الشركة بإبرام التعاقدات بصفتها وكيلا عن حملة الصكوك مع أداء حصيلة هذه الصكوك لوزارة المالية.
 
كما نظم القانون عملية تداول الصكوك سواء فى السوق المحلية أو الأسواق الدولية، وبما يتفق مع الشريعة الإسلامية، وبالتالى سيكون للصكوك كأداة مهمة من أدوات التمويل انعكاس إيجابى وملموس على تنشيط البورصة المصرية كما أنها ستجذب تدفقات تمويلية واستثمارية لشريحة معينة من المستثمرين الذين يفضلون الاستثمار فى صيغ وأدوات التمويل الإسلامى والصكوك ولا سيما من دول الخليج. 
 
وأوضح الخبير الاقتصادى، أنه بالنسبة لقانون الصكوك القديم فى عهد الإخوان، كان يسمح للدائن فى حالة عدم السداد، وضع يده على الأصول المملوكة للدولة، وتمت تهيئة البيئة التشريعية لإصدار الصكوك الإسلامية من خلال إصدار القانون رقم ١٧ لسنة ٢٠١٨ بتعديل بعض أحكام قانون سوق المال، ليسمح بإدخال الصكوك ضمن الأدوات التمويلية فى البورصة المصرية، كما أن قانون الصكوك السيادية الجديد يضع شروطا صارمة قبل إصدار الصكوك وبعدها، وحتى استرداها مقارنة بقانون الصكوك لعام ٢٠١٣.
 
وفرق راشد بين أنواع الصكوك، فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»، بأن فكرة الصكوك الشعبية فى عهد وزير الاستثمار الدكتور محمود محيى الدين، كانت تقوم على تقييم الشركات المملوكة للدولة، وتحويلها إلى أسهم مجانية، يتم توزيعها على المواطنين، بحيث تنتقل ملكية هذه الشركات من الدولة إلى المواطنين، ولكن هذا الطرح لاقى معارضة شديدة فى ذلك الوقت باعتبار أن الفكرة غير عملية، كما أنه قد يستحوذ الأجانب على بعض الشركات الاستراتيجية من خلال شراء تلك الصكوك الشعبية من المواطنين.
 
ومن جانبها قالت النائبة بسنت فهمى، عضو اللجنة الاقتصادية: «ليس هناك ما يدعى صكوك إسلامية أو يهودية أو مسيحية، فالصكوك عبارة عن أداة اقتصادية، الهدف منها زيادة الاستثمارات بصورة طبيعية من خلال تمويل مشروعات بعينها، وهذا ما يفرقها عن السندات».
 
وأضافت فهمى، فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة» أن السند عبارة عن استدانة الأموال، وردها بعد فترة معينة، فهو أداة دين، أما الصك فهو أداة استثمار، فالدولة تحدد المشروعات التى يتم الاستثمار فيها سواء مشروعات بينية تحتية، زراعية، سياحية ولابد من تحديد الجهة التى سيدفع فيها الصك سواء متاجرة أو مرابحة أو مشاركة، الإخوان وضعوا اسم الصكوك الإسلامية حتى تعبر عن تفكيرهم ولكن الصك واحد فى كل الحالات.
 
وقال صلاح حيدر، المحلل المالى، إن مشروع صكوك التمويل الذى تتم مناقشته حاليا، يختلف تماما عن الصكوك الشعبية التى طرحها وزير الاستثمار الأسبق الدكتور محمود محيى الدين فى عهد مبارك، موضحا أن الخلط بينهما يرجع إلى عدم فهم طبيعة صكوك التمويل كأداة لتمويل المشروعات، فى حين أن المشروع الذى قدمه محمود محيى الدين، كان يهدف إلى توزيع الأسهم المملوكة للدولة فى الشركات العامة على المواطنين، بما كان سيتسبب فى تفكيك مفرط يؤدى فى النهاية إلى تحول ملكية الشركات والأصول المملوكة للدولة إلى ملكية جهات أخرى ذات ملاءة مالية كبرى فى الغالب كانت ستتمثل فى المستثمرين الأجانب، كما حدث سابقا فى التجربة التشيكية.
 
وفى المقابل، فإن صكوك التمويل الحالية تهدف إلى تمويل المشروعات التنموية، وتوفير بديل تمويلى رخيص الثمن من خلال المشاركة فى الأرباح والخسائر، وبما يضمن تحقيق الهدف الأساسى، وهو تنفيذ المشروعات دون مخاوف من ضياع حقوق الملكية بالنسبة للدولة، ومن الضرورى أن يتم تدشين حملة للتوعية بالغرض من طرح الصكوك ودورها كبديل تمويلى إلى جانب الاختلافات بينها وبين الصكوك الشعبية والصكوك التى طرحتها بعض شركات توظيف الأموال فى ثمانينيات القرن العشرين.
 
وقال حيدر إن المشروع الجديد للصكوك به ثلاثة عيوب، وهى أن مشروع القانون لم يقدم ضمانات كافية لعدم تحكم جهة أو مؤسسة فى إصدار الصكوك، كما أن اسم المشروع لا يعبر بشكل كاف، حيث ربط المواطنون بين المشروع وعجز الموازنة، وأنه يهدف فقط إلى تسديد عجز الموازنة العامة للدولة، فى حين أنه من المفروض أن يهدف إلى تمويل المشروعات التنموية، حتى لا يتحول مشروع الصكوك إلى كارثة تضيع على أثرها أصول الدولة، من خلال مديونيتها، حتى ولو لم يتم بيعها للأجانب صراحة، بالإضافة إلى أن المشروع لم يحدد جهة معينة لمراقبة إصدارات الصكوك، مثلما يراقب البنك المركزى حاليا إصدارات وزارة المالية من سندات وأذون الخزانة. وقد عُرفت الصكوك المالية الإسلامية بأنها عبارة عن وثيقة بقيمة مالية معينة تصدرها مؤسسة بأسماء من يكتتبون فيها مقابل دفع القيمة المحررة بها، وتستثمر حصيلة البيع سواء بنفسها أو بدفعه إلى الغير للاستثمار نيابة عنها، وتعمل على ضمان تداوله، ويشارك المكتتبون فى الصكوك فى نتائج هذا الاستثمار حسب الشروط الخاصة بكل إصدار.
 
ويشير هذا التعريف إلى تميز الصكوك بالسمات الآتية، هى أن الصك وثيقة تثبت الحق لصاحبها فى ملكية بالاشتراك مع الغير، ولكل صك قيمة مالية محددة مسجلة عليه، وتتضمن الحصة التى يمثلها الصك ملكية شائعة فى المشروع أو الاستثمار الذى تم تمويله بأموال الصكوك، ولهذا، يخضع التصرف فى الصك لأحكام التصرف فى المشاع فى الفقه الإسلامى، ويمثل الصك نصيبا شائعا فى موجودات وحقوق المشروع وديونه التى عليه للغير، ولهذا، فإن انتقال حق الملكية لا يرد على الصك، بل على ما يدل عليه من صافى قيمة الأعيان والحقوق.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق