9 مارس.. يوم الجنرال الذهبي

الإثنين، 09 مارس 2020 09:19 ص
9 مارس.. يوم الجنرال الذهبي
الفريق عبد المنعم رياض

هو واحد ممن اعتقدوا أن الحياة بكل متعتها وزينتها لا تساوى جناح بعوضة، الشرف كان دائما نبراسا له فى الميدان، وحياته كانت أرخص تضحية فى عينه، اختصه المولى عزل وجل بالخلود على مسرح الحرب والعمليات، ضرب المثل الأعظم فى التضحية والفداء بكل ما يملك من أجل رفعة وطنه وحماية أرضه.
 
هو صاحب «يوم الشهيد»، الذى نحتفل به فى 9 مارس من كل عام، إحياءً لذكرى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، الذى استشهد وسط جنوده على الجبهة فى الضفة الغربية لقناة السويس عام 1969.
 
ولد الشهيد فى 22 أكتوبر عام 1919، بقرية «سبرباى» محافظة الغربية، وكان والده «القائم مقام» عقيد محمد رياض عبد الله، قائد كتائب الطلبة بالكلية الحربية، تلقى تعليمه الابتدائى فى مدرسة السيدة نفيسة بالعباسية، ثم بمدرسة العريش الإبتدائية، ثم انتقل إلى مدرسة الرمل الابتدائية بالإسكندرية.
 
التحق بكلية الطب بناءً على رغبة أسرته، ولكنه بعد عامين من الدراسة فضل الالتحاق بالكلية الحربية، التى كان متعلقا بها، وتخرج فيها عام 1938 برتبة ملازم ثان، وحصل على شهادة الماجستير فى العلوم العسكرية عام 1944، وكان ترتيبه الأول، وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز فى إنجلترا عامى 1945 و1946، وأجاد عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، وانتسب وهو برتبة فريق إلى كلية التجارة، كما انتسب أيضا لكلية العلوم لدراسة الرياضيات البحتة.
 
شارك فى الحرب العالمية الثانية عام 1939 بالصحراء الغربية ومرسى مطروح، ثم شارك فى حرب فلسطين عام 1948، ثم قائدًا لمدرسة المدفعية المضادة للطائرات فى مايو 1952، ثم قائدًا لنفس السلاح فى يوليو عام 1954، تدرج بعدها فى الرتب العسكرية والمدارس الحربية، قضى عدة سنوات فى أرقى الكليات العسكرية بالإتحاد السوفيتى، حيث أطلق عليه الروس لقب «الجنرال الذهبى».
 
كما شارك فى حرب العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، قائدًا لسلاح المدفعية المضادة للطيران، ومن قبلها حرب فلسطين خلال عامى 1947 – 1948، عمل وقتها فى إدارة العمليات والخطط فى القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان فى فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبى لقدراته العسكرية التى ظهرت آنذاك.
 
شغل «رياض» منصب رئيس أركان سلاح المدفعية عام 1960، ثم منصب نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة عام 1961، وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشئون الدفاع الجوى، ثم اشترك وهو برتبة لواء فى دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات خلال عامى 1962 – 1963، وفى عام 1964 عين رئيسًا لأركان القيادة العربية الموحدة، ورقى فى عام 1966 إلى رتبة فريق.
 
«مكان الجنرالات بين جنودهم».. أربع كلمات تلخص منهج الجنرال الذهبى، الذى أبى ألا يستشهد إلا واقفا بين جنوده، كاتما آلام إصابته بداخله، حتى لا يفتت عزيمة رجاله الذين كانوا مشغولين برد غارات العدو على مواقعهم.
 
المكان: المعدية رقم 6، الزمان 9 مارس 1969، الحدث: رئيس أركان القوات المسلحة، يتفقد الخطوط الأمامية للجيش بالقرب من تمركز خطوط العدو.
 على مرمى العين، يبدو شريط القناة ينادى على رجالنا بالعبور، فهم للتو منتصرون فى معركة كبّدوا فيها العدو خسائر كبيرة، ونوايا الانتقام من جانب العدو قائمة وبشدة، والجنرال أدرى فرد بذلك، يعلم أن وجوده فى هذه المواقع المهددة دائما من العدو يعرض حياته للخطر، ولكنها العزيمة التى فطر عليها.
 
فى تمام الثانية ظهرا، وصل البطل مرتديا زيه المدنى وبيده عصاه، يطلب من رئيس أركان التشكيلات، أن يمر على الوحدات ليقابل الرجال الذين حاربوا بالأمس، رافضا أن يصطحبه رئيس أركان التشكيل، مكتفيا بأن يذهب فى سيارة جيب، قادها رقيب أول، وبالجوار رئيس أركان الجيش الثانى، وقائد المدفعية، وفى سيارة أخرى كان النقيب المرافق للفريق عبدالمنعم، وبعد أن سلكت السيارتان طريقهما إلى الكتيبة عند المعدية 6 وما حولها، قابله قائد الكتيبة ورئيس عملياتها.
 
وحاول قائد الجيش أن يجعله يزور موقعا خلفيا، لكنه قال له إنه سيذهب حتى ولو قطع الطريق إلى المقاتلين زاحفا، وأخذ ينتقل إلى مواقع المقاتلين، وطلب من قائدها أن يبقى فى غرفة العمليات تحسبا لأى طارئ، واصطحب معه رائدا من الكتيبة وطلب منه زيارة الموقع الأمامى ليلتقى جنوده ويناقش قادته، وبعد أن مكث معهم وقتا اتجه إلى الموقع رقم 6، وكان هذا الموقع يبعد عن مياه القناة سبعة كيلو مترات فقط، وبين العدو على الشط الشرقى نحو مائة وخمسين مترا، وفجأة فتح العدو نيرانه وتجددت المعركة، والتفت الفريق رياض إلى الرائد الذى كان يصاحبه.
 
وقال له «روح أنت وحارب فى كتيبتك»، بينما قفز هو فى حفرة حدثت نتيجة قذيفة منذ فترة، وقفز قائد مدفعية الجيش إلى حفرة مجاورة، وخلال ذلك سقطت دانة أصابت الفريق، ورئيس الأركان اللواء سعدى نجيب. رغم الإصابة الصعبة، فإنه لم يناد على أحد، وكتم آلامه فى صدره، رافضا أن يشرك فيها أحدا، حتى لا ينشغل الرجال عن معركتهم.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق