«حقوق الإنسان في فوهة البندقية».. تقرير حقوقي يفضح الدول الداعمة للإرهاب

الأربعاء، 11 مارس 2020 07:00 ص
«حقوق الإنسان في فوهة البندقية».. تقرير حقوقي يفضح الدول الداعمة للإرهاب
تنظيم داعش- أرشفية

تحت عنوان: «الدول العربية محل النزاع.. حقوق الإنسان فى فوهة البندقية»، أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقريرها السنوي، الذى يتناول موقف الدول العربية من الآليات الدولية، وإلى أى مدى كان التعاون والتواصل مع هذه الآليات، كما يسلط الضوء على وضع التنمية المستدامة فى الدول العربية محل النزاع، وكذلك الأوضاع الحقوقية فى تلك الدول، وإبراز تأثير الإرهاب على أوضاع حقوق الإنسان.
 
ومن جانبه، قال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت إن السمة الأبرز فى عام 2019، والتى تلقى بظلالها على حالة حقوق الإنسان من المحيط إلى الخليج، هى التدخلات الخارجية السافرة من دول خارج المنطقة، فى الشؤون الداخلية فيها، بعد أن سال لعابها مستغلة حالة عدم الاستقرار والنزاعات الأهلية لتنفيذ أطماعها وطموحاتها التوسعية على حساب الشعوب، والذى وجدت فيها البيئة المناسبة لنشر أفكارها المتطرفة؛ فدعمت بالمال والسلاح الجماعات المسلحة فى هذه الدول من اجل استمرار الصراع.
 
وأضاف عقيل أن النزاعات التى تسود بعض الدول؛ هى العائق الأول نحو تحقيق التنمية المستدامة فيها، ومن ثم لا تنفيذ لأى من حقوق الإنسان سوى باستعادة الاستقرار والأمن مرة أخرى، والتأكيد على الحق فى الأمن وعلى الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات.
 
فيما، قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت؛ أن المنطقة العربية شهدت خلال عام 2019 العديد من الاحداث والتطورات، سواء فى بدايتها أو نهايتها، حيث شهدت احتجاجات أدت إلى إسقاط قيادة النظام فى السودان والجزائر، ومظاهرات واسعة فى لبنان والعراق، وأوضح عبد الحميد أن التقرير العربى لم يهدف إلى تقديم رصد للانتهاكات الحقوقية فى الدول العربية محل النزاع فقط، بل سعى إلى قراءة وتحليل هذه الانتهاكات فى سياقاتها السياسية المحلية والإقليمية والدولية، معتبراً أن التدخلات الخارجية أحد أهم العوامل المسئولة عن دخول كثير من صراعات المنطقة فى حلقات صراع متجددة ،فالقوى الإقليمية الرئيسية هى ذاتها القوى صانعة الأزمات، والمتورطة بشكل مباشر أو غير مباشر فى تغذية هذه الصراعات.
 
وبحسب التقرير، فإن  المنطقة العربية تشهد واحدة من أعقد مراحلها فى التاريخ، لا سيما فى ظل النزاعات المسلحة المنتشرة فى قلبها وعلى أطرافها على حد سواء، وتشكل معادلة «السلاح فى وجه حقوق الانسان والتنمية المستدامة» المعادلة الأصعب خلال عام 2019، ومتوقع أن تستمر خلال السنوات القادمة إذا لم تأت على قائمة أولويات النظام العربي؛ حكومات وشعوبٍ. 
 
وقال التقرير، إن الآليات والهيئات الدولية ومواثيق وآليات حقوق الإنسان توفر إطار هام لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة؛ بما فى ذلك مجلس حقوق الإنسان والإجراءات الخاصة والاستعراض الدورى الشامل وهيئات المعاهدات، موضحا أن الآليات الأممية لحقوق الإنسان، وحتى الإقليمية والمحلية منها، لم تستطع أن تضغط على الدول العربية محل النزاع لتنفيذ التزاماتها وتعهداتها تجاه حماية وتعزيز حقوق الإنسان والعمل على إنهاء هذا النزاع، ما حاد بتلك الحقوق عن مسارها.، فلم تجد بيئة خصبة لضمان احترامها، ولم تجد عونًا من تلك الآليات لضمان تنفيذها.
 
وتابع التقرير: «تأتى السمة الأبرز فى عام 2019، التى تلقى بظلالها على حالة حقوق الإنسان من المحيط إلى الخليج، هى التدخلات الخارجية السافرة من دول خارج المنطقة، فى الشؤون الداخلية فيها، بعد أن سال لعابها مستغلة حالة عدم الاستقرار والنزاعات الأهلية لتنفيذ أطماعها وطموحاتها التوسعية على حساب الشعوب، والذى وجدت فيها البيئة المناسبة لنشر أفكارها المتطرفة؛ فدعمت بالمال والسلاح الجماعات المسلحة فى هذه الدول من اجل استمرار الصراع فى هذه الدول بل ومن المحزن أن نرى دولة مثل تركيا تقوم باقتحام الحدود وشن هجوم على شمال سوريا، دون احترام لأية مواثيق أو آليات دولية، ومنافيًا لكل القواعد الدولية التى تدعى تركيا احترامها والدفاع عنها.
 
وأكمل التقرير: «كما كان من الغريب أيضاً استمرار دعم دول من الداخل العربى مثل دولة (قطر) للجماعات الإرهابية فى أكثر من دولة عربية، بل ودعمها لدول من خارج المحيط العربى مثلما دعمت تركيا، وهو الأمر الذى لا يزال يشكل علامة استفهام كبيرة؟! حدث كل هذا فى ظل عجز جامعة الدول العربية على انهاء حالة الصراع التى تشهده بعض الدول العربية، جراء الخلافات والنزاعات ومظاهر التجزئة وموجات التغير وتدخل الدول فى الشؤون الداخلية لبعض الدول.. الخ، ومن ثم نرى فى ظل إحباط دور الجامعة العربية فى حل هذه النزاعات والخلافات، وجب إعادة النظر فى إشكالية إعادة تفعيل دورها والعمل على إصلاح جامعة الدول العربية حتى تستجيب لمتطلبات الواقع العربى وتقويتها من أجل مجابهة التحديات».
 
ولفت التقرير، إلى أن تركيا تلعب دوراً فى عدم استقرار عدد من الدول العربية، خصوصاً فى سوريا وليبيا، واستمرار دعمها للنظام القطرى فى أزمته مع دول الخليج، موضحا أن النظام التركى يقف وراء حركة الاخوان المسلمين «الارهابية» والجماعات المسلحة، لدوافع تبدو أيديولوجية وأحلام باسترداد ماضى بغيض؛ ليس فى هذه الدول فحسب، إنما فى كثير من الدول العربية، مما انعكس سلباً على النظام التركي، حيث أوجد حالة من الاحتقان السياسى فى تركيا، خصوصاً فى إسطنبول وأنقرة، وما فوز المعارضة فى الانتخابات البلدية إلا دليل على ذلك، فقد أصبح واضحاً أن شعبية الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بدأت تفقد بريقها فى الداخل.
 
وأشار التقرير، إلى أن أردوغان يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية أيضاً فى الدول التى يتدخل فى شؤونها، والدليل على ذلك، هذا الإصرار من قبله على التدخل فى ليبيا، من خلال دعمه للميليشيات الإخوانية التى تقف وراء حكومة فايز السراج، بينما فى الواقع أن حكومة السراج لم يمنحها البرلمان الليبى الشرعية حتى الآن، لأنه يرى فيها أنها لا تمثل الشعب الليبي، وهذا ما يؤكده موقف أغلبية الشعب الليبى الذى يقف مع الجيش الوطنى الذى يقوده خليفة حفتر، وذلك بسبب أن هذا الجيش هو الذى يحارب الإرهاب فى مدن رئيسية بليبيا وطرد منها المليشيات والجماعات المسلحة.
 
واستطرد التقرير: «فإذا كان التدخل التركى فى سوريا يأتى بحكم عامل الجوار، وفى قطر بحكم أن الإخوان مسيطرون على مفاصل الدولة فيها، فإن تدخلها فى الأزمة الليبية بالأخص هو الذى يثير التساؤل الأكثر غرابة، فمنذ اندلاع الأزمة الليبية تحاول تركيا إطالة أمد الحرب، وتكريس حالة الفوضى فى طرابلس، وإنتاج مزيد من عدم الاستقرار فى المشهد الليبي، فقد رصد الجيش الليبى العديد من شحنات الأسلحة آتية من تركيا بما فيها سيارات هجومية ومدرعات عسكرية والمسدسات الكاتمة للصوت والرصاص، وأثارت هذه الشحنات ضجة فى ليبيا، حيث أصرت الأوساط الليبية على رفع القضية إلى مجلس الأمن. وكان الجيش الليبى قد أعلن فى ديسمبر 2019، عن تدمير أسلحة وصلت من تركيا وقطر إلى مليشيات عسكرية فى طرابلس، وذلك خلال العملية العسكرية التى أطلقها، لتحرير العاصمة طرابلس من قبضة المليشيات، وقد سيطر الجيش الليبى خلال هذه الحملة على مناطق عدة».
 
وعلى صعيد التنظيمات الإرهابية فقد شهدت الفترة التى يغطيها التقرير تحولات عميقة فى خريطة الجماعات الإرهابية، وعملياتها وآلياتها ومواقعها الجغرافية ومكانتها داخل المنظومة الإرهابية، وبالطبع كان تأكيد مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابى «أبو بكر البغدادي»، على يد القوات الامريكية على الحدود السورية التركية محور هذه التحولات، فبعد مقتل البغدادي، هل سيتوقف خطر الهجمات الإرهابية فى المنطقة العربية وانحاء أخرى من العالم، وما هو مصير «بقايا» التنظيمات الإرهابية وكيف سيؤثر مقتله على الحرب على الإرهاب. 
 
وأشار التقرير إلى أن بعض التنظيمات الإرهابية بدأت تتخذ منحى مختلفاً تراجع فيه المؤشر العددى لتنفيذ العمليات وتزايد الاتجاه للاعتماد على تنظيمات وخلايا جديدة غير مركزية قد تنشأ حول العالم، لا سيما فى المنطقة العربية، وليس شرطاً أن تكون ذات مقدرة عالية، بل يكفى أن تلتقى نوايا إيقاع الأذى بالآخرين لحدوث عمليات إرهابية كبيرة من خلال أدوات تبدو فى الظاهر صغيرة، مضيفا أن الجماعات الإرهابية أصبحت تشكل انماطا جديدة للأداء من حيث التنظيم، وأصبحت تستخدم التكنولوجيا الرقمية فى تجنيد الشباب، كما أصبحت هذه الجماعات تعتمد فى تمويلها على النفط ومتحصلات ومدفوعات الفدية والسرقات والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات كمصادر للتمويل، هذا بالإضافة الى دعم بعض الدول لهم كإيران، لا سيما بعد أن أكد استطلاع رأى لخبراء السياسة الأميركية أن إيران تعد أكبر المهددين للأمن والسلم فى العالم خلال عام 2019، فمن خلال رصد الأرقام المتغيرة فى الموازنة الإيرانية الجديدة لعام 2019، عندما قام النظام الايرانى برفع مستوى الدعم للحرس الثورى ضمن الموازنة الجديدة لتصل إلى 6 مليارات، بعد أن كانت 4.8 مليار فى ميزانية 2018، أى بزيادة قدرها 25 فى المائة، والمثير فى الأمر أن مخصصات وزارة الدفاع تراجعت من 17 مليار دولار عام 2018 إلى النصف فى موازنة 2019، وحال محاولة فهم ماذا يعنى ذلك، فإن النتيجة المؤكدة هى أن الحرس الثورى الموكول إليه العمليات الإرهابية الإيرانية، بات يجد المزيد من التمويل لتعكير صفو الأمن العام الدولى والعربى وتكدير سلمه.
 
وأكد التقرير أنه رغم أن ظاهرة الإرهاب قد شهدت بعض الانحسار خلال عام 2019، وكذلك تراجع كبير فى عدد عملياتها الإرهابية، الا أن خارطة الإرهاب قد شهدت بعض الاتجاهات السلبية؛ حيث أنه بالرغم من انخفاض عدد القتلى الناجم عن العمليات الإرهابية إلا أن نطاق العمليات الإرهابية قد توسع وتعوّلم أكثر، حيث طال الإرهاب عدد كبير من الدول العربية، الامر الذى يعنى ويؤكد على حاجة المجتمع العربى والدولى لاستمرار التعاون فى مكافحة الإرهاب، مشيرا الى تعدد أليات الدول العربية فى التعامل مع ظاهرة الإرهاب والتصدى لكافة مصادر تمويله، وأهم ما تم اتخاذه بشأن الإرهاب ومكافحته خلال هذا العام، ما أقره رؤساء المجالس والبرلمانات العربية، عقب اعتماد "الوثيقة العربية الشاملة لمكافحة التطرف والارهاب" وهى وثيقة عربية شاملة لمكافحة التطرف والإرهاب، وتم اعتمادها فى القمة العربية المنعقدة بالرياض فى ابريل 2018، وتدعو الوثيقة لاتخاذ كافة التدابير الممكنة لحظر التحريض والتبرير والتشجيع على ارتكاب أعمال إرهابية، وضرورة التعاون والتنسيق بين الدول العربية فى اتخاذ ما قد يكون ضرورياً ومناسباً ومتفقاً مع التزامات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة وعلى المستوى الوزارى وعلى مستوى المجالس الوزارية المعنية، وما هو متفق عليه بموجب القانون الدولي، بشأن مكافحة التحريض على الإرهاب.
 
وجاء فى تقرير ماعت أن عام 2019 شهد أهم حدثين فى مسيرة الإرهاب على صعيد تنظيم داعش، الأول هزيمة تنظيم داعش فى معاقله الرئيسة فى سوريا وتشتته وذوبانه فى العراق، والثانى مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادى وعدد من القياديين المهمين فى التنظيم، وقد تجلى هذا الأمر فى انخفاض عدد قتلى العمليات الإرهابية التى تنسب الى داعش، كما انخفض عدد عمليات التنظيم بنسبة 63% عام 2019. وانخفض العدد الكلى لأعضاء التنظيم فى سوريا والعراق من70000 مقاتل الى 18000 مقاتل عام 2019. 
 
ونوه التقرير إلى أن المنطقة العربية تواجه موجة إرهابية شديدة القسوة منذ انطلاق الربيع العربى نهاية عام 2010، وأن الجماعات الإرهابية تمكنت من اختطاف مسار التحول الديمقراطى وإغراق دول بالكامل فى حروب أهلية طاحنة كما حدث فى "سوريا وليبيا واليمن والعراق"، بخلاف أن دول أخرى محورية فى المنطقة لازالت تواجه خطر الإرهاب الذى استشرى بقسوة عقب إطاحة الشعوب ببعض تنظيمات الإسلام السياسى من الحكم "كما هو الحال فى مصر "، حيث عمدت هذه التنظيمات - التى ترعاها دول محددة فى المنطقة - إلى دعم الفصائل الإرهابية سياسياً وتمويلياً وإعلامياً، وتبرير جرائمها غير الإنسانية بغرض معاقبة الشعوب التى أطاحت بها، وزلزلة الأرض تحت أقدام النظم الحاكمة، ودفع الأمور نحو عودتها للسلطة رغماً عن انف الثورات التى قامت فى مواجهتهم.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق