هل اقتربت الساعة؟.. اللهم بلغنا 2021: سر الدعاء في رفع البلاء

السبت، 28 مارس 2020 07:00 م
هل اقتربت الساعة؟.. اللهم بلغنا 2021: سر الدعاء في رفع البلاء
فيروس كورونا
عنتر عبداللطيف

الرسول صلى الله عليه وسلم أول من نادي بما سمي بـ«الحجر الصحي» فى العصر الحديث.. وعمر بن الخطاب يتحدث عن الفرار إلى قدر الله خلال «طاعون عمواس» 
 
ليس من المتوقع السيطرة على فيروس كورونا المستجد على المدى القريب، بعد أن انتشر المرض فى العديد من دول العالم، ما أدى إلى وفاة الآلاف وإصابة مئات الالاف، فيما تحولت دول مثل ايطاليا إلى مرتع للمرض لتشبه الحجر الصحى الكبير.
 
لم يكن انتشار فيروس كورونا هو الوباء الأول الذى ضرب العالم، فقد سبقه العديد من الأوبئة والمجاعات، منها ما وقع خلال العصر الإسلامي فكيف رأى الإسلام هذه الأمراض الفتاكة؟.. وهل لانتشار الأوبئة والكوارث الطبيعية علاقة باقتراب الساعة؟.. وكيف تعامل الصحابة معها؟.. وهل هناك أدعية معينة يتوجه بها الإنسان إلى السماء لرفع البلاء؟.. فضلا عن الأخذ بأسباب العلم الحديث، والتداوى بالأمصال، وما أنتجه العقل البشرى من أدوية، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أنزل الله داء، إلا أنزل له شفاءً”.
 
يعد الرسول صلى الله عليه وسلم أول من نادى بما يسمى فى عصرنا الحديث بـ»الحجر الصحي»، فهو القائل عليه الصلاة والسلام :»إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها «، ما دعا عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد لأن يقول فى كتابه الشهير «عبقرية محمد» :»هذا الإلهام النافذ السّديد في تدبير المصالح العامة وعلاج شئون الجماعات، هو الذي أوحى الى الرسول الأميّ صلى الله عليه وسلم قبل كشف الجراثيم، وقبل تأسيس الحِجر الصحي بين الدول، وقبل العصر الحديث بعشرات القرون أن يقضي في مسائل الصّحة واتقاء نشر الأوبئة بفصل الخطاب، الذي لم يأت العلم بعده بمزيد، فتلكم وصية من ينظر في تدبيره إلى العالم الإنساني بأسره لا إلى سلامة مدنية واحدة، أو سلامة فرد واحد .. إذ ليس أصون للعالم من حصر الوباء في مكانه، وليس من حقّ مدينة أن تنشد السلامة لنفسها أو لأحد من سكانها بتعريض المدن كلها لعدواها”.
 
وفق كتابات إسلامية فإنه وقع فى المائة الأولى الهجرية أربعة طواعين عدوها مفسرين إسلاميين من علامات اقتراب القيامة وفق ما أخبرنا به النبى صلى الله عليه وسلم عن وقوعه فى آواخر الزمان من انتشار الموت فى الناس وكثرة موت الفجأة، وذلك يكون بالزلازل والبراكين والأوبئة والأعاصير والغرق كما يكون بالحروب والملاحم والفتن، أولها طاعون وقع عام ستة للهجرة وهو عام صلح الحديبية لكنه أصاب بلاد فارس وسلم منه المسلمون، لأن المدينة حرمت على الطاعون”.
 
وفي أيام الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقع طاعون عمواس، وهو باء ضرب بلاد الشام سنة 18 هجرية/ 640 ميلادية بعد فتح بيت المقدس، و»عمواس» كانت بلدة صغيرة في فلسطين بين الرملة وبيت المقدس، وانتشر بها الطاعون أولاً ثم انتشر في بلاد الشام فنُسب إليها، وهى الواقعة التى قال عنها الواقدي: «توفي في طاعون عمواس من المسلمين في الشام خمسة وعشرون ألفاً»، وقال غيره: «ثلاثون ألفاً»، ومن أبرز من ماتوا في الوباء أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ويزيد بن أبي سفيان وسهيل بن عمرو وضرار بن الأزور و أبو جندل بن سهيل وغيرهم من أشراف الصحابة وغيرهم. عُرفت هذه السنة بعام الرمادة للخسارة البشرية العظيمة التي حدثت فيها.
 
ومما اشتهر في شأن طاعون عمواس الحوار الذي دار بين أبي عبيدة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، إذ قال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أفراراً من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم، نفرّ من قدر الله إلى قدر الله، وقد آثر أبو عبيدة رضي الله عنه البقاء في عمواس، ورفض دعوة عمر رضي الله عنه بمفارقة مكان الوباء، حتى أصابه الطاعون.
 
أما الطاعون الثالث فهو طاعون الجارف فى دولة ابن الزبير رضى الله عنهما، وسمى بالجارف لكثرة عدد ضحاياه، فيما سمى الطاعون الرابع بطاعون الفتيات لأنه بدأ فى العذارى والجوارى بالبصرة وبواسط، وبالشام وبالكوفة ومات فيه عبدالملك بن مراوان الخليفة، وقيل مات بعده بقليل وسمى أيضا بطاعون الأشراف لحصده أرواح الكبراء والأمراء ومشاهير العصر وقتها.
 
وفى عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقعت بالمدينة وما حولها من القرى مجاعة شديدة، وكان ذلك في 18هـ بعد عودة الناس من الحج، فحبس المطر من السماء وأجدبت الأرض وهلكت الماشية، واستمرت هذه المجاعة تسعة أشهر، حتى صارت الأرض سوداء فشبهت بالرماد، فسمى هذا العام بعام الرماد والتى يقول عنها «ابن سعد» في الطبقات من خبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: «كان عمر بن الخطاب أحدث في عام الرمادة أمرًا ما كان يفعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب «أطراف المدينة» فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلة في السحر، وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي”.
 
وأخرج أيضا من خبر سليمان بن يسار، قال: «خطب عمر بن الخطاب الناس في زمن الرمادة، فقال: «أيها الناس اتقوا الله في أنفسكم، وفيما غاب عن الناس من أمركم، فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، فما أدري السخطى عليَّ دونكم، أوعليكم دوني، أوقد عمتني وعمتكم، فهلموا فندع الله يصلح قلوبنا، وأن يرحمنا، وأن يرفع عنا المحل»، قال: فرئي عمر يومئذ رافعًا يديه يدعو الله، ودعا الناس، وبكى وبكى الناس مليًا، ثم نزل، وكان يقول: «اللهم لا تهلكنا بالسنين «أي بالقحط» وارفع عنا البلاء»، يردد هذه الكلمة، وكان ينادي في الناس: «أيها الناس استغفروا ربكم ثم توبوا إليه وسلوه من فضله، واستسقوا سقيا رحمة». كما خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرة يستسقي، فنادى في الناس فأوجز، ثم صلى ركعتين فأوجز، ثم قال: «اللهم عجزت عنا أنصارنا، وعجز عنا حولنا وقوتنا، وعجزت عنا أنفسنا، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم اسقنا وأحيي العباد والبلاد.
 
وفي رسالته إلى عمرو بنِ العاص والي مصر بعث إليه: «يا غوثاه يا غوثاه، أنت ومن معك ومَن قِبَلك وما أنت فيه، ونحن ما نحن فيه»، فأرسل إليه عمرو بألف بعير تحمل الدقيق، وبعث في البحر بعشرين سفينة تحمل الدهن، وبعث إليه بخمسةِ آلاف كِساء، وأرسل إلى سعد بن أبي وقاص فأرسل له بثلاثةِ آلاف بعير تحمل الدقيق، وبعث إليه بثلاثةِ ألاف عباءة، وأرسل إلى والي الشام فبعث إليه بألفي بعير تحمل الزاد. ونحوُ ذلك مما حصل من مواساة المسلمين لبعضهم.
 
يذكر أن دار الإفتاء المصرية كانت قد أصدرت أربع وصايا حول وباء « كورونا» الذى يضرب العالم  حاليًا مؤكدة أنه ينبغي على المسلم أن لا يصيبه الخوف والهلع الشديد من الابتلاءات التي قد تصيبه أو تصيب من حوله، بل عليه أن يتحلى بحسن الظن بربه وخالقه سبحانه، ويعلم علم اليقين أن الله عز وجل سوف ينجينا من هذا البلاء، وإذا أصاب المؤمن شيء من هذا البلاء فعليه بالصبر والأخذ بأسباب العلاج، وليعلم أن صبره على هذا البلاء سيكون سببًا لتكفير السيئات ورفع الدرجات، كما قالت أنه  شأن المسلم في أوقات البلاء والمحن أن يكون دائم الذكر والدعاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بقول: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» ثلاث مرات صباحًا و مساءً، فإن من قالها لا يصيبه شيء من البلاء إن شاء الله، مطالبة المسلم بأن يأخذ بأسباب الوقاية والسلامة الصحية المتبعة لدى الجهات المعنية، فهذا من باب الإحسان، يقول تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق