تدين فطري

«الشعب المصري متدين بطبعه».. قالها أحد الشيوخ للمذيعة «الصاروخية»؛ ردًا على سؤالها عن أسباب «التطرف»، و«العنف»، و«التدني الأخلاقي» في المجتمع.. 

 

انتقد طريقة المذيعة في إدارة الحوار، وتحفظ على إجابات وردود الشيخ، وأمسك بالريموت وغادر القناة، واستقر به الحال على فضائية أخرى.. رئيس الوزراء يعلن عن تدشين حملة، داخلية وخارجية؛ لزيادة الوعي الثقافي والحضاري.. تنفرج أساريره: «يا مُسهل يا رب، ويجعلها فاتحة خير».

 

قالها، وانتقل إلى محطة ثالثة كانت تنقل مشهدًا من «كورنيش النيل».. ثلاث فتيات، على مركب نيلي، يؤدين وصلة من «الرقص المثير»؛ لاستقطاب الزبائن.. أبدى أسفه.. واستحضر مقولة الشيخ: «الشعب المصري متدين بطبعه»! 

 

بروموهات برامج «الهلس»، واكتشاف «الموهوبين» أو «التافهين» تغزو الشاشات..  ينافسها الإعلان عن اقتراب موعد برنامج «الرقص الوسطي الجميل».. فأعاد على نفسه مقولة الشيخ: «الشعب المصري متدين بطبعه»! 

 

أخبار عاجلة: «اغتصاب سائحة».. «أم تقتل أطفالها الثلاثة بمساعدة عشيقها».. «شقيقان يتخلصان من والدهما بعد مشاهدتهما يمارسان الرذيلة».. «مدرس يغتصب طفلة».. «محفظ قرآن يمارس الرذيلة مع الأطفال في حمَّام المسجد».. «وكيل معهد أزهري يُجبر الطالبات على ممارسة الجنس بشقته».. و«وزير الأوقاف يتوسط لابنته لتعيينها بالتربية والتعليم»... 

 

ينتقل إلى محطة أخرى.. أربع مذيعات يستضيفن «مطرب مهرجاناتي» ويرقصن على الهواء، على أنغام أغنية لمطرب ممنوع من الغناء! 

 

يهرب من التليفزيون.. ويتصفح موقعًا إخباريًا، ويتوقف عند خبر، مصحوبًا بفيديو: راقصة «آخر أدب» ترقص بالحجاب في فرح شعبى بالدقهلية... يسرع بإغلاق الكمبيوتر، مرددًا: ونعم التدين الفطري!

 

أمسك هاتفه الذكي، وقرر أن يشارك مخاوف العالم من الفيروس الغامض الذي يضرب الكرة الأرضية.. كتب «بوست» على صفحته بـ«فيسبوك»، معلنًا قبوله «تحدي الخير»، وأنه قرر التكفل بـ«1000 أسرة».. ولما سألته زوجته: «هو إحنا لاقين ناكل عشان تتكفل بـ1000 أسرة»؟ أجابها: «آهو كلام.. هو يعني حد هيعد ورانا؟ المهم الناس هتتكلم عليَّ وهطلع في التليفزيون»!