مدرسة لا تكفي.. نداء للمحافظ بإطلاق اسم طبيبة الدقهلية المتوفاة بكورونا على قرية شبرا البهو

السبت، 11 أبريل 2020 08:31 م
مدرسة لا تكفي.. نداء للمحافظ بإطلاق اسم طبيبة الدقهلية المتوفاة بكورونا على قرية شبرا البهو
طلال رسلان

لم تمر سوى دقائق على واقعة أهالي قرية "ميت العامل" مركز أجا بمحافظة الدقهلية، مسقط رأس طبيبة توفيت بفيروس كورونا في مستشفى العزل بالإسماعيلية، رفضوا دفنها، بعد أن رفضت أيضا قرية زوجها "شبرا البهو" دفنها لديهم في مقابرهم.
 
تجمع عدد من أهالي قرية شبرا البهو بالدقهلية لمنع دفن جثة طبيبة توفيت جراء فيروس "كورونا" بمقابر القرية، حتى تصدر المشهد موجة سخط عارمة ضد موقف أهالي القرتين.

الواقعة بدأت عندما اعترض أهلي قرية شبرا البهو سيارة الإسعاف التي تنقل جثمان الطبيبة؛ لمنع دخولها إلى المقابر الخاصة بأهل زوجها؛ لدفنها، ومطالبتهم بأن يوارى الجثمان الثرى بمقابر عائلتها الموجودة في قرية أخرى مجاورة، لكن الشرطة تدخلت وجرى إتمام الدفن وتفريق المعترضين.
 
قصة الطبيبة على فجاعتها صدمت الأوساط الاجتماعية بما حملته من تجرد من كل المعاني الإنسانية، قبل فعل التنمر في أبهى صوره، وخرجت مطالبات بسرعة إقرار قوانين تجرم وتعاقب هذا الفعل ومرتكبيه.
 
في تدارك للأزمة التي احتلت عناوين وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تدخل محافظ الدقهلية أيمن مختار بعزاء أسرة الطبيبة المتوفاة ومواساتهم وإعلان إطلاق اسم الطبيبة على إحدى مدارس القرية التي حدثت بها الواقعة الأليمة.
 
لكن يبدو أن تدخل المحافظ لم يخمد نار موجة الغضب المشتعلة على مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات وهاشتاجات تطالب بردة فعل أقوى يرونها أقل ما يمكن فعله لتكريم الطبيبة وتشفيا لأهلها.

في جانب من القصة المتداولة برز نداء إلى محافظ الدقهلية بتغيير اسم القرية الحالي إلى اسم الطبيبة، كنوع من التضامن القوي حتى يظل يتذكر حكايتها الأجيال التي ستحمل بالطبع بطاقاتهم الشخصية اسم الطبيبة.
 
من هي طبيبة الدقهلية؟

ووفقا للمعلومات فإن طبيبة الدقهلية تدعى "سونيا عبدالعظيم عارف" تبلغ من العمر ٦٤ عاما، وكانت تعاني من مشاكل صحية مزمنة، وأصيبت بفيروس كورونا، وتم نقلها لمستشفى العزل بالإسماعيلية يوم 14 مارس الماضي.
 
وأصيبت الطبيبة، بالعدوى من ابنتها العائدة من اسكتلندا التي سافرت يوم 25 فبراير، وعادت لمصر يوم 11 مارس الماضي، هي أول إصابة ظهرت بمدينة المنصورة بفيروس كورونا وتم استقبالها بمستشفى الصدر بالمنصورة للاشتباه في إصابتها .
 
 
مطالب بتفعيل ودعم مبادرة صوت الأمة
 
وسط تفاصيل القصة المتداولة طالب قراء صوت الأمة بالمشاركة والتفاعل على نطاق واسع في مبادرة الصحيفة التي أطلقتها في وقت سابق بعنوان "الإصابة بكورونا مش جريمة.. أوقفوا التنمر"، كحملة توعية مجتمعية، لوقف التنمر ضد مصابي فيروس كوفيد 19 (كورونا المستجد)، واعتبار من تسلل إليهم المرض موصومين اجتماعياً، ما يدفع البعض إلى إخفاء مرضه، أو إصراره على عدم التوجه لأماكن العزل، خشية أن يفضح أمره وكأنه مرتكب جريمة. 
 
وشارك في حملة صوت الأمة عدد من الكتاب الصحفيين والإعلاميين والسياسيين ورجال الأعمال ورموز المجتمع، الذين يؤمنون بضرورة توعية المواطن بخطورة المرض وعدم تمييز صاحبه، لأن الإخفاء قد يتسبب في كارثة محققة، نسأل الله عز وجل أن يجنبنا إياها.
 
وفي تحرك بشأن واقعة طبيبة الدقهلية، أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بالتحقيق العاجل في واقعة تجمهر البعض، ومنعهم دفن طبيبة متوفاة بمحافظة الدقهلية بسبب "كورونا"، وذكرت النيابة العامة في بيان لها اليوم السبت، أنها ستعلن عن تفاصيل الواقعة في بيان لاحق حين انتهاء التحقيقات.

المؤسسات الدينية على خط الأزمة
 
علق مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلتكرونية على الواقعة مؤكدا أن الإسلام أعلى مِن قيمة السَّلام، وأرشدَ أتباعه إلى الاتصاف بكلِّ حَسَنٍ جميل، والانتهاء عن كلِّ فاحش بذيء، حتى يعمَّ السَّلامُ البلاد، ويَسْلَم كل شيء في الكون من لسان المؤمن ويده.
 
وأضاف أنه لا عجبَ -إذا كانت هذه رسالة الإسلام- أن يكون أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة هو حُسن خُلُقِه، قال ﷺ: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ» [الأدب المفرد].
 
وشدد على أن التَّنمُّر من السّلوكيات المرفوضة التي تُنافي قيمتي السَّلام وحُسْن الخُلق في شريعة الإسلام، موضحا معناه لمن لا يعرفه بأنه: شكلٌ من أشكال الانتقاص والإيذاء والسُّخرية يُوجَّه إلى فرد أو مجموعة، ويؤثر بالسَّلب على صحتهم، وسلامتهم النَّفسيَّة -هذا بشكل عام-، وهو لا شك سُلوكٌ شائنٌ.
 
وأشار إلى أن هذا السُّلوك يزداد إجرمًا وشناعةً إذا عُومل به إنسانٌ لمجرد إصابته بمرض هو لم يختره لنفسه؛ وإنَّما قدَّره الله عليه، وكُلُّ إنسانٍ مُعرَّض لأن يكون موضعه -لا قدَّر الله-.
 
ولفت إلى أن الإسلامُ حرم الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة؛ فقال تعالى: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وقَالَ سيِّدُنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [سنن ابن ماجه].
 
وقال الأزهر إن الضَّرر الذي وجَّه الإسلام لإزالته ليس الجسديّ فقط، وإنما وجَّه -كذلك- لإزالة الضَّرر النفسيّ الذي قد يكون أقسَى وأبعد أثرًا من الجَسَديّ، وإذا كان الإسلامُ قد دعا المُسلمَ إلى الأخذ بأسباب السَّلامة، واتباع إرشادات الوقاية حين مُعَاملة مريضٍ مُصَابٍ بمرضٍ مُعدٍ وقال في ذلك ﷺ: «وفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» [صحيح البخاري].
 
واستكمل: دعا الإسلام في الوقت نفسه إلى الحِفاظ على صِحَّة المريض النَّفسية؛ فقال ﷺ في شأن الجُذام أيضًا -وهو مرض معدٍ-: «لا تُدِيمُوا النَّظرَ إلى المَجْذُومينَ» [سنن ابن ماجه] ؛ أي لا تُطيلوا إليهم النَّظر، ولا تُّكرِّروا النَّظر لمَوَاطن المَرضِ؛ كي لا تتسببوا في إيذاء المَريضِ بنظراتكم، ولا شَكَّ أنَّ الانتباه لمُعاملة المريض، وعدم انتقاصه بكلمة أو تصرُّف خُلقٌ رفيعٌ مأمورٌ به من باب أولى.
 
وتابع: دعا الإسلام إلى احترام بني الإنسان وإكرامهم أصحاء ومرضى، أحياءً وأمواتًا؛ فقال تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..» [الإسراء: 70]، ودعا كذلك إلى مُداوة المرضى، والإحسان إليهم، والتَّألم لألمهم؛ فقال ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [مُتفق عليه].
 
وأوضح مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية أنَّ الإصابة بفيروس كُورونا ليست ذنبًا أو خطيئة ينبغي على المُصاب بها إخفاءها عن النَّاس؛ كي لا يُعيَّر؛ بل هو مرض كأي مرضٍ، ولا منقصَة فيه، وكلُّ إنسانٍ مُعرَّض للإصابة به، ونتائج إخفاء الإصابة به -من قِبَلِ المُصَابين- كارثيَّة.
 
ويُفتي مركز الأزهر بحرمة إيذاء المُصاب به، أو الإساءة إليه ولو بنظرة، وبوجوب إكرام بني الإنسان في حَيَاتِهم وبعد مَوتِهم، داعيا إلى ضرورة تقديم الدَّعم النَّفسيّ لكلِّ مُصابي كُورونا وأُسَرهم، وإلى تكاتف أبناء الوطن جميعًا للقيام بواجبهم كلٌ في مَيدانِه وبما يستطيعه إلى أن تتجاوز مِصرنا الحبيبة هذه الأزمة بسَلامٍ وسَلامةٍ إنْ شاء الله تعالى.
 
واختتم الأزهر تصريحه بالدعاء: اللهَ نسألُ أنْ يمُنَّ على كُلِّ مُصابٍ بالشِّفاء، وأنْ يتقبَّل المُتوفِّين في الشُّهداء، وأنْ يكشفَ عنَّا وعن العالمين البَلاء؛ إنَّه سُبحانه ذو مَنٍّ وكَرَمٍ وآلاءٍ.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة