أبو صفارة.. حكاية رائد الصحافة الساخرة يعقوب صنوع.. نفاه الخديوي وأسس 12 صحيفة

الأربعاء، 15 أبريل 2020 09:41 م
أبو صفارة.. حكاية رائد الصحافة الساخرة يعقوب صنوع.. نفاه الخديوي وأسس 12 صحيفة
محمد أبو ليلة

هو أحد رواد المسرح المصري والصحافة المصرية الساخرة، أطلق عليه الخديوي إسماعيل اسم مولير مصر، إنه الكاتب والصحفي يعقوب صنوع الذي ولد قبل اليوم الـ 15 من أبريل بنحو ما يُقارب الـ 200 عام، حيث ولد عام 1839، في القاهرة لوالدين مصريين مقيمين في مصر في حي الشعرية.

بدايته
سافر صنوع في سنة 1874 إلى أوروبا حيث بقى مدة يدرس فيها أحوالها السياسية وأخلاق شعوبها ـ وبعد قضاء مهمته عاد إلى مصر شغوفا بتقدم الأوربيين، وملتهباً بنار الغيرة لبث روح الحضارة المصرية العريقة بين الشعب المصري الذي نسى حضارته، واستغل صنوع قلمه السليط، ولسانه اللاذع في رواية أسرار الخديوي وفضائحه التي تدينه.

ولما أغلقت جميع الصحف أبوابها في وجه صنوع ومقالاته بأمر الخديوي لذلك لجأ إلى إنشاء صحيفة على نفقته مع جمال الدين الأفغاني الفيلسوف المشهور، والشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية سابقا، فاتفق ثلاثتهم على إنشاء جريدة عربية هزلية لانتقاد أعمال الخديوي إسماعيل ثم استقر رأيهم على أن يتولى صنوع إدارتها.

unnamed (1)

أول صحيفة
وصدر العدد الأول سنة 1877 وتعد بذلك أولى الصحف الهزلية عند الناطقين بالعربية، وكان أول من استعمل القلم الدارج واللهجة العامية المصرية أو التركية والصورة الهزلية السياسية بين المصريين، واستمرت الجريدة في صدورها بطريقة لم يعهدها المصريون من قبل ولاقت إقبالا منقطع النظير ونزل صنوع إلى ميدان السياسة جاهراً بعد عدة أعداد من هذه الجريدة التي لم يصدر منها إلا 15 عددا، وقتها استطاع الخديوي أن يخمد أنفاسها عندما شعر أن نقد صنوع للحياة السياسية قد بلغ مرحلة الخطورة، وقد غادر صنوع القاهرة في 22 من يونيو سنة 1878 متجها إلى باريس تاركًا ذكرياته الحبيبة والحزينة متخليا عن كل ما يربطه فيها قهرًا عنه.

أبو نظارة
بعد ذهابه إلى باريس شرع صنوع في إصدار صحف ليكمل ما بدأه في القاهرة، حيث أسس 9 صحف ماطقة بالعربية من بينها "رحلة أبى نضارة زرقا"، صدر  منها العدد الأول منها في 7 أغسطس 1879 وكان على رأس هذا العنوان "رحلة أبى نضارة زرقا الأولى من مصر القاهرة إلى باريس الفاخرة.

وكانت الصحيفة تصدر في معظم أعدادها في أربع صفحات مليئة بالمحاورات الساخرة والمهاجمة لسياسة الخديوي وحكومته، أو المصورة للحياة الاجتماعية والظلم الاجتماعي الذي يعيش فيه الأفراد، وكان يكتب مقالاته دائما أما باللغة العربية التي يفهمها عامة الناس، أو بالزجل الجميل، وكان ينتقد حياة التواكل والدعة التي يعيشها المصريون، واشترك معه في تحرير الجريدة بعض المحررين من القاهرة.

unnamed

كما أصدر صحيفة "النظارات المصرية" التي صدر العدد الأول منها في 16 سبتمبر 1879 ورسم في صدرها عناوين كتب في أسفلها "جريدة تاريخية علمية تحرير مصر وإسكندرية"، وتتميز بعض أعداد هذه الصحيفة بالأسلوب الملىء بالخيال والوصف البالغ فيه، وكانت الصحيفة أيضا مليئة بالمحاورات التمثيلية التي استعاض بها عن غلق مسرحه، والتي اتخذ منها وسيلة للاستمرار في تبنيه الناس وتذكيرهم بالأسلوب التمثيلي، وكانت معظم أعداد الصحيفة بها صور كاريكاتورية تصور السياسة وتنتقدها بطريقة فكهة لاذعة.

أبو صفارة
ومن بين الصحف التي أصدرها صنوع أيضاً "أبو صفارة" التي صدرت في يونيو سنة 1880 ـ وصدر منها ثلاثة أعداد وكتب في صدرها "جريدة هزلية أسبوعية لانبساط الشبان المصرية بحفظهم رب البرية من المظالم الفرعونية منشئها محب الاستقلال والحرية"، وكانت متضمنة أخباراً عن أحوال مصر الداخلية، هذه الأخبار التي صدرت تحت باب "مراسلات الجهات" الجديد في مجلة صنوع.

ومجلة الحاوي أيضاً التي أصدها صنوع في 5 فبراير سنة 1881 وقد صدر منها أربعة أعداد جاء في صدر العدد الأول منها هذا الشعار "الحاوى الكاوى اللى يطلع من البحر الداوى عجايب النكت للكسلان والغاوى ويرمى الغشاش في الجب الهاوى"، وقد امتلأت صفحات الصحيفة بالصور الكاريكاتورية السياسية والاجتماعية.

مؤلفاته
ولم يكن المسرح والصحافة أو القاء الخطب والمحاضرات هى كل ما يشغل بال صنوع بل انه كان شعلة من النشاط، فألف وترجم الكثير من الكتب التاريخية والأدبية بلغات مختلفة كاللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية، هذا بالإضافة إلى قيامه بترجمة جزء من القرآن إلى اللغة الإنجليزية، ولم تواته الظروف لتكملته لمرضه في سنة 1910، وكذلك كتابة مجموعة أشعار باللغة الإيطالية، إلى جانب كتابته رسالة لطيفة عن الدستور العثماني بالشعر والنثر المقفى، قام بإصدار اثنتى عشرة صحيفة واحتفل في عام 1905 باليوبيل الخمسينى لدخوله في سلك الصحافة والأدب فكان أول صحفى عربى نال تكريم عدة تكريمات قبل وفاته، وبقي يعقوب صنوع منفيا في أوروبا إلى أن توفي في 1912 في فرنسا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق