حملة صوت الأمة وأخلاق كورونا

السبت، 18 أبريل 2020 09:00 م
حملة صوت الأمة وأخلاق كورونا
حمدى عبدالرحيم يكتب:

  
قبل أسبوع أطلقت صوت الأمة (الموقع والجريدة) حملة تحت عنوان «الإصابة بكورونا مش جريمة.. أوقفوا التنمر».
 
بفضل الله ثم بجهد وتعب الزملاء حققت الحملة نجاحًا ساحقًا تستحقه، فما من طائفة من طوائف المجتمع إلا وأعلنت نخبتها دعمها للحملة، وكان طيبًا جدًا أن موقعًا له وزن وثقل موقع اليوم السابع أعلن دعمه للحملة من لحظة انطلاقها وخصص لها لمساندتها زاوية ثابتة على صفحته الرئيسية.
 
نجاح الحملة التي دعمها وزراء وفنانون ورياضيون ورجال مال وأعمال وكُتّاب كبار ومسئولون رسميون، أحيا الأمل فى نجاح حملات مماثلة تواجه وتتصدى لظرف تاريخى واستثنائى تعيشه البشرية فى مختلف أرجاء العالم، ولكن ذلك النجاح لا يجعلنا نغفل عن تأمل جوانب الصورة وزواياها.
 
إعلاميًا نجحت حملتنا والشواهد على نجاحها أكثر من أن تحصى، ولكن أين الشعب؟
 
مشكلتنا نحن أهل الإعلام هى مع الشعب وليس مع النخبة أو الحكومات، نحن أولاد هذا الشعب العظيم الذى ضحى بالغالى والنفيس لكى يأخذ بأيدينا إلى ما وصلنا إليه، فكلنا تعلمنا على حساب هذا الشعب وعلى حساب لقمة عيش كان يقتطعها من قوت يومه لكى ينفق على تعليمنا وعلاجنا وبناء مؤسساتنا، ونحن لا نريد سوى رد جزء ضئيل من جميل هذا الشعب، فيقدم كل واحد منا أقصى ما يستطيعه لتنمية الوعى ونشره، ولكن دعواتنا وحملاتنا لا تصل لأصحاب الفضل علينا، ثمة حبل مقطوع، أو أن الدائرة ليست تامة وكاملة بحيث يسرى تيار ما نريد قوله فيصل إلى القاعدة العريضة التى نتمنى الوصول إليها.
 
نحن شعب ضخم التعداد، والذين وصلنا إليهم يمثلون رقمًا لا يستهان به، ولكن الذين لم نصل إليه يمثلون رقمًا ضخمًا أيضًا، وهذا وضع محزن وقد يدفع لليأس ونفض اليد من الأمر كله.
 
فبعد انطلاق الحملة رأينا أهل قرية يرفضون دفن طبيبة ـ نحتسبها عند الله من الشهداء ـ ماتت على إثر إصابتها بهذا الوباء الذى يسرى بين البشرية سريان النار فى الهشيم.
 
الدكتورة سونيا عبدالعظيم رحمها الله كانت تقاتل الوباء ومعها كتيبة عظيمة من أطباء وأطقم التمريض، فكيف لعاقل أو صاحب حس إنسانى ووطنى أن يقف مع جثمانها تلك الوقفة البشعة، فلولا تدخل حاسم وصارم من الأمن لتدهور الموقف إلى وضع حرج جدًا.
 
هل هؤلاء الرافضون المتشنجون لم تصلهم حملاتنا ولا أى حملة مماثلة؟
 
فإن كانت لم تصلهم، فكيف نتواصل معهم في ظرف فرض علينا جميعًا التباعد الاجتماعى وندرة الزيارات وقلة التجوال؟
 
وإن كانوا لم يسمعوا لا بحملة صوت الأمة ولا بغيرها من الحملات، وإن كانوا لا يطالعون الجرائد ولا يشاهدون الفضائيات وليس لديهم أوهى صلة بمواقع التواصل الاجتماعى (وهذا يكاد يكون مستحيلًا)، فهل معنى هذا أننا ننفخ في قربة مقطوعة؟
 
وهل معنى هذا أننا نخاطب نخبة هى فى الأساس واعية بحقيقة الظرف الذى يعيشه الوطن وتعيشه البشرية؟
 
هذا الوباء ـ أنجانا الله منه ـ  هو أزمة من الأزمات، وفي الأزمات تظهر المعادن الحقيقية لبنى الإنسان، فهناك قرية رفضت استقبال جثمان شهيدة، وقرية خرجت عن بكرة أبيها لاستقبال جثمان شهيد، وأقاموا الصلاة بطريقة منظمة تراعى الإجراءات الصحية، وقد رأيت صورة لطفل وهو يؤدى التحية لجثمان الشهيد، فكادت الدموع تسقط من عينى تأثرا بجمال وروعة تلك اللقطة الخاطفة التي تمنيت لو عرفت طريقة للاحتفاظ بها ومن ثم ترويجها لتكون عنوانًا على رقى بعضنا وتحضره.
 
لقد أفرزت الأزمة أحسن ما فينا ورأينا صورًا عظيمة من النضال ضد الوباء وصورًا عظيمة من التكافل الاجتماعى، كما رأينا عكس ذلك، ومع ذلك تظل المشكلة قائمة، كيف نصل لهؤلاء الذين لا يتفاعلون مع أزمة حقيقية جدًا وقاسية جدًا تقرر مصير البشرية؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق