صراع البيزنس والسياسة يشتعل على جثث مرضى كورونا حول العالم

السبت، 02 مايو 2020 09:00 م
صراع البيزنس والسياسة يشتعل على جثث مرضى كورونا حول العالم
كورونا
أحمد سامى

ترامب يستخدم الفيروس لتصفية حساباته مع الصين ويعاقب «الصحة العالمية» بوقف التمويل الأمريكى
شركات الدواء العالمية تستغل هالة الهلع من الفيروس القاتل بتصدير الوهم حول أدوية غير فعالة
 
 
 
تبادل اتهامات وصراعات.. أصبح هذا حال كبار المسئولين ورجال السياسة في العالم بعد انتشار فيروس كورونا، ودخلت مافيا الدواء وتصنيعه على الخط، فالجميع يتسابق لينال كسب محاولة تصنيع دواء يعالج الفيروس المجهول، حتى أن بعض شركات الدواء العالمية، سعت إلى الكسب الحرام من وراء الترويج كذبا لصناعة الدواء المنشود لتسارع الدول والشعوب لهثا خلف فخ الدواء المزعوم، وبعد ما يزيد على أربعة أشهر أصبحت المحصلة النهائية صفرا وعاد الجميع إلى نقطة البداية.
 
لم تكن الأزمة متعلقة فقط بالتسويق لأدوية «فشنك»، لكن الكارثة أن الدول أقحمت السياسة في علاج البشر، فكل دولة تعلن عن الاكتشاف العظيم باعتبارها قوة عظمى ولابد أن تتوصل دون غيرها لصناعة الدواء وبعدها تفشل التجارب.
 
لم تفضح كورونا لوبي وأباطرة صناعة الدواء في العالم فقط، بل فجرت أيضا الخلافات بين الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب الذي لا يتهاون عن افتعال الأزمات من أجل الحفاظ على القليل من السيطرة الأمريكية العالمية، ويحول مشاكله وأزماته مع دولة الصين إلى سيل من الاتهامات لمسئولي منظمة الصحة العالمية، وأنهم ساعدوا الصين على نشر هذا الوباء بين كافة الدول وأنها تعارض كافة محاولات أمريكا التوصل لعلاج لكورونا من خلال شركات الأدوية الامريكية.
 
وكما أشعل ترامب أزمة في السابق مع الحكومة الصينية فإنه دخل خلال الأسابيع القليلة الماضية، في صراع مع منظمة الصحة العالمية التي اتهمها بحجب معلومات خطيرة عن الوباء، وانتهت إلى تعليق المساعدات الأمريكية للمنظمة، باعتبار أنها «أداة» بيد الصين الشيوعية، كما قال ترامب في تصريحاته، التي أضاف إليها قوله إن المنظمة الدولية «أخفقت في واجبها الأساسي وتجب محاسبتها» على استجابتها لتفشي وباء كوفيد-19 بعد ظهوره في الصين، وهو التصريح الذي اعترض عليه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، معتبرا أن «هذا ليس وقت خفض موارد» منظمة أممية منخرطة في الحرب ضد كورونا، حيث تعد الولايات المتحدة أكبر ممول فردي لمنظمة الصحة العالمية، حيث قدمت 400 مليون دولار، العام الماضى، بما يعادل نحو 15% من ميزانية المنظمة بالكامل.
 
ودعا مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، إلى وقف تسييس فيروس كورونا، ولم يعلق على اتهامات ترامب، لكنه قال: «نحن قريبون من كل الدول، ولا نميز بينها، وإن المطلوب هو الوحدة على المستوى الوطني، وعدم استخدام فيروس كورونا في المواقف السياسية»، داعيا إلى «التضامن الصادق على المستوى العالمي،والقيادة الصادقة من قبل الولايات المتحدة والصين».
وبالعودة إلى إمبراطوريات الأدوية في العالم، سنجد أن شركات صناعة الدواء العالمية بدأت في محاولة استغلال الأزمة وتحقيق المكاسب مبكرا، ففي 19 مارس وقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمام الشاشات معلنا عن  اعتماد بلاده على استخدام دواء «الكلوروكين» المخصص لعلاج الملاريا كدواء لعلاج فيروس كورونا، ما خلق حالة من الانقسام بين مؤيد لتأثير الدواء فعليا على محاربة الوباء القاتل، ومعارض لتلك للفكرة، وضرورة عدم تناوله بدون إشراف طبيب.
 
وفي الوقت الذي أعلن فيه ترامب اعتماد بلاده للدواء، نفت هيئة الدواء والغذاء الأمريكية الـ”FDA” اتخاذ تلك الخطوة، فيما قالت منظمة الصحة العالمية إن آثاره وقدرته على مكافحة كورونا بفاعلية في حاجة إلى المزيد من الاختبارات، فدواء الملاريا «كلوروكين» يستخدم أيضا لعلاج نوع من عدوى الكبد، ومؤخرا أظهر علامات على أنه قد يعالج عدوى فيروس كورونا إلا أنه لا يزال يحتاج إلى المزيد من الاختبارات.
 
واعتمد ترامب في إعلانه عن دواء الملاريا بعد رحلة تجريبه على الحالات المصابة بكورونا في فرنسا، حيث أجريت تجربة سريرية لمعرفة آثار هيدروكسي كلوروكين المكون الرئيسي في دواء علاج الملاريا على عدد من الأفراد المصابين بفيروس كورونا وعالج الأطباء 26 حالة من ضمنهم 6 حالات تم إعطاؤهم مضادات حيوية أيضا فقط وهو أمر ضعيف حتى يتم اعتماد الدواء لعلاج الفيروس المجهول وأظهرت النتائج أن جميع المرضى الستة الذين عولجوا باستخدام هيدروكسي كلوروكين والمضاد الحيوي أزيثروميسين أثبتوا نتائج سلبية للفيروس بعد ستة أيام من بين 20 حالة تم معالجتها باستخدام هيدروكسي كلوروكوين فقط، وعلى الرغم من صغر حجم العينة فإن علاج هيدروكسي كلوروكوين يرتبط بشكل كبير بانخفاض أو اختفاء العدوى الفيروسية لدى مرضى COVID-19 وأن تأثيره يعززه أزيثروميسين.
 
ومنذ الإعلان عن علاج الملاريا للفيروس وبدأ التهافت على شرائه سواء من الشركات أو الدول أوالمواطنين، ففي مصر سعى الكثير إلى سحب العقار من الصيدليات خاصة أنه لا يصرف بموجب روشتة طبية، الأمر الذي دفع مكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة، للإعلان أنه حتى الآن لا يوجد أي دواء يعالج فيروس كورونا المستجد، حيث تسعى منظمة الصحة العالمية سعيا حثيثا بالتعاون مع الباحثين والأطباء حول العالم، إلى استقصاء علاجات ممكنة للفيروس، ويشمل ذلك البحث في ما إذا كانت الأدوية المضادة للفيروسات الحالية لها تأثير على الفيروس إلا أن العمل لا يزال في مرحلة مبكرة، ولم تصدر أي توصيات.
 
وقامت الهند بتصدير 14 مليون قرص من عقار هيدروكسي كلوروكين، إلى 13 دولة، وهي الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا والبحرين والبرازيل ونيبال وبوتان وأفغانستان والمالديف وبنجلاديش وسيشيل وموريشيوس وجمهورية الدومينيكان، ويستخدم الدواء لعلاج الملاريا والأمراض الروماتيزمية مثل التهاب المفاصل، وتشمل الآثار الجانبية المحتملة للدواء فقدان البصر ومشكلات القلب.
 
وبعد إعلان ترامب عن العقار غير المسجل والذي لم يثبت فاعليته، أعلنت شركة “جيليد سيانسيز” الأمريكية عن اختراع عقار باسم «ريمدسيفير» قالت الشركة إنه سيكون علاجا فعالا لفيروس كورونا، وتجري عليه حاليا تجارب على 761 مريضا في مدينة ووهان الصينية موطن الوباء، وأكدت حكومة بكين أنه إذا نجحت نتائج التجارب التي تجري حاليا على دواء ريمدسيفير لعلاج مرضى الفيروس فسيتم بيعه للناس.
 
فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن دواء ريمدسيفير قد يكون العلاج الفعال الوحيد حتى الآن لوباء فيروس كورونا، لكن لم تمنح موافقتها على عقار «ريمدسيفير» حتى الآن وتنتظر نتائج التجارب بعد شهرين، وتتوقع جيليد التي تتخذ من مدينة فوستر بولاية كاليفورنيا مقرا لها أن تحقق مكاسب هائلة عند نجاح الدواء في العلاج،وكان هذا الدواء جرى تطويره أصلا لعلاج الفيروسات السابقة مثل سارس وتم إجراء تجارب على مرضى إيبولا بأفريقيا.
 
كما تعاقدت الحكومة الأمريكية مع شركة «جونسون آند جونسون» العملاقة لتطوير لقاح للفيروس المجهول وذلك بمبلغ قيمته 456 مليون دولار، وتعمل الشركة حاليا على زيادة طاقتها الإنتاجية لمرافقها العالمية الـ125، بهدف محدد هو إنتاج «مليار جرعة» من لقاح لفيروس كورونا، وأعلنت شركة الأدوية العملاقة أن واحدا من لقاحاتها المرشحة للنجاح بمواجهة كورونا قد برز بشكل إيجابي، وسوف تمضي قدمًا في إجراء المزيد من الدراسات عليه، علما بأن تلك الدراسات قد بدأت بالفعل منذ يناير الماضي، وسبق أن عملت «جونسون آند جونسون» على لقاحات لفيروسات إيبولا، وزيكا، وفيروس نقص المناعة المكتسب «إيدز»، مما يعني أنها تمتلك خبرة كبيرة في ذلك المجال.
 
ودخلت اليابان هي الأخرى على خط التجارب الدوائية لتسارع باقي الدول في الإعلان عن علاج الوباء، حيث أعلنت  شركة فوجيفيلم اليابانية عن اختراع دواء أفيجان لعلاج الأنفلونزا الناجمة عن فيروسات مستجدة تشبه كورونا وتمت الموافقة عليه، وأنتجت فوجيفيلم كميات من أفيجان تكفي لعلاج مليوني مريض أنفلونزا باليابان، ولكن ما زالت التجارب جارية عليه في الصين، حيث تشهد الصين حاليا تجارب علاجية بحوالي 100 عقار جديد وأدوية بالأعشاب على مرضى بكورونا وأنفلونزا وفيروس نقص المناعة المكتسبة.
 
أما السلطات الصينية، مازالت تعلن عن إكمال البحث السريري لدواء «فافيبيرافير»، وهو عقار مضاد للفيروسات أظهر فاعلية سريرية جيدة ضد فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد - 19)، وهذا ما أكده تشانج شين مين، مدير المركز الوطني الصيني لتطوير التكنولوجيا الحيوية التابع لوزارة العلوم والتكنولوجيا، إن «عقار فافيبيرافير، الذي يعد دواء أنفلونزا تم اعتماده للاستخدام السريري في اليابان في عام 2014، لم يظهر أي ردود فعل سلبية واضحة في التجربة السريرية«
 
وذكر أنه تمت التوصية بـ«فافيبيرافير» لفرق العلاج الطبي ويجب إدراجه في خطة التشخيص والعلاج لـ(كوفيد - 19) في أقرب وقت ممكن، مضيفا أن «إدارة المنتجات الطبية الصينية وافقت علي بدء شركة أدوية صينية إنتاج الدواء بكميات كبيرة وضمان استقرار العرض».
 
ودخلت روسيا على خط الصراع حيث أعلنت الوكالة الفيدرالية الروسية للطب والبيولوجيا، عن تمكنها من تطوير دواء لعلاج المرض الذي يسببه فيروس كورونا «كوفيد-19»، على أساس عقار «مفلوكوين» المضاد للملاريا، حيث طورت الوكالة الطبية البيولوجية الروسية، سبعة نماذج أولية للقاحات ضد فيروس كورونا، مُهَندسة جينيًا تم جمعها من بروتينات مُدمجة كل منها يحتوي على محددات مُستضدية أي أجزاء تتفاعل مع الفيروس.
 
أما شركة الأدوية الفرنسية سانوفي فقد أعلنت تعاونها مع حكومة الولايات المتحدة لاستخدام ما يسمى «منصة الحمض النووي المؤتلف» لإنتاج لقاح محتمل، وتتيح هذه الطريقة أخذ الحمض النووي للفيروس ودمجه مع الحمض النووي لفيروس غير ضار، ما يحدث وهما قد يثير استجابة مناعية، ويمكن بعد ذلك زيادة المستضدات التي ينتجها،وهذه التكنولوجيا هي أساس للقاح الأنفلونزا الذي طورته سانوفي ويعتقد أن موقعها جيد في هذا السباق بسبب لقاح سارس الذي ابتكرته ووفر حماية جزئية لدى الحيوانات، وتتوقع أن يكون هناك لقاح محتمل جاهز للاختبار المختبري في غضون ستة أشهر وللاختبارات السريرية في غضون عام ونصف العام.
 
وتعمل إينوفيو، وهي شركة أدوية أمريكية أخرى، منذ تأسيسها في الثمانينيات على لقاحات الحمض النووي التي تعمل بطريقة مماثلة للقاحات الحمض النووي الريبي (آر ان إيه) لكنها تعمل في حلقة سابقة من السلسلة، وقال رئيس الشركة ومديرها التنفيذي،جيه جوزيف كيم، في بيان «نخطط لبدء التجارب السريرية البشرية في الولايات المتحدة في أبريل وبعد ذلك بوقت قصير في الصين وكوريا الجنوبية، حيث يؤثر تفشي الفيروس على نسبة كبيرة من الأشخاص»،مضيفا «نحن نخطط لتقديم مليون جرعة بنهاية العام بالموارد والقدرات الحالية التي نملكها».
 
أما شركة الأدوية البريطانية جلاكسو سميث كلاين فتعاونت مع شركة صينية للتكنولوجيا الحيوية لتقديم تقنية علاج مساعدة، ويتم إضافة علاج مساعد إلى بعض اللقاحات لتعزيز الاستجابة المناعية وبالتالي توفير مناعة أقوى ولمدة أطول ضد الالتهابات مما يقدمه اللقاح وحده.
 
وتعمل «كيور فاك» مع جامعة كوينزلاند على لقاح للحمض النووي الريبي، وقد التقى الرئيس التنفيذي للشركة دانيال مينيتشيلا مع مسئولين في البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر، وأعلن أن الشركة تتوقع أن تنتج نموذج لقاح في غضون بضعة أشهر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق