علماء فى خدمة أباطرة «التدخين».. هل «التبغ» قادر على مواجهة كورونا؟

الأحد، 03 مايو 2020 09:00 ص
علماء فى خدمة أباطرة «التدخين».. هل «التبغ» قادر على مواجهة كورونا؟
التدخين
مصطفى الجمل

الدراسات تفتقد للمنهج العلمى وتنتقى حالات بعينها لتأكيد فرضيتها.. ومنظمة الصحة العالمية تحذر من خطورة التدخين على مصابى كورونا
 
 
قيل فى الأثر إن الجائحة كاشفة، ودروس التاريخ تؤكد أن لكل أزمة ومصيبة أطراف أربعة، مستفيد ومتضرر وبينهما فريقان، الأول يحاول الإفلات والخروج بأقل الضرر، والثانى يحاول تحقيق الاستفادة والمكسب بشتى الطرق.
 
فى جائحة كورونا، حقق المصنعون للمستلزمات الطبية وأدوات التعقيم والتطهير مكاسب لا محصورة ولا معدودة، وخسرت قطاعات كثيرة، لاسيما تلك التى تعتمد على التصدير والاستيراد، وأغلق الباب فى وجهها بسبب العزلة الدولية التى فرضها فيروس كورونا المستجد كوفيد 19. 
 
قطاع التبغ والسجائر وما حوله من قطاعات خدمية، تأثر كثيرا خلال الفترة الماضية، ليس بسبب توقف حركة الاستيراد فقط، لكن أيضا بسبب مطالبة الأطباء، البشرية كلها بالإقلاع عن التدخين، حفاظا على الجهاز التنفسى، الذى يحتاجه الإنسان على أفضل حال خلال تلك الفترة، نظرا لأن الفيروس المستجد يعمل على تدمير هذا الجهاز بشتى الطرق. 
 
هذه الشركات ممنوعة حاليا من عقد صفقات مع الحكومات بموجب قواعد منظمة الصحة العالمية، إلا أن الشركة أكدت أنها تخطط للاتصال بمنظمة الصحة العالمية، بشأن إمكانية مشاركتها فى إيجاد لقاح ضد الفيروس القاتل، وتمنت بعض من هذه الشركات أن تدخل فى شراكة مع الجهات الحكومية لتقديم اللقاح إلى الدراسات السريرية.
 
خسائر شركات السجائر والتبغ والمعسل، لم تحصر حتى الآن فى دراسة دقيقة، لكن يمكننا أن نستنتج أنها لن تقل بأى شكل من الأشكال عن الـ 25%، لاسيما أن قطاعا مهما تعتمد عليه هذه الشركات أغلق من بابه، ألا وهو قطاع المعسل. 
 
إبراهيم الإمبابى، رئيس شعبة السجائر والمعسل بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، قال إن نسبة خسائر شركات المعسل تقترب من 100% فى الوقت الراهن، لافتا إلى أن نسبة التراجع فى استهلاك المعسل تقترب من الـ99%، وذلك بسبب تطبيق قرار إغلاق المقاهى وعدم تدخين الشيشة كإجراء احترازى اتخذته الحكومة ضمن حزمة الإجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا، موضحا أن هناك 72 مصنعا لإنتاج المعسل والسجائر فى مصر بينها الشركة الشرقية للدخان، والتى تعد الشركة الوحيدة المسئولة عن تصنيع السجائر فى مصر، لافتا إلى عدد المصانع التى تعمل حاليا تبلغ 42 مصنعا.
 
حرب ضروس خاضتها شركات السجائر، بينها وبين بعض من ناحية، وبينها وبين الأطباء والعلماء والحكام الحريصين على صحة مواطنيهم من ناحية أخرى، ففى البداية شنت شركات السجائر، التى لا تمتلك خطوطا لإنتاج السجائر الإلكترونية حربا على الشركات المنتجة لهذه السيجارة البديلة، وعلى الرغم من أن هذه الحرب ليست بجديدة، ولكن الظرف الراهن أشعل فتيلها، ولا سيما بعدما تلاحظ اتجاه كثيرين لهذه السجائر البديلة خوفا من انتقال المرض إليهم عن طريق السجائر العادية.
 
وبدأت مواقع ووكالات إخبارية عالمية وعربية، تنشر التقارير الإخبارية عن خطورة السجائر الإلكترونية، ولم يفت هذه المواقع أن تدعم فرضياتها بآراء خبراء وعلماء وأطباء، معروف مسبقا حصولهم على ثمن هذه الآراء التى تعطى أفضلية لنوع من التدخين على الآخر، فى ظل أن الجميع والمنطق والعقل، يقول إن كليهما مؤديان لنفس النهاية.. الموت.
 
وعبر علماء من خلال جريدة ديلى ميرور البريطانية،  عن خوفهم وقلقهم من انفجار قنبلة السجائر الإلكترونية فى وجه متداوليها، مشيرين إلى أنهم بحثوا ونقبوا ووجدوا أن هذا النوع من التدخين يزيد من خطورة الإصابة بفيروس كورونا الذى يُشكل رعبا للعالم بأكمله حاليا.
 
أمر عجيب أن يصل العلماء إلى هذه النتيجة بهذه السرعة، ولا سيما أنهم لم يتعرضوا لخطورة تدخين السجائر العادية على الإنسان ومضاعفة فرص إصابته بفيروس كورونا.
 
ودعا العلماء إلى الإقلاع فورا عن تدخين السجائر الإلكترونية لأنها تزيد من خطر الإصابة بفيروس «كورونا»، كما تقلل من مناعة الإنسان وقدرته على مقاومة الفيروس فى حال الإصابة الفعلية به، وبحسب التقرير فإن العلماء يرون أن التدخين الإلكترونى أظهر سابقا أنه يؤدى إلى تقليل المناعة فى الجهاز التنفسى لدى الإنسان، كما أنه يزيد من آثار الالتهابات التى تصيب الرئتين.
 
ونقلت «ميرور» عن الدكتورة ميلودى بيرزادا، وهى الطبيبة المتخصصة بأمراض الرئة فى مستشفى وينثروب بنيويورك بالولايات المتحدة قولها إن كل هذه الأشياء- فى إشارة إلى التدخين الإلكترونى- تدفعنى إلى الاعتقاد بأننا سنستقبل مزيدا من الحالات الحرجة، خاصة فى أوساط الأشخاص الذين يدخنون منذ مدة طويلة، السجائر الإلكترونية.
 
محاولات شركات السجائر للإفلات من شبح الخسائر، وتحويل الأمر لمكاسب حتى ولو بلى ذراع الحقيقة، بدأ مبكرا بشكل فج، وراحت إحدى شركات السجائر تدعى تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا مصنوعا من نباتات التبغ، وقالت الشركة إنها تستطيع تصنيع ما يصل إلى 3 ملايين جرعة أسبوعيًا بدءًا من يونيو إذا حصلت على دعم من حكومة المملكة المتحدة، ويتم حاليًا اختبار اللقاح غير المثبت على الحيوانات، ولكن الشركة تدعو لتسريع اللقاح من خلال التجارب البشرية الصارمة.
 
وقالت الشركة «إنها خصصت مواردها الهائلة والتى تبلغ 65.5 مليار جنيه إسترلينى، لمكافحة هذا الوباء، وأضافت الشركة التى يقع مقرها الرئيسى فى لندن، أنها ستبيع الاختبارات للحكومة بسعر التكلفة، دون تحقيق أى أرباح، وقالت فى بيان لها، «إذا سارت الاختبارات بشكل جيد نأمل الحصول على  الشركاء المناسبين والدعم من الوكالات الحكومية، فيمكن تصنيع ما بين مليون و3 ملايين جرعة من اللقاح أسبوعيًا بدءًا من يونيو المقبل».
 
واحدة من هذه الشركات التقطت طرف الخيط، ولم تنتظر موافقة منظمة الصحة العالمية على المشاركة، فقامت شركة التبغ العملاقة «رينولدز أميركان» بتجارب حاليا على نبات التبغ لإنتاج لقاح منها للفيروس المتفشى، وتعتمد التجارب على زرع فيروس كورونا معدل وراثيا فى عينات من التبغ لدراسة مدى استجابتها من ناحية إنتاج أجسام مضادة، تساعد فى الحصول على لقاح للوباء الذى أودى بحياة المئات وأصاب الآلاف، وقال هيو هايدون، الرئيس التنفيذى لـ «بيوس بروسيسينغ»، التابعة لـ «رينولدز أميركان»، والتى تتولى إجراء التجارب: «قد يسخر الناس من هذا الأمر لكن الحقيقة أننا قد نكون قادرين على المساعدة».
 
وتمثلت الطامة الكبرى، فى الدراسة الفرنسية المنشورة مؤخرة، والتى تقر بأن المدخنين أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا، أنها معتمدة على دراسة صينية سابقة.
 
الدراسة الصادرة عن الأكاديمية الفرنسية للعلوم، تقول إنه يمكن للنيكوتين أن يحمى المدخنين من فيروس كورونا الجديد، مؤكدة أنه عند فحص 482 مريضا بـ «كوفيد 19»، تم دخولهم إلى مستشفى Pitié-Salpêtrière  فى باريس، وجد الباحثون أن 5% فقط هم مدخنون يوميا- وهو أقل بكثير من 25.4% لدى السكان الفرنسيين الذين يدخنون يوميا.
 
الدراسة التى لم يبين المركز حتى الآن منهجها فى البحث والاستنباط، صنفها كثيرون على أنها أخرجت لخدمة أباطرة صناعة السجائر، نظرا لصغر حجم الدراسة، فضلا عن أنها تشمل المرضى فى العناية المركزة، ووفقا لمعدى الورقة البحثية، فإن النيكوتين يقوم بدور البطل فى مسلسل الوباء الفيروسى الذى يستهدف الرئتين، ولم يقدم الباحثون أى نتائج للدراسة مدعومة ببيانات أكثر شمولا جمعت من مستشفيات باريس العام، فى وقت سابق من هذا الشهر فى فرنسا.
 
تدعم الدراسات الفرنسية نتائج ورقتين صينيتين نشرتا فى فبراير، وكلاهما وجدا أن نسبة المدخنين بين مرضى «كوفيد 19»، كانت أقل بكثير من عموم السكان، كما وجدت دراسة صينية لاحقة نشرت فى مجلة New England الطبية، أن 12.6% فقط من مرضى «كوفيد 19» البالغ عددهم 1000، كانوا مدخنين، على الرغم من أن المدخنين، يشكلون 28% من السكان الصينيين.
وفى البداية كان يعتقد أن التدخين يزيد من خطر الإصابة بفيروس كورونا، بسبب تقارب الفيروس مع إنزيم يسمى ACE-2، والذى يوجد بأعداد أكبر لدى المدخنين.
 
وعلى الجانب الآخر، وجدت دراسات أخرى أنه على الرغم من أن النيكوتين قد يلعب دورا فى الحماية، إلا أن المدخنين الذين يصابون بـ «كوفيد 19» يعانون من أعراض أكثر خطورة من غير المدخنين- والأمراض المصاحبة، مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض الانسداد الرئوى المزمن، وكلاهما ناتج عن التدخين.
 
منظمة الصحة العالمية، كانت يقظة لمثل هذه الألاعيب، وأكدت أكثر من مرة كذب ادعاءات هذه الدراسات التى غاب عنها المنهج البحثى الموضوعى، وقال ممثل منظمة الصحة العالمية فى مصر جون جبور، إن التدخين يمثل خطرا كبيرا بالنسبة للشخص المدخن فى فترة وجود الوباء، مشيرا إلى «الشيشة» على وجه التحديد، تمثل بيئة خصبة لنقل فيروس كورونا المستجد إلى مدخنها، كما أن السجائر تقلل من قدرة الجهاز التنفسى للتصدى لأعراض فيروس كورونا حال الإصابة به.
 
وأضاف ممثل منظمة الصحة العالمية، أن هناك الكثير من العلاجات التى يجرى عليها تجارب من أجل الوصول للقاح لفيروس كورونا المستجد، ومن بينها العلاج بالبلازما، مشيرا إلى أنه لابد من اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمنع الإصابة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق