علوم مسرح الجريمة: هل لـ «الشعر» بصمة تقود لمرتكب الحادث؟

الإثنين، 04 مايو 2020 03:00 م
علوم مسرح الجريمة: هل لـ «الشعر» بصمة تقود لمرتكب الحادث؟
مسرح الجريمة

من الأدلة القوسة التي لا تتعرض للتلف مع الوقت هي بصمة الشعر، لذا فهي تعد خير شاهد على المتهمين بارتكاب الجرائم، إذ يمكن من خلال تلك البصمة التعرف على هوية الضحية أو المجرم، وقد أخذ دليل بصمة الشعر أمام المحاكم عام 1950، وذلك للوصول إلى هوية الجناة من خلال التعرف على وجود وخصائص ومميزات وألوان و تركيب ومكونات الشعر الآدمي.

وتشير الدراسات، أن جلد الإنسان يحوي جيوب صغيرة تشكل كل منها منبت لكل شعرة من شعيراته، وهو ما يعرف بـ «بصيلات الشعر»، وبداخل هذه البصيلات يوجد نوعان من الخلايا المسئولة عن لون الشعر، والشعر كغيره من الألياف الصناعية والطبيعية كالنايلون أو القطن يمكن أن يعطي نتائج مبهمة في الطب الشرعي، وذلك لأن كل الألياف تتكون من سلاسل جزيئات معقدة وطويلة جدا، لكن يمكن التعرف علي أجزاء منها تحت الميكروسكوب الضوئي العادي أو الإلكتروني أو الذي يعمل بالأشعة دون الحمراء، كما يمكن مضاهاة ألوان هذه الألياف بالكومبيوتر. 
 
ويلقي التقرير التالي، الضوء على بصمة الشعر من خلال سلسلة علوم مسرح الجريمة ودور الشعر فى الوصول إلى مرتكب الجريمة حيث أن الجرائم المصحوبة بعنف، غالبا يتخلف عنها آثار مادية بمسرح الجريمة، من بينها الشعر، حيث يتساقط نتيجة المقاومة ثم يعلق بجسد الجاني أو المجني عليه أو بملابسهما أو بالفراش أو حتى بأدوات ارتكاب الجريمة، ويعتبر الشعر من الأدلة القوية في مجال البحث الجنائي، لاسيما أنه لا يتعرض للتلف رغم مرور الوقت، كما أن تحليله بعد وفاة الشخص قد يصل إلى مرحلة بداية تحليل العظام، بحسب محمد لطفي خليفة، الأمين العام لجمعية الأدلة الجنائية والطب الشرعي.
 
فى البداية - يتكون جسم الشعرة من «بصيلة» - وهي جذر الشعرة، والساق الذي يتكون من ثلاث طبقات «البشرة الخارجية، القشرة والتي هي طبقة سميكة تتكون من ألياف طولية وخلايا غنية بجينات الأصباغ المميزة للون الشعر، وأخيرا النخاع أو اللب الذي يختلف من شخص إلى آخر»، حيث يكون أحيانا ضيقا ومتقطعا، وأحيانا أخـرى منعدما تماما، غيـر أنـه يكون مستمرا على مستوى شعـر العانة والشارب، وتختلف هذه المناطق من حيث شكلها وسمكها ولونها من شخص إلى آخر، حيث أثبتت الدراسات العلميـة في هذا المجال أن لكـل شعرة 14 عنصرا نادرا، واثنيـن من بيـن بليـون شخص يتقاسمان تسعـة عناصر منها - وفقا لـ «خليفة».  
 
بعد وصول عينات الشعر إلى المعامل الجنائية العلمية فرع التحاليل البيولوجية، تبدأ عملية الفحص أولا من المظهـر الخارجي للشعرة، وهذا بالعين المجردة وقبل تنظيفه، إذ يسمح هذا الفحص بتسجيل مواصفات الشعر الظاهرية كاللون والطول والسمك، وتصنيفه ضمن صنف من أنواع الشعر المختلفة «ناعم، متموج، صوفي، متهدل، مجعد»، ويتم التفريق بين الشعر والألياف النسيجية الأخرى، بالرائحة المميزة لاحتراق الشعر والتواء الطرف المتحرق للشعرة، وقبل وصول مرحلة الفحص المجهري للشعرة، تمر بمعالجة وتحاليل هامة، وهذا من آجل إزالة العوالق المرتبطة بالشعر.
 
بعد هذه المرحلة تأتي مرحلة الفحص المجهري للشعرة بواسطة الميكروسكوب، حيث يتمكن الخبير الفني من خلال هذا الفحص من - استنطاق الشعرة - لمعرفة سلالة مصدر الشعرة، هل إنسان أم حيوان، من خلال الفروق الواضحة بين الطبقات الثلاثة لكلا الفصيلتين، كما يمكنه معرفة جنس وعمر صاحبها، وكذا تحديد العضو الذي تساقطت منه الشعرة، ويتم التفريق بين أنواع الشعر بمعرفة صفات كل نوع، فشعر الرأس يظهر بمقطع بيضوي أو مستدير يتراوح من 2 إلى 20 سنتيمتر، وهي أطول من ذلك لدى المرأة، ويكون مثلث المقطع بالنسبة لشعر الذقن والشارب والذي يبلغ سمكه أكثر من 100 ميكرون، أما شعر الحاجبين فهو قصير وقوسي الشكل وله نهاية مدببة. 
 
كما يتم التفرقة بين شعر الذكر وشعر الأنثى من خلال الأصباغ، طول الشعرة وفحص الكروموزومات الجنسية الموجودة في خلايا الشعر، ويمكن تحديد الجهة التي تساقط منها الشعر هل الشارب، شعر الرأس، العانة، الإبط ...إلخ، كما يمكن معرفة عمر الشعر، ويمكن التمييز كذلك بين شعر الطفل وشعر البالغ، إذ أن شعر الأول جذوره تذوب مباشرة في محلول البوتاس الكاوي في حين أن شعر البالغ يقاوم فترة من الزمن.
 
وفي شعر البالغ، فإن لفحص الشعرة أهمية بالغة يتم من خلاله الكشف عن بعض مواصفات صاحبها من حيث سنه وجنسه وإثبات الصلة بين شخصين، وهذا في حالة العثور على الشعرة عالقة بالضحية يكون أمسك بها في يده أو عثر عليها تحت أظافره، لتوضح مقاومة الضحية للجاني، كذلك في الجرائم الجنسية فقد يعثر على شعـر الجاني عند الأعضاء التناسلية أو بالملابس الداخلية للطرفين. 
 
كما يكشف تعرض الضحية للتسمم بالزرنيخ بعد فحص شعره، لأن هذه المادة تترسب بالأنسجة القرنية بالشعر والأظافر، ويفيد في كشف المخدرات القاعدية ولو مرت على الوفاة فترة طويلة، وهذا باستخدام الصودا الكاوية فهي الأنسب لأنها تعمل على تحرير المادة المخدرة، كما يمكن استخدام جهاز كروماتوغرافيا السائل ذي الكفاءة العالية في تحديد نسبة النيكوتين في الشعـر، غير أن كثيرا مـن الخبراء في هـذا المجال يفضل استعمـال جهاز كروماتـوغرافيـا الغاز مطياف الكتلة، وذلك لحساسية المواد المخدرة لهذا الجهاز وفعاليته.  
 
هل الشعرة دليل قاطع؟
 
رغم أن الشعرة يمكنها أن تقدم دليلا حيويا ينير التحقيق، إلا أنها لا تملك الدلالة القاطعة في الإثبات كالتي تملكها بصمات الأصابع، بل تبقى مجرد قرينة بسيطة لا تقبل بمفردها كدليل إدانة، إلا إذا تساندت مع باقي الأدلة لتكون الإقناع لدى القاضي الجزائي، ومن أجل ذلك يتدخل العلم الحديث مرة أخرى عن تحليل النشاط النيتروني، فيعالج الشعرة بالمواد المشعة في مفاعل نووي، ثم يتم حساب نسبة التلف الناتجة إلكترونيا مما يزيد من احتمال تحديد هوية الشعر، ومع اكتشاف تقنية البصمة الوراثية، أصبح وجود شعرة بمسرح الجريمة يقود إلى الكشف عن هوية صاحبها مباشرة عن طريق هذه التقنية، وتحليل الشّعر يقدّم التّقدير الصحيح لتركيز المعادن في الجسم، حيث يكشف التّحليل المواد الضروريّة التي يحتاجها الجسم، وإذا ما كانت توجد أي سموم.
 
ويؤدى التسمم بكميات كبيرة إلى السماح بالاكتشاف المبكر للمواد السامة مثل «الزئبق، والرّصاص، والألمنيوم»، فبذلك يكون تحليل الشعر وسيلةً لاكتشاف ومعالجة التسمم قبل ظهور الأعراض الواضحة له، فمثلاً يكتشف هذا التحليل مستويات الكالسيوم الموجودة في الجسم وما إذا كان هناك نقص ما لتفاديه قبل أن تتفاقم المشكلة، كان الأطباء قبل اكتشاف تقنية تحليل الشعر يعتمدون على عيّنات البول وبلازما الدم لمعرفة العناصر الضئيلة في الجسم، ولسوء الحظ إنّ هذه الاختبارات كانت غير دقيقة؛ لأنها ببساطة لا تعكس تركيز المعادن في الخلايا والأعضاء، ولكن بدلاً من ذلك تُظهر المعادن المنتشرة في الدم. 
 
وهناك نوعان من الشعر: شعرة قصيرة ولينة، وهو موجود في جذع الرأس فى الإنسان.. وشعر المحطة الطرفية قوية وطويلة، وهو موجود في النخاع، وشعر اللحية، وأسفل الإبط، والعانة. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق