الحب والقهوة.. حتى لا يضيع الوش

الأربعاء، 06 مايو 2020 09:07 م
الحب والقهوة.. حتى لا يضيع الوش
محمود الغول

في حياتك بشكل عام، تحتاج أحيانا إلى أن تكون حاسما وسريعا في اتخاذ القرارات، بينما في أحيان أخرى يجدر بك أن تتمهل وتدرس وتتأمل، كي لا تنزلق قدمك إلى الهاوية..
والنموذجان يمكن اختصارهما في طريقة إعداد أشهر مشروبين في العالم.. الشاي والقهوة.
لكن قبل أن نشرع في الشرح والتوضيح تعال نسأل أنفسنا: الحب. يشبه الشاي أم القهوة؟!
فلننح هذا السؤال جانبا الآن، ولنبدأ في شرح الفرق بين طريقة إعداد كل من الشاي والقهوة.
رغم أن هناك العديد من طرق إعداد الشاي، إلا أننا سنركز على الطريقة الأشهر والأكثر استخداما، لأننا سنهدر وقتا طويلا إذا ما أردنا حصر طرق أعداده..
 فمثلا يعني أتذكر حين كنت طفلا يركض حافيا خلف الكرة في شوارع القرية، كنت أعود إلى البيت فأجد أمي – رحمة الله عليها – تضع الكنكة الكبيرة المملؤة بالماء على النار وتلقمها بحفنة شاي تملأ راحة يدها، ثم تضف مقدارا يماثل حفنين من السكر، وحين يغلي الخليط تبدأ في صب الأكواب لأبي ولضيوفه الرجال، ذلك الشاي «الحبر» الثقيل.. ثم تعود وتعيد غلي التفل المتبقي مع إضافة قدر من الماء، لتصنع الشاي الذي يقدم للسيدات ويكون متوسط التركيز.. وبعدها تعيد الكرة للمرة الثالثة، لتصنع شايا خفيفا بالتفل نفسه وهذا الذي يقدم منه للأطفال.. ثلاثة أدوار من الشاي بثلاثة تركيزات مختلفة تناسب طبيعة الشارب.
أما اليوم فالأمر بات بسيطا.. ماء يغلي وحده، ثم يصب على الشاي والسكر الموضوعين في الكوب.. وهذا ما ننعرفه جميعا باسم الشاي الكشري.
ولاحظ أنك إذا غفلت عن الماء الذي يغلي فإنك لن تكون قد خسرت شيئا حتى وإن تبحر كله، فكل ما عليك أن تغلي ماء جديدا..
أما القهوة فالمتعارف عليه أنها تعد على مهل، بوضع مقدار معين من البن مع مقدار من السكر (حسب تفضيل الشارب) وتوضع الكنكة الصغيرة على النار بعد إضافة الماء وتقليب الخليط، إلى أن تنضج القهوة، التي يجب ألا تفور، ثم تصب في الفنجان الصغير..
صحيح أن البعض يصنع كمية كبيرة من القهوة في كنكة كبيرة، غير أن الشائع هو صنع فنجان واحد في كنكة صغيرة، تظل تحت ملاحظة من يعد القهوة تجنبا لفورانها وغليانها حتى لا يضيع الوش.
والفارق هنا بين طريقة إعداد القهوة والشاي، هي أن صنع الشاي لا يحتاج إلى نفس العناية والاهتمام والمهارة التي يحتاج إلى أن يتسلح بها صانع القهوة.. فلحظة من السرحان – عدم الاهتمام – قد تكلفك خسارة القهوة..
هكذا هو الحب.. يشبه في مراحله طريقة إعداد فنجان صغير من القهوة.. مقادير معينة يجب تحري الدقة في تحديدها فالزيادة أو النقصان فيها يفسد المزاج.. ثم تقليب ومتابعة (اهتمام) حتى لا تغلي فيضيع الوش وهو كلمة السر في صنع القهوة، كما لا يجب التعجل في رفع الكنكة على النار قبل أن «تستوي» القهوة، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة أن تقدم في فنجان أنيق على طبق مناسب مع كوب ماء مثلج وفي الخلفية صينية مزخرفة تسر الناظرين.
كلمة السر في الحب كما القهوة.. هي الاهتمام ثم التأني.. إذ يجب أن يسير طرفي العلاقة بالإيقاع نفسه حتى لا يسبق أحدهما الآخر، فيكون هذا في مكان بينما شريكه في مكان آخر من الطريق.. فحتى إذا تعلقت القلوب فإن نجاح أي علاقة يتوقف على فهم كل طرف من العلاقة لشريكه.. ولا فهم إلا بالمواقف التي تظهرنا على حقيقتنا.. إذ أننا جميعا نجيد الكلام، لكن قلة منا فقط من يصدق أفعالها كلامها.
الحب يا صديقتي رحلة يقطعها طرفا العلاقة معا، وليس لأحد منهما أن يسبق الآخر، فذلك يفسد الأمر ويجعله مثل القهوة «الصايصة».
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق