إبراهيم نصر.. رحل من أضحك السادات على نفسه

الثلاثاء، 12 مايو 2020 03:35 م
إبراهيم نصر.. رحل من أضحك السادات على نفسه
مصطفى الجمل

 

 

شائعات الموت السخيفة لا تطال إلا العظماء، والفنان إبراهيم نصر رحمه الله، كان واحداً ممن طالتهم هذه الشائعة السخيفة، إلا أنه أحبها كما أحببتها أنا أيضاً.

الشائعة بقدر سخافتها إلا أنها كانت سبباً في لقائي الأول والأخير بواحد ممن عشقت طلتهم على الشاشة، أما هو فأحبها لأنها كشفت له مقدار حب الناس له بعدما ظن أنه بات نسياً منسياً.

في شقته العتيقة بوسط البلد، استقبلني عمنا إبراهيم نصر أنا وزميلي العزيز صاحب فكرة الحوار عنتر عبد اللطيف، ساعة ونصف من الضحك المتواصل، سخر من نفسه ومنا ومن المصور ومن الرجل الذي أحضر له هذا الكم من المكسرات المكتظة أمامه ولكنه نسي الكاجو.

شعرت لوهلة أننا فقدنا السيطرة على الحوار الصحفي، ولم نخرج بما أتينا من أجله، إلا أن التسجيل كشف لي فيما بعد أن الرجل حكى ما لم يحكه من قبل لأي قناة أو ضحيفة مصرية أو عربية.

حكى لنا جعيدي، كواليس أول نكتة حكاها للسادات، والتي كانت كفيلة بأن يبقيه طيلة عمره بين جدران السجن، إلا أن الرئيس الراحل أحبه وأحب نكاته، وطلب منه أن يأتي له كل أسبوع، ويحكي له كل النكت التي يقولها المصريون على رئيسهم، وكيف كان لقاءه الأول مع مبارك، الذي منع مسرحية كانت تسخر من وزراءه، على الرغم من إعجاب الرئيس الأسبق الشديد بها.

حكى لنا نصر، كيف أن شائعة موته على رغم من ثقل ظلها، إلا أنها جعلت الاتصالات تنهال عليه من كل حدب وصوب للاطمئنان عليه، والتأكد من بقائه حياً، وأن ذلك كله انقطع من سنوات طويلة.

لم يكن نصر معجباً أبداً بما  يراه من مقالب حديثة على الشاشات ولا مواقع التواصل الاجتماعي، ولا بما يسمعه من نكات «أبيحة»، ليس اعتراضاً على «الأباحة»، بقدر ما هو اعتراض على سطحية النكتة.

قال لنا إن جيله هو من اخترع وروج للنكات الجنسية والزوجية، ولكنها كانت مقتصرة على جلسات الرفاق، وكانت تضحك حقاً، لم يكن الجنس هو الغاية في حد ذاته، ولكن كان الضحك هو الهدف في المقام الأول، ليس كما هو الحال الآن.

أبدى إبراهيم نصر اعتزازه الشديد بشخصية جعيدي وشخصيات الكاميرا الخفية، وأنه مستعد الآن بعدما عرف قدره وقيمته عند الجمهور للرحيل سالماً آمنا، بشرط ألا يدخل مستشفى أو يشيع في عربية إسعاف، طلب الفنان القدير أن يبعث من منزله الذي عاش فيه أحلى أيامه، وكان الله مجيباً لدعاه، فانتقل اليوم من منزله ليلحق بالعظماء رفاق زناتي، ويبلغهم جميعاً السلام.. سلام يا جعيدي.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق