في ذكرى ميلاد أمير الصحافة العربية.. ننشر نص رسالة اعتذار هيكل لمحمد التابعي

الإثنين، 18 مايو 2020 02:10 ص
في ذكرى ميلاد أمير الصحافة العربية.. ننشر نص رسالة اعتذار هيكل لمحمد التابعي
محمد أبو ليلة

 

لقبوه بأمير الصحافة، تخرجت على يده أجيال صحفية كبيرة مطلع القرن الماضي، إنه الأستاذ محمد التابعي مُعلم الأساتذة في المدارس الصحفية بمصر في القرن العشرين، ففي مثل هذا اليوم الـ 18 من مايو عام 1896 وُلد الأستاذ محمد التابعي بمنطقة خليج الجميل ببورسعيد.

images (1)

شهرته

أسس التابعي مجلة آخر ساعة الشهيرة عام 1934، وشارك في تأسيس جريدة المصري مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت، ويعتبر التابعي هو الصحفى المصري الوحيد الذي رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة إلى أوروبا عام 1937، بحاجة لمصدر وكان شاهداً ومشاركاً للعديد من الأحداث التاريخية وقتها، وللتابعي أسلوبٌ ساخر، حيث أطلق أسماء هزلية على بعض الشخصيات السياسية المعروفة، وكان يكفي أن يشير التابعي في مقال إلى الاسم الهزلي ليتعرف القراء على الشخصية المقصودة.

وقد تتلمذ على يديه عمالقة الصحافة والسياسة والأدب مثل الكاتب الصحفي  الراحل محسنين هيكل، ومصطفى وعلي أمين،و كامل الشناوي، وإحسان عبد القدوس، وأحمد رجب.

unnamed
 

حكاية رسالة الاعتذار
في عام 2008 وبعد أن رخل التابعي بأكثر من أربعين عاماً، قررت دار الشروق أن تُعيد نشر وطباعة كتاب محمد التابعي عن أسرار الساسة والسياسة الذي تطرق فيه التابعي لحياة وأسرار رئيس الديوان الملكي وقت حكم فاروق في أربعينيات القرن الماضي أحمد حسنين باشا، ولم تجد دار الشروق أفضل من الأستاذ محمد حسنين هيكل ليكتب مقدمة الكتاب فهو تلميذه الذي تتدرب على يديه في أوائل ظهوره بعالم الصحافة.

لكن الأستاذ هيكل بدأ مقدمة كتاب التابعي باعتذار واضح وصريح لأستاذه، قائلاً : في الحقيقة أنا لا أقدم كتاباً للأستاذ التابعي وإنما أتقدم إليه باعتذار وذلك بالفعل شعوري إزاء رجل أعتبره من أساتذتي الكبار وأستاذ لكثيرين غيري من نفس الجيل الذي خطا إلى عالم الصحافة العربية أعقاب الحرب العالمية الثانية وبالتحديد مع مطلع الأرببعينيات من القرن العشرين.

"كان من حسن حظي أنني عملت مع التابعي وهو وقتها صاحب ورئيس تحرير مجلة أخر ساعة أيام عزها قادماً من جريدة الإيجيبشان جازيت بتوصية من رئيس تحريرها في ذلك الوقت هارولد إيرل وأظنني ولعل ذلك كان رأيه أيضاً كنت اخر قائمة طويلة من الشباب وقتها تتلمذوا عليه".

97548122_269398117435343_8538518915729326080_n
 

مدرسة التابعي
ويقال عن الرجل  انه صاحب مدرسة في علمه أو فنه إذا وصل تأثيره في مجاله إلى درجة يختلف بها ما بعده عما قبله، بمعني أنه إذا حذف دوره من المجرى العام للتطور، انقطع الخط على فجوة واسعة، وذلك كان نموذجي في حالة التابعي فقط اختلف مجال الكتابة الصحفية بعده عما كان قبله، وفي هذا الاختلاف بين السابق واللاحق يتبدى حجم تأثيره، مثله في ذلك مثل غيره من مستواه في مسيرة أي علم أو فن.. هكذا يشرح هيكل  مدرسة التابعي.

ويتابع هيكل في مقدمة كتاب "من أسرار الساسة والسياسة": التابعي أضاف شيئأ أخر إذا صاغ أسلوباً مختلفاً في التناول الصحفي، وهذا الاختلاف الذي أحدثه التابعي هو نعومة الكلمة وانسياب الكلام، أي أن هناك إضافتين تُحسبان للتابعي إخداهما في اللفظ والثانية في السياق، وبالنسبة للأولى فإنه يبدو وكأن الألفاظ كانت ع لى نحو ما في حالة عشق مع قلم التابعي فما إن يضع سن القلم على صفحة الورق حتى تذوبب المعاني والصور لينة سائلة على السطور، وبالنسبة للسياق فإن أي قائ لكتابات التابعي سوف تنكشف له قاعدة سمعته يكرها علينا كثيراً مؤداها، أن القصة في التفاصيل.


شجاعة التابعي
لكن هيكل وجيله حاولوا أن يتعلموا من التابعي، "وقلت أنني كنت أسعدهم حظاً، ربما لأني كما أسلفت أخر من تتلمذ على يديه، والسبب غالبا، أنني وصلت إلى صحبته قرب أخر النهار، وفي مرحلة من الحياة لها خواصها مع الناس وفي الطبيعة، وهي مرحلة ما بين الأصيل والغروب، وعندما حضرت الأصيل في حياة محمد التابعي فقد لفتني الوهج المهني والسياسي والاجتماعي المحيط بجوانبها، وكان ذلك حظي، ثم كان لسوء الخظ أنني حضرت نزول الغروب أيضاً حين قرر محمد التابعي أن يبيع أخر ساعة إلى دار أخبار اليوم وأصحابها الأستاذان مصطفى وعلى أمين وكان البيع لنفس الأسباب التي ضاعت بها من قبل حصة التابعي في جريدة المصري".

ويوضح هيكل أسباب الاعتذار قائلاً: وبمقدار ما حاولت وحاول غيري في مرحلة الغروب أن نعبر للرجل عن عرفاننا بفضله فإن نور الحياة انطفأ عن محمد التابعي رجلاً ثقيلة همومه كسياً قلبه، جريحة كبرياءه، برغم أنه ملك في لحظات الأزمة شجاعة أن لا يرمى المسؤلية على غيره، بل يلوم نفسه، وأحياناً بمرارة كما تكشف أوراقه.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق