النيابة العامة تؤكد ما نشرته "صوت الأمة" بشأن قصور قرارات الحكومة في مواجهة مخالفات المباني

الثلاثاء، 09 يونيو 2020 01:05 م
النيابة العامة تؤكد ما نشرته "صوت الأمة" بشأن قصور قرارات الحكومة في مواجهة مخالفات المباني
سامي بلتاجي

بيان محكم، جامع مانع، أصدرته النيابة العامة، في 9 يونيو 2020، بشأن مخالفات البناء بدون ترخيص والتعديات على الأراضي الزراعية، تداركت به قصور منطوق قرار وزير التنمية المحلية، رقم 181، والصادر في 21 مايو 2020، بوقف تراخيص أعمال البناء للمساكن الخاصة، وبما يؤكد واقعية ملاحظة "صوت الأمة"، بعنوان "اختلاف المذاهب في حكومة مدبولي حول وقف تراخيص المباني لمدة 6 شهور"، حول منطوق القرار الوزاري، المشار إليه، في كونه جاء قاصرا، ولم يلب تطلعات وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في إطار دور الجهاز الإداري للدولة، لضبط الأداء ومنع المخالفات ومواجهة الفساد، بما تطلب قرارات أعلى وأشمل وأكثر دقة في شأن المواطنين (المخالفين) من جهة، وجهاز إداري وحكومي يتلكك على اللفظ من جهة أخرى، سواء في القرار أو التوجيه، للتملص من تطبيق توجيهات رئيس الجمهورية.
 
 
 
30
 

31
 
قرار وزير التنمية المحلية، رقم 181 في 21 مايو 2020، نص على وقف تراخيص أعمال البناء للمساكن الخاصة أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها وإيقاف استكمال أعمال البناء للمبانى الجاري تنفيذها، لحين التأكد من توافر الاشتراطات البنائية والجراجات؛ وذلك فى محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية، وكذا عواصم المحافظات والمدن الكبرى، ولمدة 6 أشهر؛ إلا أن القرار ذاته، لم يتضمن الإشارة إلى القرى الأم وتوابعها بمراكز المحافظات، فيما يتعلق بوقف تراخيص البناء، ومدى وإمكانية تطبيقه في القرى وتوابعها من العزب والشياخات، التي تشهد تعديات على الأراضي الزراعية ومخالفات بناء فجة؛ وهو ما كان محل ملاحظة "صوت الأمة"، في تقرير منشور في 31 مايو 2020؛ حتى جاء بيان النيابة العامة، في 8 يونيو 2020، بقرارات النائب العام الهامة -بوصف البيان- للتصدي لجرائم البناء بدون ترخيص والتعدي على الأراضي الزراعية، بما في ذلك قرار النائب العام بتشكيل غرفة عمليات بالمكتب الفني للنائب العام، لتعزيز دور النيابة العامة، وما تتخذه من إجراءات قانونية للتصدي للجرائم المنصوص عليها بقانوني البناء والزراعة؛ ذلك لما تمثله من مخاطر جسيمة تهدد أمن البلاد وسلامتها واقتصادها؛ وقرار النائب العام في هذه النقطة تحديدا، تدارك لب القصور، في دور الجهاز الإداري للدولة، وهو التأخر في إثبات المخالفة ومن ثم إحالتها للنيابة العامة، تمهيدا لتوقيع العقوبة الرادعة.
 
 
32
 

33
 
عالج قرار النائب العام، سالف الذكر، القصور في قرار وزير التنمية المحلية، والذي قصر وقف التراخيص على محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية والمدن الكبرى بالمحافظات، في حين جاء بيان وقرار النيابة العامة متخليا عن القصر والحصر، بما يعني شموله وعمومية تطبيقه امتدادا إلى القرى وتوابعها، خاصة وأنه لم يتضمن الإشارة إلى قرار وزير التنمية المحلية، المنوه عنه في هذا التقرير، بما يفيد كونه قرارا أصيلا وليس تفسيرا لقرار الجهة الإدارية، متمثلة في التنمية المحلية.
 
إجراءات ناجزة من شأنها سرعة التصدي ومواجهة مخالفات البناء والتعديات على الأراضي الزراعية، حصرتها النيابة العامة، في وقوع المخالفة في حالة إنشاء المباني أو إقامة الأعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو ترميمها أو هدمها بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة؛ وبذلك زادت توصيفات المخالفات في قرار النائب العام، بوقائع الهدم، إلى جانب الوقائع المنصوص عليها في قرار وزير التنمية المحلية.
 
وتضمن قرار النيابة العامة، المشار إليه، مخالفة استئناف الأعمال السابق وقفها بالطريق الإداري، والامتناع عن تنفيذ ما قضت به الأحكام أو القرارات النهائية من الجهة المختصة بشأن إزالة أو تصحيح أو استكمال الأعمال المخالفة؛ وكان قرار وزير التنمية المحلية خاليا من مخالفة الامتناع عن تنفيذ ما قضت به قرارات الجهة المختصة بشأن الإزالات؛ وذلك كانت المعالجة الثالثة في في قائمة معالجات النيابة العامة للقرار الوزاري، المذكور سلفا؛ فضلا عن امتداد قرار النائب العام إلى مواجهة مخالفة إقامة الأعمال دون مراعاة الأصول الفنية المقررة قانونا في التصميم أو التنفيذ أو الإشراف على التنفيذ أو في متابعته؛ وكذلك عدم مطابقة التنفيذ للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها؛ والغش في استخدام مواد البناء أو استخدام مواد غير مطابقة للمواصفات المقررة.
 
جاء قرار وزير التنمية المحلية، خاليا من النص على مواجهة إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات لتقسيمها لإقامة مبانٍ عليها أو الشروع في ذلك؛ وخاليا من النص على التصدي ومواجهة إقامة مصانع أو قمائن الطوب في الأراضي الزراعية؛ وهما معالجتان أخريان، من قبل النيابة العامة، للقرار الوزاري؛ كما عالجت قصور مضمون ذات قرار وزير التنمية المحلية عن مواجهة ترك مالكي الأراضي الزراعية أو نوابهم أو مستأجريها أو الحائزين لتلك الأراضي غير منزرعة لسنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها لذلك ومستلزمات إنتاجها؛ أو مواجهة مخالفة ارتكاب سالفي الذكر أي فعل أو امتناعهم عن أي عمل من شأنه تبوير الأراضي الزراعية أو المساس بخصوبتها، أو تجريف الأراضي الزراعية أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة؛ أو حتى مواجهة المخالفة الواقعة بامتلاك أو حيازة أو شراء أو بيع الأتربة المتخلفة عن تجريف الأراضي الزراعية أو النزول عنها بأية صفة، أو التدخل بالوساطة في شيء من ذلك، أو استعمال تلك الأتربة في أي غرض من الأغراض. 
 
ويزيد من ضرورة تدخل النائب العام بقراره وبيانه، المشار إليهما، عند الوقوف على مضمون ما جاء في خطاب المهندسة نفيسة هاشم، وكيل أول وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، رئيس قطاع الإسكان والمرافق، ورئيس لجنة تطبيق قانون البناء، في 5 مايو 2020، والذي وجهته إلى المهندسة رجاء فؤاد، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لقطاع التخطيط والمشروعات، بخصوص استفسارات بعض الجهات الإدارية، حول موقف المناطق العمرانية الجديدة من تطبيق الكتاب الدوري الصادر عن الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء، رقم 5-10941، في 6 أبربل 2020، والمتضمن توجيهات رئيس مجلس الوزراء، في الاجتماع المنعقد في 5 أبريل، المشار إليه، بخصوص التعامل مع مخالفات البناء في جميع المحافظات، وأن يتولى وزير التنمية المحلية التنسيق مع المحافظين، للقيام ببعض المهام، والتي من بينها عدم إصدار تراخيص بناء جديدة في جميع الأحياء السكنية، وخاصة التي بها كثافة سكانية عالية، مثل: مصر الجديدة، العجوزة، الدقي، المهندسين وغيرها؛ وكذلك التنسيق مع وزير الإسكان والمرافق لإصدار اشتراطات بناء دائمة لمثل تلك المناطق، للبناء بنفس ارتفاعات المبنى الجديد.
 
خطاب رئيس لجنة متابعة قانون البناء، المشكلة بوزارة الإسكان، بالقرار رقم 377 لسنة 2019، أشار إلى أن اللجنة انتهت في جلستها المنعقدة في 5 مايو 2020، إلى أن الكتاب الدوري لأمانة مجلس الوزراء، في الموضوع المشار إليه، أشار إلى وقف إصدار تراخيص بناء جديدة بالمناطق السكنية، وخاصة المناطق ذات الكثافة العالية؛ وبالتالي -وفقا لرأي لجنة متابعة قانون البناء بالوزارة- فإن مدن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لها مخططات معتمدة واشتراطات بنائية تحدد الكثافة السكانية ومعدلات التزاحم طبقا للمعايير التخطيطية، وتراعي فيها الوضع الحالي والمستقبلي؛ ولهذا، لا يسري الكتاب الدوري على مدن الهيئة، بحسب رأي اللجنة.
 
يأتي رأي اللجنة متناقضا، مع ما استجد فيما بعد، حيث أعلن الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، في 31 مايو 2020، استقبال جهاز مدينة القاهرة الجديدة لعدد (3466) طلب تصالح وتقنين الأوضاع لبعض المخالفات البنائية بالمدينة، طبقاً للقانون رقم (17) لسنة 2019 بشأن التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها؛ وجاء على موقع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، على لسان المهندس أمين عنيم، رئيس جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة، إلى أن  المخالفات تنوعت بين استكمال بناء غرف السطح وتحويلها إلى سكني، وتمثل نسبة 95%، وتغيير استخدام جزء أو كل مساحة البدروم من نشاط خدمى إلى نشاط سكني بنسبة 25%، وأيضا تغيير استخدام من نشاط سكني إلى نشاط إداري بنسبة 15%، وتغيير استخدام جزء أو كل المساحة من المولات، وزيادة مسطحات المباني بدون ترخيص لعدد 9 مولات تجارية؛ ويجرى حالي رصد جميع الحالات المخالفة، والتى لم تتقدم بمستندات التصالح حتى الآن تمهيدا لاتخاذ جميع الإجراءات لتنفيذ الإزالة فور حلول التوقيت.
 
وذلك، فضلا عن اتهامات سابقة في حق هيئة المجتمعات العمرانية، بالتراخي في إزالة التعديات والإشغالات على الأراضي التي استولت عليها بعض الجمعيات والشركات والأفراد، داخل كردونات مدن: 6 أكتوبر، الشيخ زايد، المنيا، أسيوط، قنا، أسوان، الفيوم، طيبة، العبور، والقاهرة الجديدة؛ مما ترتب عليه ضرر للمال العام؛ فضلا عن تباين قرارات الهيئة بشأنها؛ حيث قامت بالموافقة على تقنين الوضع بأجهزة مدن: العبور، الشيخ زايد، وطيبة؛ واتخاذ قرارات بالإزالة (لم يتم تنفيذها) بأجهزة مدن: أسيوط، المنيا، أسوان، الفيوم، وقنا؛ في حين امتنعت عن إصدار قرار الإزالة أو تحصيل القيمة العادلة للأراضي بمدينة 6 أكتوبر، ترتب عليه تضمين حسابات القوائم المالية المجمعة وبالتالي الحساب الختامي للهيئات الاقتصادية بحسابات الأصول الثابتة (أراضي)، الاسنثمارات العقارية، مخزون الإنتاج غير التام لتكلفة الاقتناء (0.1 جنيه/متر مربع)، أو التكلفة الفعلية للمساحات والإشغالات والتعديات سالفة الذكر، ولم تتضمن القيمة العادلة للأراضي، وحرمت الهيئة من تنفيذ خطط التنمية على تلك المساحات، مما له بالغ الأثر على الأجيال المستقبلية؛ وبلغ ما أمكن حصره من مساحات الإشغالات والتعديات، في بعض الأحيان، نحو 412268 فدانا، تمثل 36.5% من رأس مال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، علما بأن تقنين وضع الإشغالات والتعديات يخالف قانون الهيئة رقم 59 لسنة 1979.
 
وما سبق يؤكد أن مدن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ليست بمنأي عن المخالفات التي حذر منها رئيس الجمهورية، ووجه بالتصدي لها؛ إلا أن المسؤولين بالدولة يبدو أنهم يتعاملون بالقطعة، فطالما جاء لفظ التنمية المحلية أو المحافظين، فلا يرى مسؤولو المجتمعات العمرانية انطباق التوجيهات عليهم، رغم تضرر مدن الهيئة من المخالفات، ربما بنفس درجة تضرر المحافظات والمراكز والأحياء؛ وكأن المطلوب من الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن يذكر المسؤولين والعاملين بالجهات المعنية، اسما اسما، عند إصدار توجيهاته لهم، حتى لا يتنصل منها أحدهم؛ إذ سبق لرئيس الجمهورية التأكيد على أن "المحافظ له سلطات، توفرها له الدولة والقانون؛ وقال: "عندما أعطي توجيها فإنما أقصد به تفعيل تلك السلطات... والدولة لن تكون دولة بجد إلا عندما ينفذ كل واحد منا القانون"، هكذا وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية النقاط على الحروف، لتحديد واجبات الجهاز التنفيذي للدولة ووحدات الحكم المحلي في مواجهة وإزالة مخالفات المباني في كافة محافظات الجمهورية؛ وذلك خلال كلمة الرئيس، في افتتاح مشروع تطوير العشوائيات "بشاير الخير 3"، بمحافظة الإسكندرية، في 21 مايو 2020، وبحضور اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، والذي عرض كلمة حول بعض جهود الوزارة في هذا الصدد.
 
 
 
34
 
وأوضح رئيس الجمهورية أن مخالفات المباني تؤدي لإهدار أموال جميع الأطراف، سواء كانت الدولة التي تقوم أجهزتها ومعداتها بالإزالة، أو المواطن الذي أنفق أمواله في تلك المباني المخالفة، والتي شدد الرئيس على أن مصيرها الإزالة، وقال: "مالناش خيار تاني"، مضيفا: "الإزالة حتى سطح الأرض، ووضع موقع المخالفة في القائمة السوداء، ولا تأخذ ترخيص مرة أخرى، ولا يترك المخالف، إلا بالقبض عليه، تطبيقا لقرار الجهة المختصة، ليكون ذلك ردعا لوقوع مخالفات جديدة".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق