كبسولة قانونية.. متى يكون تفتيش المرأة بمعرفة أنثى واجبا؟

الأربعاء، 10 يونيو 2020 10:00 ص
كبسولة قانونية.. متى يكون تفتيش المرأة بمعرفة أنثى واجبا؟
محكمة النقض

تفتيش المرأة.. حين وضع المشرع المبدأ القانوني في صحة التفتيش كإجراء، عامل المرأة بشكل مختلف وخرج عن هذا المبدأ، إذ حظر على مأمور الضبط القضائى أن يفتشهن بنفسه، وأوجب عليه أن يعهد بهذه المهمة إلى أنثى تندب لهذا الغرض، ولقد أيدت محكمة النقض هذا المبدأ حيث اشترطت لصحة تفتيش الأنثى أن تقوم به أنثى، وقد حرص قانون الإجراءات أيضا على تقرير هذا الحكم صراحة فنص فى الفقرة الثانية من المادة 46 إجراءات جنائية والمادة 94.

والأصل أنه يشترط لصحة التفتيش أن يباشره مأمور الضبط القضائي بنفسه، فلا يصح أن يعهد به إلى غيره إلا إذا كان الإذن قد صرح له بذلك، وبشرط أن يكون الغير من رجال الضبط القضائى وإذا استعان مأمور الضبط القضائي فى إجراء التفتيش بأحد أعوانه من رجال السلطة العامة وجب أن يقوموا بعملهم فى حضوره وتحت إشرافه.

ويرصد التقرير التالي، إشكالية تفتيش الأنثى من الناحية القانونية والعملية، وهل يجوز لرجل الضبط القضائي تفتيشها على غير المتعارف عليه؟ وذلك في الوقت الذي حظر فيه المشرع على مأمور الضبط القضائي تفتيش الأنثى بنفسه وأوجب عليه أن يعهد بهذه المهمة إلى أنثى تندب لهذا الغرض.
 
وبحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق، فإنه يجب أن نعلم أنه على الرغم من أن خطاب المشرع ورد في باب سلطات مأمور الضبط القضائي إلا أن علة النص متعدية فتسري كذلك على التفتيش الذي تجريه سلطة التحقيق سواء أكانت النيابة العامة أو قاض التحقيق، فلا يجوز للوكيل أن يقوم بتفتيش الأنثى بنفسه، وإنما يلزم أن يكلف أنثي بذلك وإلا كان التفتيش باطلا غير أنه يلزم في جميع الأحوال لقبول الدفع ببطلان التفتيش أن يكون التفتيش أسفر عن دليل وإلا كان دفاع نظريا رغم فداحته إذ لا يقبل أي دفع لا يكون لصاحبه مصلحة من ورائه.
 
لكن، هل يجوز لرجل الضبط القضائي ندب أنثى من أحاد الناس لتفتيش أخرى؟ يجيب فاروق: لم يشترط المشرع ثمة شروط في الأنثى المندوبة للتفتيش فلا يلزم أن تحمل صفة الضبطية القضائية، إذ تكليف مأمور الضبط القضائي للأنثى بالتفتيش ليس ندبا لاتخاذ إجراء تحقيق وفقا لنص المادتين 70 و200 إجراءات، إذ الأنثى المندوبة هنا تقوم بعمل مادي بحت وليس إجراء تحقيق، كما أن رجل الضبط القضائي ليس بسلطة تحقيق حتي يندب غيره للقيام بإجراءاته ولا يعد ندب الأنثى هنا ندبا فرعيا، إذ هذا الندب طبقا للمادة 46 إجراءات لا يقتصر عند إصدار إذن بالتفتيش من سلطة التحقيق لرجل الضبط القضائي بل يسري كذلك عند التلبس وفي أحوال التفتيش الإداري، ومن ثم يمكن أن تكون المندوبة أنثي من آحاد الناس أو من العاملات في الشرطة ممن لا يحملنا صفة الضبطية القضائية ولهذا فإن قضاء النقض مستقر علي أنه إذا ندب رجل الضبط القضائي أنثي للتفتيش فلا يلزم أن يثبت الندب كتابة. 

وتري محكمة النقض أن نطاق تطبيق النص يقتصر على ما إذا كان التفتيش يقتضي المساس بجزء من جسم المرأة يعد عورة ومن ثم لا تثريب علي مأمور الضبط إذ أمسك بيد المتهمة وانتزع المخدر منها، أو على جذب يدها المعقودتين علي صدرها والتقاط ما سقط منها مما كانت تضمه على صدرها، وتري النقض تطبيقا لذلك أنه لا يلزم أن يصطحب رجل الضبط القضائي أنثي عند انتقاله لتفتيش أنثي، لأن هذا الإلزام مقصور علي إجراء التفتيش ذاته في موضع يعد عورة وهو أمر لا يمكن التنبؤ به سلفا فلم يكن اصطحاب الاثني لازما، وذلك طبقا للطعن رقم 907 لسنة 48 القضائية.
 
وقضاء النقض سالف الذكر رغم أنه محل إجماع في الفقه إلا أنه ينطوي لدينا علي اجتهاد في موضع النص ويضع قيد عليه دون سند من خلال استدعاء حكمة النص وإهمال علته،  فحكمة نص المادة 2/46 إجراءات هو صيانة عرض المرأة ولو كانت متهمة، أما علته فكون المتهم أنثي والحكم يدور مع علته لا حكمته وبوسع رجل الضبط القضائي دائما أن يتذرع بأن التفتيش لا يمس عورة المرأة والحقيقة العكس، ومن ثم فإن منطق النقض قد يفتح لدى البعض باب التحايل علي القانون، وكان أولي بمحكمة النقض من باب سد الذرائع أن تبطل تفتيش الأنثى بمعرفة رجل الضبط القضائي دائما سواء مس التفتيش عورة من عدمه ما دام محل التفتيش أنثي. 
 
ماذا تقول محكمة النقض في الأزمة؟ الملفت للنظر في تلك الإشكالية بالنسبة لمذهب النقض أنها رخصت لرجل الضبط القضائي بأن لا يصطحب أنثي عند انتقاله لتفتيش الأنثى والملفت أيضاَ أن التفتيش يقتضي البحث في ملابس المتهم وما علق بجسمه مما يمس العورة، أما خلوه من المساس بعوره فأمر نادر والنادر لا حكم له ومن ثم وجب اصطحاب أنثي عند الانتقال لتفتيش أنثي لأن المجري الطبيعي للتفتيش أن يمس العورات.  
 
ويحق لنا أن نتساءل عن الحل إذا انتقل رجل الضبط القضائي لتفتيش أنثي دون أن يصطحب أنثي واقتض التفتيش المساس بعورة المتهمة فماذا يفعل؟ والأكثر من ذلك فإن عدم ثبوت ندب الأنثى كتابتا يهدر ضمانة للمتهمة ويخل بحق الدفاع إذ يحول بين المتهمة عند المنازعة في ظروف التفتيش من إثبات دفعها مادام أن ندب من قامت بالتفتيش غير ثابت بالكتابة وبديهي أن رجل الضبط القضائي سوف يتذرع بأنه غير متذكر الأنثى التي ندبها للتفتيش، والخلاصة أن محكمة النقض قلصت ضمانة تفتيش الأنثى بتأويل محل نظر لنص المادة 2/46 إجراءات.

تفتيش الأنثى .. متى يكون تفتيشها بمعرفة أنثى واجبا؟

في غضون ذلك،  قالت الخبير القانوني والمحامية يارا أحمد سعد، أن جريمة تفتيش الرجل للأنثى يقع باطلاَ في جميع الأحوال والإجراءات التي يجب إتباعها في حال الرغبة في تفتيش الأنثى، حتى لا يقع رجل الضبط القضائي تحت طائلة القانون أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يقوم رجل بتفتيش أنثي، وأي تفتيش يقع من رجل علي أنثي يعتبر باطلاً، وفى الحقيقة لا يوجد ضرورة تقتضى تفتيش المرأة أياً كانت الظروف، لكنه يجوز التحفظ عليها لحين انتداب شرطية أنثى تقوم بالتفتيش وفقاً لصحيح القانون، حيث أن اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى المراد به أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبطية القضائية الإطلاع عليها ومشاهدتها، إلا أن الطعن رقم 518 سنة 22 القضائية - الصادر عن محكمة النقض - والخاص بالقول بأن الطبيب يتاح له بحكم مهنته ما لا يتاح لغيره من الكشف على الإناث، وأنه لا غضاضة عند استحالة تفتيش متهمة بمعرفة أنثى يقوم هو بإجراء التفتيش المطلوب ذلك تقرير خاطئ في القانون، فمناط ذلك اعتبار تلك المواضع الجسمانية من عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مُست، وأن صدر المرأة هو لا شك من تلك المواضع الحساسة.  

هل التقاط مواد مخدرة من صدر المتهمة يجوز قانوناً؟ وبالنسبة للرد على السؤال.. هل التقاط مواد مخدرة من صدر المتهمة يجوز قانوناً؟، أجابت "سعد" فى تصريح خاص – هناك خلاف قانونى حول ذلك إذ يرى فريق أن التقاط العلبة المحتوية على مخدر من صدر المتهمة لا يعتبر تفتيشا يمس مواطن العفة فيها، وآخر يعتبر ذلك تفتيشاً باطلاً حيث أن الطعن رقم 605 سنة 25 ق، شرح مراد القانون من اشتراط تفتيش أنثى بمعرفة أنثى.
 
فقد أكد الحكم أن مأمور الضبط القضائى لا يكون قد خالف القانون إن قام بالتقاط لفافة المخدر التى طالعته في وضعها الظاهر بين أصابع قدم المتهمة وهى عارية، ومتى كان الثابت من مدونات الحكم الخاص بالطعن رقم 370 لسنة 27 ق - فإن مأمور الضبط لم يفتش المتهمة بنفسه وإنما كلفها بأن تطب جيوبها فبرز من جيبها الأيمن جزء من علبة صفيح أخرجتها كما أخرجت من جيبها الأيسر ورقة أخفتها في راحة يدها فأخذها منها ووجد بداخل العلبة والورقة – أفيونا وحشيشا - فإن ما تدعيه المتهمة من مخالفة مأمور الضبط لمقتضى المادة 46 من قانون الإجراءات يكون على غير أساس.  
1062
 
1063
 

 

1064
 

 

1065
 

 

1066
 

 

1067
 

 

1068
 
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق