أمريكا لا تعرف غير العنصرية.. قصة «الأسانسير» الذي أشعل حربا دموية بين البيض والسود

الأربعاء، 10 يونيو 2020 09:00 ص
أمريكا لا تعرف غير العنصرية.. قصة «الأسانسير» الذي أشعل حربا دموية بين البيض والسود
جانب من احتجاجات أمريكا

شائعات قادت مواجهات مسلحة بين البيض والسود.. والمحكمة برأت المراهق من أصل أفريقي

شهد التاريخ الأمريكي العديد من الحروب الأهلية والعرقية بسبب تعرض المواطنين الأمريكيين السود ذوي الأصول الأفريقية للاضطهاد، وهو ما شهدته أمريكا وزاد وتيرته عقب الحرب العالمية الثانية مع عودة مجموعة ككو كلوكس.

وكانت مدينة تلسا، والتي يتواجد بها أكثر من 10 آلاف شخص من ذوي الأصول الأفريقية والمصنفة ثانى أكبر مدن ولاية أوكلاهوما، إحدى أهم النقاط الساخنة بالولايات المتحدة، والتي شهدت العديد من أعمال العنف حيث تركزت النسبة الساحقة منهم بمنطقة حى جرينوود، وذلك وفقًا لتقرير نشره موقع شبكة «العربية».

جانب من الخراب بمدينة تلسا
جانب من الخراب بمدينة تلسا

 

ولعل من أشهر الحروب العرقية التي شهدتها أمريكا كانت في 30 مايو 1921، عندما دخل المراهق ذو الأصول الأفريقية، يدعي  ديك رولند، مبنى دريكسل، وركب المصعد، وبعد لحظات، فرّ من المكان بسرعة، عقب دوى صراخ عاملة المصعد سارة بايج التى كانت من البيض، وعلى إثر ذلك، أسرع رجال الشرطة إلى مصدر الصراخ، وتمكنوا من إلقاء القبض على "رولند" واقتادوه نحو مركز الأمن.

فى اليوم التالى، تناقل السكان البيض لـ"تلسا " العديد من الشائعات عن الحادثة وعبروا عن سخطهم مما حصل، كما نشرت إحدى الصحف المحلية، إصدارها بعنوان خاطئ، وتحدثت عن محاولة ديك رولند "الاعتداء جنسياً" على عاملة المصعد. الغريب أن أهالي المينة من البيض بدأوا في التجمهر أمام محكمة المدينة وطالبوا رجال الشرطة بتسليمهم رولند، وأمام هذا الوضع، أقدم أفراد الأمن على تعزيز وجودهم قرب المحكمة.

ومع تزايد إمكانية اقتحام المحكمة، حل فى حدود الساعة التاسعة مساء عشرات المسلحين من ذوى الأصول الأفريقية بالمكان وأعلنوا عن استعدادهم لمساعدة الشرطة فى حراسة المحكمة، إلا أن المسئولين الأمنيين رفضوا ذلك لتجنب مواجهات محتملة مع البيض.

جانب من الدمار بمدينة تلسا

جانب من الدمار بمدينة تلسا

رجل من ذوي أصول أفريقية يقف أمام بقايا منزله بجرينوود
رجل من ذوي أصول أفريقية يقف أمام بقايا منزله بجرينوود

الغريب أن المسلحين عادوا بعد ساعة من هذه الواقعة للمشاركة بحماية المحكمة بعد ظهور مزيد من الشائعات حول استعداد البيض لاقتحام المكان، حيث اصطفوا بفرقة من البيض تجاوز تعدادها 1000 عنصر، كانوا جميعهم مسلحين، لتندلع إثر ذلك مواجهات مسلحة أسفرت عن انسحاب المسلحين من ذوى الأصول الأفريقية وتراجعهم نحو حى جرينوود.

وطوال الساعات التالية، عمد البيض المسلحون لمهاجمة العديد من ذوى الأصول الأفريقية بالمدينة وقتلوا بعضهم، وهو ما دفع الشرطة إلي تعزيز وجودها بالمدن المجاورة، بعد أن انتشرت شائعات حول استعداد ذوى الأصول الأفريقية للقيام بثورة مسلحة.
 
فى مطلع يونيو 1921، اجتاح آلاف البيض المسلحون والغاضبون حى جرينوود وعمدوا لمطاردة ذوى الأصول الأفريقية وأحرقوا منازلهم ومتاجرهم، كما منعوا لساعات رجال الإطفاء من إخماد الحرائق، وبعد إعلان حالة الطوارئ من قبل حاكم الولاية جيمس روبرتسون، حلت فرق من الحرس الوطنى بلغ قوامها 6 آلاف عنصر بالمنطقة، وأجبرت البيض المسلحين على الانسحاب وأعادت الأمن للمنطقة.

جيمس روبرتسون حاكم ولاية أوكلاهوما
جيمس روبرتسون حاكم ولاية أوكلاهوما

سيارات الحرس تنقل المصابين أثناء أعمال العنف بتلسا
سيارات الحرس تنقل المصابين أثناء أعمال العنف بتلسا
 

وقد أسفرت أعمال العنف - ​ووفق تقارير الصليب الأحمر حينها- عن مقتل 36 شخصاً، من بينهم 10 من البيض، وإصابة أكثر من 800 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، كما أحرق 1256 منزلاً، إضافة لمكتبة ومدرسة ومستشفى وكنيسة. ونهبت ممتلكات العديد من المتاجر، فتجاوزت بذلك قيمة الخسائر 3 ملايين دولار.

كما فتح مسؤولو ولاية أوكلاهوما تحقيقاً آخر حول الحادثة أواخر التسعينيات، وعام 2001 صدر تقرير اللجنة المكلفة فتحدث عن ما بين 100 و300 قتيل وتشريد ما يزيد عن 8 آلاف شخص خلال 18 ساعة فقط من أعمال العنف بحى جرينوود.
 
وخلال الساعات التى تلت نهاية أعمال العنف بتلسا، أسقطت المحكمة كل التهم الموجهة ضد المراهق ديك رولند، فيما يخص قضية المصعد، وتحدث تقرير الشرطة عن تعثر الأخير بالمصعد وإمكانية "دوسه" دون قصد على قدم سارة بايج، ولاحقاً، غادر رولند - عقب إطلاق سراحه - مدينة تلسا للأبد ورفض العودة إليها ثانية.

صورة لأحد المنازل المخرّبة بتلسا
صورة لأحد المنازل المخرّبة بتلسا

عدد من الحرائق بحي جرينوود

 

عدد من الحرائق بحي جرينوود

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق