اللوبي الإخواني في واشنطن.. ماذا يفعل وكيف يتحرك؟

الأربعاء، 10 يونيو 2020 01:26 م
اللوبي الإخواني في واشنطن.. ماذا يفعل وكيف يتحرك؟
محمد الشرقاوي

 
 
 
الإخوان في أمريكا، يتهكم البعض حين الحديث عن التواجد الإخواني في واشنطن وغيرها من الولايات المتحدة، لكن المؤكد أن هناك لوبي بدأ عمله هناك منذ زمن، بل ونجح في تمرير سياسات بعينها. 
 
ويتجلي ذلك في تزايد النفوذ الإخواني في سوريا وليبيا دون معارضة أمريكية، لكن للوصول إلى تلك المرحلة، كان لابد من خطوات كثيرة مهدت لذلك، وفق الدكتور وليد فارس، كبير الباحثين في «هيئة الدفاع عن الديمقراطيات» في الولايات الأمريكية، ومستشار الكونجرس في الإرهاب.
 
يقول فارس، إنه طالما يسأل الإعلاميون عن سبب قدرة التحالف القطري- التركي- الإخوان في العاصمة الأمريكية بالتأثير في مختلف السياسات الأمريكية حيال شركائها العرب، كالسعودية والإمارات ومصر وحتى إسرائيل، خاصة منذ بداية الربيع العربي.
 
فارس، الأمين العام للمجموعة الأطلسية النيابية، قال إن هناك أسباب كثيرة للتوغل الإخواني في أمريكا، منها ما هو تاريخي، بدأ مع هجرة عدد من كوادر الإخوان من الشرق الأوسط عموماً ومصر والسعودية وفلسطين والأردن خصوصاً إلى المدن والجامعات الأمريكية.
 
وقالت صحيفة الإندبندنت البريطانية، التي نشرت مقالاً لفارس، إن سر تموضع الإخوان في المؤسسات السيادية الأمريكية، بفضل هذه الهجرة للتيار الإسلاموي خصوصاً في الحرب الباردة، والتي ساعدت فيها الكوادر الإخوانية أمريكا لأنها كانت تجابه الشيوعيين والاتحاد السوفيتي ونالت ثقة أوساط قيادية في الخارجية والأمن والدفاع، وبناء عليه، فإن الدول العربية المحافظة التي تحالفت مع الولايات المتحدة ضد السوفيت كانت تعتمد على هذه النخب المثقفة لبناء علاقاتها مع واشنطن، ومن هنا بات الإخوان ممراً إلزاميّاً في أي تفكير استراتيجي في ما يتعلق بالعالم العربي والإسلامي والشرق الأوسط.
 
ورسخ لذلك التيار وقدمه لواشنطن لوبي إعلامي ضخم في واشنطن بدعم قطري منذ منتصف التسعينيات، ولم يتسابق مع هذا اللوبي الضخم إلا كتلة الضغط المؤيدة للنظام الإيراني الأصغر حجماً في الثمانينيات، وتطورت في ما بعد حتى تحولت إلى كتلة مؤثرة ولكنها لم تصل إلى مستوى التأثير الإخواني.
 
وتابع أنه في منتصف التسعينيات دعمت الحكومات القطرية هذه الحلقات إعلاميا، ما منحها قدرات غير مسبوقة وأضفت مشروعية أكبر عبر تغطية تحركات ومواقف وتنظيرات هذه النخب على هواء قناة «الجزيرة».
 
يقول الباحث الأمريكي، إن مجموعات الضغط الإخوانية، لعبت دوراً كبيراً في مجابهة حملتي إدارة جورج بوش في أفغانستان والعراق لسنوات عدة، وضغطت على مراكز القرار في واشنطن لتمنع أي عمل استراتيجي يعجل في التغيير السياسي الاجتماعي في كابول من أجل تجفيف حواضن طالبان الشعبية، ما أثّر في قدرة إدارة بوش وبعدها ترامب في الخروج من أفغانستان بعد تسليمها لمؤسسات وطنية قادرة على إدارة البلد.
 
وفي السنوات الأخيرة، تحالف الإخوان مع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وفق الباحث اللبناني الأصل، يقول إنه في 2008 أدى نجاح باراك أوباما إلى تحالف بين إدارته وقوى اللوبي الإخواني على مدى 8 سنوات، كانت حاسمة في تجذر هذه الكتلة في المؤسسات الأمريكية وبناء نفوذ في السياسة الخارجية في ما يتعلق بملفات الدول العربية. 
 
وتابع أن ذلك ظهر بوضوح مع بداية "الربيع العربي"، وكان واضحاً للجميع تأييد واشنطن لمشاريع الإخوان في مصر وليبيا وتونس وسوريا، وبالتالي كانت عملية إسقاط الرؤساء حسني مبارك وزين العابدين بن علي ومعمر القذافي، بدعم من سياسة الرئيس أوباما التي خضعت لتأثير الإخوان الذين وعدوا بإقامة دول إسلامية معتدلة.
 
وبعد تلك الفترة، كان هناك صعود سريع للإخوان في الشرق الأوسط، بدعم من إدارة أوباما، حيث تسبب ذلك الدعم في زعزعة السلطات العربية، وفجر صراعاً بين القوى المؤيدة للإخوان، كالنهضة في تونس والجماعات الإسلامية في ليبيا وإخوان مصر وغيرهم في المنطقة، مع مختلف الحكومات المعتدلة، وكانت هناك قطر وتركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية، وراء تلك الأزمات، وفق فارس. 
 
يضيف مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسياسات الخارجية السابق، إنه في تلك الفترة بدأت الحملات المضادة في المنطقة تحاول وقف مدّ الإخوان في دول عدة، أولها الإمارات التي أصدرت أكبر لائحة للجماعات الإرهابية في تاريخ المنطقة، وكان نصيب الإخوان والتنظيمات المؤيدة لإيران حصة الأسد منها. وبعدها جاءت ثورة مصر في 30 يونيو 2013، حين خرج 33 مليون مصري ضد نظام محمد مرسي، ولعبت القوات المسلحة المصرية دوراً في بناء المؤسسات وتأمين الانتخابات ومواجهة الإرهابيين.
 
وفي تونس، عاد التيار العلماني الشعبي ليفرض توازناً مع النهضة حتى المرحلة الأخيرة، أما في ليبيا، فقد انطلق الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر في 2014 عبر عملية الكرامة من أجل مواجهة جماعات القاعدة وداعش، وبعد ذلك حاول تجريد الميليشيات الإخوانية من سلاحها في طرابلس ومصراته. 
 
ويؤكد الأستاذ في جامعة الدفاع الوطنية، أن التناغم الإخواني وعدد من الصحف الأمريكية، استمر بانتقاد دور الإمارات في اليمن وليبيا، إضافة إلى التركيز على شن حملات متتالية ضد الجيش الليبي وقائده خليفة حفتر، وهو ما تجلي في التواجد التركي الآن بشكل علني في ليبيا، بغطاء جهات دولية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق