«ليبيا والدور المصري المنتظر»

الخميس، 11 يونيو 2020 10:46 م
«ليبيا والدور المصري المنتظر»

تركيا أردوغان، غير تركيا الأمس. فتلك الجمهورية ذات المسحة العلمانية قد كانت تمثل تجسيداً إيجابياً لانكفاء تركيا على ذاتها وكانت هي الأكثر حرصاً على تحقيق صالح مواطنيها  و ضمان استقرارهم الداخلي و ازدهار حياتهم المعيشية.
 
إلا أن وصول حزب العدالة والتنمية الذي يمثل الوجه الفعلي للإسلام السياسي، الذي يعد نوعاً من التدين، يقوم على فكرة التدرُّع بالإسلام من أجل الوصول لكراسي الحكم.
 
وهي أطروحة دينية ذات غطاء ميكافيلي تشكلت مع الولادة الاولى لجماعة الإخوان المسلمين، و تبنت العنف السياسي كممارسة فعلية، وما " النظام الخاص"،  بهذه الجماعة الذي رأسه عبدالرحمن السندي، واغتال القاضي الخازندار و رئيس الوزراء المصري النقراشي باشا، إلا أحد أدوات هذه الجماعة المقيتة.
 
فتركيا الآن بعد تمكن تنظيم الأخوان الدولي من مفاصلها، لم تعد تركيا الأمس، بل غدت أشبه ماتكون بوكر إجرامي يدار بأيدي إجرامية قد خضبتها  الدماء، تسعى لخلق البلبلة والفوضى في الكيانات الأخرى المجاورة لها.
 
فهي بعد استقبالها أذناب جماعة الأخوان من المناوئين لحكومة مصر  المنتخبة، الذين اتخذوا منها مقراً لبث سمومهم ولإدارة مؤامراتهم ضد مصر وشعبها، هاهي الآن تمارس نشاطاً عدائيا، يتمثل في  مد أذرعها للعبث بالواقع السياسي لبعض الأنظمة العربية.
 
من ذلك مانراه يجري في ليبيا الآن، والمتمثل في تقديم الدعم العسكري واللوجستي لحكومة فايد السراج.
 
وهو مايمثل تدخلا سافرا في الشأن الليبي يسهم في تعقيد الوضع الداخلي و السياسي لهذا البلد المنكوب، وفي زيادة احتمال الوصول لتسوية ترتضيها جميع الأطراف، وهو ماعبرت عنه الدبلوماسية الفرنسية على لسان أحد مسؤوليها الذي أشار إلى أن التدخل التركي في ليبيا، يمثل خطراً بات على أبواب أوروبا، خاصة في ظل التفاهمات التركية الروسية بخصوص ليبيا.
 
وبأن التقدم الذي حققته قوات الوفاق على الأرض في ليبيا، ماكان يمكن أن يتحقق من دون التدخل التركي.
 
إن دس  تركيا لأنفها في الشأن العربي، ومنه الليبي، قد وصل لارسال فرقاطة من الدرجة الثالثة الفئة (G)، للمياه الأقليمية الليبية لتقديم الدعم لحكومة الوفاق، ضد الجيش الوطني خلال المعارك الدائرة في محيط سرت.
 
وهذا الأمر قد اماط اللثام عن الأهداف غير المعلنة لتدخل رجب طيب أردوغان في الشأن الليبي وسعيه لتغليب طرف على آخر.
 
فالرجل يسعى في المقام الأول لتحقيق اطماعه في النفط الليبي، فهو قد قال في مقابلة تلفيزيونية أجريت معه مؤخرا، إن العمليات العسكرية في مدينة سرت الليبية مهمة وحساسة، بسبب وجود آبار النفط والغاز، وإن قوات بلاده تسعى للسيطرة على مدينتي سرت و الحضرة الليبيتين.
 
والآن ومع تعاقب أخبار عدة، عن اعتزام حكومة أردوغان لإرسال فرقاطة حربية ثالثة، للمياه الإقليمية الليبية، فقد صار لزاماً أن يتم الوقوف بالمرصاد لهذا التدخل التركي السافر في الشأن الليبي، والعمل على العبث بمقدرات ليبيا وبأمنها الوطني.
 
مع ماسيتبع ذلك من تداعيات سلبية لهذا التدخل التركي السافر في الشأن الليبي ستطال دول الجوار الليبي ومن ضمنها جمهورية مصر. ومن هنا نستطيع فهم الحرص المصري على استقرار الوضع الداخلي الليبي، والذي تمت ترجمته عبر " إعلان القاهرة "، الذي جسد قمة التلاحم في المشاعر بين الشعبين المصري والليبي، و الذي طالب على هامشه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بأن تقوم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كل الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها.
 
ومن المنتظر أن يتزايد الدور المصري البناء لاحتواء أزمة ليبيا التي تفاقمت جراء التدخل التركي السافر ، فمؤخرا قد دعت عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي الشرعي، مجلس النواب المصري لاتخاذ موقف شجاع.
 
كما قد عبرت صراحة إلى أن مجلس البرلمان الليبي الشرعي قد يضطر إلى دعوة القوات المسلحة المصرية للتدخل إذا حصل تدخل أجنبي في بلادها.
 
إن مستقبل ليبيا قد صار على المحك، وعليه فقد حان الوقت أن تقوم مصر بدورها الريادي التاريخي  في المنطقة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق