بلازما دم المتعافين.. أمل جديد لمواجهة رعب كورونا

السبت، 13 يونيو 2020 06:53 م
بلازما دم المتعافين.. أمل جديد لمواجهة رعب كورونا
بلازما
أحمد سامي

نائب مدير مركز خدمات نقل الدم: تسلمنا قوائم بيانات المتعافين من كورونا للتواصل معهم ودعوتهم للتبرع

مدير مركز الحساسية والمناعة بمعهد المصل واللقاح: مصر من الدول الرائدة للعلاج بالبلازما لاستخدامها في علاج الكثير من الأمراض خاصة الايبولا وانفلونزا الخنازير والطيور

لا حديث يعلو اليوم في الشارع إلا عن نحاج تجربة استخدام "بلازما المتعافين" في علاج المصابين بفيروس كورونا، ورغم إعلان وزارة الصحة أن هذا العلاج سيستخدم فقط في الحالات الحرجة، وكعامل مساعد مع بروتوكول العلاج الذى تسير عليه الوزارة في التعامل مع المصابين بالفيروس، إلا أن مجرد الإعلان عن استخدام البلازما، اعتبر بمثابة طوق النجاة وبصيص أمل ليس فقط للمصابين بكورونا، وإنما أيضاً لمن لديهم حالة خوف او قلق من الإصابة بالفيروس.

"بلازما المتعافين" من كورونا أو "مصل النقاهة"، كما يسميه الأطباء في تعاملاتهم اليومية، ثبت من خلال التجارب السريرية أنه علاج فعال لاحتوائها على أجسام مضادة قادرة على مواجهة الفيروس في الدم، فبعد أن يصاب الشخص بجراثيم أو فيروسات معينة يبدأ الجسم في إنتاج بروتينات مصممة خصيصًا تسمى الأجسام المضادة لمحاربة العدوى، وبعد أن يتعافى الشخص، تطفو هذه الأجسام المضادة في دم الناجين، وتحديداً البلازما وهي الجزء السائل من الدم لشهور وحتى لسنوات.

والبلازما هي أكبر مكون في الدم، حيث تشكل حوالي 55٪ من المحتوى الكلي له، وعندما تكون البلازما معزولة، تكون سائلة وصفراء فاتحة اللون، وتحمل الأملاح والإنزيمات والغرض الأساسي من البلازما هو نقل العناصر الغذائية والهرمونات والبروتينات إلى أجزاء الجسم التي تحتاجها، كما تحتوي البلازما البشرية أيضًا على مكونات مهمة، مثل الجلوبولين المناعي (الأجسام المضادة)، وعوامل التخثر، وبروتينات الألبومين والفيبرينوجين، وعند التبرع بالدم، يمكن عزل هذه المكونات.

وبدأت مصر في الاهتمام بتجربة بلازما دم المتعافين منذ أن وافقت هيئة الدواء والغذاء الأمريكية على اعتبار البلازما أو مصل النقاهة آلية للعلاج من فيروس كورونا، خاصة بعد التأخر في التوصل إلى مصل وعلاج للفيروس.

من داخل مقر أكبر مركز لجمع بلازما المتعافين من كورونا ببنوك الدم القومية بمنطقة العجوزة بالجيزة، أطلعت "صوت الأمة"، على رحلة التبرع بالبلازما من المتعافين من كورونا حتى وصولها للحالات الحرجة لكورونا بمستشفيات العزل، وقالت الدكتورة فاتن مسعد نائب مدير مركز خدمات نقل الدم القومية بوزارة الصحة ورئيس المعمل المرجعي بالمركز، أنهم يتسلمون قوائم تتضمن بيانات المتعافين من كورونا بشكل مستمر للبدء في مهاتفتهم لدعوتهم للتبرع بالبلازما، موضحة أن عمليات التبرع تتم بعد التواصل مع المتعافي من كورونا حيث يتم ذلك بشكل تطوعي تام وبدون أي إلزام على أحد.

وقالت الدكتورة فاتن مسعد: "نحصل من المتبرع على كيس بلازما مباشرة من خلال جهاز أتوماتيكي يعمل بنظام الطرد المركزي، ونحن في المركز نتمتع بأعلى مستوى من الجودة في جمع البلازما ويتم فصلها في كيس كبير من المتبرع وبعد دخولها المعمل توزع لقرب أصغر بعد اخضاعها للفحص والتحليل الكامل وفق معايير قياسية لضمان فاعلية البلازما وسلامة الأجسام المضادة بها".

وأشارت إلى أن هناك ملصق على كيس البلازما يحتوي على سلسلة من البيانات تتضمن فصيلة الكيس والباركود الخاص بالمتبرع وبيانات الفحوص السيرولوجية المتعلقة بخلوة من الفيروسات مثل بي وسى والايدز والزهري، بالإضافة إلى فحص الحمض النووي وبيانات مركز خدمات الدم الإقليمية، وكذلك بيانات الاعتماد من جمعية بنوك الدم الأمريكية، وتابعت: يتوفر لدينا كل الفصائل حالياً ومدة صلاحية البلازما من 6 إلى 12 شهر من تاريخ السحب ويتم حفظها عند درجات التجميد.

وأضافت أن هناك فحوص سيرولوجية تتم على أكياس البلازما المتعلقة بالمتعافين أولها التأكد من خلوها من الأمراض مثل فيروسات سي وبي والزهري والأيدز من خلال الفحوص المطابقة للمعايير الدولية في نقل الدم والتي تتفق مع توصيات منظمة الصحة العالمية كما تخضع أيضا لاختبار الحمض النووي الذي يؤكد خلو الدم من الفيروسات، وتابعت: لدينا معايير وفحوص لقياس كفاءة ونسبة الأجسام المضادة في البلازما لتأكيد صلاحيتها وسلامتها.

ووضعت وزارة الصحة شروطاً للتبرع بالبلازما من المتعافين من كورونا تتضمن وجود دليل مسحة إيجابية لفيروس كورونا المستجد، وثانيها سحب 2 مسحة سلبية كدليل على تعافي المصاب، وثالثها مرور 14 يومًا على المتعافى من آخر مسحة سلبية مع عدم ظهور أي أعراض أخرى للفيروس، وبعدها يتم توقيع الكشف الطبي على المتعافي، كما يجب أن يتوافر فيه أيضًا شروط التبرع بالدم الأساسية وهي أن يكون سنه بين 18 إلى 60 عامًا، ويكون وزنه أكثر من 50 كيلوجرام، كما يقوم بالإجابة على استبيان شروط التبرع بالدم للتأكد من خلوه من الأمراض القلبية أو الصدرية المزمنة، وعدم إجراءه عمليات كبري من قبل، موضحًا أن شروط التبرع لا تنطبق على أصحاب أمراض (الفيروسات الكبدية، نقص المناعة، الزهري، ومرضى الأورام، ومرضى السكري الذين يستخدمون حقن الأنسولين كعلاج)، بينما تنطبق شروط التبرع على أصحاب الأمراض المزمنة من "السكري والضغط" المنتظم جراء تناول جرعات الدواء الخاصة.

وأوضحت الدكتورة أمنية محمود نائب مدير خدمات نقل الدم القومية للمتابعة وشئون الأقاليم أنه يتم تسليمنا قوائم بجميع المتعافين من كورونا عبر الخط الساخن 105 وبعد مراجعة البيانات يتم الاتصال بالمتعافي وإخضاعه لمجموعة من الأسئلة قبل القدوم للتبرع لمعرفة ما اذا كان سيصلح للتبرع من عدمه، مشيرة إلى أن هناك العديد من المتعافين محظور الحصول علي بلازما منهم وهو المصابين بالأورام والسكر ويحصلون علي الأنسولين وأمراض الكلي وأمراض القلب والذين قاموا بإجراء عمليات جراحية خلال أخر 3 شهور من التبرع وكذلك الذين قاموا بعمليات في أسنانهم وتابعت نوفر مناخ جيد للمتبرع وهناك إقبال كبير من جانب المتعافين وأضافت نقوم بعمل كشف طبى كامل قبل التبرع يشمل اختبار الأنيميا وقياس الضغط للاطمئنان.

وأعلنت دار الإفتاء أن التبرع بدم البلازما فرض واجب على المتعافين بل أكدت أن بيع الدم المحمل بالبلازما من مرضى كورونا حرام شرعا ومرفوض دينيا، فجسد الانسان وما يحويه ليس للبيع، لكنه ملك الله لا يجوز المتاجرة به خاصة في ظل هذه الجائحة.


الأطباء: المتبرعون أساس الخروج من الجائحة

من جانبه أكد الدكتور امجد الحداد، مدير مركز الحساسية والمناعة بمعهد المصل واللقاح، أن التبرع بالبلازما كحال التبرع بالدم حيث يتم سحب الدم واستخلاص البلازما وهى الاجسام المضادة لفيروس كورونا، وهو أمر مفيد جدا للمتعافين، فبعد الشفاء فإن وقت سحب الدم يتم اجراء كافة التحاليل ويتأكد المتعافى من خلوه من اي إصابات، وبعدها يتم إجراء تحاليل لأكياس البلازما لضمان صلاحيتها، والتأكد من عدم إصابة هؤلاء الأشخاص بأمراض أخرى، وفصل الكرات الحمراء عن كرات الدم البيضاء و هي التي تحتوي على البلازما، لافتاً إلى أن بلازما الدم تحقن للمريض بالفيروس خاصة الحالات الحرجة، لتقاوم الفيروس داخل الجسم الإنسان، بالإضافة الي برتوكول العلاج المحدد من قبل الوزارة، وقد أثبتت التجارب سرعة البلازما في نقل الحالة من شديدة الخطورة إلي متوسطة الخطورة، موضحا أن التبرع بالبلازما لا يشكل اي ضرر على المتبرع، بل على العكس هو تنشيط الدورة الدموية وتجديد الخلايا كما انها خدمة قومية للدولة وعمل انساني للمصابين لتخفيف الالم عنهم، وليس لها أي مخاطر على المصابين فالحقن يتم بعد إجراء توافق للمصاب والتأكد من قابلية الجسم للأجسام المضادة.

وأشار الحداد إلى أن مصر من الدول الرائدة للعلاج بالبلازما، حيث يتم استخدامها، في علاج الكثير من الأمراض وفى مراكز لنقل الدم وفصلها، وهناك توجيهات من القيادة السياسية بإقامة مصنع لمشتقات الدم، موضحا أنها استخدمت من قبل في علاج الايبولا وانفلونزا الخنازير والطيور.

وقال الدكتور أحمد محمد الجندى أستاذ كلية الطب جامعة الإسكندرية، أن المتعافى من فيروس كورونا اكتسب أجسام مضادة ومناعة تحميه من الإصابة، وإذا كان هذا المتعافى صالح للتبرع بالدم وخالى من الأمراض المزمنة يتبرع بجزء من الدم اسمه البلازما أو الدم الأبيض، والذى يحتوى على الأجسام المضادة لفيروس كورونا وأشياء أخرى.

أوضح سراج الدين، أن الأزمة التى تواجه التبرع بالبلازما هى عدم توافر المتبرعين خاصة أن التبرع أمر اختياري وليس اجباري، وبالتالي فإن المشكلة في كيفية التوصل للمتبرعين وإقناعهم، وقال "تقوم مراكز الدم باختيار من يصلحون للتبرع من خلال قوائم المتعافين، ومن ثم إبلاغ وزارة الصحة بهم للتواصل معهم من خلال فريق الدعم النفسي بالوزارة"، مطمئنا المتبرعين بعدم وجود مخاطر عليهم خاصة أن العلاج أظهر نتائج مبشرة جدا ليس فى مصر وحدها لكن فى بعض الدول، كما سيتم التوسع في المراكز التي تقبل التبرع في الأقاليم لتسهيل انتقال المتعافى للتبرع بدمه ولا يستلزم الأمر السفر إلي المراكز المعتمدة.


بداية التجربة فى مصر

في الاول من ابريل لجأت وزارة الصحة لحقن الحالات الحرجة من مصابي فيروس كورونا بالبلازما في إطار سعيها لإيجاد خطوط علاجية، واستندت في هذه الخطوة إلى إعلان هيئة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA"، حول إمكانية استخدام البلازما الخاصة بالمتعافين في علاج الحالات الحرجة، لاحتوائها على الأجسام المضادة للفيروس، ما يزيد احتمال تحسن تلك الحالات، وفي الأول من مايو الماضي، أعلنت وزارة الصحة نجاح حقن أول مريض بفيروس كورونا ببلازما أحد المتعافين من الفيروس، أن النتائج كانت إيجابية بعد 48 ساعة، وحقن الأطباء أحد الحالات الحرجة بالبلازما، وبعدها بدأت مؤشراته في التعافي، وقل احتياجه لأجهزة التنفس الصناعي، ليتم بعدها الإعلان عن دعوة المتعافين للتبرع بالبلازما لاستخدامها ضمن برتوكول العلاج خاصة للحالات الحرجة


الصين أول من استخدمتها على 245 مريض كورونا

في الاول من مارس أعلنت الصين عن بدء استخدام البلازما على 245 مريضا تلقوا العلاج بالبلازما من المرضى المتعافين، وتحسنت 91 حالة منهم، وتم السيطرة على الأعراض واسفرت عن نتائج مبشرة يمكن الاستناد عليها فى العلاج والابحاث ، وتحتوى البلازما على الجلوبيولين المناعي المفرط ، الذى يركز على الأجسام المضادة في المريض الذى تعافى، حيث تمنح جهاز المناعة دفعة من الأجسام المضادة على أمل أن تمر بها في المرحلة الصعبة للغاية، لذا يجب إعطائه فى الوقت المناسب.

وبدأت المستشفيات الأمريكية بالفعل بعلاج المرضى المصابين بـ "كوفيد-19" بـ"البلازما" التي تحتوي على مضادات حيوية تقوي مناعة المريض، وجاءت الخطوة بعد أن أعطت الوكالة الأمريكية للأدوية والعقاقير الضوء الأخضر باستخدام هذا العلاج.

وفي اليابان قامت إحدى شركات الأدوية بالاعلان عن  تطوير دواء، باستخدام أجزاء من الجهاز المناعي المشتق من بلازما  الأشخاص المتعافين من فيروس كورونا، ويعمل العلاج من الناحية النظرية، عن طريق وضع البروتينات المضادة للمرض من المرضى الذين تعافوا، في الأشخاص الذين ما زالوا يقاتلون المرض، و يمكن لجسم المرضى بعد ذلك استخدام هذه البروتينات المسماة الأجسام المضادة، كما لو أنها كانت موجودة لديهم بدلاً من الاضطرار إلى صنعها من نقطة الصفر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق