"الأرض مليانة كمامات يا شيخ عتمان".. حملات رفض شعبي لإلقاء الكمامات والنفايات الطبية في الشوارع

الأحد، 14 يونيو 2020 03:00 ص
"الأرض مليانة كمامات يا شيخ عتمان".. حملات رفض شعبي لإلقاء الكمامات والنفايات الطبية في الشوارع
أحمد قنديل

صادق غطاس عامل نظافة بحي السيدة زينب: متخوفون من الإصابة بكوورنا لتعاملنا يومياً مع هذه النفايات

سامية عبد العزيز عاملة نظافة بالشيخ زايد: الظاهرة موجودة في المناطق الشعبية والراقية

 

"أرضي مليانة كمامات ياعم الشيخ عتمان".. عبارة ساخرة مستنكرة مأخوذة من سياق أحد الأفلام العربية الشهيرة، انتشرت بين رواد لشبكة المعلومات الدولية - (الإنترنت) عبر منصات التواصل الاجتماعي، أسفا على الظاهرة المشهودة التي تتضمن إلقاء النفايات الأرضية بالشوارع والطرقات، معتبرين أن هذه الأفعال تدل على التزام ينقصه الوعي، ومؤكدين أن التزامهم يحاول الوقاية من المرض، ولكن عاداتهم وثقافاتهم تغلب على الأمر وتساهم في انتشار الوباء.

منذ اليوم الأول لإعلان الدولة للإجراءات الوقائية للتعايش مع الجائحة، التي كان من أبرزها إلزام المضطرين للذهاب إلى أعمالهم والمترددين على الأسواق والأماكن العامة بارتداء الأقنعة الطبية - (الكمامات)، وحذر مستخدمو التواصل الاجتماعي من ظاهرة التخلص منها بعد استخدامها في الشوارع، مؤكدين أنها تنتشر في كافة الأنحاء، واضطرار تعامل عمال النظافة معها، ما قد يصيبهم بالوباء، وشددوا على ضرورة إيجاد حل لهذا الأمر.

"صوت الأمة" تحرت حول الحكايات المذكورة عبر منصات التواصل بشأن انتشار مخلفات الأقنعة الطبية والقفازات بالشوارع، وبالفعل تبين انتشارها، لذا نرصد على النحو التالي الموقف العام لهذه العادة السيئة وأراء المواطنون وعمال النظافة حولها، بالإضافة إلى استعراض موقف الجهات المعنية من انتشار العادة وأثارها التهديدية على سلامة المجتمع، كما نسلط الضوء على التحذيرات العالمية في هذا الشأن وأبرز التعاملات الحكومية معه.


عمال النظافة في مرمى الخطر

يؤكد صادق غطاس، عامل نظافة بحي السيدة زينب، انتشار الكمامات الطبية في الشوارع واضطرارهم للتعامل معها، مشيرا إلى أنهم متخوفون من الإصابة بالمرض نتيجة تعرضهم لهذه النفايات، مضيفاً: "علمنا بإصابة عدد كبير من عمال النظافة في أحياء مختلفة بكورونا، ولا نعرف إذا كان السبب اختلاطهم بمرضى أو بسبب أعمالنا"

ومن جانبها تقول سامية عبد العزيز عاملة نظافة بأحد المجمعات السكنية الفاخرة في مدينة الشيخ زايد، إن ظاهرة إلقاء الكمامات على الأرض منتشرة بالبلد كلها، مؤكدة أنه لا توجد منطقة تفرق عن الأخرى في هذه العادة، مشيرة إلى أن المناطق السكنية الراقية تتساوى مع المناطق الشعبية في هذه العادة، موضحة إن "السكان والمارة يلقون الكمامات في الشوارع والنفايات التي نتعامل معها بعد استخدامها"، لافتة إلى إنها تحاول تجنب الإصابة من خلال ارتداء الكمامة والقفاز خلال فترة عملها واضطرارها للإمساك بهذه المخلفات.

وعلى صعيد متصل، أهاب وائل إبراهيم مهندس مدني بحهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة، المواطنين بمراعاة القيم الإنسانية تجاه عمال النظافة والتخلص من النفايات الطبية بطريقة سليمة، من خلال وضعها في أكياس بلاستيك وإغلاقها جيدا قبل التخلص منها، معبرا عن أسفه تجاه ظاهرة إلقاء النفايات المنتشرة، مشددا على أن عمال النظافة والمتعاملين مع النفايات بشر ولهم حقوق وواجبات ينبغى على المجتمع الاعتبار لها.


حملات تناهض الظاهرة وتحذيرات من إعادة تدوير الكمامة

إلقاء الكمامات المستعملة في الشوارع أصبح سلوك مستهجن لدى غالبية المصريين، وهو ما أكده ماجد الشاعر، الذى اكد على أهمية ارتداء كافة المواطنين الكمامات الطبية خلال تعاملاتهم، لكن مع مراعاة حقوق الغير، معلقا: "شيء مبهج أن نرى الجميع محتاطا ويتخذ التدابير اللازمة للوقاية من المرض خلال الظروف الراهنة، ولكن سرعان ما نشعر بالحزن عندما نجد أن هذا الالتزام ينقصه الوعي"، مشيرا إلى طريقة التخلص من الكمامات والقفازات بصورة خاطئة ما يعرض الآخرين للخطر، مطالباً بأهمية وضع ضوابط لهذا الأمر من قبل السلطات الأمنية ونشر حملة وعي بين الناس عن طريق وسائل الإعلام والوزارات المعنية.

وتوازيا مع التحذيرات الجماهيرية، دشن عدد من رواد منصات التواصل الاجتماعي، حملة تحث المواطنين على عدم إلقاء النفايات الطبية في جهات العمل والشوارع بصورة خاطئة في أماكن تجمع القمامة، منددين بهذه الأفعال باعتبارها غير مسئولة، ونشروا صور ترصد هذه الظاهرة، ووثق أخرين جرائم يتم ارتكابها من خلال هذا الفعل، حيث رصدت بعض الصور استغلال البعض لهذه الكمامات وجمعها وغسلها بغرض بيعها مرة أخرى للمواطنين.

 

تحركات برلمانية لمناهضة الظاهرة

كان البرلماني سامي المشد عضو مجلس النواب، قد حذر من خطورة الانتشار الواسع للنفايات الطبية، والتخلص منها بصورة خاطئة، وعدم وجود التوعية والرقابة اللازمتين للسيطرة عليها، مشيرا إلى أن عمال القمامة غير مدربين على التعامل مع هذه النفايات، وهو الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر كما يعرض حياة المواطنين أيضا لخطر انتقال العدوى والإصابة بفيروس كورونا.

وتقدم المشد، بمقترح برلماني يتضمن فرض غرامة من 100 لـ 500 لمن يلقي كمامة أو غيرها من النفايات الطبية بالشارع، مطالبا بالعمل على وضع منظومة للتخلص من النفايات الطبية الموجودة بالشوارع خاصة بعد قرار الحكومة بالارتداء الإجباري للكمامة خلال خطة التعايش مع الوباء، وشدد المقترح على أهمية توفير آلية لجمع النفايات الطبية من الشوارع دون الاعتماد على عمال القمامة، وتوعية المواطنين بخطورة النفايات وتوجيههم لكيفية التخلص منها بشكل آمن.

كما قدم عدد من البرلمانيين، طلبات إحاطة للحكومة لمناقشتها حول خطة للتخلص الآمن من النفايات الطبية المستخدمة للوقاية فيروس كورونا المستجد، رجوعا لكونها تسبب إشكالية كبرى وخطورة محتملة لتفشي المرض، وتضمنت طلبات الإحاطة، التوعية بضرورة تحسين إدارة نفايات الوباء من المستلزمات الطبية سواء كانت طبية أو منزلية وأولوية هذه الإجراءات، محذرين من الخطورة المحتملة لعا والآثار الخطيرة على الصحة العامة وبالتالي الاقتصاد.

 

إجراءات السلطات التنفيذية في مواجهة الظاهرة

كانت وزارة البيئة، حددت 3 خطوات للتخلص الآمن من مستلزمات الوقاية من فيروس كورونا، وتتضمن غسل الجوانتى قبل خلعه، ثم الكمامة جيدا بالماء والصابون، من 40 إلى 60 ثانية، وذلك بعد استخدامهم وقبل التخلص منهم، يجب تقطيعهم إلى قطع صغيرة، وتجميعهم فى كيس صغير، وإلقائه فى سلة القمامة، لمنع أى فرصة لنقل الفيروس، أو إعادة استخدامهم، وذلك للحد من انتشار عدوى فيروس كورونا، ومنع إعادة تدويرها أو استغلالها بشكل ضار بالصحة والبيئة.

وحذرت الوزارة من عدم اتباع التعليمات لخطورة تأثير هذا على انتشار الوباء، وتعمل الوزارة على فتح قناة اتصال مع الجهات المعنية لتشديد الإجراءات في هذا الشأن وتنفيذ العقوبات ضد من يتعامل مع النفايات بشكل غير سليم، بالإضافة إلى التنسيق والتعاون مع وزارة الصحة لإرشاد المتعاملين مع المخلفات الناتجة من المستشفيات لطرق التعامل.

وعن طرق التخلص من هذا النفايات، أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة في تصريحات صحفية سابقة، أنه يتم فصلها عن باقى المخلفات وتطهيرها، ونقلها بطرق منفصلة عن غيرها من النفايات، وأن يتم تخصيص خلية خاصة مبطنة بالجير الحى، ووضع طبقات من الجير الحى، للتأكد من القضاء على الفيروسات الموجودة بها.

وبالنسبة للقوانين المكافحة لهذه الظاهرة، يذكر أن القانون المصري غلظ عقوبة إلقاء القمامة فى الشارع، بهدف تحقيق الردع العام والخاص للحد من انتشار، ظاهرة إلقاء المخلفات فى غير الأماكن المخصصة لذلك، على نحو يُشكل خطورة تهدد البيئة والأفراد وتكدر سكينتهم فضلاً عن تعريض أرواحهم وسلامتهم للخطر وإلحاق الضرر بممتلكاتهم ومصالحهم ومكتسباتهم، وذلك وفقا لقرار أصدره الرئيس السابق عدلي منصور بتعديل بعض أحكام القانون رقم "38 لسنة 1967" فى شأن النظافة العامة المُعدل بالقانون رقم 106 لسنة 2012، والذي نص على فرض عقوبتي بلمخالف الحبس وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها فى قانون آخر.

 

تحذيرات وإجراءات دولية للحد من الظاهرة

وفي سياق متصل، كان الدكتور جون جابور، ممثل عن منظمة الصحة العالمية بمصر، حذر خلال ندوة سابقة حول تحليل وضع فيروس كورونا بالمعهد العالي للصحة العامة، من استخدام الكمامات بطريقة سيئة، مشيرا إلى احتمالية تحولها من وسيلة وقاية إلى مصدر للعدوى.

وعن تدابير المجتمعات المختلفة في مواجهة الظاهرة، كانت دولة إيطاليا قد فرضت غرامة تتراوح ما بين 75 إلى 450 يورو على مَن يتخلصون من الأقنعة الواقية والقفازات بإلقائها في الشارع، وذلك بعد عثور المعنيين بالعمل في البلديات على  مئات من الأقنعة الواقية والقفازات الملقاة على الأرض بالقرب من المتاجر.

كما أعلنت شرطة أبوظبي عن فرض عقوبات على المخالفين بإلقاء الكمامات والقفازات على الطرق والمرافق العامة بعد استخدامها، متمثلة في فرض غرامة تبلغ 1000 درهم أي ما يعادل 272 دولارًا.

من ناحية أخرى، أوصت المراكز الأمريكية لمراقبة الأمراض والوقاية منها ومنظمة الصحة العالمية والمؤسسات المعنية بالصحة والبيئة في دول انتشار الوباء، بارتداء أقنعة واقية قماشية قابلة للغسل في الأماكن العامة.

ونوهوا إلى أن الالتزام بهذه التوصية يساهم في حصر استخدام أجهزة التنفس الأحادية الاستخدام والأقنعة الجراحية بأفراد الطواقم الطبية وغيرهم من الأفراد في الفئات الأكثر عرضة للإصابة، بالإضافة ألى تقليل النفايات الطبية والتي تهدد المجتمع.

 

11 (1)
11 (1)

 

11 (2)
11 (2)

 

11 (3)
11 (3)

 

11 (4)
11 (4)

 

11 (5)
11 (5)

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة