اقتصاد ما بعد كورونا.. قطاعات تحتاج للاهتمام بعد فترة الجائحة

الخميس، 18 يونيو 2020 09:00 ص
اقتصاد ما بعد كورونا.. قطاعات تحتاج للاهتمام بعد فترة الجائحة
كورونا
هبة جعفر

كشفت أزمة كورونا على مستوى العالم عن أزمات عديدة تعرض لها الاقتصاد العالمي بشكل عام والمصري بشكل خاص ولكن فى كل كبوة تظهر الانفراجه فقد ساهم المشروع الاقتصادي المصري المطبق منذ ثلاث سنوات على تحمل مصر للصدمات الاقتصادية، وباتت ثالث دولة بعد الصين والهند في تحمل الصدمات.
 
وأظهرت الأزمة بعض القطاعات الاقتصادية التي تستوجب العمل على زيادة ضخ الأموال فيها والاهتمام بالعمل على تطويرها وتحسين الخدمات المقدمة من خلالها وهذا ما نستعرضها خلال التقرير:
 
قال الدكتور محمد راشد، أستاذ الاقتصاد بجامعة بني سويف، إن بالطبع جائحة كورونا تستدعي إعادة النظر في طبيعة السياسات الاقتصادية المتبعة على مستوى العالم وأولها تحقيق أكبر قدر ممكن من الاكتفاء الذاتي من الأمن الغذائي وهو ما يتطلب توجيه أكبر قدر من الاستثمارات للقطاع الزراعي والاهتمام بزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية من خلال التوسع الأفقي باستصلاح واستغلال قدر أكبر من الأراضي الصالحة للزراعة وكذلك ضرورة الاهتمام بالتوسع الرأسي من خلال الاعتماد على أفضل البذور المنتخبة عبر عمليات الهندسة الوراثية لمضاعفة الإنتاج وتعظيم القيمة والعائد على الاستثمارات الزراعية.
 
وأضاف راشد في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة"، أن وجود قطاع زراعي قوي سيدعم بقوة القطاع الصناعي الذي لديه قدرة كبيرة على توليد قيمة مضافة واستيعاب أكبر قدر من القوى العاملة علاوة على مساهمته بدرجة كبيرة في الارتقاء بقيمة الصادرات، كما يتعين على الدول توجيه قدر أكبر من الموارد المالية إلى القطاع الصحي لأن انهيار هذا القطاع يعني انهيارات اقتصادية متتالية وهذا أحد الدروس المستفادة من أزمة فيروس كورونا حتى الآن.
 
وأوضح أن القطاع الصحي يعتبر خط الدفاع الأول فى مثل هذه الأزمات ولذا وجب وجود خطط مستقبلية لتدعيمه بدلا من سباق التسلح الزائد عن الحد الذي تنجر إليه العديد من الدول ولا سيما التي يطلق عليها الدول الكبرى والذي يستنزف الموارد التي كان يمكن استخدامها في الارتقاء بصحة الإنسان وتعليمه ورفع مستوى رفاهيته وبما يساعد على تقديم قدر وافر من المساعدات للدول الأقل دخلا للأخذ بيدها وانتشالها تدريجيا من مستنقع الفقر الذي تقبع فيه. 
 
واستكمل الخبير الاقتصادي، أن العالم في حاجة لعقد اجتماعي جديد يتركز مضمونه في ضرورة وجود سياسات اقتصادية تعاونية تقوم على المصالح المتبادلة اقتصاديا وأن التعاون في مواجهة المخاطر أصبح ضرورة بدلا من الدخول فى مواجهات عسكرية مدمرة للجميع وتستنزف حقوق الأجيال القادمة فى العيش الكريم، كما أظهرت أزمة فيروس كورونا ضرورة تخصيص نسبة أكبر من موازنات الدول للإنفاق على البحث العلمي، مضيفا: "بالنسبة لمصر أقترح أن يكون هناك صندوق لكل قطاع من القطاعات  يوجه إليه كل عام 5% من صافي أرباح الشركات داخل هذا القطاع على أن يستفيد جميع القطاع من براءات الاختراع التي سيتم التوصل إليها وذلك في ضوء الربط بين القطاعات المختلفة وبين الجامعات والمراكز البحثية".
 
وتابع: أزمة فيروس كورونا ستغير الرؤى الاقتصادية بخصوص نسبة الدين العام للناتج الإجمالي والتي تشير الدراسات إلى أنه من الأفضل ألا تتعدى النسبة 60% وفي الحقيقة أن كثير من الدول تتعدى هذه النسبة وهو ما يشكل ضغط على موازنات الدول من حيث أعباء الدين العام من اقساط وفوائد، علاوة على أن ذلك يقلل من المرونة في مواجهة الصدمات الاقتصادية الكبيرة كصدمة فيروس كورونا، ولا سيما إذا كانت هذه الدول تحقق معدلات نمو اقتصادي متدنية بأقل من 3% ولتحفيز الاقتصاد على المستوى العالمي فيما بعد كورونا سيكون للدولة دور هام للغاية من خلال الاستعانة بالأفكار الكينزية التي ترى أن تدخل الدولة أساسي لإعادة دوران عجلة الاقتصاد مرة أخرى. 
 
واختتم أستاذ الاقتصاد، قائلا: "في مصر أتصور أنه من الضروري بعد انقشاع هذا الفيروس استكمال برنامج الخصخصة المزمع والذي يمكن أن يجلب نحو 80 مليار جنيه مصري، واستخدام هذا المبلغ في تمويل إنشاء شركات مساهمة مصرية عملاقة في القطاعات التي تريد الدولة الارتقاء بها ولسد احتياجات السوق المحلي على ألا تزيد حصة الدولة في هذه المشروعات عن 25% على أن تطرح باقي الأسهم للاكتتاب العام من قبل المستثمرين بحيث لا تتجاوز حصة شخص طبيعي أو معنوي أو عائلة نسبة 20% حتى لا يحدث احتكار وتطرح هذه الشركات في البورصة وبمجرد أن تعمل الشركة وتضخ إنتاجها يمكن بيع حصة الحكومة في البورصة للدخول في إنشاء شركة جديدة وهكذا".
 
وأوضح أن هذا المقترح سيعمل على تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار من خلال هذه المبادرة وفي نفس الوقت نظام الشركات المساهمة يشجع العاملين على الإنتاج والعمل بكفاءة لأنهم يحصلون على 10% من الأرباح وكذلك سينعكس ذلك إيجابا على البورصة المصرية من خلال طرح هذه الشركات فيها بما يجذب عملة صعبة من خلال استثمار الأجانب في هذه الشركات ويمكن بتلك الآلية إنشاء شركات عملاقة في البتروكيماويات والصناعات المغذية وإنتاج السيارات والمركبات الصغيرة كالتوكتوك والدراجات الهوائية والبخارية بدلا من استيرادها وتأسيس شركات للتنقيب عن البترول والغاز والذهب وأساطيل للصيد لاستغلال مواردنا البحرية وشواطئنا الممتدة لآلاف الكيلومترات وكذلك فى مجال الطاقة المتجددة فى ظل اتجاه العالم نحو تحقيق التنمية المستدامة مع مبادرة شبيهه بالتي طرحها البنك المركزى للمشروعات الصغيرة بفائدة 5% ليحدث التكامل بين المشروعات الصغيرة والكبيرة ويستطيع الاقتصاد الانطلاق بسرعة وخلق فرص عمل كثيرة استنادًا على بنية تحتية وتكنولوجية قوية تم تأسيسها على مدار السنوات القليلة الماضية في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي حقق نجاحا ملموسا شهد به القاصي والداني وفى ظل رغبة محمومة لدى القيادة السياسية باستكمال النجاحات الاقتصادية التى تحققت خلال الفترة الماضية.
 
ومن جانبه أكد خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والابحاث الاقتصادية، أن كل القطاعات الاقتصادية هامة ولا بد من العمل على تطويرها جميعا وهذا ما جعل الاقتصاد المصري قادرا على مواجهة الأزمة والخروج بأقل الخسائر ولا بد من التركيز على كافة القطاعات لأنها تشكل منظومة متكاملة في صياغة الاقتصاد.
 
وأضاف: بلا شك أن هناك الكثير من القطاعات التى تأثرت بالظروف الحالية والسياحة والنقل والطيران وهي تحتاج لمزيد من ضخ الأموال وتذليل كافة العقبات الموجودة لتهيئة المناخ لعودتها بالشكل الطبيعي مرة أخرى ونمو بشكل أكبر.
 
وأوضح الشافعى في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة"، أن الأمور الاقتصادية تسير بشكل إيجابي فالحكومة أصبحت سابقة بخطوة لانتشال الدولة من أي عثرات تهدد استقرارها الاقتصادي والعمل على خطة التطوير الموضوعة لفترات قادمة وقد وضعت الحكومة على رأس أولوياتها الصحة والتعليم وخصصت لهم الجزء الأكبر في موازنة العام الجاري مما يؤكد على تقدير الدولة للأزمة وفهم أبعادها.
 
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الاقتصاد الخاص يشكل جزءا هاما وشريكا أساسيا في الاقتصاد المصري ولكن لا بد من صياغة العلاقة مع الاقتصاد الخاص مرة أخرى ووضع ضوابط جديدة للتعامل بما يحقق المحافظة على حقوق العاملين وعدم الاجحاف بحقوقهم وتنمية الدور المجتمعي لبعض المؤسسات الخاصة اتجاه المجتمع باعتباره شريك أساسي في التنمية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة