عماد رؤوف يكتب: جبل الثلج

الأحد، 21 يونيو 2020 11:00 ص
عماد رؤوف يكتب: جبل الثلج
عماد رؤوف

 
عادة ما يري البحارة في المياه الباردة قطع جليدية تطفو علي السطح، من بعيد تبدو صغيرة لكنها في الحقيقة كتل ضخمة من الجليد في حجم الجبال تمتد لعشرات بل ومئات الأمتار تحت سطح البحر، تلك الكتلة الضخمة هي التي تحافظ علي قوة وتماسك كتلة الجليد ولا يظهر منها إلا قليلاً علي السطح وهو ما لا يمثل الحجم الحقيقي لجبل الثلج.
 
هذا هو الحال مع تجربة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، فهي مثل جبل الثلج من بعيد قد تري بعض مخرجات التنسيقية من أخبار أو مبادرات أو أوراق سياسية، لكن إذا اقتربت وأمعنت النظر تحت السطح ستري جبل الثلج الضخم، وستدهش حتماً ليس فقط من حجم العمل اليومي والمجهود المبذول لإخراج تلك المخرجات، بل وأيضاً من طريقة العمل الجماعي وإدارة الاختلاف، خاصة وأن أعضاء التنسيقية يمتازون بتنوع فكري وثقافي فريد لا مثيل له في الساحة السياسية، فهي تجمع في عضويتها ممثلين عن ستة وعشرون حزباً سياسياً بالإضافة إلي شباب سياسي مستقل يمثلون جميعهم ألوان الطيف السياسي من اليمين واليسار، المؤيد والمعارض، الليبرالي والمحافظ، الرأسمالي والإشتراكي، ويجمعهم عقيدة مشتركة وهي أن الديمقراطية تعمل علي النهوض بالدول وبناء الحاضر والمستقبل وتحقق المساواة والعدالة الإجتماعية، وأن الحياة الديمقراطية السليمة تُبني علي ثقافة الحوار والعمل المشترك.
 
هذه العقيدة هي التي تحافظ علي قوة وتماسك هذا الكيان الذي ينمو ويكبر يوماً بعد يوم، وتعزز دور التنسيقية كمنصة للحوار السياسي الجامع وتفتح مجالات العمل المشترك بين كل الفاعلين في العمل العام وأصحاب الرؤي للوصول لمساحات اتفاق مشتركة في القضايا الوطنية. ولا يقف دور التنسيقية إلي هنا بل ويمتد أيضاً إلي تدريب وتأهيل أعضائها ليكونوا قادة المستقبل في ميادين العمل العام المختلفة.
 
وفي احتفالها بمرور عامها الثاني أهدت لنا التنسيقية نتائج الحوار الوطني حول الاستحقاقات الانتخابية لمجلس النواب ومجلس الشيوخ والمجالس المحلية، وجمعت فيه رؤي أحزاب سياسية وشخصيات عامة وأعضاء التنسيقية حول القوانين المنظمة للاستحقاقات الانتخابية، هذا الحوار الوطني الذي تبنته التنسيقية علي مدي أربعة أشهر هو الأكبر من حيث عدد المشاركين وتنوع الآراء والرؤي السياسية، والذي فيه أخذت التنسيقية علي عاتقها المسئولية السياسية لإتاحة الفرصة لكافة الأطراف لعرض رؤيتها ووجهات نظرها بكل حرية ونقلها بأمانة في تقرير نتائج الحوار هذا الذي تم تسليم نسخة منه لرئيس البرلمان حتي يكون متاحاً لنواب الشعب.
 
تحية للتنسيقية في عيدها وتحية لمن وقف وآمن ودعم هذه التجربة منذ اليوم الأول وحتي الآن.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق