مختار محمود يكتب:

لينين الرملى .. ولماذا يأتى التقدير متأخرًا؟

الإثنين، 22 يونيو 2020 03:49 م
لينين الرملى .. ولماذا يأتى التقدير متأخرًا؟
مختار محمود

 
 
هل كان يجب أن يموت الكاتب والمبدع لينين الرملى أولاً؛ ليتم منحه جائزة النيل فى الفنون؟ ولماذا لا يتم تكريم المبدعين الحقيقيين فى حياتهم، هل يجب أن يكون المبدع مقربًا من السلطة الحاكمة داخل ما يُسمى "المجلس الأعلى للثقافة"؛ حتى يتم تكريمه فى حياته؟ تساؤلات كثيرة تفرض نفسها كل عام مع إعلان أسماء الفائزين بجوائز النيل وجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية. لا تبدو الأمور على ما يُرام داخل هذا المجلس الذى يعترى أداءه كثير من علامات الاستفهام والتعجب. لا يبدو هذا المجلس الحكومى مؤسسة منضبطة، ولكنه يبدو فى أفضل أحواله أشبه بـ "عزبة" أو "تكية"، تحكمها الأهواء الشخصية والحسابات
 
الرخيصة. السنوات الماضية شهدت تتويج عدد من المشبوهين بأرفع الجوائز لمجرد أنهم مقربون من "الشلة المسيطرة" داخل المجلس، أو من المتجاوزين بحق الذات الإلهية والأديان السماوية، مثل: سيد القمنى صاحب كتاب: "الحزب الهاشمى وتأسيس الدولة الإسلامية" وحلمى سالم مؤلف قصيدة "فى شرفة ليلى مراد". العام الماضى أيضًا شهد منح الفتى المُدلل "جابر عصفور" جائزة النيل، رغم أنه لم يقدم أى منجز أدبى طوال حياته يجعله جديرًا بها، بشهادة تلامذته وزملائه، وكان حصوله على الجائزة حديث الساعة، كما كان عنوانًا صارخًا على حالة المجاملات الصارخة التى تعترى منح الجوائز فى الدول العربية،
وأكدت أن الجوائز فى مصر تذهب إلى من لا يستحق غالبًا. بالعودة إلى "لينين الرملى"، الذى يوصف بأنه أحد العلامات البارزة في المسرح المصري
 
والعربي، فإن الرجل ظل مريضًا فترة طويلة لا يسأل عنه أحد، ولم يفكر المجلس فى تكريمه طوال هذه الفترة. ربما كان "الرملى" الذى رحل فى مطلع العام الجارى وتحديدًا قبل 4 أشهر فقط، يحتاج إلى هذه الجائزة الرفيعة فى محنة المرض؛ ليشعر بقيمة ما قدمه وأبدعه، بدلاً من الإحساس بمرارة التجاهل وقسوة النسيان. المبدع هو الأوْلى بالصعود إلى المسرح وحمل جائزته والحديث لوسائل الإعلام عن مسيرته الحافلة. المبدع هو الأحق بالفرحة والسعادة وليس ورثته. هل اكتشف سدنة المجلس الأعلى للثقافة بعد وفاة "الرملى" بأربعة أشهر فقط أنه كان مبدعًا من طراز فريد، ليمنحه جائزة النيل، أم أنه استطاع أن يبدع أعمالاً جديدة بعد وفاته؟ لقد استقبل المثقفون فوز رائد أدب الطفل يعقوب الشارونى "90 عامًا" مثلًا بحفاوة كبيرة؛ لأنه يستحقها، ولكن ألم يكن يستحقها قبل 20 أو 30 عامًا مثلاً؟ ألم يكن الروائى الكبير  محمد جبريل "82 عامًا" يستحق جائزته التى حصل عليها مؤخرًا قبل 10 أو 15 عامًا؟!
 
لا يجب أن تبقى الأهواء والعلاقات الشخصية هى الحاكمة والمتحكمة فى تكريم المبدعين الحقيقيين الذين لا يتسولون الجوائز أو يجيدون التربيط للسطو عليها بسيف الحياء مثل: "جابر عصفور". كرِّموهم فى حياتهم؛ فهم أولى وأجدر من غيرهم بلحظات الفرحة والسعادة والتقدير ورفع الجائزة. طهروا المجلس الأعلى للثقافة مما يعتريه من رداءة فى الإدارة وفى توزيع الجوائز، وابحثوا عن سياسة أكثر عدالة وانضباطًا، حتى لا تذهب الجوائز كل عام إلى مَن لا يستحق، أو يحصلوا عليها بعد "طلوع الروح"!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق