30 يونيو.. ثورة أعادت للعرب سيادتهم ونصرتهم على مشروع الخلافة وحكم الميليشيات

السبت، 27 يونيو 2020 07:00 م
30 يونيو.. ثورة أعادت للعرب سيادتهم ونصرتهم على مشروع الخلافة وحكم الميليشيات
ثورة 30 يونيو
محمود علي


أسقطت مخطط فوضى الإخوان وانتشار السلاح بالدول العربية.. وأنقذت العرب من براثن حكم الميليشيات 
 
مع اقتراب الاحتفال بالذكرى السابعة لثورة 30 يونيو، يتبادر إلى الأذهان أسئلة كثيرة حول الأسباب التي دفعت المصريين إلى الخروج للميادين بالملايين، ليعبروا عن رفضها لحكم جماعة المرشد، وكيف كان لنجاح هذه الثورة تأثير كبير على المنطقة؟.. 
 
كشفت الأيام أن مصير العالم العربي كان السقوط في فخ الفوضى وعدم الاستقرار قبل أن تنقذه 30 يونيو من براثن حكم الميليشيات والجماعات المسلحة، فلم تكن ثورة 30 يونيو سوى نقطة انطلاق لكثير من دول الجوار العربي، لتثور أيضا ضد المشروع الإخواني الذي كان قد كشف ملامحه وتحدث عنه قيادات الجماعة التاريخية بعدم اعترافه بحدود الدول، وأن كانت بعض الدول العربية تأخرت في إدراك ما تشهده المنطقة من محاولات إقليمية بذرع جماعات التطرف على رأس الأنظمة العربية، إلا أنه في النهاية تيقنت أن المنطقة العربية كانت ستتحول إلى فوهة من البركان تسيطر عليها أسلحة الميليشيات وفوضى الإرهاب في حالة استمرار جماعة الإخوان على رأس السلطة في مصر.
 
البداية جاءت عن طريق الشعب المصري الذي قرر بيده لا بيد الآخرين أن ينهي حكم المرشد وسكرتيره في الاتحادية، المعزول محمد مرسى، بعد أقل من 400 يوم من جلوسه على كرسي الحكم، ثائراً على كل القرارات الخاطئة والفادحة التي ارتكبها بأوامر من مكتب الإرشاد في المقطم، والتي كانت سببا في إضاعة الكثير من فرص البناء والتقدم والاستقرار للدولة، التي عانت لفترة عامين من انخفاض في معدل النمو وارتفاع في البطالة وانخفاض في الاحتياطي الأجنبي.
 
إحدى الأسباب الرئيسية التي دفعت المصريين إلى الخروج ضد الجماعة، هو فشل زيارات محمد مرسي المتعددة في الشرق والغرب، وعدم نجاحها في فتح آفاق من التعاون الجديدة مع الدول العالم، وأصبحت مصر خلال فترة حكم الإخوان، تابعة وبعيدة كل البعد عن القيادة التي تعودت عليها، متقزمة في نظر الكثير من الدول الكبرى، لاسيما وأن قرارها يتخذ من قطر وتركيا وليس من العاصمة القاهرة.
 
زيارات مرسي الخارجية تحولت من زيارات لتطوير قطاعات الانتاج وفتح مجال أكثر للاستثمارات الخارجية، إلى زيارات لعقد صفقات واتفاقيات تجارية باسم قيادات الجماعة، مما استنزف من الاحتياطي الأجنبي لمصر.
 
مواقف الجماعة في هذا العام من سوريا وليبيا وكافة الصراعات والأزمات التي كانت تضج بها المنطقة كانت سببا في إشعالها، وليست تهدئتها، ففي الملف السوري أظهر مرسي من داخل استاد القاهرة أن مستقبل المنطقة في ظل حكم الإخوان لمصر متجه إلى مصير مجهول، بعد دعوته صراحة لجهاد المؤيدين والاتباع نحو سوريا لتحريرها مما أسماهم بالطواغيت والديكتاتورين.
 
علاقات مصر أيضا مع الدول الكبرى وبالأخص روسيا والصين كانت في أشد تدهورها نتيجة ارتباط أيدلوجية الجماعة بشكل واضح مع الجماعات التي تمثل تهديدا كبيرا على أنظمة هذه الدول.
 
ومنذ أن نجحت 30 يونيو في إسقاط جماعة الإخوان في مصر وتغيرت ملامح المنطقة كليا، أصبحت القاهرة طرفًا إقليميا مهما ولاعبًا مهمًا في جميع الملفات والقضايا التي تواجه العالم العربي.
 
 وخلال الـ 7 سنوات الماضية أثبتت مصر أنها قادرة على مواجهة الأزمات والتحديات من خلال سياسات متوازنة على المستويين الداخلي والخارجي، دفعتها إلى استعادة دورها الإقليمي ومكانتها بشكل ملحوظ وسط منطقة تشهد فوضى كبيرة.
 
ورغم مواجهة مصر تحديات كثيرة جراء ما شهدته الدولة من أحداث أعقبت ثورات الربيع التي اجتاحت الدول العربية في عام 2011، كانت مصر وقيادتها الجديدة بعد ثورة 30 يونيو قادرة على وضع حد للمطامع التي كانت جماعة الإخوان أداة لتنفيذها، فبخلاف الإطاحة وإسقاط الأخيرة من المشهد المصري اتخذت الدولة سياسات أدت إلى إفشال المشروع بصفة عامة في المنطقة بأكملها وذلك بالتعاون مع الرباعي العربي السعودية والإمارات والبحرين من أجل مكافحة الإرهاب.
 
وبخلاف ما شهدته مصر من تأثير سلبي لثورة 25 يناير على سياستها الخارجية نظرا لانشغال الدول بمشاكلها الداخلية والتداعيات الاقتصادية الكارثية والأمنية بالإضافة إلى عام حكم الإخوان، كان لثورة 30 يونيو تأثير إيجابي على السياسة الخارجية، حيث استطاعت الدولة تُحقيق المعادلة بنجاحها في تحقيق التوازن مواجهة تحديات الداخل والبدء في آلية جديدة وواضحة لإعادة توزانها وعلاقتها بالعالم الخارجي. 
 
ومع رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أكد منذ توليه المسؤولية على أهمية ملف السياسة الخارجية لمصر باعتباره يمثل ظهير قوي لعودة الدولة لدورها الإقليمي، كانت للإدارة المصرية تحركات نشطة وذلك من خلال الاهتمام الكبير بالبعد العربي والإفريقي في المقام الأول ومن ثم البعد الدولي، مولية كل تركيزها على صياغة العلاقات المصرية على أساس متوازن مع جميع دول العالم.
 
ومنذ خطاب التنصيب وتحديدا في 8 يونيو من عام 2014، حدد الرئيس السيسي الكثير من أولويات سياسته الخارجية، بالتأكيد على أن الدولة لديها الكثير من المقومات التي بموجبها يجب أن تكون أكثر انفتاحًا على العالم.
 
بدأت سياسة مصر الخارجية في الاتضاح أكثر بتبنيها التعاون مع الدول الصديقة وفتح مجال لتعزيز العلاقات مع الدول الأخرى، بناء على تحقيق مصالح الشعب المصري، لتحصل بعدها على عضوية غير دائمة بمجلس الأمن الدولي لعامي 2016 – 2017، ويتم اختيارها لتكون رئيسة للاتحاد الإفريقي في عام 2019، إلى جانب مشاركتها الفاعلة والفعالة في عمليات حفظ السلام، وتحقيق استقرار شعوب العالم.
 
وفيما يخص القضايا الإقليمية كانت لمصر رؤية ثاقبة أعادت للمنطقة العربية توازنها بعد أعوام من الانحراف، وأثبتت أن الدولة المصرية تتعافى بنجاحها في عدد من الملفات الدولية، وكان من أبرزها ملف مكافحة الإرهاب وقضايا المناخ وحقوق الإنسان وملف أزمة اللاجئين والحد من انتشار السلاح النووي، حيث كانت لها الكثير من المداخلات إذا كان في الجامعة العربية أو الأمم المتحدة أو مجلس التعاون الإسلامي التي كشفت عن رؤيتها في هذه الملفات.
 
وأكد الرئيس عبد الفتاح منذ تنصيبه رئيسا لمصر على أهمية الأمن القومي العربي بالنسبة لمصر، وانطلاقا من هذه التأكيدات استعادتها علاقاتها الوطيدة بدول الخليج العربي، رغم ما مرت من حالة من التوتر والفتور أثناء حكم جماعة الإخوان، وكانت مصر لديها القدرة في تجاوز الخلافات البسيطة في وجهات النظر مع دول الخليج خاصة في ملف الأزمة السورية.
 
التنسيق ظهر أكثر بين مصر ودول الخليج في إنشاء التحالف العربي لمكافحة الإرهاب ذلك الملف الذي وحد الرؤى لحماية المنطقة من آثاره وسلبياته حيث مقاطعة قطر تلك الدولة التي احتضنت قادة التنظيمات المتطرفة وأشعلت الفتنة في الكثير من الدول على رأسها مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
 
في الملف السوري، تحركت مصر وفقا لثوابتها التي أكدت عليها مرارا وتكرارًا برفضها التدخل الخارجي والانخراط في أي صراع عسكري بشكل مباشر، معلنة دعمها لكافة الجهود المبذولة من أجل حماية المدنيين، و الحفاظ على وحدة البلاد وحماية المؤسسات السورية، والدعوة إلى مفاوضات جادة وصريحة من أجل حل الأزمة بالطرق الدبلوماسية والسياسية.
 
في الملف الليبي كانت مصر حاضرة وبقوة، استنادا إلى الروابط الجغرافية وما يربط ليبيا بمصر من حدود لا تقل عن 1200 كيلو متر، لذلك استخدمت كل قوتها لتكون راعي للسلام بين الليبيين وبشهادة عدد من المسئولين في ليبيا كان لها دورًا فاعلًا في إجراء عدد من المفاوضات والمباحثات بالقاهرة التي جمعت بين جميع الأطراف الليبية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية ودمج المؤسسات الاقتصادية.
 
ورغم استدعاء طرف ليبي متمثل في حكومة الوفاق المنتمي بشكل واضح لجماعة الإخوان للقوى الخارجية وتحديدا تركيا من أجل السيطرة على بعض المناطق بتوقيع اتفاقيتين أمنية وأخرى بحرية دون التصويت عليها من البرلمان الليبي الجهة التشريعية الوحيدة في لييا، إلا أن القاهرة التزمت بسياسة رشيدة بالدعوة إلى مفاوضات جادة بين كافة الأطراف الليبية عبر مبادرة إعلان القاهرة الذي سعى إلى تطبيق وقف إطلاق نار سريع ودعم مؤسسات الدولة الليبية ولاسيما الجيش الليبي الوطني والبرلمان الليبي في مواجهة الإرهاب والعناصر المسلحة والمتطرفة المدعومة من قطر وتركيا.
 
وفي الملف الفلسطيني، كانت القضية المركزية الأولى للعرب حاضرة في قلب مصر، حيث التأكيد على التزام التاريخي بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، داعمة جميع التحركات والمبادرات العربية والدولية التي من شأنها حلّ القضية الفلسطينية وتحقيق السلام في الشرق الأوسط على أسس عادلة، رافضة كل المساعى التي من شأنها أن تنتهك حقوق الدولة الفلسطينية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق