مبادرة لتشكيل تحالف مدني دولي لدعم الموقف المصري في مفاوضات سد النهضة

الثلاثاء، 30 يونيو 2020 12:18 م
مبادرة لتشكيل تحالف مدني دولي لدعم الموقف المصري في مفاوضات سد النهضة
سامح شكري
سامي بلتاجي

الخارجية المصرية: لا توجد لدينا ضمانات حقيقية حول أمان هذا السد وسلامته الإنشائية
 
 
"رغم أن موقفنا يظل هو أن الحل الناجع لمسألة سد النهضة يتمثل في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، إلا أن مصر سوف تحفظ وتؤمن المصالح العليا للشعب المصري، فالدفاع عن البقاء ليس محض اختيار، إنما هو مسألة حتمية تفرضها طبيعة البشر؛ كان ذلك تأكيدا للموقف الرسمي المصري، حيال قضية سد النهضة الإثيوبي، والذي جاء توضيحه، في كلمة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمام مجلس الأمن الدولي، في 29 يونيو 2020؛ مضيفا: "لقد ظهر خطر وجودي يهدد بالافتئات على المصدر الوحيد لحياة أكثر من 100 مليون مصري، ألا وهو سد النهضة الأثيوبي، هذا المشروع الضخم الذي شيدته إثيوبيا على النيل الأزرق، والذي يمكن أن يعرض أمن وبقاء أمة بأسرها للخطر بتهديده لمصدر الحياة الوحيد لها". 
 
 
وعلى المستوي الشعبي أو مؤسسات المجتمع المدني المحلية والإقليمية، فقد وصف رئيس جمعية المنتدى الوطني لنهر النيل، الدكتور عماد الدين عدلي، الموقف الإثيوبي بالمؤسف، وغير المقبول ولا يعبر عن روح التعاون وحسن الجوار، التي يتعين أن تسود العلاقات بين الأشقاء الأفارقة، وبين الدول التي تتشارك موارد مائية دولية؛ معتبرا أن التفكير في إحداث تنمية لتحقيق بعض الاستفادة، بغض النظر عن حقوق الآخر، هو العبث، كونه يمثل رغبة منفردة وتفكير عقيم متغطرس، يعكس حب التملك والانفراد بمكاسب فردية، بعيدة كل البعد عن التنمية المستدامة وأهدافها.
 
ودعا رئيس جمعية المنتدى الوطني لنهر النيل، إلى مبادرة، بالشراكة مع مؤسسة المنتدى المصري للتنمية المستدامة، تهدف إلى بناء تحالف، تحت اسم: "تحالف منظمات المجتمع المدني لتشكيل رؤية مجتمعية حول سد النهضة الإثيوبي"، على أن يضم ممثلي الأطياف المختلفة من المجتمع المدني، في مصر وعلى المستويات العربية والإقليمية والدولية، باعتبار أن قضية سد النهضة الإثيوبي، ليست قضية ثنائية، لكنها قد تضر بمصالح ومنافع دول أخرى متعددة.
 
ومن المقترح أن يعمل تحالف منظمات المجتمع المدني لتشكيل رؤية مجتمعية حول سد النهضة الإثيوبي، بشكل مواز، من خلال ممثليه خارج مصر، لدعم ومساندة جهود الحكومة المصرية في التصدي لقضية السد، المشار إليه، وبلورة رؤية مجتمعية للتحدث باسم المجتمع المصري، حول أهم التأثيرات التي سيتعرض لها الشعب المصري، بسبب سد النهضة الإثيوبي، وكسب دعم وتأييد المجتمع المدني الإقليمي والدولي للموقف المصري، من خلال النشر والترويج لمبدأ ضرورة مواجهة التأثيرات والأضرار الناجمة عن إنشاء السد، والعمل على حشد وتوحيد الجهود الوطنية والمدنية ووضعها أمام صانعي ومتخذي القرار.
 
وفي توضيحه للموقف المصري، أمام مجلس الأمن الدولي، في كلمته، المشار إليها، أبدى وزير الخارجية، سامح شكري، تقدير الحكومة المصرية لأهمية مشروع السد في تحقيق الأهداف التنموية للشعب الإثيوبي، وهو الهدف الذي تسانده وتدعمه مصر، لكنه يقابل بواقع مفاده أن مشروعا بهذا الحجم، والذي يعد أضخم مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، يهدد مقدرات ووجود ملايين المصريين والسودانيين؛ خاصة وأن ملء وتشغيل السد بشكل أحادي، ودون التوصل لاتفاق يتضمن الإجراءات الضرورية لحماية المجتمعات في دولتي المصب، ويمنع إلحاق ضرر جسيم بحقوقهم، سيزيد من التوتر ويمكن أن يثير الأزمات والصراعات التي تهدد الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل، وإقليم يعاني قدرا من الهشاشة، مما قد يعرض حياة أكثر من 150 مليون مواطن مصري وسوداني للخطر.
 
وقد انخرطت مصر خلال ما يقرب من عقد كامل من الزمان في مفاوضات شاقة حول سد النهضة، للوصول إلى اتفاق عادل يمكن إثيوبيا من تحقيق أهدافها التنموية المشروعة، وفي نفس الوقت يقلص من الآثار العكسية والضارة للسد على المجتمعات في دولتي المصب، مصر والسودان؛ إلا أن إثيوبيا بشكل منفرد في بناء سد النهضة، وشهدت المفاوضات العديد من الاجتماعات الثلاثية والقمم الثنائية بين قادة الدول الثلاث؛ وقد أبرمت الدول الثلاث في 23 مارس 2015، اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة الإثيوبي، وهو اتفاق دولي وضع التزامات واضحة لا غموض أو لبس في مضمونها، أهمها إعادة تأكيده على التزام إثيوبيا القانوني بإجراء دراسات فنية تفصيلية حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية العابرة للحدود للسد، وعلى التزام إثيوبيا السياسي والقانوني بالتوصل إلى اتفاق على القواعد الحاكمة لعمليتي ملء وتشغيل سد النهضة بين الدول الثلاث، والالتزام بعدم المضي في ملء وتشغيل هذا السد إلا بعد التوصل لهذا الاتفاق، والذي سيضمن لإثيوبيا الاستفادة من الطاقة الكهرومائية لهذا المشروع مع الحد في الوقت نفسه من آثاره السلبية على دولتي المصب.
 
ورغم أن الدول الثلاث تعاقدت مع استشاري دولي للقيام بالدراسات حول آثار السد، إلا أن عملية إجراء تلك الدراسات قد تمت عرقلتها، فلم يتم الانتهاء منها؛ وتابع وزير الخارجية المصري: لا توجد لدينا ضمانات حقيقية حول أمان هذا السد وسلامته الإنشائية، ما يعني أنه، وعلى ضوء غياب البيانات العلمية والفنية الكافية عنه، فإن مواطني دولتي المصب مهددين بالعيش تحت وطأة تهديد لا يعرف مداه ولا أبعاده؛ كما أنه من المؤسف أن مصر تعرضت، وطوال المسار المضني للمفاوضات، إلى حملة غير مبررة من المزاعم التي تدعي أنها تسعى لإرغام أطراف أخرى على القبول باتفاقات وتفاهمات ترجع لحقبة استعمارية غابرة، إلا أن واقع الأمر هو أن إثيوبيا لم تبرم أية اتفاقيات وهى خاضعة للاستعمار أصلا، بل إن كافة الاتفاقيات ذات الصلة بنهر النيل وقعتها إثيوبيا كدولة مستقلة، ومنها الاتفاق الذي أبرمه إمبراطور الحبشة بإرادة حرة مع بريطانيا سنة 1902، والذي يحول دون بناء إثيوبيا لمنشآت تؤثر على سريان المياه في مجرى النيل الأزرق، ومنها أيضا الاتفاق الإطاري للتعاون الذي وقعه رئيس وزراء إثيوبيا الراحل ميليس زيناوي مع رئيس مصر سنة 1993، والذي ألزمها بعدم إحداث أي ضرر ذي شأن بالمصالح المائية المصرية، فضلا عن اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015. وكلها اتفاقيات سارية وملزمة يتعين على كافة الأطراف احترامها وتنفيذها.
 
ومع قرب انتهاء عملية إنشاء سد النهضة، وبعدما ثبت عدم نجاح كافة الأطر التفاوضية السابقة، دعت مصر الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي، باعتبارهما شركاء دوليين لجميع الأطراف، للمشاركة في محادثاتنا للمعاونة في جسر الهوة بين دولنا الثلاث؛ وأفضى هذا المسار، ولأول مرة منذ ما يقرب من عقد من المحادثات وبعد مفاوضات مكثفة شاركت فيها الدول الثلاث، إلى اتفاق تم إعداده برعاية الولايات المتحدة وبمساهمة فنية من قبل البنك الدولي، وهو الاتفاق الذي قبلته مصر ووقعته بالأحرف الأولى ورفضت إثيوبيا توقيعه في آخر لحظة، رغم أنه وفر حلا عادلا ومتوازنا يراعي مصالح كافة الأطراف ويحفظ حقوقها المائية؛ كما شاركت مصر في الجولة الأخيرة للمفاوضات التي عقدت بدعوة من جمهورية السودان، إلا أنها المفاوضات لم تنجح، حيث رأت مصر أنه من الضروري أن تخلص إلى اتفاق قانوني وملزم وفق أحكام القانون الدولي، وأنه يتعين أن يرد فيه تعريف دقيق لحدود الضرر الجسيم الذي يجب منع وقوعه، فضلا عن آلية لفض النزاعات لضمان التنفيذ الكامل للاتفاق؛ إلا أنه تم الدفع بأنه من الأنسب أن يكتفى بالتوصل لمجرد إرشادات ذات طبيعة قانونية مبهمة وغير واضحة ويجوز تعديلها بشكل أحادي؛ ومؤخرا، قبلت مصر دعوة الرئيس سيريل رامافوزا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، رئيس القمة الحالية للاتحاد الأفريقي، لعقد اجتماع غير عادي لهيئة مكتب القمة الأفريقية، يوم 26 يونيو 2020، للتشاور حول هذا الموضوع، وتم الاتفاق على عقد اجتماعات فنية على المستوى الحكومي لتحقيق الاتفاق خلال أسبوعين؛ وقد التزمت إثيوبيا خلال الاجتماع بألا تتخذ أية إجراءات أحادية لملء خزان سد النهضة قبل التوصل إلى الاتفاق، وهو التعهد الذي لا يمكن تفسيره إلا كالتزام واضح بضمان ألا يتم ملء سد النهضة إلا وفق قواعد تتفق عليها الدول الثلاث.
 
وفي هذا السياق، فقد تقدمت مصر بمشروع قرار لتداول مجلس الأمن بشأنه، وهو النص الذي يتسق مع مخرجات اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي، حيث يدعو الدول الثلاث للتوصل إلى اتفاق حول سد النهضة في غضون أسبوعين، ولعدم اتخاذ إجراءات أحادية فيما يتعلق بسد النهضة، ويؤكد على الدور الحيوي لسكرتير عام الأمم المتحدة في هذا الصدد. 
 
WhatsApp Image 2020-06-30 at 9.02.57 AM (1)
 
WhatsApp Image 2020-06-30 at 9.02.57 AM (2)
 
WhatsApp Image 2020-06-30 at 9.02.57 AM
 
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة