هل الرجال بلا شرف؟!

السبت، 04 يوليو 2020 03:02 م
هل الرجال بلا شرف؟!
محمود الغول

يرتبط الشرف في الذهن الجمعي بالبنت أكثر من ارتباطه بالولد، وكذا بالمرأة أكثر من الرجل، وكأنه مصطلح أنثوي خالص، كما أنه بات ذو دلالة جنسية خالصة.
 
وهذا لو تعلمون فيه من الظلم للرجل ما يفوق ظلمنا للمرأة، في مجتمع يتربى على أن «الراجل ميعبوش إلا جيبه»، أما المرأة فيعيبها أي شيء وكل شيء.
 
وكلامي هنا ليس دفاعا عن المرأة بقدر ما هو دفاع عن الرجل، فاقتصار مفهوم الشرف على المرأة، يجعلنا كمن ينفي صفة الشرف تماما عن الرجل، خاصة وأننا كما ذكرت سلفا، نحصر مفهومه في أن «شرف البنت اللي زي عود الكبريت»، بينما شرف الولد «ولاعة» قادرة على العمل بلا حدود!!
 
في بيوتنا نضحك إذا رأينا طفلا صغيرا يتحدث مستخدما ألفاظا لا تليق، وإن فعلتها البنت «قطعنا رقبتها»، كما أن للولد أن يفتخر بعلاقاته ومغامراته الجنسية، وإذا وقفت البنت في الشباك فهي آثمة..
حتى الأم، وهي الأنثى، ستجدها – في كثير من الحالات - متحيزة للابن، محقرة من شأن ابنتها، لا لشيء إلا لإيمانها بأن الولد «يسند الظهر» أما البنت فتكسره!!
 
ولا نعفي الأب من المسئولية، لكن الإشارة إلى الأم  خصوصا في هذا الأمر، لأن دورها أكبر وأهم في تربية الأبناء، ولأن تحيزها للولد على حساب البنت جريمة مزدوجة، الأولى لأنها تظلم ابنتها بتحقيرها، والثانية لأنها تظلم ابنها حين تمنحه ترخيصا كي يعيث في الأرض فسادا، بعدما جردته من «الشرف»، حين جعلته يفهم أنه أمر مقصور على الأنثى وحدها، وأنه ذا دلالة جنسية بحتة.
 
وتتجول هذه الفكرة (مفهوم الشرف) في ذهني طوال الوقت، لكنها تصدع رأسي بقوة مع كل حادث اغتصاب أو التحرش بأنثى، خاصة في فقرة «هي شريكة في الجريمة بما تلبسه أو تكشفه من جسده»..
 
وكي لا أكون منافقا، أنا رجل رجعي لا يؤيد العري ولا أشجع عليه، لكن التحرش لا يمكن تبريره، ولا يمكن توجيه اللوم إلى الفتاة إطلاقا حال وقوعه، وإلا فلنبرر السرقة بأن المال كان مكشوفا والاستيلاء على الأرض بأنها كانت بلا سقف.
 
ومن جانب آخر لأن التبرير من شأنه أن يمنح المتحرش «رخصة»..  وهذه جريمة تفوق فعل التحرش نفسه، فإذا كان للمتحرش عقاب كونه مجرما وعلاج كونه مريضا، فليس هناك عقاب يجدي مع المبرراتي ولا علاج، فمثل هكذا شخص يجب إبعاده عن هذا الكوكب بلا نقاش.
 
وبالعودة لمفهوم الشرف، فليس أحط من حصره فقط في «احتفاظ البنت بعذريتها»، فالسارق بلا شرف، وخائن الأمانة بلا شرف، والكاذب بلا شرف، والمتجبر على الناس بلا شرف والمنافق بلا شرف والظالم بلا شرف.. و.. 
 
فهل نحلم بيوم، نرى فيه الرجل يخشى على شرفه من نفسه، وهل نحلم بيوم نرى في المجتمع يفهم أن المغتصب بلا شرف وأن المتحرش بلا شرف وأن السرقة والخيانة والكذب والظلم وغيرها من الصفات السيئة تلطخ الشرف.. وهل يخجل المبرراتي من فعلته ويتوب عنها؟!
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق