«العصار» .. رحيل الجنرال الدبلوماسي

السبت، 11 يوليو 2020 07:30 م
«العصار» .. رحيل الجنرال الدبلوماسي
الفريق محمد العصار
كتب: السعيد حامد

نقلا عن العدد الورقي

كان أحد رموز مصر العسكرية الفذة.. مقاتلاً وهب حياته لخدمة وطنه.. حكيماً شارك في مسئولية إدارة البلاد في فترة عصيبة شهدت تحديات جسيمة كادت تعصف بالوطن.. وصف بأنه صوت الطمأنينة يوم الفوضى، وصوت العقل والدبلوماسية حين غاب المنطق، والجسر الذي قرب المسافات بين المتناحرين، والضمير العادل على طاولات الحوار.. أنه الفريق محمد سعيد العصار، وزير الدولة للإنتاج الحربى الذى رحل عن دنيانا الأثنين الماضى بعد حياةٌ مليئةٌ بالعطاء والكفاح.
 
رحيلٌ صامتٌ حزينٌ في أوقات صعبة وكئيبة يعيشها العالم، لكن ذكراه لا شك ستظل عالقةٌ في أذهان وقلوب المصريين لفترات طويلة، وخير شاهد عل ذلك أن الجميع تسابق لنعى الفريق الراحل في مشهد قلما نراه، فالتوافق على الأشخاص قليل، لكن ولإن العصار كان حلقة الوصل بين الجميع، فتسابق الكل لنعيه.
 
الثلاثاء الماضى ودعت مصر الفريق العصار في جنازة عسكرية تقدمها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، بحضور الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب والدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء والفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة والفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وكبار قادة القوات المسلحة وعدد من قدامى قادة القوات المسلحة.
 
ولد الفريق العصار في 3 يونيو 1946، وحصل على بكالوريوس الهندسة في الكلية الفنية العسكرية عام 1967 ثم ماجستير الهندسة الكهربائية بالإضافة إلى درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية. وشارك في حرب الاستنزاف، ثم حرب أكتوبر كأحد عناصر أطقم إصلاح كتائب صواريخ الدفاع الجوي، وتقلد كافة الوظائف الرئيسية لمنظومة التأمين الفني للدفاع الجوى، قبل أن يرتقى في المناصب داخل القوات المسلحة حتى عين مساعدا لوزير الدفاع لشئون التسليح، ثم مستشارا لوزير الدفاع للبحوث الفنية والعلاقات الخارجية. 
 
تميز الفريق العصار بالدبلوماسية والهدوء والقدرة على التفاوض، ربما كان أحد الأسباب الرئيسية لتوليه مهام اتصالات القوات المسلحة مع مسئولي الدول الأجنبية، وأيضا الاتصال بالقوى السياسية والإعلام، والتحدث مع الرأي العام المصري، في أعقاب أحداث العنف التي شهدتها البلاد خلال 2011، كما قاد معركة كبيرة لإفشال الانحياز الأمريكي للتنظيمات الإرهابية في مصر والمنطقة.
 
مؤهلات الفريق الراحل والدرجات العلمية تكشف كيف كان الجنرال مهندسا كبيرا، إذ حصل على بكالوريوس الهندسة من الكلية الفنية العسكرية، وماجستير الهندسة الكهربائية، ودكتوراه الهندسة الكهربائية، قادته في النهاية ليتقلد الوظائف الرئيسية لمنظومة التأمين الفني للدفاع الجوي كافة.
 
وخلال مشواره الطويل حصل العصار، على عديد من الأنواط والأوسمة: وسام الجمهورية من الطبقة الثانية، ونوط الواجب من الطبقة الأولى، ونوط الخدمة الممتازة، وميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة، وميدالية مقاتلي أكتوبر 1973، ووسام جوقة الشرف (مرتبة قائد) من فرنسا، وأخيرًا وشاح النيل.
 
لمع اسم الفريق محمد سعيد العصار، خلال فترة أحداث ثورة 25 يناير، إذ شغل عضوا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار البلاد، بعد رحيل الرئيس الأسبق مبارك، ليدير ملف العلاقات الخارجية علاوة على الاتصال بالإعلام والقوى السياسية، كما كان له دور بارز خلال ثورة 30 يونيو، وشاهد على نهاية حكم الإخوان، عبر مؤتمر 3 يوليو، الذي أعلن انحياز القوات المسلحة لإرادة المصريين.
 
لأكثر من 5 أعوام، قاد الفريق محمد العصار، الإنتاج الحربي لتحقيق طفرة كبيرة، ليست فقط في زيادة الإنتاح بل وتوقيع اتفاقيات التصنيع المشترك مع العديد من الدول الكبيرة، والتوسع في إنشاء وتطوير المصانع الحربية، آخرها مصنع 300 الحربي، لتكون تلك السنوات الخمس قبلة الوداع الأخيرة، وخير شاهد على العطاء حتى الرمق الأخير، فالجنرال يأبى الرحيل.
 
وبدا جليا لمحبي الجنرال الكبير، حين رحلت سنوات الفوضى وعدم الاستقرار، كيف كانت المسئولية كبيرة على عاتقه، وماذا قدم لإنقاذ بلاده من براثن الإرهاب والتطرف. لذا فإن تكريمه على يد الرئيس عبدالفتاح السيسي، كان حفل وداع يليق بتاريخ وعطاء الفريق الفخري صاحب وشاح النيل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق