أحسنوا الاختيار

الأحد، 12 يوليو 2020 11:00 ص
أحسنوا الاختيار
هشام السروجى

 
كما يمر الإنسان بمراحل عمرية حتي يصل للنضوج، كذلك النضوج السياسي لدى المواطن والسياسيين أنفسهم، وبمتابعة العملية السياسية على مدار ٩ سنوات بعد ثورة يناير، وما افرزته من أحزاب وأفراد كانوا قوام البرلمان، نقف عند عدد من الملاحظات، يجب أن تتوافر في اختيار النواب القادمين، سواء في اختيارات الأحزاب لمن سيمثلهم في القائمة، أو في اختيارات المواطنين للأفراد المستقلين.
 
في أكثر من حديث للرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما يثار الكلام عن اختيار ممثلين للشعب في المجالس النيابية كان يقول موجهاً حديثه للمصريين: «احسنوا الاختيار»، ولأن التجربة السياسية كغيرها من التجارب المعرفية تحتاج للوقت والممارسة لكي تكتمل، ومن ثم كان من الطبيعي إلا تخرج نتائج العملية الانتخابية السابقة بالكمال المطلق، فـ٩ أعوام في عُمر العمل السياسي للدول، مجرد سطر في كتب التاريخ، جزء ضئيل في التجربة.
 
على الأحزاب أن تكون اختياراتها في انتخابات مجلس الشيوخ ومن بعدها مجلس النواب، أكثر دقة في اختيار مرشحيهم، ولا تخضع لمعايير على حساب معايير أخرى، فالدولة التي يواجه أمنها القومي تحديات على جميع الجبهات، لا يمكن أن تعول على نواب لا يملكون ثقافة سياسية كافية على استشعار المخاطر واستقراء الأوضاع، وتحليل ما يحدث في المحيط الإقليمي.. من الضروري أن يكون النائب واجهه قادرة على أن يصوغ حديثًا متزنًا ومقنعًا مبني علي المعلومات التي تتاح له بحكم عضويته في البرلمان، وألا يكون كلامه منسوخ من صفحات التواصل الاجتماعي. 
 
التجربة السياسية التي عاشها المجتمع المصري بعد ثوة 25 يناير، كانت فيها من ضعف الخبرة، ما نتج عنه وصول جماعة إرهابية إلى السيطرة على الساحة السياسية من برلمان وحكومة وحكم، عندما سيطر الزيت والسكر علي تحريك الأصوات، وبعد عام من هذه التجربة، أدرك الشارع خطورة الوضع فأطاح بهم من سدة الحكم، ما يمكن أعتباره خطوة أولية في التجربة المعرفية السياسية، لذا يتحمل المواطن دورًا أهم في إنجاح العملية السياسية، بأن لا يخضع للابتزاز وسطوة المال السياسي، فالتجربة الحالية أثبتت آن هناك دوائر انتخابية عانت من الغياب التام للنواب وكأنهم «فص ملح وداب»، وهناك من تورطوا في قضايا فساد مالي مخجلة.
 
وضع البلاد الحالي وما يحيط بها يحتم أن يأتي أعضاء البرلمان القادم بغرفتيه، قادرًا علي استيعاب ما يواجه الدولة، وأن لا يكونوا استنساخ لما سبقه من برلمانات، لم تعاصر هده التحديات الداخلية والخارجية، أو أن تكون مفصولة عن خط سير الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فمنهم من اذا تحدث تشعر وكأنه ضيف من كوكب تاني، واذا حاولت أن توضح له التفاصيل والحقائق تجد نفسك بـ«تؤذن في مالطة» يمنعه غروره من الاستماع والاستيعاب.
 
لا يتحمل الوضع الحالي أن تفتح الأحزاب أبوابها لنموذج «عبده مشتاق»، هؤلاء الذين يحملون حقائبهم المليونية ولا تكل أيديهم من طرق أبواب الأحزاب، في مزاد على أن يحجزوا مكان لهم في رأس القوائم الانتخابية، على الأحزاب أن يكون معيار الاختيار الفكر والفهم للدور التشريعي والمسؤولية الاجتماعية تجاه أهل الدائرة والمسؤولية تجاه القضايا الوطنية والأمن القومي.
 
هذا الأمر لا يمنع أن يمارس النائب دور خيري يساهم في رفع الأعباء المعيشية عن أهل الدائرة، ولا غضاضة ف أن يكون هذه المقدرة من معيار الاختيار، في ظل ظروف اقتصادية عالمية صعبة، لكن من الجهل أن يكون هو المعيار الأساسي للاختيار، العمل الخيري قد يكون من الأدوار التي يؤديها النائب، لكنه ليس الدور الأساسي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق