رغم إنشاء مركز لها.. دراسة: الزراعة التعاقدية قضية غائبة عن اهتمام المسؤولين

الثلاثاء، 14 يوليو 2020 12:22 ص
رغم إنشاء مركز لها.. دراسة: الزراعة التعاقدية قضية غائبة عن اهتمام المسؤولين
زراعة الارز
سامي بلتاجي

 
مساحات الزراعات التعاقدية في مصر تمثل حوالي 5% إلى 6% من جملة المساحات المحصولية

معهد التخطيط يوصي بمنح مركز الزراعات التعاقدية درجة عالية من الاستقلال المالي والإداري وتكوين وحدات فرعية تابعة له في المحافظات
 
تتراوح مساحات الزراعات التعاقدية في مصر، ما بين 1.1 مليون فدان إلى 1.2 مليون فدان، تمثل حوالي 5% إلى 6% من جملة المساحات المحصولية؛ وتعد محاصيل ومنتجات: القمح، الأرز، الذرة الصفراء، القطن، محاصيل البذور الزيتية، بذور التقاوي، الخضر والفاكهة لأغراض التصدير، الخضر والفاكهة للأسواق المحلية، دجاج اللحم، الألبان، والمنتجات الزراعية العضوية والنظيفة، هي أكثر المنتجات التي تدعو الحاجة إلى تطبيق نظم الزراعة التعاقدية معها؛ وذلك وفقا لدراسة نشرت في معهد التخطيط القومي، في أكتوبر 2019، موضوعها: "الزراعة التعاقدية كمدخل للتنمية الزراعية المستدامة"، ضمن سلسلة قضايا التخطيط والتنمية.
 
الدراسة، المشار إليها، أكدت أن العديد من المنتجات الزراعية في مصر، والتي بحكم طبيعتها وطبيعة إنتاجها، تتناسب مع تطبيق نظم الزراعة التعاقدية، إلا أن الأمر، يتطلب التدرج في التطبيق، من محصول أو منتج إلى آخر، وربما على مستوى المحصول الواحد، بحسب دراسة "الزراعة التعاقدية كمدخل للتنمية الزراعية المستدامة"، بل قد يتطلب الأمر التدرج من مساحة لأخرى أكبر أو من منطقة إلى مناطق أكثر؛ وبالرغم من أن سياسة الزراعة التعاقدية، احدى السياسات المهمة والضرورية لإحداث تنمية زراعية مستدامة، ورغم أهمية الزراعة التعاقدية، وما تقدمه من فرص هامة للتطوير الاقتصادي والاجتماعي، على مستوى الشركاء وعلى المستوى القومي، فإنها لا تزال من المنظور التنموي العام، قضية غائبة عن اهتمام المسؤولين وصانعي القرارات، رغم إصدار القانون الخاص بمركز الزراعات التعاقدية، رقم 14 لسنة 2015، وفقا لذات الدراسة، لكنه لم يكن له وجود فعلي ولم يمارس أي من الأنشطة التي حددها له القانون.
 
وأشارت دراسة معهد التخطيط القومي، إلى أنه في ظل محدودية الزراعة التعاقدية، يوجد العديد من العقود غير مسجل وغير مستقر، كما أن إثبات الحق بشأنها قد يأخذ وقتا طويلا، في ظل غياب الإطار التشريعي والجهات المعنية بفض النزاعات والتحكيم، فضلا عن أن البعض منها عقود إذعان، ومعظم العقود، عقود شراء، وغالبا ما لا يلتزم المزارع بشروط التعاقد، إلى جانب أن ما تواجهه الزراعة التعاقدية من تحديات متعلقة بالأدوار السلبية للوسطاء، مما أدى إلى ضعف الأداء التسويقي الزراعي في مصر؛ وفي الوقت ذاته، فإن تجارب بعض الدول المتقدمة والنامية والناشئة، أكدت أن الزراعة التعاقدية تمثل النظام الأكثر شيوعا للتسويق الناجح للمحاصيل والمنتجات الزراعية، إذ تساعد على زيادة إنتاجية المحاصيل، ومن ثم زيادة دخول المزارعين، وتسهل للمزارعين عملية النفاذ إلى الأسواق المحلية والخارجية، وربطهم بسلاسل الإمداد؛ كما أكدت التجارب أن نجاح واستدامة أنظمة التعاقدات الزراعية تتحقق، إذا ما كان نموذج الزراعة التعاقدية مربحا لكلا الطرفين المشاركين في التعاقد، وكلما كانت أسواق السلع الزراعية أكثر تجانسا، زادت فرص نجاح الزراعة التعاقدية، وأن المناخ المؤسسي وما يرتب به من تسهيل إبرام العقود وإتاحة البيانات والمعلومات وتعزيز آليات إنفاذ العقود وتسوية النزاعات، تعد من أهم متطلبات تفعيل نظم التعاقدات الزراعية.
 
ياتي ذلك، في حين أنشأت الحكومة صندوق التكافل الزراعي، للحد من الآثار السلبية للكوارث الطبيعية، بما يوفر بيئة أكثر ملاءمة لتطبيق نظام الزراعةد وذلك من خلال إصدار القانون رقم 126 لسنة 2014د ورغم ان ذلك القانون، حدد مصادر تمويل الصندوق واسلوب عمله، إلا أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، تباطأت في تشكيل مجلس إدارة الصندوق، أو تضع له لائحة تنفيذية للبدء في ممارسته أنشطته؛ وذلك ما رصدته دراسة معهد التخطيط القومي، حول "الزراعة التعاقدية كمدخل للتنمية الزراعية المستدامة"، لافتة إلى ان جهود الدولة استهدفت الإصلاح المؤسسي للتعاونيات الزراعية، كن خلال تعديل آليات ومجالات عملها وبنيتها التنظيمية، وذلك بإصدار القانون رقم 204 لسنة 2014، بتعديل بعض أحكام مواد القانون رقم 122 لسنة 1982؛ ذلك، ولا يزال انتشار الزراعة التعاقدية في مصر يواجه عددا من التحديات، منها: ظاهرة التفتت الحيازي وقزمية الحيازات، اتساع حدة التقلبات السوقية من حيث السعر والكمية، ضعف منظمات المزارعين التعاونية وعدم قيامها بدورها الرئيسي في تجميع المزارعين والتفاوض نيابة عنهم، ضعف الثقة المتبادلة بين المنتجين والمنظمات التسويقية، عدم وجود نظام لتأمين المخاطر الإنتاجية والسعرية التي يتعرض لها المنتجون.
 
دراسة "الزراعة التعاقدية كمدخل للتنمية الزراعية المستدامة"، تشير إلى عدة أنماط من الزراعة التعاقدية الموجودة في مصر، أهمها: زراعات تعاقدية تفرضها ضوابط تنظيمية وإجرائية لعملية الزراعة والتداول، تختص بزراعة إنتاج التقاوي وبذور الإنتاج؛ زراعات تعاقدية تفرضها طبيعة المحصول وطبيعة الصناعات القائمة عليه، وهو نمط يختص بالمحاصيل السكرية؛ ونمط الزراعات التعاقدية لمحاصيل الفاكهة؛ إلى جانب نمط زراعات تعاقدية قائمة على مبادرات من بعض الشركات التصنيعية أو التصديرية، مثل: شركات النباتات الطبية والعطرية، وشركات تصنيع الطماطم والبطاطس.
 
وتقترح دراسة "الزراعة التعاقدية كمدخل للتنمية الزراعية المستدامة"، إعادة النظر في اللائحة التنفيذية لقانون الزراعة التعاقدية، مع ضرورة إشراك ممثلين للجهات والأطراف من ذوي العلاقة، في وضع اللائحة؛ إلى جانب إعادة تشكيل مجلس إدارة مركز الزراعات التعاقدية، بما يناسب دوره الترويجي لنظم الزراعة التعاقدية ودوره المتعلق بتسجيل العقود والتحكيم في المنازعات؛ فضلا عن منح المركز درجة عالية من الاستقلال المالي والإداري، وتكوين وحدات فرعية تابعة له في المحافظات.
 
هذا، وتوصي الدراسة ذاتها، بإصدار تشريع لحوافز وضوابط الزراعة التعاقدية، والتي من أهمها: تأسيس النظام على علاقات رسمية مكتوبة وموثقة، مع مراعاة الدقة والشفافية والإفصاح، أن تقوم العلاقة التعاقدية على مبدأ المصالح المشتركة لأطراف التعاقد؛ وكذلك الربط بين استحقاق المصدرين لحوافز التصدير ومدى التزامهم بإبرام عقود موثقة مع المنتجين، وأن تتضمن العقود الإنتاجية تقديم المشتري الدعم الفني للمنتجين؛ وتطرقت الدراسة إلى عدد من الحوافز التي تقترح تضمينها للتشريع الخاص بالزراعات التعاقدية، من بينها: وضع آلية فعالة، تابعة لوزير الزراعة واستصلاح الأراضي، مهمتها المتابعة والتقييم والعمل على معالجة جوانب القصور في نظام الزراعة التعاقدية؛ وإنشاء صناديق لإدارة مخاطر الزراعات التعاقدية؛ مع وضع حوافز للقطاع الخاص وسلاسل السوبر ماركت والمجمعات الاستهلاكية وشركات التوريدات الغذائية، لتشجيعهم على الاستثمار في إقامة شركات متخصصة في التسويق الزراعي التعاقدي، على مستوى نوعي للمنتجات، وعلى مستوى مكاني للمناطق؛ إلى جانب قيام البنك الزراعي المصري بتوفير خطوط ائتمانية، خاصة بالزراعة التعاقدية، وبشروط أفضل من نظيرتها في الزراعة التقليدية؛ كذلك تصميم وتنفيذ حملات توعية وبرامج إرشادية وورش عمل وندوات تستهدف التعريف والترويج لنظم الزراعة التعاقدية لمختلف الفئات ذات العلاقة.
 
WhatsApp Image 2020-07-13 at 6.48.31 PM
 
WhatsApp Image 2020-07-13 at 6.48.30 PM (2)
 
WhatsApp Image 2020-07-13 at 6.48.30 PM (1)
 
WhatsApp Image 2020-07-13 at 6.48.30 PM

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق