الغنوشي في مأزق.. كيف واجه قيس سعيد أطماع حركة النهضة؟

الجمعة، 17 يوليو 2020 12:04 م
الغنوشي في مأزق.. كيف واجه قيس سعيد أطماع حركة النهضة؟
قيس سعيد والغنوشي

"هدوء يسبقه عاصفة"، هكذا يرى التونسيون الرئيس قيس سعيد، الآن بعد التأكيد على امتلاكه أدواته من الدهاء والمناورة حتى آخر نفس، هذه المميزات جعلته يتعامل بحكمة مع مراوغات حركة النهضة الإخوانية التي طالما تعلب لعبة السياسة بشكل غير نظيف، ليسجل الرئيس التونسي انتصارين متتاليين في جولتين حتى الآن.
 
وتعاني تونس من صراع سياسي في الوقت التي تصارع تصعيد داخلي بسبب الأزمة الاقتصادية التي خلفتها كورونا، فضلا عن ارتفاع نسب مرتفعة البطالة، مروراً بالأوضاع الخارجية في ليبيا بالجوار، لكنّ مواجهة حركة النهضة التي يدخلها الرئيس قيس سعيد، والمعارضة البرلمانية، أمر بات لا بد منه، حتى لا تنزلق تونس إلى ما وقعت فيه ليبيا وسوريا، بسبب المشروع التركي ـ القطري. 
1440x810_cmsv2_c6f29922-13dc-5ec9-8e44-b9ddbbe1c6a7-4722206
 
مواجهة أطماع حركة النهضة الإخوانية باتت حتمية من أجل استقرار تونس، حتى وإن كلف الأمر تونس فراغاً مؤقتاً، واضطرابات آنية، علماً بأنه كلما كسب الرئيس التونسي جولة، تضاءل حجم النهضة وانكمشت أوراق لعبها، وتحجم نفوذ الإخوان في تونس. 
 
وتمكن الرئيس التونسي الخروج من فخّ حزب النهضة بسحب الثقة من الحكومة التي هدفت من خلاله لتوسعة تشكيل الحكومة لإدخال حليف النهضة "قلب تونس" بما يضمن لها نفوذاً أكبر في السلطة التنفيذية، والضغط على الأحزاب المشاركة في الحكومة، وهي أحزاب المعارضة التي تزعج النهضة بلائحة لسحب الثقة من رئيسها راشد الغنوشي، وهو أيضاً رئيس البرلمان. 
 
82829224_2925794594145245_5094622784118587392_o
 
وقدم إلياس الفخفاخ استقالته الإربعاء الماضي بعد خلافات حادة خرجت للرأي العام بين رأس السلطة الرئيس قيس سعيّد، ورئيس حزب النهضة راشد الغنوشي.
 
وكانت استقالة "الفخفاخ" استجابة لطلب الرئيس التونسي إثر اتهامات تلاحقه في ملف تضارب مصالح وتحقق فيه لجنة برلمانية، كما تشبث حزب النهضة ذو المرجعية الاسلامية بسحب الثقة منه بسبب هذا الملف على إثر خلافات معه حيث يقول سياسيون إن الحزب الإخواني كان يريد الضغط من خلال الملف على رئيس الحكومة لكن الأخير لم يرضخ لتلك المحاولات.
 
ودفعت النهضة باستقالة الفخفاخ بعد أن فشلت في اقناعه بتوسيع الائتلاف الحاكم وإشراك أحزاب أخرى وشعرت وكأنها مهمشة داخل الحكومة التي تضم أحزابا تلتقي مع سعيّد في الدفاع عن مبادئ ثورة 2011 وتختلف مع النهضة في بعض السياسات.
 
ما يكشف نية حزب النهضة أنها إذا أرادت حقا إسقاط الحكومة، كانت تصدرت منذ البداية معركة إسقاطها، ولتقدّمت كعادتها الصفوف الأولى في كيل الاتهامات للفخفاخ، لكنها على مدار أسابيع ظلت تراوغ عبر رئيسها الغنوشي في الخفاء، بحسب ما ظهر فيما بعد التسريب الصوتي للتأثير على موقف قيس سعيد من ليبيا، ومحاولة توريط تونس لصالح تركيا. 
اقرأ أيضا:
غير أنّ موقف الرئيس الصلب من الأزمة الليبية، والذي أعلن عنه في باريس، وجاء فيه: إنّ شرعية الوفاق مؤقتة، مع استمرار المعارضة في الوقت ذاته في ملاحقة الغنوشي، جعل النهضة تقرّر "قلب الطاولة" بالانضمام إلى قرار سحب الثقة، والذي حرّكته من الأساس كتل متحالفة معها. 
 
وفيما تحاول النهضة الإمساك بزمام الموقف، وتحريك لائحة سحب الثقة، والتي كانت حال تمريرها في البرلمان ستعيد صلاحية تشكيل حكومة جديدة إلى الحركة باعتبارها أكبر كتلة برلمانية، استبق الرئيس التونسي كلّ ذلك، وطلب من رئيس الحكومة التونسية الاستقالة، الأمر الذي يضع صلاحية تشكيل حكومة من جديدة في يد الرئيس قيس سعيد وليس للنهضة، والتي سيصبح أمامها؛ خيارين إما القبول بالحكومة وإمّا رفضها والتوجّه إلى انتخابات برلمانية مبكرة. 
 
وخلال الآونة الأخيرة ظهر توافق واضح بين حزب النهضة وحزب "قلب تونس" (27 نائبا) الذي يترأسه رجل الأعمال نبيل القروي الذي كانت تؤيد اتهامت وجهت له بالفساد خلال حملاتها الانتخابية، لكن الحركة الإخوانية أصرّت منذ بداية ضمان أغلبية المقاعد في البرلمان على إشراك "قلب تونس في الحكم" لكن قوبل طلبها برفض متواصل من الفخفاخ.
 
20200603163217afpp--afp_1ss6ig.h_0
 
وغداة تقديم الفخفاخ لاستقالته أجرى تعديلاً حكومياً أزاح وزراء حركة النهضة من التشكيل، الأمر الذي تسبب في توجيه ضربة أخرى للحركة، خيث باتت الآن خالية الوفاض بالتزامن مع التحركات البرلمانية لسحب الثقة من الغنوشي بعد وصول التوقيعات إلى 80 توقيعاً على اللائحة التي يتطلب تمريرها 105 أصوات، فضلا عن الانشقاقات الداخلية داخل النهضة.
 
ومن جانبه شدد الرئيس التونسي في تصريحات له على "ضرورة حلّ المشاكل وفق ما ينصّ عليه الدستور، وعدم الدخول في صدام مع أي كان"، مذكّراً بأنّ الدولة فوق كل اعتبار، وأنّ العدالة يجب أن تأخذ مجراها، مضيفاً أنه لا مجال للمساس بكرامة أيّ كان.
 
وقال نور الدين الطبوبي، أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل، إن النظام البرلماني المعتمد في بلاده "عاجز"، مشيرا إلى أن "القانون الانتخابي يجب مراجعته" بحسب تصريحاته مع إذاعة "شمس أف أم" التونسية.
 
وأضاف الطبوبي أن "الأحزاب البرلمانيّة مهتمّة فقط بالمناكافات والغوغائية وتسجيل نقاط على حساب بعضها البعض، ومختلف النواب يعتمدون في أسلوب حِوارهم في البرلمان على السبّ والشتم".
 
اقرأ أيضا:
وأظهرت استطلاعات للرأي تم نشرها في وسائل إعلام تونسية مطلع الأسبوع الحالي تقدم "الحزب الدستوري الحرّ" في نوايا التصويت، الذي تقوده المحامية عبير موسي، التي تتهم حزب النهضة وراشد الغنوشي بالتسبب في تأزم الوضع في البلاد منذ الثورة.
 
ويسعى أعضاء مجلس النواب التونسي، إلى جمع توقيعات الكتل النيابية لبحث خطوات سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، وذلك من خلال جمع توقيعات 73 نائبا على العريضة التي تقدمت بها كتلة حزب الدستوري الحر، برئاسة عبير موسى، قبل المرور إلى الجلسة العامة للتصويت عليها بأغلبية 109 صوت من أصل 217 صوتا.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق