هل تصحح "الزراعة" و"قطاع الأعمال" الخطأ الذي تسبب في أزمة لمزارعي القطن؟

السبت، 01 أغسطس 2020 06:10 م
هل تصحح "الزراعة" و"قطاع الأعمال" الخطأ الذي تسبب في أزمة لمزارعي القطن؟
القطن
سامي بلتاجي

الاعتماد على المزادات العلنية بدلا من الزراعة التعاقدية يهبط بسعر قنطار القطن ويهدد المزارعين في الفيوم وبني سويف

​بحوث الاقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة: مزارعو القطن فوجئوا بتراجع الشركات عن شراء المحصول بعد الجني

 معهد التخطيط يوصي بمنح مركز الزراعات التعاقدية الاستقلال المالي والإداري وتكوين وحدات فرعية.. ويؤكد: قضية غائبة عن اهتمام المسؤولين
 
يعد محصول القطن المصري، أحد المحاصيل الزراعية، التي تحتاج إلى تطبيق نظم الزراعة التعاقدية معها؛ إلا أنها لا تزال من المنظور التنموي العام، قضية غائبة عن اهتمام وزارة الزراعة، رغم إصدار القانون الخاص بمركز الزراعات التعاقدية، رقم 14 لسنة 2015، الذي لم يكن له وجود فعلي؛ وذلك وفقا لدراسة نشرت في معهد التخطيط القومي، في أكتوبر 2019، موضوعها: "الزراعة التعاقدية كمدخل للتنمية الزراعية المستدامة"، ضمن سلسلة قضايا التخطيط والتنمية.
 
أطلقت الحكومة في موسم القطن لعام 2019، نظام تداول -تجريبي- لتجارة وتسويق القطن، بمحافظتي الفيوم وبني سويف، بالتنسيق بين وزارات قطاع الأعمال العام، التجارة والصناعة، والزراعة واستصلاح الأراضي، لمواجهة سلبيات نظام التداول السابق، والوصول بالقطن المصري للمكانة التي يستحقها عالميا، إلى جانب حصول المزارع على العائد المناسب وتحقيق هامش ربح للاستمرار في زراعة المحصول؛ كما تم تحديد 17 مركزا لاستلام الأقطان فى المحافظتين، حيث يتم تسليم المزارعين، في مراكز التجميع الأساسية، أكياس مصنعة من الجوت، لتعبئة الأقطان بها، ومزودة بدوبارة قطنية لحياكة الأكياس، قبل تسليمها معبأة بالأقطان؛ وتتم إدارة مراكز تجميع القطن الزهر، عن طريق احدى الشركات التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، ولا يسمح بإنشاء أو فتح أية حلقات خاصة أو مراكز استلام، غير تلك المخصصة في المحافظتين، ويتم التوريد من خلال المزارع مباشرة، وبواسطة بطاقة تحقيق الشخصية وبطاقة الحيازة الزراعية.
 
ويقوم النظام على فتح مزاد يومي، بسعر يمثل متوسط سعري القطن البيما وقصير التيلة، من خلال لجنة مشتركة من عدة جهات، والسماح بدخول المزاد لكافة التجار المشتغلين بتجارة القطن - في تجاهل لتفعيل دور مركز الزراعات التعاقدية – على أن تتم المزايدة على الأقطان الواردة لمراكز التجميع، في اليوم التالي لورودها، بهدف حصول المزارع على أعلى سعر لمحصوله من القطن، الذي تم توريده لمركز التجميع، ويحصل المزارع من الشركة، التي رسى عليها المزاد، على 75% من السعر مباشرة، والباقي خلال مدة أسبوع، بعد إتمام عملية الفرز والرتبة وتصافي الحليج؛ وفي حالة عدم ثبات المزاد ورسوه على شركة معينة، تلتزم الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج بشراء القطن من المراكز بسعر فتح المزاد؛ وتفعيل الزراعة التعاقدية، يمكن من تحديد المساحات الزراعية، بناء على التعاقدات بين المنتجين الزراعيين وبين الشركات، وعلى أساس سعر يتم تحديده مسبقا، بناء على توافق الطرفين.
 
ورغم ادعاء ضمان أعلى عائد للمزارعين، في نظام تداول وتجارة القطن بالمزادات، أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام، في 13 سبتمبر الماضى شراء نحو 24 ألف قنطار قطن بنظام المزاد في الفيوم وبني سويف، منذ بدء موسم التوريد، بدءا من يوم السبت 17 أغسطس 2019، ولمدة ثلاثة أشهر، بقيمة 50.2 مليون جنيه، بسعر 2100 جنيه للقنطار؛ وهو سعر أقل بقيمة 400 جنيه، مما كان عليه سعر الضمان (السعر الأدنى) للقنطار في عام 2018، في أقطان الوجه القبلي؛ مما يعد انتكاسة عما كان قد سبق النظام الجديد من إجراءات، كانت بعضها يتمثل في قيام الحكومة المصرية، بإعلان سعر ضمان، في 28 فبراير 2018، وقبل بداية موسم الزراعة، بقيمة 2700 جنيه لقنطار القطن بالوجه البحري، و2500 جنيه للقنطار بالوجه القبلي، مما شجع الفلاحين على التوسع في زراعة القطن، بمساحات إجمالية وصلت في ذلك العام 336 ألف فدان، منها 33 ألف فدان بالوجه القبلي، و303 ألف فدان بالوجه البحري.
 
ووفق تقرير لقسم بحوث التحليل الاقتصادي للسلع الزراعية، بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، صدر في يناير 2019، حول: "الموقف الحالي والتصور المستقبلي للقطن المصري"، فوجئ مزارعو القطن في الوجه القبلي، بتراجع الشركات عن شراء المحصول بعد الجني، رغم تعاقداتها تحت رعاية الحكومة، بدعوى زيادة سعر الفائدة وتراجع السعر العالمي، مقارنة بالسعر المحلي؛ كذلك، عدم التعاقد على أقطان الوجه البحري، مثل الأصناف المزروعة في الصعيد؛ مما دعا الحكومة للتأكيد على التزامها بقراراتها السابقة، بشأن استلام محصول القطن من المزارعين لموسم 2018، بسعر الضمان المعلن حينها؛ كما أوضح وزير قطاع الأعمال العام أن الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، حصلت على تمويل من البنوك التجارية، بقيمة 1.5 مليار جنيه، في صورة قروض، لتمويل عمليات استلام كمية قدرها 450 ألف قنطار؛ حيث بدأت انفراجه جزئية في تسويق القطن، بعد إعلان الشركة، التعاقد مع الجمعية التعاونية لمنتجي الأقطان، عن استلام أقطان الإكثار، وضمان وزارة الزراعة للجمعية، لدى البنوك الوطنية، لمبادرة شراء القطن التجاري، في إطار شراء القطن المصري.
 
يشار إلى أن تقرير لقسم بحوث التحليل الاقتصادي للسلع الزراعية، بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، توقع أنه مع زيادة الطلب الخارجي على القطن المصري، ومع استمرار دعم الحكومة لعمليات الشراء والقيمة التي كانت متوقعة لتكاليف إنتاج فدان القطن لموسم 2019، سيصل متوسط السعر لقنطار القطن 3200 جنيه، بزيادة حوالي 600 جنيه، وبنسبة زيادة حوالي 23%، عن مثيله المعلن في 2018، لكنه انخفض خلال المزاد المتبع في نظام التداول الجديد، ليصل 2100 جنيه فقط.
 
ووفقا للتقرير، بلغ إجمالي صادرات القطن المصري، موسم 2018/2017، حوالي 43 ألف طن، تمثل 16.7% من إجمالي الإنتاج المحلي من القطن، بزيادة 43.3% مقارنة بموسم 2014/2013، وبزيادة 87% عن موسم 2017/2016، وبلغ إجمالي قيمة الصادرات المصرية من القطن 130 مليون دولار، في موسم 2018/2017، بزيادة 19% عن موسم 2014/2013، ونحو 103% عن موسم 2017/2016؛ كما تم تقدير إجمالي قيمة صادرات الأقطان المصرية، في موسم 2019/2018، بحوالي 275 مليون دولار، بزيادة 111% عن موسم 2018/2017.
 
اللافت للنظر أن الإنتاج العالمي للقطن، تميز بعدم الاستقرار، خلال الفترة بين عامي 2012 و2017، وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة الدول المنتجة للأقطان فائقة الطول، تليها مصر في المركز الثاني، ثم كل من الصين والهند في المرتبة الثالثة، خلال عام 2018؛ في حين كانت مصر في المركز الرابع، في عام 2017، بعد كل من: الولايات المتحدة الأمريكية، الهند والصين؛ والأخيرتان تتبادلان المركزين الأول والثاني، بين عامي 2012 و2018، من حيث المستهلك عالميا، من الأقطان فائقة الطول.
 
وأوضح التقرير أن المتوسط الشهري لسعر القطن طويل التيلة Index A، تأرجح بين الانخفاض والارتفاع، ليصل في مايو 2018، قيمة 2083 دولارا للطن، بواقع 104 دولار (2077 جنيها) للقنطار المصري من القطن، بعد أن كان 1885 دولارا للطن (94.3 دولارا للقنطار المصري)، في يناير 2013، وقد لوحظ أن السعر في 2013، يفوق كل من 2015 و2016 و2017، بقيمة 1800 دولار للطن (89.5 دولارا للقنطار المصري)، منذ يناير 2013 حتى أغسطس 2014، ثم أخذ في الارتفاع مرة أخرى، خلال الشهور السبعة الأولى نن 2017، والخمسة الأولى من 2017.
 
وأشارت دراسة معهد التخطيط القومي، إلى أنه في ظل محدودية الزراعة التعاقدية، يوجد العديد من العقود غير مسجلة وغير مستقرة، كما أن إثبات الحق بشأنها قد يأخذ وقتا طويلا، في ظل غياب الإطار التشريعي والجهات المعنية بفض النزاعات والتحكيم، فضلا عن أن البعض منها عقود إذعان، ومعظم العقود، عقود شراء، وغالبا ما لا يلتزم المزارع بشروط التعاقد، إلى جانب أن ما تواجهه الزراعة التعاقدية من تحديات متعلقة بالأدوار السلبية للوسطاء، مما أدى إلى ضعف الأداء التسويقي الزراعي في مصر؛ وفي الوقت ذاته، فإن تجارب بعض الدول المتقدمة والنامية والناشئة، أكدت أن الزراعة التعاقدية تمثل النظام الأكثر شيوعا للتسويق الناجح للمحاصيل والمنتجات الزراعية، إذ تساعد على زيادة إنتاجية المحاصيل، ومن ثم زيادة دخول المزارعين، وتسهل للمزارعين عملية النفاذ إلى الأسواق المحلية والخارجية، وربطهم بسلاسل الإمداد؛ كما أكدت التجارب أن نجاح واستدامة أنظمة التعاقدات الزراعية تتحقق، إذا ما كان نموذج الزراعة التعاقدية مربحا لكلا الطرفين المشاركين في التعاقد.
 
ياتي ذلك، في حين أنشأت الحكومة صندوق التكافل الزراعي، للحد من الآثار السلبية للكوارث الطبيعية، بما يوفر بيئة أكثر ملاءمة لتطبيق نظام الزراعة، وذلك من خلال إصدار القانون رقم 126 لسنة 2014، ورغم أن ذلك القانون، حدد مصادر تمويل الصندوق واسلوب عمله، إلا أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، تباطأت في تشكيل مجلس إدارة الصندوق، أو تضع له لائحة تنفيذية للبدء في ممارسته أنشطته؛ وذلك ما رصدته دراسة "الزراعة التعاقدية كمدخل للتنمية الزراعية المستدامة"؛ ولا يزال انتشار الزراعة التعاقدية في مصر يواجه عددا من التحديات، منها ظاهرة التفتت الحيازي وقزمية الحيازات، اتساع حدة التقلبات السوقية من حيث السعر والكمية، ضعف منظمات المزارعين التعاونية وعدم قيامها بدورها الرئيسي في تجميع المزارعين والتفاوض نيابة عنهم، ضعف الثقة المتبادلة بين المنتجين والمنظمات التسويقية، وعدم وجود نظام لتأمين المخاطر الإنتاجية والسعرية التي يتعرض لها المنتجون.
 
وتقترح دراسة معهد التخطيط القومي إعادة النظر في اللائحة التنفيذية لقانون الزراعة التعاقدية، مع ضرورة إشراك ممثلين للجهات والأطراف من ذوي العلاقة، في وضع اللائحة؛ إلى جانب إعادة تشكيل مجلس إدارة مركز الزراعات التعاقدية، بما يناسب دوره الترويجي لنظم الزراعة التعاقدية ودوره المتعلق بتسجيل العقود والتحكيم في المنازعات؛ فضلا عن منح المركز درجة عالية من الاستقلال المالي والإداري، وتكوين وحدات فرعية تابعة له في المحافظات؛ كما توصي بإصدار تشريع لحوافز وضوابط الزراعة التعاقدية، ومنها: تأسيس النظام على علاقات رسمية مكتوبة وموثقة، وأن تقوم العلاقة التعاقدية على مبدأ المصالح المشتركة لأطراف التعاقد؛ والربط بين استحقاق المصدرين لحوافز التصدير ومدى التزامهم بإبرام عقود موثقة مع المنتجين، وأن تتضمن العقود الإنتاجية تقديم المشتري الدعم الفني للمنتجين؛ فضلا عن وضع آلية فعالة، تابعة لوزير الزراعة واستصلاح الأراضي، للمتابعة والتقييم والعمل على معالجة جوانب القصور في نظام الزراعة التعاقدية؛ وإنشاء صناديق لإدارة مخاطر الزراعات التعاقدية؛ إلى جانب قيام البنك الزراعي المصري بتوفير خطوط ائتمانية، خاصة بالزراعة التعاقدية، وبشروط أفضل من نظيرتها في الزراعة التقليدية؛ كذلك تصميم وتنفيذ حملات توعية وبرامج إرشادية وورش عمل وندوات تستهدف التعريف والترويج لنظم الزراعة التعاقدية لمختلف الفئات ذات العلاقة.
 
WhatsApp Image 2020-08-01 at 4.46.38 PM
 
WhatsApp Image 2020-08-01 at 4.46.39 PM (2)
 
WhatsApp Image 2020-08-01 at 4.46.39 PM (1)
 
WhatsApp Image 2020-08-01 at 4.46.38 PM (2)
 
WhatsApp Image 2020-08-01 at 4.46.38 PM (1)

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق