"الصليبية والجهاد".. كاتب أوروبى يبكى سقوط الأندلس

السبت، 08 أغسطس 2020 11:59 ص
 "الصليبية والجهاد".. كاتب أوروبى يبكى سقوط الأندلس

تحت عنوان "الأيام العظيمة للخلفاء وتَطَوّر الإسلام" يتحدث المؤرخ والمستشرق والسياسى الأمريكى ويليام بولك فى كتابه "الصَّليبيّة والجهاد.. حرب الألف سنة بين العالم الإسلامى وعالم الشمال" 2019 م ترجمة عامر شيخونى ومراجعة وتحرير عماد يحيى الفَرَجى ليكشف كيف كان العلم الإسلامى ينشر معرفته بين الجميع فى وقت كانت فيه اوروبا ترزح تحت "عصور الظلام".

 
يكشف الكتاب كيف طارد العباسيون الجدد الذين استولوا على السلطة أغلب أبناء عمومتهم من الأمويين وقتلوهم لكى يضمنوا ترسيخ حكمهم، أرادوا توحيد العالم الإسلامى من جديد بعد هزات الثورة، لكنهم فشلوا فى تحقيق ذلك ولم يمكن استعادة وحدته بعدها أبداً، ربما لم تكن العودة إلى خلافة واحدة شاملة ممكنة، ولكن هروب أحد أمراء الأمويين أكد على تمزقها.
 
هرب إلى اسبانيا حيث احتضنته المملكة العربية - البربرية التى كانت قد تأسست هناك على أنقاض مملكة إحدى القبائل الجرمانية التى دمرت الإمبراطورية الرومانية الغربية، عرفت آنذاك بالأندلس، وهو اسم مشتق من اسم مؤسسيها: شعب الفندال.
 
 
الصليبية والجهاد
 
كان حكم الفندال ظالما ومستبدا لدرجة أن السكان الأصليين المتذمرين، خاصة اليهود المضطهدين، شجعوا الغزاة من العرب والبربر المسلمين على عبور البحر الأبيض المتوسط من منطقة المغرب المسلمة  إلى جبل طارق فى إسبانيا، وبعد ذلك العبور سنة 711، ظَل العرب فى أجزاء من شبه جزيرة إيبريا حوالى سبعمائة سنة، وطوروا مزيجا رائعا من الثقافتين الإسلامية واليهودية، ظهر فى جامعات الأندلس كثير من الفلاسفة والعلماء والأطباء والشعراء والموسيقيين الذين أعطيت لهم حرية الرأى والإعلان عن مكتشفاتهم وممارسة فنونهم.
 
واندفعت الإمارات المسيحية المحاربة من ليون وكاستيل ونافار وأرغون وبرشلونة وامتدوا جنوباً على مر القرون لاحتلال مدينة بعد مدينة ومنطقة إثر منطقة حتى استطاعوا سنة 1492 طرد عشرات الآلاف من المسلمين واليهود وأخضعوا من بقى إلى محاكم التفتيش وقضوا بذلك على أكثر المجتمعات تقدما فى أوروبا.
 
العباسيون
 
كانت المقارنة مع بقية أنحاء أوروبا مذهلة، فلم يوجد فيها آنذاك سوى قلة ممن يستطيعون القراءة، وكانوا معزولين فى الأديرة، أما من استطاع القراءة من أهل المدن فربما لم يكن مستواهم أفضل من طلاب المدارس الابتدائية فى هذه الأيام، فمثلاً ربما لم يعرف سوى قليل ممن وقعوا على الوثيقة التاريخية "الماجنا كارتا" (انجلترا 1215) كيف يكتبون شيئا أكثر من أسمائهم، وربما لم يتمكن أحد منهم من قراءتها. ومن الصعب أن نجد دليلاً على وجود أكثر من قلة قليلة من الرجال أو النساء ممن كانوا يتمتعون بالثقافة أو حتى بأية درجة من الرقى الاجتماعى، بينما ازدهرت فى الأندلس الفنون، واخترعت أنواع جديدة من الشعر، وألهم التَّذوق الموسيقى ما أصبح فيما بعد حركة التُروبادور الفنية، وتطور المجتمع الكنائسى المسكونى فى الأندلس من النواحى الفنية والعمرانية والموسيقية والشعرية والطبية والعلمية، وقام بدور مهم للربط بين العالم الكلاسيكى الإغريقى - الرومانى والمجتمعات، خاصة فى إيطاليا حيث وضعت أسس عصر النهضة.
 
الاندلس
 
وقام العباسيون أيضا بتأسيس دولتهم المتطورة وخلافتهم القوية على ضفاف الفرات ودجلة، وبنوا سلسلة من المدن العظيمة، أشهرها بغداد التى تم تأسيسها بعد اثنتى عشرة سنة من ثورة أبو مسلم فى 762، وحكموا منها امبراطورية امتدت أرجاؤها من البحر الأبيض المتوسط حتى نهر السند، ومن شبه الجزيرة العربية حتى حدود الصين. تعَرف عليها الأوروبيون والأمريكان من خلال الحكايا الخيالية فى "ألف ليلة وليلة".
 
ويقول الكتاب: حيثما حل المسلمون أسسوا ما يسمونه "دار السلام" باحترام نسبى لتنوع الثقافات والأديان إلى حد لم تتخيله أوروبا المسيحية، فقد تَعايش اليهود والمسيحيون والهندوس والبوذيون وأصحاب ديانات وأعراق أخرى جنباً إلى جنب فى انسجام بالمقارنة مع العنف الدائم والتهديد المتكرر بالفصل العنصرى الذى طالما وجد فى أوروبا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق