حكاية بائع الفريسكا..زاوية عكسية

الإثنين، 31 أغسطس 2020 12:08 م
حكاية بائع الفريسكا..زاوية عكسية
مختار محمود يكتب :

فى لحظة رضى ربانى.. خطف بائع الفريسكا الطالب النابغة إبراهيم عبد الناصر الأضواء من الجميع، وتصدر التريندات، وتواصلت معه الحكومة وأحسنت استقباله ومعاملته وحققت له أكثر مما كان يحلم به، وهو بكل تأكيد يستحق الكثير والكثير، ولكن ماذا لو لم يتم تداول قصة هذا الطالب الذى صنع المستحيل عبر مواقع التواصل الاجتماعى على نطاق واسع؟ هل كانت الحكومة سوف تمد له يد العون والتقدير بين عشية وضحاها؟ هل كان يمكنه الحصول على 1% مما حصل عليه من منح معنوية ومادية؟ هل كانت وسائل الإعلام سوف تحتفى به وتلهث وراءه لاستضافته وإجراء المداخلات التليفونية معه؟ ماذا لو فكر "إبراهيم" مثلاً، بعد حصوله على 99.6% بالثانوية العامة "علمى" فى سلوك الطرق الروتينية وحاول التواصل هاتفيًا -لا قدر الله- مع وزير التعليم العالى والبحث العلمى؛ للحصول على منحة تعليمية؟ وماذا لو طرق الطالب المتفوق –لا سمح الله- مكتب رئيس جامعة الأسكندرية؛ بحثًا عن تقدير مُستحق لتحقيق حلمه؟ ليس من شك فى أن الإجابة عما تقدم من أسئلة وما يشبهها سوف تكون سلبية جدًا؛ فلا وزير التعليم العالى كان سوف يتواصل معه ويقول له فى ود مصطنع: "إحنا تحت أمرك"، ولا رئيس جامعة الأسكندرية كان سوف ينتظره برفقه معاونيه لتذليل جميع العقبات أمامه والتقاط الصور التذكارية معه، وما هرولت الجهات إياها لتعلن عن تقديم الدعم المالى له، سواء كانت جادة أو "بتركب الموجة". 
 
ثم هبْ أن "إبراهيم" كان يخطط لحياته بشكل مختلف، وولى وجهه شطر كلية الشرطة مثلا، فمن المؤكد أنه  سوف يواجه الموقف ذاته الذى واجهه "محمد عادل إمام" فى فيلم "عمارة يعقوبيان". ولو فكر فى دراسة العلوم السياسية وتفوق فيها واختار السلك الدبلوماسى مثلاً، فمن الأرجح أنه سوف يواجه مصير الراحل "عبد الحميد شتا".
 
إن الحكومة لا تبدو كما الأم الرؤوم إلا عندما تتدخل السوشيال ميديا بسلطانها الغاشم الواسع. سلطان السوشيال ميديا وحده القادر فى هذا الزمان على إنصاف الغلابة والمحرومين وتحقيق أحلامهم المؤجلة والمستحيلة.
 
سلوك الطرق الطبيعية والشرعية لا يحقق المراد فى مصر ولا يفتح أبواب المسؤولين وقلوبهم وصدورهم. "إبراهيم" كشف عورة الحكومة التى يستهويها التريند وحب الشهرة والأضواء، وعورة الجهات الخاصة التى لا تقدم دعمًا أو تمويلا إلا إذا جاء عبر السوشيال ميديا، وتطبيق قاعدة: "ضرب عصفورين بحجر واحد"، وعورة آلاف الأسر والطلاب الذين كانوا يتباكون قبيل وأثناء وبعد إجراء امتحانات الثانوية العامة، وبعضهم كان يتطلع إلى إلغائها.
 
شكرًا "إبراهيم عبد الناصر"، وكل التمنيات الصادقة لك ولكل من يشبهك فى الوطن من المجتهدين والنوابغ، ممن لا يملكون الثروة والنفوذ والفراغ فيما هو قادم..

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق