سقوط «محمود عزت» وتوابعه

الأحد، 06 سبتمبر 2020 09:00 ص
سقوط «محمود عزت» وتوابعه
هشام السروجي يكتب:

 
القبض على محمود عزت ليس مجرد ضربة أمنية لقيادة تاريخية من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، بل هو سقوطٌ لركنٍ من أركان الجماعة، استطاع الإفلات من الوقوف أمام المحاكمة لمدة 7 سنوات. 
 
الحقيقة التي يجب أن نقف عندها طويلاً ونسأل أنفسنا: كيف استطاع هذا الذئب العجوز الهروب والاختفاء في وقت سقط فيه آلاف عناصر الجماعة؟، وعلى رأسهم آلهة الدم والحرب الذين أسسوا اللجان النوعية تحت مسميات مختلفة واحترفوا حروب العصابات؟!.
 
روايات «إخوانية» مختلفة انتشرت عن ظروف سقوط عزت القائم بأعمال مرشد الجماعة، والممسك بخيوطها منذ القبض على المرشد محمد بديع.
 
 بقراءة سريعة لهذه الفرضيات التي طرحت عن القبض على محمود عزت نستطيع استنباط أن العقل الإخواني منقسم إلى فرق عدة، تمثل انقسام الجماعة الذي وصل إلى ذروته بعد سقوط قيادات العنف المسلح بقيادة محمد كمال، مؤسس اللجان النوعية وقائد الجناح المسلح للتنظيم بعد ثورة 30 يونيو.
 
الرواية الإخوانية الأولى تقول إن أجهزة الأمن التركية أمدت مثيلتها المصرية بمعلومات تساعد في إلقاء القبض على عزت، بعد تفاهمات بينهما في ملفات عالقة منذ فترة بخصوص الوضع في ليبيا وشرق المتوسط، فقدم الأمن التركي بادرة حسن نية، تلك الرواية يرددها ثلة من شباب الجماعة الذين يختلفون مع الممارسات التركية، وبعضهم ممن ذاقوا الأمرين في رحلة الهروب داخل تركيا، وعاشوا الذل والهوان من الأتراك أنفسهم وتم استغلالهم أقذر واسوأ استغلال، وحملوا ضغينة تجاه كل ما يرتبط بتركيا، خاصة بعد رفض اسطنبول دخول عدد من شباب الجماعة للأراضي التركية، ونتج عن الرفض ترحيلهم إلى مصر وهو مطلوبون في قضايا إرهابية.
 
توضح هذه الرواية جانباً داخل الجماعة من الممكن حسبانه على الفريق الذي أيد خطة الأرض المحروقة الذي دعى له محمد كمال، الذي دعمته تركيا وقطر ماديًا ولوجيستيًا في البداية، لكن رفض الانسحاب التركي من دعمهم بعد الخسارة الفادحة التي تكبدتها في مساندة العنف داخل مصر، وارتأت وجوب إيقاف الدعم كي لا يفتضح أمرها وتواجه أزمة سياسية دولية، وأن يضاف إلى حزمة الاتهامات التي تلاحقها في مساندة داعش، تهمة جديدة في تصدير الإرهاب الي مصر ودعمه وتمويله، واعتبرت هذه الثلة موقف تركيا خيانة للقضية فتحولوا إلى الكره بعد المحبة، وفي نفس الوقت كان هؤلاء يرفضون البيانات السياسية التي كانت تخرج بين الحين والآخر من جبهة محمود عزت، ويعتبرونها انبطاحًا ولا يعلمون أنها عملية توزيع أدوار وحفظ ماء وجه الجماعة أمام المجتمع الدولي، فكانت فرضية التسليم التركي لعزت، رواية تشبع حالة الكره لاسطنبول التي تخلت عنهم، وكذلك شماته في من كان يرونه منبطحًا ويعمل لصالح النظام المصري، لكنه في النهاية لم يسلم من السجن.
 
الرواية الثانية كانت أغرب من الخيال لكنها ترددت منذ فترة طويلة بالتزامن مع تصاعد الخلاف بين محمود عزت ومجموعة محمد كمال، حين أصدر عزت بيانات كانت في العلن تدعو للنضال السلمي، مع العلم أنها كانت توزيع أدوار ليس أكثر، سرعان ما تحولت إلى صدامٍ حقيقي بعد الخلاف على كعكة التمويل، كانت استراتيجية (يضرب ويلاقي) لكن القواعد لم يستوعبوا تلك اللعبة، وبدأوا في رفض ما يصدر عن عزت في أوقات مفصلية، ما جعل عقولهم تلجأ للإنكار ويخلقوا وهمًا، بأن عزت يصدر بياناته من داخل مقر اعتقال، بعد أن أصبح في حوزة أجهزة الأمن التي تستغله في تفتيت كيان الجماعة من خلال البيانات التي تتنافي مع ممارسات اللجان النوعية، فرضية أن عزت محتجز ويتم استغلاله كانت أغرب من روايات رجل المستحيل، كيف للرجل أن يقبض عليه دون أن تعلم أجهزة الدول المعادية التي تدعم الجماعة الإرهابية وتفضح ذلك الأمر، في وقت كانت تروج فيه هذه الدولة شائعات عن وجوده خارج الحدود المصرية عبر منصاتها ولجانها الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولات تضليل مستمرة، توفر بها بيئة حماية لعزت الهارب داخل مصر، وتشتت بها أي معلومات تقول بوجودة داخلها.
 
الحقيقة أن الخلاف بين عزت وكمال دمر ما تبقى من جماعة الإخوان، ولو أن كل أجهزة المخابرات الرافضة للإرهاب الاخواني تجمعوا على وضع خطة لنسف الجماعة من الداخل، لن يستطيعوا تحقيق ما تم على يد القيادات نتيجة صراعاتهم على الزعامة والمال، والاتهامات المتبادلة بين الأجنحة المنقسمة في الجماعة بالعمالة لصالح الأمن وتسليم المجموعات التي تم القبض عليها وغيرها ممن قتلوا في مواجهات مع الأمن، وكذلك سرقة أموال التنظيم والتخلي عن المحبوسين على ذمم قضايا إرهابية، بهدف تركيع القواعد والحصول على ولائهم لصالح فريق دون أخر، كل هذا كان السبب الحقيقي في انهيار التنظيم، ، الواقع أن دود المش منه فيه كما يقول المثل الصعيدي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق