رئيس الوزراء: قانون التصالح في مخالفات البناء ليس إجراء عقابيًا.. ويؤكد: يخدم المواطنين المستثمرين في إنشاء العقارات

الأربعاء، 09 سبتمبر 2020 06:46 م
رئيس الوزراء: قانون التصالح في مخالفات البناء ليس إجراء عقابيًا.. ويؤكد: يخدم المواطنين المستثمرين في إنشاء العقارات
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء

عقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمرا صحفيا، اليوم، بمقر رئاسة مجلس الوزراء، بحضور كل من اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، والدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ووزير الدولة للإعلام، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي؛ وذلك لتوضيح أبعاد قضية البناء العشوائى المخالف فى المدن والقرى أمام المواطنين، وما يخص تطبيق قانون التصالح فى بعض مخالفات البناء.

وبدأ رئيس مجلس الوزراء المؤتمر الصحفى، بالإشارة إلى أن عقد هذا المؤتمر يأتى فى إطار التحاور مع مواطنينا وأهالينا فى كافة ربوع مصر حول قضية من القضايا التى شغلت الرأى العام خلال الفترة الماضية وهى التصالح مع مخالفات البناء سواء فى المدن أو القرى، مؤكدًا أن هذا التحاور يأتى فى إطار توجه الدولة والحكومة بضرورة مناقشة واستعراض القضايا التى تهم المواطنين بكل شفافية ووضوح، وهو ما شهدناه فى التعامل مع أزمة فيروس كورونا المستجد والإجراءات التى تم اتخاذها فى هذا الصدد، لتوضيح كافة الأمور المتعلقة بتلك القضايا، وشرح توجهات الدولة والتحديات التى تواجهنا فى التعامل مع مثل هذه القضايا، قائلًا: من هذا المنطلق وتعاملًا مع ما يثار فى مختلف وسائل الإعلام، وعبر مواقع التواصل الاجتماعى حول ملف التصالح مع مخالفات البناء، وجدنا أنه من المناسب أهمية التواصل لعرض كافة أبعاد القضية، والتحديات التى تواجهها الدولة فى هذا الشأن، وأيضا توضيح الخطوات والجهود التى تقوم بها الدولة؛ سواء حاليًا أو مستقبليًا للتعامل مع هذه الظاهرة.

وفى هذا الصدد، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن ظاهرة البناء غير المخطط، بدأت فى مصر منذ عقد السبعينات من القرن الماضى، وكانت نتيجة لتزايد النمو السكانى الكبير، وعدم القدرة الاقتصادية للدولة خلال هذه الفترة على توفير البديل المناسب من السكن والأراضى للمواطنين، وهو ما دعا المواطنين فى هذه المرحلة إلى البناء بشكل عشوائى وغير المخطط من قبل الدولة.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: أغلب هذا البناء تم على الأراضى الزراعية التى كانت تحيط بالمدن القائمة، أو موجودة داخل القرى المصرية، منوهًا إلى أن الظروف الاقتصادية والسياسية التى مرت بها البلاد فى هذه المرحلة دعت الدولة تغض الطرف عن هذه التصرفات التى تحدث من قبل المواطنين وقيامهم بالتعدى على أراض زراعية والقيام بالبناء العشوائى عليها، مضيفًا أن هذه الفترة شهدت كذلك صدور عدد من القرارات والإجراءات لتوصيل المرافق لهذه المبانى المقامة بالمخالفة للقوانين، والتعامل مع المواطنين بطريقة ميسرة، وهو ما أوجد اتجاها لدى العديد من المصريين أن البناء بهذه الطريقة هو النمط الغالب الموجود على أرض مصر.

وكشف رئيس الوزراء عن أن البناء العشوائى أو غير المخطط يمثل نحو 50% من الكتلة العمرانية لكل المدن والقرى المصرية، لافتا إلى أنه اعتبارًا من منتصف الثمانينيات حتى عام 2015، وصلت نسبة النمو العشوائى فى بعض الأحيان إلى أكثر من 70% من حجم البناء الذى يتم، وهو الوضع الذى أدى إلى ظهور حجم هائل من المشكلات والتحديات، التى نلمسها على أرض الواقع كدولة ومواطنين.

وتطرق رئيس الوزراء، خلال حديثه، لما حدث فى قرى وريف مصر، موضحًا أن القرى عبارة عن تجمعات سكنية صغيرة تخدم الرقعة الزراعية الكبيرة التى كانت تتمتع بها مصر، لتأمين مصادر الغذاء لكل المصريين، مضيفًا أن هذه الرقعة الزراعية شهدت زحفا عمرانيا بشكل عشوائى غير مخطط على الإطلاق، ويتميز بأنه نمط غير متدرج للبناء أى نمو متبعثر، فضلا عن انتشار "العِزب" والتوابع للقرى غير المرتبطة بالكتلة السكنية، وهو ما مثل ضغطا كبيرا على الدولة، مشيرًا فى هذا الصدد إلى أنه اعتبارًا من عام 1980 حتى الآن فقدنا 400 ألف فدان من الأراضى الزراعية، 90 ألف منها خلال الفترة من 2011 حتى الآن، وهو ما يُعد كارثة حقيقية، لأنه نتج عن ذلك فقدان مصدر من مصادر الغذاء للمصريين، إلى جانب فقدان العديد من فرص العمل التى كانت مرتبطة بالنشاط الزراعى، وهو ما ألقى عبئا كبيرا على الدولة تمثل فى الاضطرار إلى استصلاح مساحات مماثلة فى الصحراء لتعويض هذه المساحات الشاسعة من الأراضى الزراعية.

وقال رئيس مجلس الوزراء: تتكلف الدولة ما يتراوح بين 150 إلى 200 ألف جنيه لاستصلاح مساحة فدان فى الأرض الصحراوية، أى أنه لا بد من إنفاق نحو 18 مليار جنيه لتعويض الـ 90 ألف فدان المهدرة من الأراضى الزراعية، مع الأخذ فى الاعتبار أنه لن يتم تعويض هذه الآلاف من الفدادين، التى فقدناها، بين عشية وضحاها، إذ أن هذا الأمر يتطلب فترات طويلة للغاية حتى ننتهى من عمليات الاستصلاح ونستطيع تعويضها، وما يتضمنه ذلك من مد شبكات رى، وخطوط كهرباء، وأماكن للسكن للمواطنين الذين سيستقرون بها.

وأضاف رئيس الوزراء : الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فيما يتعلق بفقدان الرقعة الزراعية والبناء عليها بشكل عشوائي؛ فبمجرد تواجد الأهالى فى هذه التجمعات غير المخططة والعشوائية يقومون بطلب مد المرافق من شبكات صرف صحى وخدمات أساسية، ومدارس، ووحدات صحية وغيرها؛ فأصبحت الدولة تلهث وراء هذه الأماكن العشوائية لتوفير كافة المرافق والخدمات لها، مشيرا إلى أن ذلك يؤدى إلى انتزاع ملكية أراض زراعية أخرى لإقامة محطة للصرف الصحى، أو مياه الشرب، أو إنشاء مدارس لتعليم أبنائهم.

ولحرص الدولة على توفير هذه المرافق لأهالينا فى القرى، نضطر لنزع ملكية أراض أخرى، وتعويض أصحاب هذه الأراضى، وهو ما يكلف الدولة الكثير، إضافة لتكلفة مد شبكات المرافق بأطوال أكبر ومحطات أكبر؛ للوصول إلى هذه التجمعات العشوائية داخل الأراضى الزراعية، وكان من الممكن أن تكون تكلفة توصيل هذه المرافق أقل بكثير للغاية، إذا ما كان نمو المبانى يسير بشكل مخطط. 

ولتوضيح حجم مشكلة المبانى المخالفة، ضرب رئيس الوزراء مثالا بالريف المصرى، لافتا إلى أنه فى عام 2014، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بالبدء فى تنفيذ مشروع كبير يتمثل فى توصيل الصرف الصحى لكل القرى، مشيرا إلى أنه كان مسئولا عن هذا الملف آنذاك حينما كان يتولى وزارة الإسكان والمرافق، وقال أن حجم تغطية الريف المصرى من الصرف الصحى كان لا يتجاوز 12% من الريف، ولم تكن تكلفة إجمالى المشروعات تتجاوز 180 مليار جنيه لخدمة باقى الريف، وأصبح حجم التغطية الآن نحو 40% من الريف المصرى، ومع استمرار النمو العشوائى والعزب وتوابعها، فأصبحت تكلفة التغطية تتضاعف، الأمر الذى جعل الحكومة بحاجة إلى ضخ أكثر من 300 مليار جنيه فى هذا الأمر، وإذا ما أخذنا فى الاعتبار استمرار الوضع الحالى كما هو دون تغيير عشوائى إضافى، فنحن نحتاج لوقت وجهد كبير ومستلزمات ومعدات تصنع خصيصا لهذا الغرض، وهو ما يستلزم فترات زمنية أطول يمكن أن تمتد إلى 10 سنوات حتى ننتهى من تغطية الريف بشبكات الصرف الصحى، مع استمرار هذا النمو العشوائى، وكأننا نسير إلى سراب لن يتحقق، أو فى حلقة مفرغة لن نستطيع الخروج منها بهذا الوضع.

أما فى المدن وفى العمران القائم، فنحن نواجه ظاهرتين على نفس النمط على أطراف المدن بصورة أكثر تعقيدا، فبدلا من بناء سكن لأسرة فى الريف أصبح هناك مواطنون فى المدن ينشئون أبراجا سكنية مخالفة، وباتت هناك كتل سكنية متبعثرة بالطوب الأحمر على المحاور والطرق السريعة، تشوه المظهر الحضارى للدولة، وتضطر الدولة لإزالة مئات الوحدات السكنية لمجرد فتح محور للتيسير على حركة المواطنين، ناهيك عن توفير خدمات فى هذه الأماكن.

والظاهرة الأخرى تتمثل فى الأحياء القائمة مثل الدقى ومصر الجديدة والعجوزة التى كانت مخططة بطريقة سليمة لا تتجاوز 4 طوابق فى شوارع عريضة مناسبة، حيث يلجأ الكثيرون إلى هدم المبانى القديمة فى هذه الأحياء، وإقامة أبراج سكنية مرتفعة تصل إلى 12 طابقا، رغم حصوله على هدم المبنى وإقامة 3 أو 4 طوابق فقط، وهو الأمر الذى يمكن وصفه بتسرب العشوائية إلى الأحياء المخططة أيضا، مما أدى للضغط على شبكات المرافق، لأنها كانت تستوعب أعدادا معينة من السكان، لكن مع إقامة طوابق مخالفة أصبح عدد السكان أضعاف أضعاف ما يمكن أن تتحمله هذه المرافق.

وتطرّق رئيس مجلس الوزراء إلى مشكلة كانت قائمة ما بين عامى 2014 و2015 ونجحت الحكومة فى التغلب عليها وإيجاد حلول لها، وتتمثل فى حدوث نقص وضعف لضخ مياه الشرب النقية داخل بعض الأحياء بالعاصمة، وأيضا فى محافظة الجيزة، ولاسيما فى مناطق مكتظة مثل فيصل والطوابق والهرم ومنشية البكارى بسبب نمو ظاهرة المبانى المخالفة العشوائية، وهو ما دعانا إلى إقامة  محطات مياه هائلة لخدمة هؤلاء المواطنين رغم أن مبانيهم متجاوزة ومخالفة، وقمنا بتنفيذ العديد من المشروعات تغطى هذه المنطقة لمدة 10 سنوات، إلا أن ما حدث أنه فى غضون 3 سنوات فقط، عادت بعض المشكلات فى الظهور مرة أخرى، وبدأنا فى تنفيذ مشروعات جديدة.

وأوضح رئيس مجلس الوزراء أنه فى ظل ما وصلنا إليه من شكل غير حضارى لكتل سكنية غير منظمة ومتناثرة، كان لابد من وقفة حاسمة من جانب الدولة، لنحافظ على المظهر الحضارى لدولة عريقة؛ فمع كل الجهود التى تُبذل فى إطار حجم الإنفاق الهائل على المشروعات التى تم تنفيذها خلال السنوات الخمس الماضية، لنبنى دولة جديدة حقيقية، كان لابد من هذه الوقفة.

وقال الدكتور مصطفى مدبولى : قد يتساءل البعض لماذا صمتنا طوال الفترة الماضية على هذا الوضع المخالف، لكن فى الحقيقة فإنه منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضى كان للدولة وقفة، وصدرت آنذاك عدة قرارات من الحاكم العسكرى بتجريم البناء على الأرض الزراعية، واتخذت الدولة فى هذه المرحلة مجموعة من الإجراءات الرادعة كان من بينها عدم توصيل المرافق، والهدم، وحاولنا بطرق صعبة أو عقابية وقف هذا الزحف العمرانى العشوائى، إلا أن كل هذه الإجراءات لم تؤت ثمارها فى إنهاء هذا الوضع. 

وأضاف : منذ 2008 قمنا بعمل أحوزة عمرانية لكل المدن والقرى ولكل التوابع فى الدولة، وأضفنا بالفعل 160 ألف فدان تم استقطاعها من الرقعة الزراعية لاستيعاب الزيادة السكانية لمدة 20 عاما أى حتى 2030، فالفدان يمكن أن يستوعب 150 فردا، أى 24 مليون نسمة، وذلك جنبا إلى جنب التوسع فى إنشاء جيل جديد من المدن الجديدة، لاستيعاب الزيادة السكانية.

لكن ما حدث على أرض الواقع، أنه لم يلتزم أحد بهذه التوسعات فى الأحوزة العمرانية؛ فالمواطن يرغب، وفق ما تشكلت لديه من ثقافة، فى البناء على ما يملكه من أرض، بغض النظر عن أنها تدخل ضمن هذا الحيز العمرانى أم لا، وأصبح هذا الحيز ليس حلا سحريا للظاهرة، رغم أنه لم يتم إشغال سوى 20 أو 30 % من الحيز العمراني.

وأكد رئيس الوزراء أن هدفنا هو العمل الدؤوب حتى عام 2030 لتصبح مصر فى مصاف الدول المتقدمة، وهو دعا إلى أهمية العمل على تحسين جودة المعيشة للمواطن المصرى، وتوفير مكان سكن مناسب وملائم لأولادنا، إلى جانب توفير فرص عمل جديرة بهم، بحيث يكون ذلك داخل بيئة مناسبة وصحية تراعى كافة الجوانب المعيشية والاقتصادية للمواطنين، كما يحدث فى أى دولة متقدمة، مشيرًا إلى أن ذلك وجهنا للعمل على التوسع فى إنشاء المدن الجديدة كالعاشر من رمضان، و6 أكتوبر، والقاهرة الجديدة، وغيرها من المدن الجديدة التى تقام على مستوى الجمهورية، منوهًا إلى أنه تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، تم البدء فى إنشاء جيل جديد من المدن الجديدة، وهو ما يسمى بالجيل الرابع من المدن الجديدة، وهو منتشر على مستوى الجمهورية من مدينة الإسكندرية حتى أسوان، وذلك خلال السنوات الأربع الماضية فقط.

وأكد رئيس الوزراء أنه كان من الضرورة إيجاد حل جذرى لمواكبة ما يتم إقامته من مدن جديدة، وهو ما تم العمل عليه فى المدن والقرى القائمة، من حيث تطوير ورفع الكفاءة للخدمات المقدمة للمواطنين بها، مشيرًا فى الوقت نفسه إلى حجم العمل الذى تم بالمناطق غير الآمنة والعشوائية، وما تم من تطوير لشبكات الطرق الداخلية، حيث تم إقامة العديد من الطرق والكبارى داخل المدن القائمة استنزف المزيد من الاستثمارات الموجهة لهذا الغرض، دعما لحركة المواطنين داخل هذه المدن، وحلا لمشاكل العمران القائم بها، وهو ما كلف الدولة مئات المليارات، ولا تزال الدولة توجه حجم إنفاق كبير لخدمة الكتلة السكنية الموجودة بهذه المدن التى زادت عن طاقتها الاستيعابية.

وقال رئيس الوزراء: أن ذلك مجتمعًا هو ما دعانا لوضع حد لهذه المخالفات، وهو مطلب شعبى وليس مبادرة من الحكومة والدولة، حيث سعى المواطنون للتصالح فيما تم من مخالفات قديمة، وذلك بهدف وضع حد لنزيف المخالفات الموجودة وتقنين هذا الوضع.

وأشار رئيس الوزراء إلى أنه نتيجة للجهد المشترك التى تم بالتعاون مع مجلس النواب فى هذا الصدد، ظهر قانون التصالح على مخالفات البناء رقم 17 لسنة 2019، مضيفًا أن هذا القانون جاء لإجراء تصالح للمخالفات الخاصة بقانون البناء رقم 119 لسنة 2008، موضحًا أن القانون رقم 119 ينص صراحة على عدم التصالح مع أية مخالفة، وأن الحل الوحيد هو الإزالة، لكن فى ضوء ما شهدته الفترة التى أعقبت ثورة يناير 2011 من تزايد مضطرد فى عدد المبانى غير المخططة والعشوائية، استوجب ذلك ضرورة وضع حل تشريعى، وهو ما صدر فى عام 2019.

وخلال المؤتمر الصحفى، أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن عدد الطلبات التى تم تقديمها للتصالح ليس متوافقا مع أعداد المخالفات الموجودة؛ لأننا نعلم جيدا أن المخالفات الموجودة على الأرض بالطبع تفوق ما تم تقديمه من طلبات، وهو ما دعا الدولة لبحث وجود مشكلات تطبيقية فى القانون. 

وأضاف رئيس الوزراء: طلب مجلس النواب إدخال بعض التيسيرات على القانون نتيجة ظهور عدد من التحديات عند التطبيق، وبدأ أيضا طرح التساؤل حول كيفية التعامل مع المبانى المخالفة قبل عام 2008، خاصة أن القانون يحصر أعمال الإزالة على تلك التى تم بناؤها منذ عام 2008 حتى الان، وهو ما دعانا جميعا بعد محاولات التفعيل منذ إبريل 2019 حتى بداية عام 2020، ونحن غير قادرين على عدم الاستفادة من هذا القانون الذى كان هدفه هو إيقاف نزيف البناء المخالف، لذا وجدنا معا، الحكومة مع مجلس النواب، أننا بحاجة لتعديل هذا القانون، وبناءً عليه صدر التعديل بالقانون رقم 1 لسنة 2020 لتبسيط إجراءات التصالح. 

وفيما يتعلق بقانون 1 لعام 2020، قال الدكتور مصطفى مدبولى أن هذا القانون فتح المجال لضم جميع المخالفات حتى التى تم بناؤها قبل عام 2008، ونص صراحة على سداد قيمة التصالح على أقساط ولمدة ثلاث سنوات وبدون فوائد، وكان القانون قبل تعديله يلزم بسداد قيمة التصالح بصورة فورية، كما سمح القانون 1 لسنة 2020 للمواطن أن يتظلم من عدم قبول طلب التصالح ومن قيمة التصالح نفسها، وهو ما لم يكن منصوصا عليه فى القانون القديم. 

وأضاف رئيس الوزراء أن القانون الجديد يسّر على المواطن تقديم كل المستندات التى تدل على المخالفة، وأن أى مستندات ستقدم سيتم النظر إليها، وفى الوقت الذى كان القانون القديم يتضمن أنه لابد أن يقوم مكتب استشارى هندسى بتقديم شهادة بالسلامة الإنشائية للمبنى، وهو ما رافقه شكاوى من المواطنين من استغلال هذه المكاتب والمغالاة عند استخراج هذه الشهادات، فإن التعديل على القانون اشترط أن تكون الشهادة من مهندس نقابى وليس مكتبا هندسيا أو استشاريا، حتى مع عدم العودة للنقابة وذلك تيسيرا للمواطنين، طالما أن المهندس عضو بالنقابة. 

وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: قانون التصالح ليس إجراء عقابيا، ولكن بالعكس تماما يخدم المواطنين الذين استثمروا جزءا من أموالهم وثرواتهم فى إنشاء عقارات على الأراضى، لافتا إلى أن التصالح له فوائد كثيرة مهمة للغاية تعود على المواطن، فالعقار بمجرد التصالح عليه يأخذ صفة الرسمية، وبالتالى أصبح حقا على الدولة أن تقوم بإدخال المرافق له بصورة رسمية وغير ملتوية، خاصة مع علمنا جميعا بما كان يحدث عند الرغبة فى توصيل المرافق للمبانى المخالفة فيما يتعلق بسرقات الكهرباء وتوصيل المياه بصورة غير رسمية.

 

ولفت رئيس الوزراء إلى أنه بمجرد أن تتم عملية التصالح فإن القيمة العقارية للمبنى تتضاعف عدة مرات، والأهم أنه بمجرد الحصول على المستندات التى تثبت الوضع القانونى للعقار سيكون باستطاعة مالكه التعامل فى النور فى عمليات البيع والشراء والاستفادة من الأصل فى التعامل مع البنوك، لأن الأصل أصبحت تقره الدولة وتعترف به، وبالتالى سيتم تداوله بالقيمة الحقيقية والسوقية له ووفقا لحركة السوق. 

 

وأوضح الدكتور مصطفى مدبولى أن الحكومة تسعى لوقف المزيد من النمو العشوائى ونغلق ملف التصالح وتقنين الأوضاع، ومن أجل ذلك نص القانون صراحة على تحديد 6 شهور من أجل إنهاء هذا الجدل، يقوم خلالها المواطنون بالإسراع فى تقديم طلبات التصالح، مجددا الطلب للمواطنين بالإسراع فى تقديم الطلبات حتى نغلق جميعا دولة ومواطنين هذا الملف الذى تعانى منه مصر من أكثر من 40 عاما. 

وتطرق رئيس الوزراء إلى شكاوى المواطنين التى تصل للحكومة عبر منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، وأيضا الشكاوى التى نلمسها من واقع الجولات التى نقوم بها، ومن اجتماعاتنا مع المحافظين، والتى تتمثل فى شكاوى بعض المواطنين من تعدد المستندات المطلوبة وعدم قدرتهم على استيفائها جميعا، مع رفض الجهات التنفيذية هذه المستندات فى حالة عدم اكتمالها.

الشكوى الثانية التى أشار إليها الدكتور مصطفى مدبولى هى ارتفاع القيمة المقررة كرسم للتصالح على المتر فى عدد من المناطق، إذ يرى أصحاب هذه الشكاوى أن تلك الأسعار مبالغ فيها، مطالين الدولة بالتدخل لإيجاد حل لمسألة ارتفاع قيم التصالح.  

وفى هذا الصدد، أوضح رئيس الوزراء أن المحافظات لم تحدد الأسعار بطريقة جزافية، لكنه طبقا للقانون يوجد لجنة مُشكلة، يشارك فيها العديد من الجهات فى الدولة وتضم أيضا خبراء تقييم تضع هذه الأسعار، ورغم ذلك، وفى ضوء تكرار هذه الشكاوى تم توجيه المحافظين بمراعاة البعد الاجتماعى وأن نراجع بأنفسنا تقديرات الأسعار الأولية التى تخرج عن هذه اللجان، مشيرا إلى أنه من الوارد وجود مناطق شديدة التميز من الناحية الجغرافية ولكن أوضاع أهالينا من القاطنين بها هى أوضاع بسيطة وربما لن يستطيعوا دفع القيم الأولية للتصالح، ومن أجل ذلك "أكرر مرة ثانية كان التوجيه للسادة المحافظين بمراعاة البعد الاجتماعي"، ونتيجة لذلك، حدث تخفيض للقيم فى العديد من المحافظات بنسب تتراوح من 10-55% من القيم التى كانت اللجان حددتها فى السابق. 

وتناول رئيس الوزراء خلال المؤتمر الجدل الذى أثير حول من هو المسئول عن تسديد قيم التصالح، هل هو صاحب العقار (من أنشأه) أم شاغل هذا العقار، قائلا: لكى نضع الموضوع فى إطار واضح، نعلم جميعا أنه فى الريف من يبنى العقار هو من يشغله أو أولاده، وفى هذه الحالة، يعتبر هو المالك والشاغل وبالتالى هو من يتقدم بطلب التصالح، وكذلك الحال فى المدن الجديدة يكون المالك هو الشاغل، حتى فى حالة بيعه لعدد من الوحدات داخل العقار الذى يملكه فإنه يكون معروفا، وهذا الكلام أيضا ينطبق على ملاك العقارات فى المدن القائمة، وهم معلومون أيضا، مؤكدا أن القانون يلزم صاحب الرخصة بسداد رسوم التصالح.

وأبدى الدكتور مصطفى مدبولى أسفه لوجود عقارات فى بعض المدن الكبرى تم بناؤها من بعض ضعاف النفوس بأسماء مستعارة فيما يعرف بـ "الكاحول"، وأصبح اليوم المالك الأصلى مجهولا حتى أن كان معلوما، إلا أنه متعنت فى السداد، وفى تعامله مع هذا الأمر أشار القانون إلى أن شاغلى الوحدات فى هذا النوع من العقارات منفردين أو مجتمعين لهم أن يتقدموا لتقنين الأوضاع المخالفة القائمة، وفى هذه الحالة رأينا بعض الحالات التى ترفض التقدم للتصالح، وهم بذلك يفقدون فرصة ذهبية لتعظيم قيمة الوحدة السكنية التى يقطنون بها، التى ستتضاعف قيمتها بعد بضع سنوات. 

ولفت رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تعمل على وضع منظومة، فى إطار التحول الرقمى وميكنة كل الإجراءات، معلنا أنه سيصدر لكل وحدة سكنية شهادة برقم قومى ولن يتاح مستقبلا بمجرد الانتهاء من هذه المنظومة تداول أى وحدة سكنية أو عقار إلا إذا كان قدر صدرت له هذه الشهادة. 

وأضاف الدكتور مصطفى مدبولى أنه فى إطار السعى نحو تطبيق القانون ووقف نزيف مخالفات البناء العشوائى تم توجيه كل الإدارات المحلية وأجهزة المدن الجديدة باستلام كافة الطلبات التى يتقدم بها المواطن بغض النظر عما إذا كانت المستندات مكتملة أم لا، فبمجرد تقديم الطلب سيتسلم المواطن "نموذج 3" والذى يرجع أهميته إلى أنه بمجرد حصول المواطن عليه، سيتم وقف جميع الإجراءات التى يمكن اتخاذها ضد المخالفة من إجراءات هدم، وحتى الأحكام سيتم تجميدها لحين إجراءات التصالح، مع إعطاء المواطن فترة بعدها لمدة شهرين لاستكمال أوراقه. 

كما تم التشديد على كل المحافظين بمراجعة كافة قيم التصالح فى بعض المناطق التى وردت منها شكاوى كثيرة فى بعض الارتفاعات الكبيرة فى قيم التصالح، وفى هذا الصدد قام عدد من المحافظين باتخاذ هذا الإجراء خلال الفترة الأخيرة.

وأشار رئيس الوزراء إلى أنه تم التشديد على جميع الإدارات المحلية على أنه بمجرد استلام المواطن نموذج رقم "3"، يتم إعلام كل الجهات التنفيذية بضرورة عدم التدخل والتعامل مع العقار الذى صدر فى شأنه هذا النموذج، وكذا إيقاف وتجميد الأحكام الخاصة به، لحين البت فى التصالح وإجراءات عملية التقنين، وذلك تأمينا للمواطنين.

وشدد رئيس الوزراء على أن الدولة لا تهدم المبانى والمنشآت المشغولة بالمواطنين، وأن ما تم هدمه هى مبان خالية، وتعديات كانت صارخة خارج نطاق أماكن التصالح، لوقف تفاقم هذه الظاهرة التى عانت منها مصر طويلا، وستظل تعانى بهذا الوضع، مشددًا على أنه حان الوقت لوقف هذا النزيف، وأن يكون النمو على مستوى الجمهورية نموا مخططا، بما يضمن شكلا حضاريا للمدن والعمران يضاهى ما نراه فى مدن العالم المتقدم، مؤكدًا أن الدولة ستواجه بكل حسم وحزم أية محاولات جديدة لبناء عشوائى وغير قانونى أو غير رسمى على أراض زراعية أو أملاك دولة.

وقال رئيس الوزراء: من هنا أقول أنه حان الوقت لنا أن نواجه هذه الظاهرة، ومن أجل ذلك كان توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى أن نسرع فى إصدار الاشتراطات الخاصة بكل المدن خلال فترة ستة أشهر؛ حتى تكون الاشتراطات الخاصة بالبناء فى الأراضى الموجودة بالمدن القائمة والعمران القائم واضحة وكذلك الاستخدامات لتلك الأراضى، مؤكدا أن الرخصة ستكون بمثابة عقد مشترك بين المواطن والدولة ينص على أن المواطن له حقوق وعليه واجبات، وأنه ملتزم بشكل كامل بهذه الاشتراطات، وفى حالة ارتكاب أية مخالفة ستتخذ الدولة كافة الإجراءات لمواجهتها.

وفى ختام المؤتمر الصحفى، أكد رئيس الوزراء أن الهدف الأساسى للحكومة فيما تتخذه من خطوات هو بناء دولة حقيقية، يكون كل بناء قائم فيها مخطط بشكل سليم ومزود بكافة الخدمات للوصول بجودة المعيشة لتضاهى سبل الحياة فى الدول المتقدمة، مؤكدا أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لإنهاء ملف المخالفات الذى كان سببا لمعاناتنا جميعا على مدار العقود الماضية ومواجهته بكل حسم.

 


 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق