يوسف أيوب يكتب: لماذا لا يتعلم دعاة الفوضى والتخريب من دروس انتصار أكتوبر؟

السبت، 10 أكتوبر 2020 10:00 م
يوسف أيوب يكتب: لماذا لا يتعلم دعاة الفوضى والتخريب من دروس انتصار أكتوبر؟
نصر أكتوبر


الانتصار بعد النكسة أكبر شاهد إن إرادة المصريين غير قابلة للانكسار أو التطويع 
 
ونحن نحتفل هذه الأيام بالذكرى الـ47 لانتصار حرب أكتوبر، أرى أنه من المهم إعادة قراءة الدلالة التاريخية والاستراتيجية لهذه الحرب، وارتباطها بما يحدث اليوم، وما تتعرض له الدولة المصرية من حروب بأشكال مختلفة. حروب أطلق عليها مصطلحات الجيل الرابع والخامس.
 
فالشاهد ان انتصار كتوبر لا يرتبط فقط بالفترة الزمنية التي حدثت خلالها، وإنما ممتدة معنا لفترات زمنية طويلة، كونها تعبر عن أحد خصائص الشخصية المصرية، التي ترفض دوماً الاستسلام للهزيمة.
 
الحديث عن انتصار السادس من أكتوبر 1973، يستوجب العودة للوراء، وتحديداً للنكسة، فحينما قررت إسرائيل عام 1967 توجيه ضربتها ضد مصر وسوريا والاراضى الفلسطيني، كانت تسعى ومن خلفها الإدارة الأمريكية حينها، إلى تحقيق هدفين، الأول مبدئى بتوجيه ضربة عسكرية قوية تحديداً لمصر تقضى على أي أمل في تفوق عسكرى لمصر، خاصة أنه في هذه الفترة كانت الأحاديث مستمرة عن صفقات سلاح تبرمها القاهرة مع الاتحاد السوفيتى، وهو ما اعتبرته تل أبيب داعياً لردع القاهرة قبل أن تحدث تفوق عسكرى ضدها، وشاركتها في نفس النظرة واشنطن، التي كانت ترى اخطار "الجمهورية العربية المتحدة" على المصالح الامريكية وصلت إلى درجة لا يمكن تحملها، وهو ما ظهر من كافة الوثائق التي تم نشرت لاحقاً، وأيضاً في المكاتبات والمراسلات التي تمت قبل 1967 بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والرئيس الأمريكي حينها، ليندون جونسون.
 
والهدف النهائي لهذه الضربة كانت أعمق بكثير من الهدف العسكرى المبدئى، فكان التركيز على كسر إرادة المصريين، بعدما فشلت كل محاولات تطويعهم لأسباب كثيرة تحتاج لسرد طويل لسنا الآن في مجال عرضه.
 
واحتوت كل الوثائق الأمريكية وأيضاً الإسرائيلية على عناصر التفكير قبل توجيه الضربة العسكرية الإسرائيلية، عام 1967، فالتمدد المصرى في الإقليم كان الأكثر ازعاجا للإدارة الأمريكية التي كانت تواجه أيضاً مأزق كبير في فيتنام الشمالية، وفى نفس الوقت تواجه ضغوط من إسرائيل وأصدقائها في واشنطن، وكذلك حلفاء واشنطن في المنطقة لاتخاذ أي خطوة من شأنها كسر الإرادة المصرية، ولو من خلال الشرطى الأمريكي الجديد بالمنطقة، وهى إسرائيل، وهو ما حدث، حينما سمحت واشنطن لتل أبيب بتوجيه هذه الضربة، لتقضى بها على الإرادة المصرية، ويتم وضع مصر داخل الطوق الأمريكي، أو بمعنى أخر تطويع مصر بعد كسر إرادتها.
 
حينما حدثت الضربة الإسرائيلية، كانت القاهرة مشغولة بمجموعة من الملفات التي سببت للقيادة ازعاجاً سواء في اليمن أو الخلافات المستمرة في سوريا، وكذلك الأزمات العربية المتعددة، وحينما حدثت الضربة الإسرائيلية، توقع الكثيرون، ومنهم مجموعة قريبة من القيادة المصرية حينها أن مصر انتهت، ولا سبيل أمام عبد الناصر الا إعلان الاستسلام الكامل، وبالتالي تحقيق الهدف النهائي للضربة الإسرائيلية.
 
أصحاب نظرية الاستسلام حينها، يبدو أن الصدمة شلت تفكيرهم، وجعلتهم لا يقرءون التاريخ جيداً، وايضاً أعمتهم عن فهم الشخصية المصرية، التي خسرت معارك كثيرة على مدار التاريخ، لكنها أبداً لم تخسر إرادتها، ولا قوتها، وهو ما كان بعد نكسة 67. نعم تعرضت مصر لهزيمة عسكرية، لكنها لم تكن النهاية، بل كانت مثل سابقتها، كانت البداية لانتفاضة مصرية تأبى أن تقبل مبدأ التطويع.
 
هذه الانتفاضة المرتبطة بشخصية المصرى هي التي قادت إلى انتصار أكتوبر.. الشخصية التي ترفض الانكسار، فالشاهد إن نصر أكتوبر كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، " علمنا أن الأمة المصرية قادرة دوما على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا أيضًا أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادر على حمايتها".
 
ومن الظلم النظر لحرب أكتوبر على أنها كانت مجرد معركة عسكرية خاضتها مصر وحققت فيها اعظم انتصاراتها، لإنها في الحقيقة كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقة، وأيضاً الرد بقوة على من يدعون أنهم قادرين على كسر إرادة المصريين، والمؤكد هنا أن أثار هذه الحرب لم تقتصر على المدة الزمنية لها، وإنما امتدت لتنشر أشعة الأمل في كل ربوع مصر، وتبعث في نفوس المصريين جميعًا روحًا جديدة تتسم بالإصرار والتحدي والقدرة على مواجهة الصعاب وتحقيق الإنجازات.
 
لماذا أقول ذلك اليوم؟.. أقول ذلك بمناسبة ما تتعرض له مصر من حملات تشويه وتشكلك وأكاذيب مستمرة، من جانب جماعة إرهابية، تحصل على تمويل وتعليمات من قوى إقليمية "تركيا وقطر" يتوهمون أنهم قادرون على هزيمة مصر وكسر إرادة المصريين، وكأنهم لا يجيدون قراءة التاريخ جيداً، ولا فهم الشخصية المصرية.
 
التاريخ الذى يقول أن كل من تعرضوا لمصر وأرادوا لها الشر، كانت نهايتهم على يد مصر، والتاريخ ملئ بالكثير من القصص والعبر التي على الأتراك والقطريين دراستها جيداً، لإن نهايتهم ستكون أسوء من هؤلاء.
 
فالتاريخ يقول لنا على سبيل المثال لا الحصر، أن فرنسا وبريطانيا حينما تحالفا مع إسرائيل عام 1956 لاحتلال مصر وتوجيه ضربة قاتله لها، كانت هذه المغامرة هي بمثابة شهادة الوفاة الرسمية للإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية وتحولهما إلى من متحكمين في مسار الشرق الأوسط، إلى إداه من الأدوات الأمريكية التي تسلمت الملف كاملاً من لندن وباريس الجريحتان.
 
التاريخ يقول لنا الكثير والكثير من القصص والعبر والمغامرات التي كتب المصريين نهايتها بأيديهم.. لقد نسى الاتراك ومعهم القطريين مقولة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعد انتصار السادس من أكتوبر "إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف أنه قد أصبح له درع وسيف". نعم فالجيش المصرى قادر على مواجهة ومجابهة أية أخطار خارجية تحيط بنا، وأيضا التصدي لأية مخاطر أو تهديدات على حدودنا.
 
واستحضر هنا أحد الفيديوهات المنتشرة على موقع "يوتيوب" لناشط فلسطيني أسمه "أحمد بسام"، الذى لخص في دقائق معدودة ما تتعرض له مصر حالياً، بقوله "إذا اعتبرنا السلفادور والفاتيكان وجنوب أفريقيا دول، فعندك 196 دولة فى العالم، شيل منهم مصر يبقى عندك 195 دولة، بدى تشاورلى على دولة واحدة من الـ 195 دولة فى العالم، بيتعمل ضدها دعوات للفوضى والمظاهرات مرتين ثلاثة فى السنة، شاورلى على دولة واحدة من الدول دى صار لها 7 سنين بتتحارب من عدو جوة وبرة ومع ذلك واقفة وصامدة بنفسها وبمساعدة أخواتها العرب، ولا وقعت ولا انهارت ولا نام لحراس أرضها جفن، ولا استسلمت ولا رفعت الراية البيضاء.. بيتخصص ضدها مليارات الدولارات سنوياً لتشويه سمعتها ولزعزعة أمنها واستقرارها، ويخصص عشرات القنوات ضدها، الخطر يحيطها من شمالها وجنوبها وغربها وشرقها، ومع ذلك لا جاعوا ولا عطشوا ولا تشردوا فى مخيمات على الحدود، ولا فى جنس مخلوق يقدر يقرب عليهم ويناموا فى سلم وأمن وأمان كل ليلة، جوة حيطان بيتوهم مع أهلهم.. كل يوم تنمية جديدة وإعمار ومشاريع جديدة.. أعطينى دولة واحدة فى العالم مواجهة كل الأمور تلك ومازالت واقفة على رجليها وتتصدى لكل تلك المؤامرات غير مصر، مصر الي بتكمل، مصر الي بتبني، وبتشرب وبتأكل وتعالج، وبتدافع وبتحمى الأرض والعرض".
 
ما قاله الناشط او اليوتيوبر الفلسطيني، هو تلخيص لحرب التشكيك والشائعات التي تتعرض لها مصر، التي يقودها دعاة الفوضى والتخريب، فهذه الحرب تستهدف كسر إرادة المصريين وتطويعهم، لكنها حرب بكل تأكيد خاسرة، لإن المؤكد والذي يعلمه كل مصري أن الأطماع في مصر لن تنتهي وأن التهديدات وإن تغيرت طبيعتها فإن خطورتها لن تقل، لكن ستظل مصر السد المنيع الذى تتهدم عليه كل أحلام وطموحات الطغاة والإرهابيين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق