معرض تراثنا.. أنامل وطنية عزفت أوبريت «صنع في مصر»

السبت، 17 أكتوبر 2020 10:00 م
معرض تراثنا.. أنامل وطنية عزفت أوبريت «صنع في مصر»
معرض تراثنا
ندى سليم

الحاج محمود 50 عاما في حرفة النجف صنع حامل مصحف مصنوع بالذهب للراحل أنور السادات.. وانجي دكتورة تركت الصيدلة من أجل عيون الكروشيه والمكرمية.. الفن اليدوي يحارب الاكتئاب ويدعم متحدي السرطان
 
سواعدٌ مصريةٌ خالصةٌ تصنع بأناملها البسيطة منتجات تراثية تحمل شعار «صنع في مصر»، تنتظر بشغف الموعد السنوي لمعرض «تراثنا» الذي يعد الأول في الفن اليدوي، ويقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتنظيم من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة.
 
من السبت للخميس الماضى، شهد مركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، الدورة الثانية لمعرض تراثنا، بمشاركة 600 عارض من جميع محافظات مصر، وكان نافذة مهمة لتسويق وترويج منتجاتهم من الجلود والمفروشات والمنتجات السيناوية، التي تعبر عن التراث المصري الأصيل، والذي يعد بمثابة ملتقى للمبدعين والحرفيين من مختلف المحافظات.
 
في إحدى الزوايا بالمعرض، جلس الحاج "محمود" منهمكًا في نقش إحدى قطع النحاس، محاطاً بقطع فنية مميزة من النجف النحاس الذي يعيدك إلى مصر في العصور الفاطمية، في بداية حديثه أكد الحاج "محمود الشريف" والذي يتجاوز الستين عاما من عمره، أن المعرض اتاح للحرفيين بالصناعات اليدوية تسويق منتجاتهم وعرضها على أكبر قدر من الجمهور، بأسعار مناسبة، موضحا أيضا أن تخصيص المعرض للمنتجات الحرف اليدوية كان جسرا بين محبي هذه المنتجات والمصنعين والمبدعين في هذه الحرف التي بدأت في تندثر.
 
الحاج محمود يقول إنه بدأ في تلك المهنة منذ أن كان عمره 7 سنوات، وبرغم مرور 50 عاما على عمله بتلك الصنعة إلا أنه لم يفكر في العمل بغيرها، مؤكدًا أن صناعة النجف المصنوع من النحاس تدهورت وأصبحت خالية من الروح بعد أن تم الاعتماد على الآلة أكثر من الأيدي العاملة، لأن هذا الفن يحتاج إلى الروح أكثر حتى تحصل على قطعة فنية مميزة.
 
وكشف الحاج "محمود" عن أبرز القطع الفنية التي قام بصنعها خلال رحلته مع مهنة النجف، قائلا: «أتذكر جيداً عندما كان عمري في العشرين، وصنعت حامل مصحف ثمين مصنوع من الذهب للرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان شرف عظيم لي أن أصنع قطعة فنية لرئيس الجمهورية حينها، وبالفعل مكثت 15 يومًا حتى أصنع المصحف الذي تم تسليمه إلى الرئيس الراحل».  
 
ومن محافظة الغربية وتحديدا بمركز سمنود، جاءت زينب برفقة زوجها «حسام» لعرض منتجاتهم اليدوية من الحلى والفضة بمعرض تراثنا، وقالت زينب أحمد وزوجها حسام محمد، أن صناعة الحلى والفضة هي مصدر رزقهم الوحيد منذ 5 سنوات، فبعد الزواج اتفقا على تأسيس ورشة صغيرة ومعرض ملحق بها، تقوم هي بتصميم المنتج ويقوم زوجها بصناعته داخل الورشة، وكان الإنترنت هو المنفذ الوحيد لتسويق منتجاتهم داخل المحافظة.
 
وأوضحت "زينب" أن معرض تراثنا يعد نقلة هامة لأصحاب الحرف اليدوية خاصة بالمحافظات، فساهم في ترويج منتجاتهم، مؤكدة أن زوار المعرض يقدرون قيمة الفن اليدوي وبالتالي فترويج المنتجات يصبح أكثر سهولة، مقارنة بالترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لافتة إل أن معرض تراثنا لم يقتصر على أنه نافذة للبيع المباشر فقط، بل كانت هناك وحدة تطوير الأعمال الملحقة بالمعرض، التي قدمت "دورات تدريبية" متخصصة في مجال التسويق للعارضين، لتمكينهم من ترويج منتجاتهم بأحدث الطرق، فضلا عن تقديم الاستشارات الفنية للحرفيين المشاركين.
 
في أحد زوايا المعرض جلست "منال نوفل" التي تركت عملها بعد أن أصبحت مديرة في أحد البنوك، بسبب شغفها بصناعة الحلى والإكسسوارات، وبدأت عملها الخاص في تلك الحرفة بعد أن طورت موهبتها بالعديد من الدورات التدريبية في صناعة الحلى والتصميمات المختلفة، وبالفعل نجحت في تحقيق حلمها وصناعة منتجات وإكسسورات تعبر عن التراث المصري الأصيل.
 
وأكدت "منال"، أن المنتجات التي تقوم بصناعتها مستوحاة من التراث والأمثال الشعبية واستخدام الحروف العربية، وأسماء الأفلام العربية القديمة، موضحة أن الأجانب يقبلون على شراء تلك القطع الفنية، حباً في التراث المصري.
 
وعن اشتراكها في معرض تراثنا هذا العام، قالت: «هذه ليست المرة الأولى، ودعم الرئيس لنا هو الذى جعل المعرض يلقى هذا الرواج والإقبال، فضلا عن الدعاية المقدمة من المنظمين فكان هناك اهتماما كبيرا من قبل وسائل الإعلام، فضلا عن التزام المنظمين بالإجراءات الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا، التي ساهمت في جذب الجمهور إلى المعرض».
 
ومن سيناء جاء محمد راشد بدوي، لعرض منتجاته داخل معرض تراثنا، التي تنوعت بين السجاد اليدوي والكليم الصوف الملون، والمنتجات المصنوعة من الصوف والخوص، موضحًا أن حرفته هي استغلال صوف الأغنام في العديد من الصناعات أهمها صناعة السجاد والكليم اليدوي، بعد أن يتم غزلها وصباغتها بالألوان المختلفة، ويعاد صناعتها من جديدة في أشكال السجاجيد المميزة التي تتميز بها محافظة سيناء، موضحاً أن من بين الصناعات التي يتم استغلالها هو الخوص الذي يتم الحصول عليه من النخيل، ويعاد استخدامه مرة أخرى لصناعة الكراسي والمقاعد المميزة. 
 
ومن أهم التحف الفنية التي يضمها المعارض اللوحات الدينية ثلاثية الأبعاد المصنوعة من الخشب، وقال أحمد سيف اليزل، أحد مصممي اللوحات التشكيلية الخشبية، أنه عاشقاً للفن اليدوي، لذا فبعد وصوله سن المعاش لم يتردد لحظة في تعلم فنون الخط العربي لمدة 6 سنوات، حتى بدأ مهنته في تصميم اللوحات المصنوعة بالخشب ثلاثية الأبعاد، وتنفيذ قطع فنية متميزة في هذا الفن الذى بدأ في الاندثار خلال السنوات الأخيرة، موضحاً أن اللوحات ثلاثية الأبعاد لم يتم تنفيذها في أي دولة حول العالم، سوى باكستان التي تعد المنافس الأول في تلك المهنة، ورغم ذلك فإن مصر تتفوق عنها في تنفيذ لوحات ثلاثية الأبعاد تصل على مستويات عديدة ومعقدة، صعب تنفيذها إلا بأيادي مصرية.
 
وحول مشاركته بالمعرض، أوضح أن معرض تراثنا أعطى للعارضين فرصة مهمة للوصول الى الجمهور المهتم بالفن اليدوي. 
 
ومن الإسكندرية، جاءت هدى صابر، إحدى المشاركات بالمعرض، لتسوق منتجات إحدى الجمعيات الخيرية التي تستهدف تدريب السيدات وربات البيوت على الحرف اليدوية، وتتولى تسويق منتجاتهم في المعارض المختلفة، مع تقديم مقابل مادي يساعدهم على مواجهة ظروف المعيشة وتوفير دخل ثابت لهن.
 
وتروى "هدى" أن من أهم الحرف التي تقوم الجمعية بتدريب السيدات عليها صناعة الجلود لتنفيذ منتجات الشنط اليدوية والأحذية، وصناعة الحلى والصوف لإنتاج السجاد اليدوي، مؤكدة أن المعرض ساهم في ترويج منتجات السيدات بالجمعية والوصل الى فئات مختلفة من الجمهور. 
 
واقترحت "هدى" على المنظمين ضرورة الأخذ في الاعتبار أن تكون مدة المعرض أكبر من المدة المقررة، حتى يتيح للجمهور الإقبال على المعرض فترة أكبر.
 
ولم تتردد "شيرين الصاوي " في ترك عملها كمدرسة رياضيات، من أجل تحقيق حلمها في حرفة تصنيع الشنط والأحذية من الجلد الطبيعي، وروت تروى "شيرين" قصة عشقها الفن اليدوي، فقالت إنها بدأت عملها في هذا المجال منذ أن كانت طالبة بالكلية، وكانت تصمم الشنط اليدوية لنفسها ولأصدقائها، وبرغم عملها كمدرسة رياضيات، إلا أنها ظلت تمارس هوايتها في تصميم الأحذية والشنط، حتى قررت أن تترك عملها وتحول تلك الهواية إلى مهنة حقيقية، لذا بدأت في تعلم كيفية صناعة الشنط بالجلد الطبيعى من خلال دورات تدريبية حصلت عليها من خلال موقع "اليوتيوب".
 
ومن محافظة دمياط، جاء "أيمن رجب" أحد صناع الأثاث والأخشاب، لعرض منتجاته بمعرض تراثنا، مؤكدا أن دمياط من المحافظات المتميزة في تلك الصناعة وتضم أجود أنواع الأخشاب، حيث تتميز التصميمات المعروضة أنها مزيج بين الأصالة والعراقة، موضحًا أن ما يميز هذا المعرض هو الوصول إلى نوعية جمهور مختلف واعي بأهمية الفن اليدوي والقطع الفنية، موضحًا أن أسعار المنتجات المعروضة في متناول المواطن البسيط، وهذا أكثر ما يميز المعرض هذا العام.
 
وكان الفن اليدوي هو وسيلة "انجى معتز" لدعم محاربات السرطان نفسيا، فقررت ترك مهنتها "دكتورة صيدلانية"، لتتخذ الكروشية والمكرمية علاجا نفسيا بديلا عن العديد من الأدوية والعقاقير، مؤكده أن الحرف اليدوية تساهم في كسب الثقة بالنفس لمتحدي الإعاقة ومحاربات السرطان.
 
وأوضحت "انجي" أنها تعشق الفن اليدوي منذ صغرها، لذا من أجله تركت عملها وتفرغت له لإنتاج المنتجات والمفروشات المصنوعة بالكروشية والمكرمية، مؤكدة أنه من أبرز الجهات التي تتعاون معها المجلس القومي للمرأة لتقديم دورات تدريبية للسيدات لتعلم فن الكروشيه والمكرمية، وتسويق منتجاتهن بالمعارض المختلفة.
 
واستضاف معرض تراثنا في دورته الثانية هذا العام دولة السودان كضيف شرف، من أجل دعم الحرف السودانية من خلال تخصيص أجنحة متميزة داخل المعرض للمنتجات التي تجسد الموروثات الثقافية والحضارية لدولة السودان الشقيقة، والتقت جريدة "صوت الأمة"، بعدد من العارضين من دولة السودان، والمشاركين في دورة هذا العام، وقالت سلمى إبراهيم، عن مشاركتها الأولى في المعرض، أنه تم اختيار عدد من المصممين من قبل وزارة التجارة والصناعة السودانية لتمثيل السودان بالمعرض، حيث وقع الاختيار عليها برفقة والداتها لعرض منتجاتها التي تتنوع بين الاباجورات المصنوعة يدوية والمفروشات اليدوية.
 
وأكدت "سلمى"، أن المنتجات تعبر عن التراث السوداني والأفريقي باستخدام الألوان المتوهجة، موضحة أنها شاركت في العديد من المعارض الدولية في دبي والشارقة، لكنها فوجئت بالتنظيم الرائع للمعرض الذي يميزه عن غيره من المعارض اليدوية. 
 
في حين أكدت "دار السلام" إحدى العارضات القادمة من دولة السودان، أن اختيار دولة السودان كضيف شرف بالمعرض تلك الدورة يعد شرف كبير وفرصة عظيمة لتسويق منتجاتنا خارج الحدود السودانية، موضحة أن هدفها هو أن تصبح سفيرة للتراث السوداني من خلال الحلى و الاكسسوارات المصنوعة من الأحجار المختلفة، والتي تعبر عن التراث الأفريقي والحضارة السودانية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق