العالم على خط المعركة.. من يفوز في الانتخابات الأمريكية؟

الإثنين، 02 نوفمبر 2020 12:00 ص
العالم على خط المعركة.. من يفوز في الانتخابات الأمريكية؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

تجسدت ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، فى احتجاجات غير مسبوقة، واتهامات بالخيانة، مرورا بمحاولات من الكونجرس، ذى الأغلبية الديمقراطية، لعزل الرئيس، وإشعال فتيل التوتر فى الشارع، بعد مقتل المواطن الأمريكى جورج فلويد، ذى الأصول الأفريقية، فى إحياء صريح للإرث العنصرى فى الولايات المتحدة، وانتهاءً بوباء كورونا وتداعياته الكبيرة على الاقتصاد، سواء على معدلات النمو الأمريكى بشكل عام أو على المواطن.

هذا ما جعل هناك  حالة من الانقسام والاستقطاب غير المسبوق باتت تهيمن على المشهد فى الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، التى تنطلق الثلاثاء المقبل، حيث تمثل انعكاسا صريحا لواقع الداخل الأمريكى، فى ضوء العديد من المعطيات التى تنامت بصورة كبيرة خلال 4 سنوات.

إلا أن الانقسام حول سيد البيت الأبيض، لأربع سنوات مقبلة، ربما لا يقتصر على الداخل الأمريكى، فى ظل مشهد دولى لا يقل استقطابا عن الداخل الأمريكى، جراء تغييرات كبيرة فى السياسات التى تبنتها واشنطن فى السنوات الأخيرة، ربما غيرت موقعها، من الحلفاء التاريخيين لواشنطن، أو خصومها، على حد سواء، لتصبح الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمقررة فى شهر نوفمبر المقبل، مفصلية، بالنسبة للعديد من القوى الدولية والإقليمية فى مختلف مناطق العالم.

ولعل توجه إدارة ترامب تجاه استخدام سياسات، تبدو أكثر حدة تجاه محيطها الدولى، سببا رئيسيا فى المشهد الدولى «المترقب» لما سوف تؤول إليه نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة فى الولايات المتحدة، على عكس السابق، حيث كان اختلاف الأسماء، أو الأحزاب، لا يبدو مؤثرا إلى حد كبير على السياسة الخارجية، فى ظل قوة التحالف مع المعسكر الغربى، والذى يقدم الدعم للقيادة الأمريكية للعالم، مقابل الحصول على مزايا سياسية وتجارية، وهى السياسة التى انقلب عليها ترامب، فى سنواته، مفضلا نهجا أحاديا، تجاه العديد من القضايا الدولية، ربما أبرزها التغيير تجاه ما يمكننا تسميتهم بـ«الخصوم النوويين»، وهو ما يبدو فى تقاربه نحو كوريا الشمالية، والتى تعد خصما تاريخيا للغرب، وانقلابه على إيران، بالانسحاب من الاتفاقية النووية، التى وقعت عليها القوى الغربية فى عهد سلفه باراك أوباما، فى يوليو 2015.

لم يقتصر التغيير فى سياسات ترامب الخارجية على موقفه من حلفائه فى أوروبا أو خصومه النوويين، وإنما امتد ليشمل قوى أخرى، فى طريقها للصعود، فلم تعد روسيا، هى الخصم الرئيسى لواشنطن، وهو ما يبدو فى دعم الإدارة الحالية لعودتها إلى «مجموعة الثمانية»، بالإضافة إلى التغاضى عن دورها العسكرى فى سوريا، إلى الحد الذى وصل إلى إخلاء الساحة لها، عبر الانسحاب جزئيا من الأراضى السورية والعراقية، بينما تجاوزت الصين موقعها كـ«خصم» تجارى للولايات المتحدة، إلى عدو متكامل، خاصة بعد الحديث الأمريكى عن مسؤولية بكين فيما يتعلق بتفشى فيروس كورونا، وهو ما يبدو فى خطاب الرئيس الأمريكى الذى دأب على وصف الوباء بـ«الفيروس الصينى».

وهنا يمكننا القول إن المجتمع الدولى ربما لا يختلف كثيرا عن الداخل الأمريكى، فى ظل مشهد يبدو منقسما ومترقبا للنتائج التى سوف تؤول إليها الانتخابات المقبلة، خاصة مع اختلاف جذرى فى التوجهات التى يتبناها المتنافسان تجاه السياسة الخارجية، حيث يبقى ترامب الوجه النقيض لسياسات سلفه أوباما، فى حين أن بايدن، يمثل امتدادا للإدارة السابقة، خاصة أنه شغل منصب نائب الرئيس خلالها، وبالتالى يحمل رؤى تكاد تتطابق مع التوجهات التى تبنتها تجاه مختلف القضايا، وعلى رأسها الاحتفاظ بالتحالف مع أوروبا الغربية، وكذلك العودة إلى النهج الجماعى، بعيدا عن الأحادية التى كانت أبرز سمات الدبلوماسية الأمريكية منذ تنصيب ترامب بالبيت الأبيض فى يناير 2017.


انتخابات الرئاسة الأمريكية تخلق خلافا بين خصوم واشنطن الرئيسيين
- روسيا أكثر دعما لترامب بسبب مواقفه المعتدلة تجاهها مقارنة بأسلافه.. والصين تميل لبايدن لإنهاء حقبة العداء مع أمريكا والعودة للتنافس الاقتصادى

الانقسام حول الصراع الانتخابى الأمريكى لم يتوقف على أوروبا والشرق الأوسط، وإنما امتد إلى أبرز خصوم الولايات المتحدة، على المستوى الدولى، وهما روسيا والصين، واللتين تسعيان بقوة نحو مزاحمة النفوذ الأمريكى على قمة النظام الدولى، وذلك بالرغم من التحالف القوى الذى يجمعهما تجاه العديد من القضايا الدولية، والذى دائما يشكل تحديا كبيرا لإدارة ترامب نفسها، إلا أن تحالفهما ربما لم يمنع اختلافهما بشأن الرئيس الأفضل لأمريكا فى السنوات الأربع المقبلة.

ولعل الموقف الذى تبنته إدارة ترامب تجاه خصميها الدوليين الأبرز، حمل قدرا كبيرا من التباين، ففى الوقت الذى نظرت فيه كل الإدارات السابقة لموسكو باعتبارها أبرز أعداء أمريكا، بينما انحصر التنافس مع الصين على الجانب التجارى، تبنت الإدارة الحالية نهجا مختلفا، فتحولت الصين من مجرد منافس اقتصادى، إلى خانة «العداء» لأمريكا، لتحمل العلاقة أبعادا جديدة تجاوزت الخلافات التجارية، والتى كانت بمثابة نقطة الصراع الرئيسية، والتى تأججت بوصول ترامب إلى البيت الأبيض، لتصبح بكين أبرز خصوم واشنطن الدوليين، على حساب روسيا، الخصم التاريخى.

أبعاد العداء الأمريكى للصين تجلى فى أبهى صوره، عندما وصف الرئيس ترامب وباء كورونا بـ«الفيروس الصينى»، على اعتبار أنه اندلع من بكين، ليصبح شبحا يهدد العالم بأسره، مطالبا الحكومة الصينية بدفع تعويضات جراء الضحايا الذين سقطوا جراء الفيروس، فى الولايات المتحدة، والتى تعد إحدى أكبر الدول من حيث أعداد الإصابة والوفيات بسبب الفيروس القاتل.

بينما كان الموقف الأمريكى من روسيا مختلفا إلى حد كبير، حيث بدأت المغازلة الأمريكية لموسكو منذ الحملة الانتخابية الأولى للرئيس ترامب، والذى أعرب فى أكثر من مناسبة عن تقديره لنظيره فلاديمير بوتين، بينما حرص على لقائه فى هلسنكى فى عام 2018، فى قمة أثارت قدرا كبيرا من الجدل آنذاك، فى الداخل الأمريكى، خاصة أنها تزامنت مع ذروة الاتهامات التى واجهت ترامب بالتواطؤ مع روسيا، فيما يتعلق بدور مزعوم لعبته الأخيرة لدعم الانتصار الانتخابى الذى حققه الرئيس الأمريكى على حساب غريمته الديمقراطية هيلارى كلينتون فى عام 2016.

الدعم الأمريكى لموسكو امتد ليتخذ نطاقا دوليا أوسع، فى السنوات الأربع الماضية، فالرئيس ترامب كان أول من طالب بعودة موسكو إلى عضوية «مجموعة الثمانية»، ليثير الجدل بين حلفائه الغربيين، بينما ترك الساحة السورية للجيش الروسى، بعد نجاحه فى القضاء على داعش، عبر انسحاب جزء كبير من القوات الأمريكية من هناك، لتجد روسيا لنفسها دورا جديدا فى منطقة الشرق الأوسط يمكنها من خلاله استعادة جزء من نفوذها.

أما المواقف بين القوتين الدوليتين تبدو كذلك متباينة تجاه المرشح الديمقراطى جو بايدن، ففى الوقت الذى يمثل فيه فرصة للصين من أجل استعادة جزء من وجودها فى الأسواق الأمريكية بعد تضييق إدارة ترامب عليها، باعتباره امتدادا لإدارة أوباما، يبدو الرجل «ثقيلا» للغاية فى عقول الروس، فى ظل مواقف الإدارة السابقة التى أعلنت العداء لموسكو طيلة وجودها بالبيت الأبيض، وهو ما بدا فى تعليقات الساسة الروس على تصريحات بايدن خلال مناظرته الانتخابية الأولى فى مواجهة ترامب، عندما اعتبروا أن المرشح الديمقراطى «يكن عداء غير مبرر لروسيا».

وهنا نجد أن الانتخابات الأمريكية خلقت انقساما، ربما غير تقليدى، بين الصين وروسيا، واللتين تشكلان تحالفا مزعجا لواشنطن، فى ظل ارتباط سيد البيت الأبيض، خلال السنوات المقبلة، بالمصالح المباشرة للدولتين، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا، فى انعكاس صريح لأهمية التداعيات المترتبة على ما سوف تؤول إليه الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.

 

الشرق الأوسط على «خط» الصراع
- تركيا وإيران تدعمان بايدن لاستعادة «زمن أوباما» والخلاص من ضغوط ترامب

- إسرائيل تحشد أتباعها لدعم الرئيس وتخشى تكرار سياسات التجاهل فى الإدارة السابقة

لم تخرج منطقة الشرق الأوسط، هى الأخرى، من حالة التباين فى المواقف التى تتبناها الدول، تجاه الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة، فى إطار مواقف الإدارة الحالية، ومقارنتها بالسياسات التى تبنتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، خاصة أن السياسات الأمريكية تحمل تداعيات مباشرة على الصراعات التى تهيمن على المنطقة، جراء تداخل القوى الدولية والإقليمية فى أزماتها، وبالتالى يبقى الدعم الأمريكى عاملا فاصلا إلى حد كبير فى الدور الذى سوف تلعبه القوى الرئيسية فى المنطقة، سواء كانت عربية أم لا.

فلو نظرنا إلى مواقف ترامب تجاه الشرق الأوسط، نجد أن الرؤية الأمريكية خلال السنوات الأربع الأخيرة ارتكزت إلى حد كبير على ما يمكننا تسميته بسياسة «العودة للوراء»، عبر استعادة التحالفات التى خسرتها إدارة أوباما، والتى يمثلها بايدن فى الانتخابات المقبلة، جراء مواقفها الداعمة للدول غير العربية، وعلى رأسها إيران وتركيا، على حساب القوى العربية الرئيسية فى المنطقة، وهو ما يتجلى بوضوح فى الاعتماد الأمريكى الصريح على تركيا، باعتبارها أداة لتعزيز الجماعات المتطرفة، ودعم وصولها إلى السلطة، فى مرحلة ما بعد «الربيع العربى»، بينما تبقى إيران إحدى أهم القوى الرابحة، من السياسات الأمريكية إبان تلك الحقبة، على خلفية توقيع الاتفاق النووى، والذى أسهم فى انفتاح الاقتصاد الإيراني

سياسات أوباما تجاه الشرق الأوسط، تبدو كافية، لحصول بايدن على دعم كل من تركيا وإيران، خاصة إذا ما وضعنا فى الاعتبار التغييرات الكبيرة التى طرأت على الرؤى الأمريكية خلال ولاية ترامب الأولى، والتى قامت فى الأساس على العودة إلى التحالف مع القوى العربية، وهو ما بدا واضحا منذ البداية، حيث كانت المملكة العربية السعودية بمثابة المحطة الأولى، فى أول جولة خارجية يقوم بها الرئيس الأمريكى فى مايو 2017، فى انعكاس صريح لرغبته فى إذابة الجليد، الذى طغى على العلاقة مع واشنطن، خلال سنوات أوباما، خاصة بعد تقاربها «غير المحسوب» مع طهران، بالإضافة إلى التحالف مع أنقرة، الداعمة للتيارات المتطرفة، والتى تمثل تهديدا صارخا للأمن فى المنطقة.

بينما حملت إدارة ترامب توجهات مختلفة، ربما أبرزها تضييق الخناق على طهران، عبر الانسحاب من الاتفاق النووى، وممارسة الضغوط على النظام الإيرانى من خلال فرض العقوبات، ليعيد الأزمة مع طهران إلى المربع الأول، وهو التوجه الذى يحمل فى طياته، انعكاسا صريحا لرفض الإدارة الحالية، للأسس التى قامت عليها الاتفاقية النووية، والتى أبرمت بعيدا عن دول الجوار، مما يسهم فى تقوية شوكة «الملالى» على حساب حلفاء واشنطن التاريخيين فى منطقة الخليج.

رؤية ترامب لأهمية مباركة الحلفاء من دول الجوار، لطى الخلافات مع الخصوم، بدت واضحة، على سبيل المثال، فى التعامل الأمريكى مع كوريا الشمالية، وهو ما بدا فى قيادة كوريا الجنوبية «حليف واشنطن وأبرز خصوم بيونج يانج»، للمفاوضات فى مراحلها الأولى، والتى توجت بعد ذلك بعدة قمم بين ترامب وكيم جونج أون، والتى اعتبرها قطاع كبير من المتابعين بأنها «تاريخية».

التضييق الأمريكى لم يقتصر على إيران، وإنما امتد إلى تركيا، وإن كان بصورة أقل، فى ظل استخدام الورقة التركية من قبل ترامب، للضغط على حلفائه الأوروبيين، حيث بلغت ذروة التوتر، عندما رفضت أنقرة الرضوخ لمطلب البيت الأبيض، بالإفراج عن القس الأمريكى المعتقل فى السجون الأمريكية أندرو برونسون، حيث أعلن الرئيس الأمريكى عقوبات على شخصيات تركية، مما دفع أنقرة فى نهاية المطاف إلى التراجع وإخلاء سبيل المواطن الأمريكى.

على جانب آخر، تحظى إدارة الرئيس ترامب بدعم كبير من قبل إسرائيل، فى ظل التقارب الكبير بينها وبين الولايات المتحدة، خلال السنوات الأربع الماضية، على عكس حالة عدم الانسجام، التى شهدتها العلاقة بين واشنطن والدولة العبرية فى عهد الإدارة السابقة، وهو ما يبدو بوضوح فى الدعم الكبير الذى يحظى به ترامب، من قبل المجتمع اليهودى فى الداخل الأمريكى.

وانقسام أوروبى فى أمريكا.. مؤيدو أوروبا الموحدة يتمردون على القيادة الأمريكية للغرب فى ظل ترامب.. واليمين يدعمه.. والاستقطاب فى القارة يتجاوز البعد الرسمى.

تبدو أوروبا أكثر مناطق العالم ترقبا لما سوف تؤول إليه انتخابات الرئاسة الأمريكية، فى ظل حالة الجدل التى هيمنت على المشهد السياسى فى القارة العجوز بسبب سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، سواء تجاه الحلفاء التاريخيين لواشنطن، أو توجهه لاستحداث تحالفات جديدة، ربما تسهم فى تغيير المشهد القارى فى المستقبل القريب، وهو ما يضع دول القارة العجوز فى قلب الحدث الانتخابى الأمريكى، على عكس مواقفها التى هيمنت عليها الحيادية فى الماضى، خلال مثل هذه المناسبات، على اعتبار أن الموقف الأمريكى من دول المعسكر الغربى لا يتغير باختلاف الأشخاص أو الأحزاب، أو الإدارات الحاكمة، وهو الأمر الذى تغير إلى حد كبير فى السنوات الماضية.

التغيير فى السياسات الأمريكية تجاه أوروبا امتد إلى العديد من المسارات المتوازية، أولها المسار القارى الجمعى، متمثلا فى الاتحاد الأوروبى، فى ضوء مواقف الإدارة الحالية المناهض لبقائه، وهو ما بدا واضحا فى الدعم الكبير من قبل الرئيس ترامب، لبريطانيا ورئيس وزرائها بوريس جونسون، بسبب موقف الأخير المناهض لأى محاولة للالتفاف على نتائج استفتاء خروج بريطانيا من التكتل القارى، الذى عقد فى عام 2016، وتوجهه الصريح نحو ما يمكننا تسميته بـ«الانفصال الخشن» عن محيطها القارى، بالإضافة إلى التقارب الأمريكى الكبير مع القوى ذات التوجهات اليمينية، سواء كانت فى السلطة أو المعارضة، بالعديد من دول القارة، على حساب التيارات الليبرالية الأخرى.

موقف الرئيس ترامب من الاتحاد الأوروبى من شأنه إضافة حالة من الزخم السياسى للانتخابات الأمريكية القادمة فى أوروبا، فى ظل معطيات أبرزها الانقسام حول جدوى بقاء التكتل القارى، ومستقبله، سواء على مستوى الدول، أو حتى فى داخل كل دولة، حيث يرى تيار كبير أن سياسة الحدود المفتوحة أسهمت إلى حد كبير فى زيادة التحديات التى تواجهها الدولة الوطنية، سواء اقتصاديا، وهو ما يبدو فى حصول مهاجرين أجانب على فرص أكبر فى سوق العمل على حساب المواطنين، أو حتى على المستوى الأمنى جراء تسلل عناصر إجرامية من شأنها زعزعة استقرار البلاد.

ولعل الموقف الذى تبناه ترامب تجاه الاتحاد الأوروبى، بدا واضحا فى التغيير الكبير الذى شهدته العلاقات الأمريكية مع العديد من القوى الرئيسية فى القارة، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا، وهما أكثر الدول الداعمة لبقاء الاتحاد الأوروبى، ليتشكل المسار الثانى فى سياسات واشنطن تجاه أوروبا، حيث اهتزت إلى حد كبير التحالفات التاريخية التى مادام اعتمدتها واشنطن، فتوترت العلاقة مع ألمانيا، والتى كانت بمثابة رأس حربة فى شرعنة الرغبات الأمريكية على المستوى الدولى، لصالح بريطانيا، والتى لم تكن على أولويات الأجندة الأمريكية، فى السنوات الماضية.

الانقسام داخل أوروبا حول المتنافسين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية لم يقتصر على قضية الاتحاد الأوروبى ومستقبله، وإنما امتد إلى المواقف الأمريكية المتباينة بين شرق القارة وغربها، فى ظل التقارب الكبير الذى شهدته العلاقات الأمريكية مع دول أوروبا الشرقية، على حساب القوى الرئيسية فى الغرب.

وبعيدا عن المواقف الرسمية، امتدت حالة الانقسام فى أوروبا حول الانتخابات الأمريكية إلى المستوى الشعبى، فى ظل اختلاف جذرى داخل المجتمعات الأوروبية حول سياسات ترامب، وهو ما بدا واضحا فى تمدد الاحتجاجات المناهضة للعنصرية إلى العديد من المدن فى دول القارة العجوز، على خلفية مقتل الأمريكى جورج فلويد، ذى الأصول الأفريقية، وما شهدته تلك التظاهرات من تنديد بمواقف ترامب، بينما يبقى قطاع آخر داعما لمواقف البيت الأبيض، المناهضة للهجرة، وسياسة الحدود المفتوحة، لتتجاوز حالة الاستقطاب فى أوروبا حول انتخابات الرئاسة الأمريكية البعد السياسى التقليدى إلى أبعاد أخرى اجتماعية ووطنية وثقافية واقتصادية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق