حمدي عبد الرحيم يكتب: تأجيل معرض الكتاب قرار مؤلم ولكنه شجاع

السبت، 28 نوفمبر 2020 08:00 م
حمدي عبد الرحيم يكتب: تأجيل معرض الكتاب قرار مؤلم ولكنه شجاع

حيثيات قرار التأجيل قوية ومنطقية ولا تستهدف سوى الصالح العام وسيكون من الأجمل مراعاة ظروف الناشرين بالبحث عن حلول لتعويضهم عن خسائرهم الفادحة
 
يوم الاثنين الماضي، عقدت اللجنة الإدارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب اجتماعها الأول برئاسة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة، وكان الاجتماع مخصصًا لمناقشة فعاليات معرض الكتاب، ولكن وباء كورونا فرض نفسه وبقوة على أجندة الاجتماع، وأصبح أمام اللجنة أحد خيارين، تجاهل الوباء أو إلغاء المعرض.
 
بعضهم تسأل وكأنه لا يعيش معنا على أرض الكوكب: هل كورونا يمثل خطرًا إلى الحد الذي يدفع اللجنة الإدارية العليا للتفكير في إلغاء أهم حدث ثقافي عربي وواحد من أهم معارض الكتاب على المستوى العالمي.
 
نعم كورونا خطر، وتزداد خطورته عندما نضع في حساباتنا خصوصية المعرض المصري.
 
معرض القاهرة للكتاب ليس معرضًا كغيره، إنه حفل سنوي ينتظره حتى الذين لا يقتنون الكتب، إنه مناسبة اجتماع ولم شمل للأسرة المصرية، نزهة مختلفة ذات مذاق خاص تحرص عليها الجماهير، وبالنظر إلى أرقام العام الماضي وهى أرقام تقريبية أقل من الفعلية، سنجد أن عدد زائري المعرض قبل أربعة أيام من ختامه قد تجاوز حاجز الثلاثة ملايين زائر، وعدد الأجنحة المعرض بلغ جناحًا وعدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والأجنبية 900 دار نشر وجهة، وعدد الناشرين المصريين 398 دار نشر، وعدد الناشرين المصريين لكتاب الأطفال 75 دار نشر، وعدد الناشرين المصريين كتاب إسلامي تراث 121 دار نشر، عدد مكتبات سور الأزبكية 41، وعدد الناشرين كتاب صوتي والإلكتروني 7، وعدد المشاركين ذوى القدرات الخاصة، عدد الناشرين العرب 255 ناشرًا، وبذلك يكون العدد الإجمالي 900 دار نشر، وعدد التوكيلات 99 توكيلًا، وعدد المشاركين في الفاعليات 3502 مشارك، والدول المشاركة 38 دولة.
أتحدث عن أرقام الدورة الماضية، فكيف ستكون أرقام الدورة الحالية، يقنيًا ستكون أكبر وأعلى، ففي هذا الزحام من يضمن سلامة الزوار، وحليف كورونا الأول هو الزحام والتجمعات البشرية؟
 
إن وجود عشرات الآلاف من الزائر في حيز واحد، يمثل فرصة ذهبية لكورونا الذي ما يزال يهاجم دول العالم بدرجات متفاوتة ولكنها تظل خطيرة.
ثم من يتحمل كلفة علاج الذين سيتعرضون للإصابة، وهم يمثلون أعدادًا فلكية؟
 
ثم هل من العقل الضغط على منظومتنا الطبية والصحية؟
 
والحال كما ترى قررت اللجنة الإدارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، تأجيل المعرض على أن يقام في فصيل الصيف آملين أن تكون غمامة كورونا قد ذهبت لحال سبيلها.
 
القرار مؤلم، وقد قوبل بهجوم من الناشرين، ولكنه يظل قرارًا شجاعًا، ثم الذي يده في الماء ليس كالذي يده في النار، والدولة مع كورونا يدها في النار، لأنها هي التي ستتحمل محليًا ودوليًا مسئولية إقامة المعرض 
ثم التأجيل مراعاة لظرف عالمي طارئ سيتيح للجهات المختصة فرصة كبيرة لإقامة المعرض في ظروف ستكون أحسن بإذن الله حتى يخرج بصورة تليق به وبتاريخه العريق لكي يظل في مقدمة معارض الكتاب التي باتت تملأ دول المنطقة.
 
إن حيثيات قرار التأجيل قوية ومنطقية وعاقلة، ولا تستهدف سوى الصالح العام، ولكن سيكون من الأجمل مراعاة ظروف الناشرين، فهم في البدء والمنتهى قوة مصرية ناعمة وقوة اقتصادية داعمة، فعلى الدولة أن تفكر في البحث عن حلول لتعويضهم عن خسائر فادحة تقصم الظهور، لأن كل الدور قد تجهزت لإقامة المعرض في ميعاده السنوي المعتاد، وتحملت الدور كافة التكاليف، وعقول الدولة لن تعجز عن إيجاد صيغة مناسبة من صيغ التعويض، فلن يفرح أحد ولن يشمت أحد في خسارة الناشرين، إن معالجة الموقف بحسم وهدوء لهو أمر يليق بالدولة المصرية ذات التاريخ العريق في إقامة المعارض والمناسبات العالمية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق