مصر والأردن والعراق.. علاقات تصوغ رؤية عربية موحدة وتعزز أواصر الثقة

السبت، 12 ديسمبر 2020 08:44 م
مصر والأردن والعراق.. علاقات تصوغ رؤية عربية موحدة وتعزز أواصر الثقة

تتزايد أواصر الثقة في العلاقات المصرية العراقية الأردنية، حيث تتخذ منحى أكثر عمقاً في الأونة الأخيرة، اعتماداً على حجم التنسيق والمصالح بين الدول الثلاث فى مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك سياسًيا واقتصادًيا وعسكرًيا.
 
وعززت القمم الثلاثية التي ُتعقد بين زعماء الدول الثلاث من هذا التعاون والتنسيق، بدءاً من القمة الثلاثية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي في القاهرة 24 مارس الماضي، مرورًا بالقمة الثلاثية التي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس العراقي برهم صالح والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في 22 سبتمبر 2019، في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وانتهاء بالقمة التي ُعقدت فى 25 أغسطس الماضي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في العاصمة الأردنية عمان.
 
وتمثل هذه القمم الثلاثية نقطة انطلاق لمسار العلاقات بين القاهرة وبغداد وعمان، لتعزيز المصالح الاستراتيجية المشتركة، والتعاون لتنسيق المواقف في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التكامل والتعاون الاقتصادي بين البلدان الثالثة، عبر تعزيز وتطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون في قطاعات الطاقة والبنية التحتية وزيادة التبادل التجاري، وذلك في إطار جهود حثيثة قائمة على رؤية استراتيجية شاملة لتأسيس تكامل سياسي اقتصادي تجاري أمني بين الدول الثلاث، قائم على الأهداف التنموية المشتركة، في إطار مشروع يطلق عليه "الشام الجديد" أو "المشرق الجديد"، وهو المصطلح الذي كشف عنه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في حوار مع صحيفة "واشنطن بوست"، خلال زيارته إلى واشنطن في أغسطس الماضي.
 
 
مصر والحفاظ على محددات الأمن القومى
ويأتي التحرك المصري، انطلاقاً من حرص القاهرة كركيزة الاستقرار في المنطقة العربية، على الحفاظ على الأمن القومي العربي، وتعزيز التنسيق المشترك في المواقف مع بغداد وعّمان، مما يسهم في صياغة رؤية عربية واحدة تجاه أزمات المنطقة، والمتغيرات التي تشهدها الساحة الإقليمية، وفي مقدمة هذه الأزمات، القضية الفلسطينية، وما يتعلق بالخطة الأمريكية للسلام (صفقة القرن)، التي تتطلب موقفاً عربياً موحداً يحافظ على ثوابت الأمة العربية في هذه القضية وأهمها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهي الثوابت التي تحاول إسرائيل زعزعتها في الوقت الراهن عبر الإعلان عن ضم بعض الأراضي المحتلة، والتوسع الاستيطاني المفرط، ومحاولة تغيير الهوية الدينية والديموجرافية للقدس، بالإضافة إلى الأزمة الأمريكية-الإيرانية وتجلياتها على أمن الخليج العربى، وخاصة بعد الهجمات الأخيرة على المنشآت النفطية السعودية، وما تمثله من تعٍد على الأمن القومي العربي وتهديد أمن المنطقة والعالم.
 
وتريد مصر فتح آفاق جديدة للتعاون مع العراق والأردن، ولا سيما في مجالات النفط والغاز، ضمن استراتيجية مصر لتكون مركًزا إقليمًيا لتجارة وتداول الغاز والبترول، والتي ُوقع في شأنها اتفاق مع عمان وبغداد على إنشاء خط بترول يبدأ من البصرة جنوب العراق مروًرا بمدينة الزرقاء الأردنية ثم إلى مدينة العقبة، يتم عن طريقه نقل النفط الخام إلى مصر للتكرير أو التصدير، بجانب مجالات البنى التحتية، وخاصة دعم عملية إعادة الإعمار في العراق بالتعاون مع شركات المقاولات المصرية.
 

العراق يعود إلى محيطه العربي
وضمن الإيجابيات، يعود العراق تدريجياً إلى مكانته، كقوة عربية وإقليمية كبرى، لها ثقلها في رسم سياسات المنطقة، ودورها الفّعال على الصعيدين العربي والإسلامي، وما تتميز به من ثقل في الساحات الإقليمية، بعد أن استطاع هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، وتكونت لديه ملامح لسياسة داخلية مستقرة، ساهمت في عودته إلى محيطه العربي.
 
ودللت على ذلك تصريحات رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حول اتباع العراق سياسة متوازنة مع الجميع، بالإضافة إلى رغبة العراق في تعزيز التعاون مع كلا من الأردن ومصر، تجلت في توقيع بغداد وعمان اتفاقية للتجارة الحرة في مطلع العام الماضي، وحرص العراق على الاستفادة من الخبرات المصرية فى مجالات البنية التحتية، لإعادة إعمار البلاد بعد القضاء على تنظيم داعش.

العلاقات المصرية الأردنية تزداد عمقاً ومتانة
المتتبع للوضع الإقليمي، يرى أنه لم تختلف الثوابت الأردنية عن الثوابت المصرية والعراقية كثيًرا على المستويات السياسية والاقتصادية حيال قضايا المنطقة، وانطلاقا من علاقة الجوار التي تربط الأردن بمصر والعراق، فتشهد العلاقات المصرية الأردنية تطوًرا كبيًرا مع القيادة السياسية الحالية للبلدين، وتنسيًقا سياسًيا إزاء مختلف القضايا الإقليمية، وتعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
 
كما شهدت العلاقات الأردنية العراقية تطوًرا ملحوظا، إذ زار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني العراق في مطلع العام الماضي بعد عشر سنوات من آخر زيارة له، وقبلها زيارة رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز إلى العراق في ديسمبر 2018، والتي نتج عنها توقيع 15 اتفاقية لتعزيز العلاقات الاقتصادية، بالإضافة إلى بدء عمل البلدين بآلية النقلDoor To Door   بين البلدين والتي تقضي بدخول شاحنات النفط الأردنية إلى داخل العراق والعكس، كبديل عن الآلية السابقة التي تم فرضها نتيجة الأوضاع الأمنية في العراق في السنوات الماضية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق