حكاية فايزة سائقة نقل وحاملة طوب.. كفاح عمره 25 عاماً

الجمعة، 18 ديسمبر 2020 09:00 م
حكاية فايزة سائقة نقل وحاملة طوب.. كفاح عمره 25 عاماً

"يا ستاتك يا مصر"، جملة تتردد بين الحين والآخر عندما نرى سيدة مصرية تحمل من العزة والقوة ما يميزها عن الأخريات، فالمرأة في كل العصور هي الجنس اللطيف الرقيق والراقى، ولكن في قصتنا امرأة من نوع آخر ظهرت قوتها منذ صغرها، تحملت الشدائد التي يمكن أن يعجز عنها الرجال.. هى "المعلمة فايزة" التى تعمل سائقة سيارة نصف نقل في أحد مصانع الطوب بمنطقة وادى نطرون.

منذ 25 عامًا تعمل المعلمة فايزة سائقة لسيارة نص نقل في منطقة وادى النطرون، تنقل الطوب للبناء من المصانع للعملاء، سنوات عديدة مرت عليها في عمل جاد، تستيقظ منذ الساعة الـ،3,30 فجرًا لتبدأ يومها.. "اليوم السابع " كان له لقاء مع "المعلمة فايزة" روت خلاله قصة كفاحها، فقالت: "الناس في بلدنا مايعرفوش غير المعلمة فايزة راحت المعلمة فايزة جت، بس ده كله مش من فراغ أنا بشتغل وأنا عندي 11 سنة، احنا ست بنات وولد، أبويا كان فلاح بسيط وعامل باليومية وأمى كانت ست عادية بس تحملت المسئولية الكبيرة مع أبويا، كانت بتشتغل في كل حاجة في مصانع الطوب والعمالة الزراعية، عشان تساعد أبويا على المعيشة، الفقر والعوزة أجبرنا على الشغل وتحمل المسئولية".


وأكملت ابنة محافظة كفر الشيخ حديثها قائلة: "أنا اشتغلت عاملة في المباني شلت قصعة الأسمنت واشتغلت ورا البنايين أشيل الطوب على دماغي، واشتغلت عاملة زراعة، وأنا في سن الـ19 سنة طلعت أنا وأختى فكيهة نشتغل بره البلد فروحنا سينا وبنى سويف كنا شغالين في الضغط العالى عمالة تبع شركة، في التوقيت ده أختى علمتني السواقة ولاقيت نفسي فيها حبتها جدًا وقررت إنى أشتغل لوحدى، وجت الفكرة إنى أروح مصنع للطوب في وادى النطرون ومن ساعتها وأنا شغالة هناك، بقالي 25 سنة".

بسبب المعيشة الصعبة والفقر في تلك الأسرة البسيطة لم تستسلم الفتاة لأحكام وتقاليد الريف، ومنع الفتاة الخروج من البيت والعمل في محافظة أخرى، تقول فايزة: "عوايد الفلاحين إن البنت ماتطلعش بره لكن الوضع اللى كنا فيه ماكنش يستحمل العوايد تقولك أسرة كاملة وأب تعبان ومصاريف 9 أفراد كان صعب إننا نسمع كلام العوايد، لكن دلوقتى بعد ما الحال اتغير وحصلت على محو الأمية وبقيت أفهم الدنيا كويس وبشتغل واتعامل مع الناس، كل اللى في البلد بقوا عرفونى وينادوني المعلمة فايزة راحت المعلمة فايزة جت".

وتابعت ابنة الأربعين عامًا قائلة: "في الأول اشتغلت عند الناس وبعد فترة قلت ليه ما اشتغلش على عربية بتاعتى، روحت لأختى فكيهة لأنها الكبيرة وهى اللى تحملت المسئولية بعد أبويا الله يرحمه وقلتلها رحبت جدًا بالفكرة، وعملنا جمعيةه واشترينا العربية دى بالقسط، بشتغل أساعد في البيت وأسدد وأسدد الأقساط والدنيا ماشية".

شوف يابنى الانصاص قامت والقوالب نامت، شوف يابنى واحدة ست سايقة عرية نقل"، بعض من التعليقات التي كانت تسمعها "فايزة" في بداية عملها كسائقة، وتقول أيضًا: "الناس كانت مستغربة جدًا، كانت تقول هي دى ست ولا راجل، أخدت وقت طويل على ما الناس عرفتنى واتقبلتنى، لكن في ساعات مواقف تعليقات متضايقنى جدًا ممكن أطنشها وساعات ماينفعش بنزل أتعامل معاه وأحيانًا بتوصل للضرب، وضرب رجالى لازم أكون قد الموقف طالما رضيت أشتغل وأنزل الشارع للتعامل مع الناس بكل فئاتها".

وقالت المعلمة فايزة: "اكتسبت قوتى من الدنيا.. الدنيا لازم تخليكى كده طالما نزلنا الشغل لازم نتحمل الصعاب ونعرف نتعامل مع الناس على كل لون، واتعلمت أعتمد على نفسي، ومافيش حاجة مستحيل كل حاجة مكن تتعمل، الست لما بتصر على الحاجة بتعملها حتى لو شاقة، المسئولية كانت على أمى بعد وفاة أبويا واتحملتها أنا واختى، علمنا أخوتنا وجوزناهم إلا الصغيرة لسه".

وأكملت المعلمة فايزة: "اتعلمت إزاى أصلح العربية لو وقفت منى، بموقف ورا التانى بقيت متمكنة فيها، الست بسوق أحسن من الراجل وبتخاف من الطريق وبتبقى ملتزمة مش عاوزة حد يضحك عليها، لكن في رجالة كتير متهورين ومابيعملوش حساب الطريق".

واستطردت فايزة قائلة: "فستان إيه عمرى ما لبست فستان، هو ده الفستان بتاعى، جلابتى خت عليها لو رايحة أى حتة مش بلبس غير الجلابية، لا فستان ولا روج وذواق ولا أسيب شعرى الحاجات دى مش عندنا أساسًا، أنا على طول في السوق في المصنع بشيل الطوب هسيب شعرى فين، وهسيب شعرى لمين مافيش حب ولا عشق ولا الكلام ده، مافيش فضي في شغل ومسئولية وأكل عيش وأسرة ورا منى، لو اتعوجت شوية ممكن تضيع منى، أنا كان نفسى أبقي متعلمة علام كويس أطلع دكتورة عالمة، ماكنش في واحنا صغيرين اهتمام بالدراسة الحال كان صعب ناكل ولا نذاكر".

وأنهت فايزة حديثها لليوم السابع قائلة: "عمرى ماقلت يارتنى ما اشتغلت ولا بقيت كدة الوضع اللى اتحطينا فيه مسئولية وجد مع الناس كلها، حتى سن الجواز عدى من غير ما اهتم ولا أخد بالي، المسئولية كبيرة وكان لازم أكون قدها، شخصيتى أنا فخورة بها وخصوصًا بعد ما علمت إخواتى وأختى فكيهة، وجوزناهم واستقلينا بحياتنا، وبنينا بيتا وحججنا أمنا، الحمد لله مش بتمنى حاجة تانى".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق